• - الموافق2025/04/22م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
الروح العدوانية وعقيدة الإبادة لدى الشخصية اليهودية الصهيونية

العدوانية التي تميز الشخصية اليهودية الصهيونية تجاه العرب ليست وليدة اللحظة، بل هي نتاج قرون من الاستلهام الديني والتاريخي، وفي قراءة للنصوص التلمودية اليهودية، وتمجيد القوة والقسوة في أوساط الشباب الصهيوني، تتشكل عقلية عدوانية تسعى للهيمنة والسيطرة على ا


منذ نشأ الكيان الصهيوني، يتم تربية الأجيال الصهيونية على عقلية ترتكز على القوة والسلاح، تتغذى هذه العقلية على نصوص دينية وأفكار متطرفة مستمدة من التلمود والتوراة، هذه النصوص تلهم مشاعر العدوانية والعنف، وتستخدم كتبرير للمجازر والاعتداءات التي تُرتكب بحق الشعب الفلسطيني وغيره من الشعوب، كما عبّر ديفيد بن غوريون بقوله: "إسرائيل لا يمكن أن تعيش إلا بالقوة والسلاح"، وأكد مناحيم بيغين أن "مجازر مثل دير ياسين كانت أساسية لوجود إسرائيل".

من خلال النصوص التوراتية والتلمودية، تجد الشخصية اليهودية المبرر المقدس لاستخدام العنف والعدوان لتحقيق النبوءات، وتُعتبر هذه النصوص مصدرًا دائمًا لتبرير القتل والدمار باسم الدين، وقد امتلأ العهد القديم بنصوص تحض على استخدام العنف كسلاح لتحقيق الهيمنة، مثل النص القائل في سفر التثنية "يَدْفَعُهُمُ الرَّبُّ إِلَهُكَ أَمَامَكَ، وَيَجْعَلُهُمْ فِي اضْطِرَابٍ عَظِيمٍ حَتَّى يَفْنَوْا".

هذه العدوانية لا تقتصر على الحروب، بل تمتد لتشمل إبادة الشعوب غير اليهودية دون رحمة، كما نُص عليه في التلمود وفي الفتاوى الحاخامية، والتي أصدر إحداها الحاخام فيدان زيميل، الداعي إلى ضرورة قتل حتى المدنيين خلال الحروب.

الوحشية والعنف جزء لا يتجزأ من التراث اليهودي، الذي يمجد الحرب الدينية ويدعو إلى سفك الدماء، والنصوص التوراتية والتلمودية تدعو إلى محو المدن وسكانها بالكامل، سنجد في سفر يشوع بأن "يشوع" عند اقتحامه أرض كنعان مع جيشه من بني إسرائيل، لم يُبقوا عِرقا ينبض بالحياة في كل المدن التي اقتحموها. فبعد أن أخذوا أريحا "حرَّموا كل ما في المدينة من رجل وامرأة، من طفل وشيخ، حتى البقر والغنم والحمير، بحد السيف.. وأحرقوا المدينة بالنار مع كل ما بها". والتحريم هنا معناه الإبادة، وكذلك فعلوا بـ"عاي" التي يحكي النص أن "يشوع" أحرقها "وجعلها تلا أبديا خرابا"

اليهود عبر التاريخ اتخذوا من هذه النصوص ذريعة لتبرير الاعتداءات الوحشية، مثل مجازر دير ياسين وصبرا وشاتيلا، وهذه الوحشية تجري في عروق المجتمع الصهيوني، وتغذيها مؤسسات التعليم والتربية التي تصقل الأجيال الصهيونية على العدوان والعنف.

إن العنصرية في النصوص اليهودية التلمودية تعد ركناً أساسياً في تشكيل العقلية الصهيونية، وفقًا للتعاليم التوراتية، ويعتبر اليهود أنفسهم شعب الله المختار، وما سواهم من الشعوب (الجوييم) خُلقوا لخدمتهم، هذه الفكرة تبرر استعباد الآخرين وإبادتهم عند الضرورة، كما ورد في سفر التثنية "إِنَّكَ شَعْبٌ مُقَدَّسٌ لِلرَّبِّ إِلَهِكَ، اخْتَارَكَ الرَّبُّ لِتَكُونَ لَهُ شَعْبًا خَاصًّا"

تغذي النصوص التوراتية والتلمودية العنف والعدوانية في الشخصية الصهيونية، مما يجعل من الصعب على "إسرائيل" أن تعيش بسلام مع جيرانها أو أن تتخلى عن سلاحها، فتصريحات القادة الصهاينة، مثل بن غوريون وبيغين، تؤكد أن وجود "إسرائيل" مرتبط بشكل وثيق بالقوة والعدوان، أي لا يمكن أن تعيش إلا بالقوة والسلاح، وهو ما يكرس عقيدة الإبادة التي تحكم سياستها على مر التاريخ.

