هذا الحوار مع عالِمٍ أزهريٍّ جليل، عاصرتُه وعرفتُه عن كَثَب؛ لا يخلُد إلى الراحة، فمِن جامعة إلى جامعة، ومن بلدٍ إلى آخَر.
هذا الحوار مع عالِمٍ أزهريٍّ جليل، عاصرتُه وعرفتُه عن كَثَب؛ لا يخلُد إلى الراحة، فمِن جامعة إلى جامعة، ومن بلدٍ إلى آخَر.
لقد حدّد رسالته في الحياة، ووضع قطار أفكاره فوقَ القضبان الصحيحة، منذ أن كان طالبًا بالمعهد الأزهري، وأيقنَ أنَّ العِلْم سبيل الوصول إلى الحقّ، وأنَّ الحياة أعزّ وأكرم مِن التصفيق للباطل.
لذا؛ فإنه ظلَّ مجاهدًا، ومؤازرًا للحقّ في كلِّ واقعةٍ، وفي كلِّ موقف! وقد بذل –فضيلته- جُهدًا كبيرًا في إنشاء وتطوير الجامعة الإسلامية بإسلام أباد عندما كان رئيسًا لها عام 1981م؛ فقد شارك في صياغة دستور الجامعة وإرساء قواعدها، وتنظيم مناهجها، وتحديد سياستها وفلسفتها، والتوجُّه الذي ينبغي أن تأخذه، والمدى الذي ينبغي أن تصل إليه في اتّكائها على أصالة الماضي وتناغمها مع متطلبات الحاضر، واستجابتها للضرورات التي تفرض نفسها على المسلم المعاصر.
نعم، إنه شاهِد يحمل شهادته على ظهره، يجوب العالَمَ العربي والإسلامي، يُلبِّي ولا يَرفض، يُعطي ولا يأخذ؛ لأنه يُدرك أنَّ العِلْمَ أمانة يجب أن يُؤدَّى كما ينبغي. وقد استفاد مِن أسفارهِ ورحلاته، حتى صار حلقة وصْل بين الشرق والغرب!
إنه الأزهري الدرعميّ، والأكاديمي الموسوعي؛ الذي نشر ألوانَ المعرفة، والمُحقّق الفيلسوف، والعالِم الزاهد؛ القائل: «العالِمُ الحقّ هو مَن يعمل بعِلْمه، وليس مَن يُدوِّن الكُتُبَ والحواشي».
إنه العلَّامة (حَسن الشافعــي) أستاذ الفلسفة الإسلامية بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة، وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، وأول أزهري يرأس «مجمع اللّغة العربية» بمصر.
لا بدَّ من تحقيق الغاية الجليلة
مجلة البيان: قلتُ له في البداية: ما هي أهم القضايا الثقافية التي ينبغي أن تكون هي الشغل الشاغل لعلمائنا وأدبائنا ومثقفينا -في الوقت الراهن-؟
فقال: على العلماء والأدباء والمثقفين عامة أن يعلموا أنَّ دِينهم القويم مصدر عزّتهم، ومفخرة حياتهم، وشاطئ نجاتهم... ويعملوا من أجل تحقيق هذه الغاية الجليلة، وعليهم أنْ يدركوا أنهم على بر الأمان، ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون؛ طالما تمسَّكوا بالعربية «لغة القرآن» لغة ملايين المسلمين في مختلف أنحاء العالَم. لأنه ما تزال قوى التخريب وفلول الاستعمار والأحقاد والغزو الثقافي تُطارد العربيةَ الفصحى مطاردة شديدة، وهناك اتجاه تغريبي يرمي إلى هدم الفصحى وعزلها، والمبالغة في أهمية اللَّهجات العاميّة والعناية بدراستها باعتبارها اللغة المستعملة.
ولقد أيقنَ المسلمون على مدى القرون أنَّ لغتهم جزء من حقيقة الإسلام، وأهم مبادئ التواصل الثقافي فيما بينهم؛ لأنها كانت ترجمانًا لرسالة الله ولغة كتابه ومعجزة رسوله ولسان دعوته، وقد هذَّبها الدينُ بانتشاره وخلّدها القرآنُ بخلوده، فالقرآن لا يسمَّى قرآنًا إلاَّ بها، والصلاة لا تكون إلّا بها، فلكل لغة منهجها الفكري القائم على معانيها ومضامينها.
