الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، والصَّلاةُ والسَّلامُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آلِه وصحبِه، وبعدُ:
الخوف جِبِلَّة فطريَّة فطَر الله الخلقَ عليها، ولذا يحتاج العاقل إلى توجيهها بما يكون فيها صلاحه وفلاحه، وهو أن يكون الخوف من الله مُقدَّمًا على كلّ خوفٍ، قال الله -تعالى-: {إِنَّمَا ذلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}، قال الشيخ السعدي -رحمه الله-: «وفي هذه الآية وجوب الخوف من الله وحده، وأنه من لوازم الإيمان، فعلى قَدْر إيمان العبد يكون خوفه من الله».
ومن موجبات النجاة في الآخرة: صحة التعامل مع ابتلاء الله لعباده بما ظاهره الشّرّ والأذى من الأمراض والأوبئة والزلازل والبراكين والخسوف؛ فكلها تذكيرٌ بقدرة الله القاهرة وضعف البشر، فقد قال الله -سبحانه وتعالى- على سبيل الحصر: {وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلَّا تَخْويفًا}؛ قال قتادة: «إن الله خوَّف الناس بما يشاء من آياته؛ لعلهم يعتبرون ويذكرون ويرجعون. ومما ذكر أن الكوفة رجفت على عهد ابن مسعود، فقال: يا أيها الناس! إن ربّكم يَستعتبكم فأعتبوه».
وكذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه: «إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، وإنهما لا ينكسفان لموت أحدٍ ولا لحياته، ولكن الله -عز وجل- يرسلهما يُخوِّف بهما عباده، فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى ذِكْره ودعائه واستغفاره».
وآيات التخويف فيها جانب رحمة وتربية، ولذا عدَّها ابن مسعود -رضي الله عنه- بركة؛ لأننا نخاف بها فنزداد إيمانًا وعملاً، فيكون ذلك لنا بركة، وهي تختلف عن العذاب الذي يكون تابعًا ولاحقًا لتكذيب الآيات؛ فعذاب آل فرعون وإغراقهم كان بعد تسع آيات.
نسأل الله أن يرزقنا الاعتبار بالنُّذُر والعظة بالآيات الربانية، وأن يَمُنّ علينا بتوبة نصوح؛ فهي طريق النجاة، وبضدها فتكذيب الآيات سببٌ لتعجيل العذاب، نسأل الله السلامة والعافية.