في خضم الصراع العربي الصهيوني المستمر، يلعب فهم الشخصية اليهودية الصهيونية دورًا حاسمًا في تفسير السلوك العدواني الذي تمارسه تجاه العرب، ويعود هذا السلوك العدواني بجذوره إلى عوامل دينية وتاريخية عميقة، منها استلهام الروح العدوانية من التراث الديني اليهودي، وتقاليد الفكر والسلوك الصهيوني، وتمجيد القوة والقسوة كفضائل عليا.

 

إن النصوص الدينية اليهودية التلمودية التي تتناول قضايا أخلاقية وقانونية، ومنها ما يتعلق بالقتل، تذكر أن قتل غير اليهودي لا يُعد جريمة بل يُرضي الله. وجاء فيه نص صريح يقول: "اقتل الصالح من غير الإسرائيليين"

تنبثق فكرة العدوانية في الشخصية الصهيونية من جذور دينية عميقة، فعند قراءة "العهد القديم"، تبرز فكرة الصراع بين الخير والشر كمحور مركزي للعلاقات البشرية، وهو ما تجسده النصوص الحربية التي وردت في سفر التكوين وغيره من الكتب، هذا الصراع المستمر يصور اليهود على أنهم الأداة الإلهية لتحقيق مشيئة الرب في الأرض، ما يمنحهم حق الغزو والاستيلاء على أراضي الآخرين.

أبرز مثال على ذلك هو الحرب التي قادها إبراهيم الخليل ضد الملك "كدر لاعومر" في غور الأردن، حسب زعمهم، حيث يظهر العهد القديم هذا الحدث كجزء من تبرير اليهود لاغتصاب الانتصارات التاريخية، حيث يهدف العهد القديم إلى غرس تقاليد قتالية عميقة في نفوس اليهود، مما يسهم في تشكيل عقيدتهم الدينية التي تمجد الحرب والغزو، فالصهيونية، سواء كفكر أو سلوك، تتميز بتعصبها العنصري والديني، وهي تحمل في طياتها عقدة الاضطهاد والخوف من اللاسامية، ولقد استغلت الحركة الصهيونية تلك العقدة في صياغة مشروعها الاستيطاني في فلسطين، فعندما تأسست "إسرائيل" عام 1948، تجاهل الصهاينة وجود السكان العرب الذين عاشوا في فلسطين لأكثر من 13 قرنًا، ورفعوا شعار "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض"، وقاموا بتهجير الفلسطينيين قسريًا كجزء من سياساتهم الاستعمارية.

تتجلى التربية التلمودية عند اليهود بأنها ذات نزعة استئصالية تجاه غير اليهود، على سبيل المثال، جاء في سفر العدد "هو ذا شعب يقوم كلبؤة، وكشبل ينهض، لا يربض حتى يأكل الفريسة ويشرب دم القتلى"، كما ورد في سفر التثنية: "الرب إلهك يطرد هؤلاء الشعوب من أمامك ويدفع ملوكهم إلى يدك فتمحو أسماءهم من تحت السماء" وتظهر عملية الإبادة للشعوب المخالفة كأمر إلهي "أما مدن أولئك الأمم التي يعطيها لك الرب إلهك ميراثاً فلا تستبق منها نسمة" ويتضح عدم الهروب من تنفيذ هذا الأمر الإلهي من خلال التحذير من عواقب المخالفة: "إن لم تطردوا أهل الأرض من أمامكم، فإن من تبقونه منهم سيكونون كإبرة في عيونكم وحربة في جنوبكم، يضايقونكم في الأرض التي تقيمون فيها".