التواصل الثقافي يتجاوب مع طبيعة ثقافتنا الإسلامية
مجلة البيان: ترى؛ كيف يمكن تحقيق مبدأ «التواصل الثقافي» بين أبناء أُمتنا، وبين الأُمم الأخرى؟
التواصل بين الثقافات أمر محمود ومَطلب منشود، وفي الظروف الراهنة بات أمرًا واقعًا لا مفرّ منه؛ لأنَّ التواصل الثقافي الرشيد يتجاوب مع طبيعة هويّتنا العربية الإسلامية التي تؤمن بوحدة الإنسانية ومَردّها إلى أصل واحد، وإنَّ تَعدُّد الشعوب وتنوّعها مدعاة للتعارف والتواصل لا الصراع والتنافُر. وإنَّ الثقافة الإسلامية لا تخشى التواصل ولا تتردَّد في ممارسته، بلْ هي مرشَّحة له ذاتيًّا ومدعوَّة له من واقع تراثها الحضاري وذاتيتها الخاصة، لا استجابةً لضغوط طارئة أوْ دعوات مستحدثة كالعولمة وغيرها من التقاليع الشاذّة.
العـرب أول مَن أنشأوا المجامع اللغويَّــة
مجلة البيان: بصفتكم، تولَّيتم رئاسة «مجمع اللغة العربية» بمصر -لدورتيْن متتاليتيْن-؛ ما هـو الدور الذي تضطلع به «المجامـع اللغويـة» في العالَم العربي؟
«المجامـع اللغويـة» عبارة عن مؤسسات علمية بحثيّة، تُعنَى بالمصطلح وشؤون التعريب في مختلف مجالات المعرفة الإنسانية؛ لتحقيق النهضة، وتشجيع الإبداع والتأليف.
وإذا نظرنا إلى ما حصل بالنسبة للعرب -في صدر الإسلام-، حين خرجوا من جزيرتهم لنشر الدعوة الإسلامية؛ نشأت عن ذلك أوضاع جديدة أمام العربية، وكان عليها أن تواجه منذ عهدٍ مبكّر قضايا متعددة؛ سواء فيما يتصل بتعريب مؤسسات الدولة، أوْ نقل العلوم والمعارف، أوْ حتى تعليم العربية نفسها.
ويمكن اعتبار المحاولات الأولى لإقامة مؤسسات تُواجه هذه المتطلبات الجديدة أقدم نواة لمجامعنا اللغوية. وأقدم هذه المؤسسات: لجنة الترجمة التي أنشأها خالد بن يزيد (85هـ) في دمشق لترجمة الكتب الكيميائية من اليونانية إلى العربية، وقد لاقت تلك الفكرة رواجًا في العهود الإسلامية اللاحقة؛ فإذا بالخلفاء يُولُونَ الترجمة عنايةً فائقةً، مثلما فعل الخليفةُ العباسي «المنصور»، وكذلك «هارون الرشيد» الذي وضع أُسُس (بيت الحكمة) الذي يُمثِّل أول مجمع للغة العربية وفق المفهوم المعاصر للمجامع اللغوية؛ تلك المؤسسة التي وصلت إلى ذروتها في عصر «المأمون».
هذا؛ وقد أدّى احتكاك العربية بلغات وحضارات العالَم الحديث، خاصةً الإنجليزية والفرنسية والألمانية، إلى ظهور المجامع اللغوية المعاصرة؛ رغبةً في «تعريب» أوْ نقل العلوم والمعارف الغربية إلى العربية، وبُغيَة الحِفاظ على العربية من أيّ شوائب تُشوِّه ملامحها أوْ تُغيِّر قواعدها.
التعريب مسألة حتميّــة
مجلة البيان: ألَا ترى أنه عندما يُذكَر موضوع (التعريب)؛ يجري جدل واسع ولغط كثير، وترتفع أصوات المعارضين للتعريب؟
على المعارضين أن يعلموا أنَّ «التعريب» ليس نشاطًا حديث العهد، بلْ قام العرب به منذ فجر الحضارة الإسلامية بنقل النصوص العلمية إلى العربية. وليعلَم هؤلاء أنَّ المشكلة ليست في اللغة، وإنما هي مشكلة الناطقين بها، ولا بدَّ من إقناع أهلها بالدور الحضاري لهم كعرب ومسلمين في مسيرة الحضارة المعاصرة، وإقناعهم بأنَّ العامل الحضاري عامل فعَّال في حياة اللغات. فالوضع المتخلّف الذي تعانيه العربية؛ سيستمر طالما بقيَت العربية مُبعَدة عن مجالات العلم والتكنولوجيا، وطالما اتخذ العلماءُ العرب لغات الآخَرين وسيلةً لتدريس العلوم بجامعاتنا.
