الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، والصّلاةُ والسّلامُ على نبيِّنا محمّدٍ وعلى آلِه وصحبِه أجمعين، وبعدُ:
هذه هي الديكتاتورية؛ ما إن تضع أول أقدامها في السلطة، حتى تسعى لإحكام قبضتها وأظافرها بجسد الدولة، فلا تُقْتَلع إلا بالدماء المُسَالَة.
ففي إيران؛ حيث الدولة التاريخية التي تمتلك جيشًا عريقًا؛ إلا أن ثورة الخميني لم تقنع بهكذا مؤسسة، وإنْ تولَّى قيادتها أهلُ الولاء والثقة، بل عمدت إلى إنشاء ذراع عسكري، عقدي إلى النخاع، وظيفته ليست حماية الدولة من أعدائها، بل الدفاع عن النظام، ومحاربة أعدائه في الداخل والخارج؛ وهذا هو سبب بقاء هذا النظام إلى الآن على رأس السلطة في إيران.
هذه هي الشعرة التي تفرق بين أنظمة الحرية وأنظمة القمع، فلا مؤسسة في الأولى تُطيع طلبات النظام ضد مصلحة الدولة وشعبها، وخذ على ذلك مثالاً: الرئيس السابق ترامب، كانت ردّة فِعله حين إعلان هزيمته تُوحي بأن الرجل مُتشبّثٌ بالسلطة حتى آخر رَمق، لكن لا مؤسسة في الدولة يمكن أن تُعطيه ما يريد، وفشلت كل مُشاكساته للبقاء، وهو الآن على قارعة المحاكم. بينما في الأخرى [أنظمة القمع] تصبح كلّ مؤسسات الدولة مرتهنة للنظام، بل وأحيانًا لشخص، وإن كان على حساب الدولة ومُقدّراتها.
وهنا يقبع بن غفير فوق السلطة بإنشاء ميلشياته الخاصة التي ليس من مهامها الدفاع عن الدولة اللقيطة، بل مهمتها الأولى هي تجذير سلطة اليمين المتطرف؛ فالحرس الوطني الصهيوني ستكون له مهمتان: قمع المعارضة العبرية الداخلية وإسكات صوتها، وحماية النظام من أيّ محاولة إقصائية؛ شعبية كانت أم عسكرية، وتنفيذ أجندة اليمين المتطرّف تجاه الفلسطينيين.
في وضوح العدو مِنْحَة، والآلام الصريحة غير المُخدّرة بوعود السلام والوئام فرصة، والرؤوس المُغيَّبة تحتاج لقوارع أقوى لتستيقظ. ودخول اليمين مرحلة الصراع المباشر يدفع أكثر لتكون قضية فلسطين والقدس هي قضية دين وشرع قبل أن تكون قضية أرض.