نتيجة لتراكم الحروب والصراعات، ترسخت القوة والقسوة بين الأجيال الصهيونية الشابة، ويتم زرع هذه الروح العدوانية في نفوس الشباب منذ سن مبكرة من خلال تدريبات قاسية تُخضعهم لاختبارات تحمل شديدة، في بيئات صحراوية قاسية. هذه التدريبات لا تسعى فقط لتشكيل جنود أقوياء، بل تهدف أيضًا إلى قمع الرغبات الإنسانية وتعزيز القسوة والتعطش للدماء، وهو ما يظهر جليًا في شخصية "مائير هرتسيون"، الذي تحول إلى أسطورة للجيش "الإسرائيلي".

إن العدوانية التي تميز الشخصية اليهودية الصهيونية تجاه العرب ليست وليدة اللحظة، بل هي نتاج قرون من الاستلهام الديني والتاريخي، ومن خلال قراءة النصوص الدينية اليهودية، وتبني الصهيونية لتقاليد الحروب والغزو، وتمجيد القوة والقسوة في أوساط الشباب الصهيوني، تتشكل عقلية عدوانية تسعى للهيمنة والسيطرة على الأرض والشعب الفلسطيني.

إن النصوص الدينية اليهودية التلمودية التي تتناول قضايا أخلاقية وقانونية، ومنها ما يتعلق بالقتل، تذكر أن قتل غير اليهودي لا يُعد جريمة بل يُرضي الله. وجاء فيه نص صريح يقول: "اقتل الصالح من غير الإسرائيليين"، ويُحرم على اليهودي إنقاذ أي فرد من الأمم الأخرى من الهلاك أو مساعدته في الخروج من مأزق، لأنه بذلك يكون قد حفظ حياة "وثني". وفي موضع آخر جاء: "من العدل أن يقتل اليهودي كل كافر بيده، فمن يسفك دم الكافر كمن يقدم قربانًا إلى الله". وتضيف نصوص أخرى أن من يقتل مسيحيًا أو أجنبيًا أو وثنيًا يُكافأ بالخلود في الفردوس والجلوس في "السراي الرابعة"، بينما قتل اليهودي يُعد بمثابة قتل الإنسانية جمعاء، وإنقاذ اليهودي كأنه إنقاذ العالم بأسره.

في التعاليم اليهودية التلمودية، يعتبرون أن الابن جزءًا من والده، مما يرمز إلى أن أرواح اليهود تتميز عن باقي الأرواح. ويعتبرون أن أرواح اليهود تحتوي على جزء من الله، بينما الأرواح غير اليهودية تُعتبر أرواحًا شيطانية أو شبيهة بأرواح الحيوانات، وإن هذه النصوص تؤسس لفكرة العنف وتفوق العنصر اليهودي على باقي شعوب الأرض، باعتبارهم "شعب الله المختار" الذي اصطفاه الله، وتغرس في العقل اليهودي نظرة دونية تجاه الآخرين من غير اليهود، إذ تسقط عنهم الإنسانية، فيصبح القتل والإبادة الجسدية في عقيدتهم خطوة عملية تكمل الإيمان، بل تُعتبر نوعًا من الطقوس لدى المتدينين اليهود، وما مجزرة دير ياسين، التي نفذها مناحيم بيغن ومجزرة صبرا وشاتيلا التي نفذها أرييل شارون في لبنان، ومجزرة الحرم الابراهيمي في الخليل عام 1994، التي نفذها الصهيوني "باروخ غولدشتاين" والتي راح ضحيتها 27 مسلمًا وجرح فيها أكثر من خمسين آخرين أثناء أدائهم الصلاة، وما يحدث اليوم في غزة من قتل وإبادة للأطفال والنساء والرجال، إلا ترجمة حية لهذا الفكر التلمودي، حيث قيل: "من يسفك دم غير اليهودي عمله مقبول عند الله كمن يقدم قربانًا". وقد تحول غولدشتاين إلى بطل قومي، شأنه شأن قادته الذين ربوه على هذا الفكر الصهيوني التلمودي الذي لا يمجد سوى اليهودي، باعتباره الجنس المميز لدى الرب وما غيره يجب سحقه وقتله وحرقه تقربا للرب.

وتظل الصهيونية، من أكثر الحركات العنصرية إثارة للجدل، لا بسبب أهدافها التخريبية فقط، وإنما لما تتكئ عليه من نصوص دينية، وتأويلات تلمودية، لتبرير مشروعها القومي والتوسعي الاستيطاني، ولو استخدمت في سبيله كل الطرق والأساليب غير المشروعة.    

أعلى