مِن هنا أقول: إنَّ القضية في حاجة إلى قرار سيادي يُلزِم بتعريب العلوم؛ فالتعريب في صدر الإسلام لم يكتمل ويترسَّخ إلاَّ بقرارات سياسية -على ما كان للعربية من قوة وسيادة ومَنعة بفضل انتشار الإسلام، وشيوع القرآن الكريم في أرجاء الدولة الإسلامية بلسانه العربي المبين-، فلم يترك القادةُ والحكَّامُ الأوائل المسألةَ لهذه الاعتبارات وحدها، فقد رأى «عمر بن الخطاب» أنه لا بدَّ من اتخاذ القرار ببدء التعريب، ثمَّ احتاج الأمر إلى قرارٍ جديد من عبدالملك بن مروان بتعريب الدواوين –أيْ: تعريب جهاز الدولة-، ثمَّ احتاج الأمر إلى قرارٍ ثالث من الرشيد، ومِن بعده المأمون بإنشاء (بيت الحكمة)، ودفع حركة الترجمة، واستحضار كُتب المعارف من الأمم الأخرى، وتعريبها بوزنها ذهبًا... وهذه أضخم عملية تعريب شهدتها الأُمَّـة!
إذن؛ كلها قرارات سياسية متتابعة ومتكاملة؛ اتُّخِذت على أعلى المستويات، من تعريب الحياة العامة، إلى تعريب جهاز الدولة، إلى تعريب المؤسسات العلمية؛ فالقرار السياسي مسألة حتميَّة في إنجاز التعريب؛ اقتداءً بعبقريَّة أسلافنا، وحفاظًا على مواريثنا وتراثًا معًا.
التراث يحمل قِيَم الأمة الرفيعة
مجلة البيان: فضيلتكم، ذكرتم أهميَّة التراث وقيمته للأمة بصفة عامة؛ تُرى كيف يمكن توظيف التراث لخدمة حياتنا المعاصرة، ثمَّ خدمة قضايا الأُمة الكبرى بشكل عام؟
أعتقد أنَّنا لوْ استطعنا أن نستوعب هذا التراث، ونستلّه ونُوظِّف ما فيه من حكايات ونوازع وشخصيات وأماكن ومدائن توظيفًا أدبيًّا فنيًّا واعيًا، يُثري الحاضر بتجارب الماضي، ويربط اليومَ بالأمس، ويجعل تاريخنا وأدبنا متصل الحلقات، واضح السمات، مُتميِّز الشخصية، ثمَّ بعد ذلك نتشبّث بالمعاصرة؛ فلا نقف عند الماضي، وإنما نتجاوزه إلى كل منجزات الحاضر.. لوْ فعلنا هذا لحقّقنا القصد وبلغنا الهدف النبيل للأمة كلها.
ومِن هنا ندرك أنَّ ارتباط الأدب والفكر بالتراث من عدة وجوه؛ الأول هو الحفاظ على تلك القِيَم الرفيعة والمبادئ الكريمة التي حواها هذا التراث، وهي القِيَم التي عُرِفتْ بها الشعوب العربية المسلمة، وعاشت عليها أُمّتنا، وضمِنت بها بقاءها كقِيَم الشرف والنبل والوفاء والكرم والإيثار والنجدة والتضحية والعفة والصدق، وما إلى ذلك ممَّا استوعبه تراثنا الأصيل.
النقـد نوعـان
مجلة البيان: هل «الأدب الإسلامي» في حاجة إلى نظرية، كبقيَّة المذاهب الأدبية الأخرى التي قامت على قواعد ونظريات معروفة؟
مِن الصعوبة بمكان أن نحصر الأدبَ الإسلامي في نظرية معيّنة أوْ قالب معيّن، ووحدة الإسلام لا تعني عدم التنوع، لكنّ وضع أصول للأدب هو مجرد تصورات للمثقفين فقط، وهذه النظرة لا نشكُّ في هدفها؛ فالنقد نوعان: نقد يُبشِّر باتجاهات جديدة. والثاني: نقد يُقوِّم تجارب أدبية قائمة.
وقد كان نقّادنا القدامى أكثر حصافةً مِن نقادنا المعاصرين؛ لأنهم كانوا ينظرون إلى المتنبّي وأبي فراس وأبي تمّام نظرة طبيعية، فهم ينظرون إليهم لا كأفضل مَن أنجبت العربية، بلْ كان بعضهم يُفضِّل الشعراءَ الآخَرين على هؤلاء، وعندما يُعرّفون فلانًا، يقولون: هذا كالمتنبي، أوْ كالبحتري... وهكذا. لكنهم لم يُوقِفوا الإبداع الأدبي لحظةً واحدةً على أشخاص معيّنين، أوْ عصور بعينها، كما نفعل نحن الآن.
«الفراهيدي» أعطى اللغةَ قانونًا عجيبًا
مجلة البيان: مِن وجهة نظركم، لماذا كانت شخصية «الخليل بن أحمد الفراهيدي» هدفًا للتشويه والتدمير مِن جانب الشانئين والمُغرضين والمرجفين؟
نعم؛ لأنَّ الخليل بن أحمد –رحمه الله- أعطى اللغةَ وأعطى الشِّعر والنحو والموسيقى قانونًا عجيبًا ما يزال موضع كراهية وحقد خصوم اللغة العربية الذين يَدعون إلى ما يسمّونه كسْر النص؛ فهم من أجل ذلك يحملون عليه ويسخرون منه. وهو سامق المكانة لا تهزّ مكانته هذه الكتابات المنحرفة، وليس هذا شأن الفراهيدي وحده، ولكن سهام التغريب والغزو الثقافي لم تَدَع كاتبًا ولا أديبًا عظيمًا ولا شخصية متميّزة في الفكر الإسلامي والأدب العربي إلاَّ حاولت النيْل منها. في ذات الوقت رأيناهم يُعلونَ مِن شأن الشعوبيين والمارقين؛ الحاقدين على أُمّتنا، والخارجين على ديننا، والكارهين لتراثنا.
مِن أجل هذا، فإنَّ علينا أن نكون حريصين أشدَّ الحرص على حماية هذه الشخصيات الكريمة، والمُنافَحة عن رسالتها، والاحتفاء بمنجزاتها الفكرية والثقافية.
«باكثيــر» ذهب ضحيّة جو ملبّد بالفكر الفاسد
مجلة البيان: ترى، لماذا حظيَ الأديبُ الإسلامي «علي أحمد باكثير» بالنصيب الأكبر من الظُّلم والتجاهل دون غيره من الأدباء والمبدعين، وما يزال الظلم يلاحقه حتى بعد موته... فما تزال بعض أعماله لم تُطبَع بعدُ، ومنها ما تعرَّض للضياع؟!
لا شكَّ أنَّ «باكثير» عايَش أزمات أُمّته وتحدّياتها المختلفة، سواء الاستعمار الغربي أوْ الغزو الفكري أوْ الهجمة الصهيونية، واستطاع أن يُعالج القضايا العربية الإسلامية، وأن يتفاعل معها، خاصةً قضية فلسطين؛ لأنها القضيّة الكبرى، فكتب (شعب الله المختار وإله إسرائيل)، وبعد نكسة حزيران كتب (التوراة الضائعة). وفي آخِر حياته، اتجه بقوة إلى تاريخ الإسلام، وأنشأ «ملحمة عمر»، وحارب الماركسية وهاجم الماركسيين في مسرحياته مثل: مسرحية «حبل الغسيل»، لذا عامله الماركسيون والشيوعيون معاملةً سيئةً للغاية، خاصةً عندما سيطروا على المجال الثقافي في المسرح والقصة، ومنعوا إنتاجه ومسرحياته من النشر والظهور للجماهير. إذن، «باكثير» ذهب ضحية هذا الجو الخانق، الملبّد بالفكر الفاسد، والمذاهب الفاشلة.
مجلة البيان: أخيــرًا، ما هي الرسالة التي يحملها كتابكَ الأخير الذي جاء بعنوان: (حياتي في حكاياتي)؟
عندما بلغتُ الثمانين مِن عُمري أصدرتُ ديوانًا شِعريًّا، بعنوان «عند الثمانين بدأتُ شِعري». وعندما شارفتُ على التسعين مِن العُمر؛ رأيتُ من الأجدى أن أُصدِر كتابًا أَروي من خلاله قصّة حياتي منذ شبابي الباكر في ظل الاستعمار الأوروبي، مرورًا برحلتي العلمية، والابتلاءات التي تعرَّضتُ لها من آلامٍ وآمال، وغربةٍ واغترابٍ، ومجاهدةٍ واجتهاد!
فكان هذا الكتاب (حياتي في حكاياتي)، وهو عبارة عن سيرة شبه ذاتية، أوْ نبشٌ في الذاكرة، ورَقمٌ على الورق، أُريقُ فيه الحِبرَ الممزوجَ بالهمّ والأسى، والذات والأنا، والأمل والألم، رسالةً من جيلٍ ينزل على السفح إلى جيلٍ يَشرع في الصعود، وحوارًا بين قرنيْن: العشرين والحادي والعشرين؛ وذلك بعد أن صافحتُ مِن عمري الخامسة والثمانين.
يمكن القول: إنها شيء بين التاريخ والسيرة الذاتية، بين «الحكي العادي» و«القصص الفنّي»، بين «المحادثة الأخويّة» و«الحكاية الأدبيّة»؛ إذْ وجدتُ نفسي تدفعني إلى روايتها، وكلماتي تتجمّع لحكايتها، وقلمي يندفع ليُسجّلها، والحبر المُراق يختلط بهمومي وهمّتي، وحُلمي وقصّتي، ووطني وأُمتي... إنها مزيجٌ من أُنس التواصل والبوح، والإفضاء، والحوار مع الأماكن والأشخاص، والأحداث والأشياء، أرجو ألَّا يعدم قارئًا صديقًا يشاركني مرارة الشكوى، ويلمح في الوقت نفسه شرارة الفحوى.