الأديبة الموريتانية
«مباركـة بنت الـبـراء» لـ«البيان»:
«التراث» أهم مصادر المقاومة والحفاظ
على هُويَّة الأُمَّة
تُعدُّ «مباركة بنت البراء الأمين» أبرز أديبة إفريقيّة على الإطلاق، بلْ هي
الامتداد الحقيقي للأديبات الرائدات اللائي تألَّقنَ في مطلع القرن العشرين؛ مثل:
وردة اليازجي، وعائشة تيمور، وعاتكة الخزرجي، ومَلَك حفني ناصف، ووداد سكاكيني،
وجميلة العلايلي، وماري عجمي، وفدوى طوقان، ونازك الملائكة، وغيرهنَّ مِمَّن أعدنَ
الحياةَ للأدب النسائي، وحقّقنَ إنجازًا ثقافيًّا باهرًا، وفتحنَ البابَ واسعًا
أمام نهضة المرأة العربية.
الأديبة الموريتانية «بنت البراء» من مواليد عام 1956م تلقَّت دروسها الأولى في
«الكُتّاب»، ثمّ الْتحقت بسلك التعليم النظامي، وحصلت على البكالوريا بامتياز، ثمَّ
شهادة المتريز في الآداب من المدرسة العليا للأساتذة، ثمَّ شهادة البحث المعمّق من
جامعة محمد الخامس بالرباط عام 1987م.
وبعد تخرُّجها، عملت مسؤولة الشؤون الأكاديمية بالدولة، ثمَّ أستاذ الأدب العربي.
كما تقلّدت العديد من المناصب الإدارية والاجتماعية، منها: مسؤولة العلاقات
الخارجية لرابطة الأدباء الموريتانيين، ورئيسة اتحاد الكُتّاب الموريتانيين،
ومستشارة بوزارة التنمية الريفية والبيئة، ومسؤولة النشاط الثقافي بقسم اللغة
العربية بجامعة المَلِك سعود بالرياض.
وقد صدر لها العديد من المؤلفات الأدبية، فضلًا عن الروايات، والمجموعات القصصية،
إلى جانب دواوينها الشِّعرية المعروفة، مثل: مدينتي والوتر، أحلام أميرة الفقراء،
أهازيج الماء، ترانيم لوطن واحد. ومن مؤلفاتها: البناء المسرحي عند توفيق الحكيم،
ومنهجية البحث عند عبد الله كنون وعباس الجراري.
وقد تُوِّجَت رحلتها الشّعرية بعددٍ من جوائز وزارة الثقافة الموريتانية، كما تمَّ
تكريمها في عدد من الملتقيات والمهرجانات الأدبية والشعرية، وقد حازت على جائزة
النادي الأدبي بالرياض، وجائزة وزارة الثقافة بنواكشوط، واهتمَّ بشِعْرها عددٌ من
الباحثين والنقاد، كما اهتموا أيضًا بكتاباتها القصصية، وأصبح شِعْرها موضوع دراسات
في العديد من الدراسات الجامعية... وإلى نص الحوار:
البيان: باعتبارك من الأديبات الإسلاميات البارزات: ما هو مفهوم الأدب الإسلامي
لديك؟ أوْ ما يندرج تحت هذا المُسمَّى؟
في رأيي، إنَّ التعبير البليغ المُوقِظ للعواطف السامية في الإنسان، والمُعبِّر عن
أحلام الفرد وآمالهِ وأشواق روحه، وعن مشاعره النبيلة وخواطره المُهذَّبة، هو الأدب
الإسلامي نفسه، وكذلك الحديث عن قضايا الوطن وهمومه، والعواطف الإنسانية العالية
والتعبير عنها، ورسم لوحات بيانية جميلة للحياة والطبيعة، والحديث عن لحظات السعادة
الغامرة في حياة الإنسان، وانتماء الإنسان لأُمّته.. كل ذلك من الأدب الإسلامي الذي
ينطلق من روح الإسلام، ويُعبِّر عن نشوة الشعور الإنساني في قلب المؤمن. أيضًا:
تقدير البطولة ومدح الأبطال، ورثاء الشهداء، وحماسيّات النِّضال من أجل بلوغ أشرف
الغايات وأسماها في الدفاع عن الدين والوطن... كل ذلك أدب إسلامـــي حقيقي.
فالأدب الإسلامي هو النشيد الخالد الذي يترنَّم به الإنسان، متبتلًا في محراب
الجلال والجمال والوجــود والطبيعة، إنه الحلم المصــوِّر لماضـــي الإنسان بكلّ
مشــاعره وعواطــــفه وتجاربه. لذا؛ فإنَّ الأدب الإسلامي هو الإبداع الرفيع الذي
لا تَعْلَق به شوائب النفس والهوى والغريزة، وما يُبدعه الأدباء الإسلاميون منذ عصر
الرسالة، وإلى يومنا هذا في شتى الأغراض النبيلة، هو صميم الأدب الإسلامي، سواءً
كان شِعرًا أمْ نثرًا.
البيان: لماذا لا يهتم الأدباء الإسلاميُّون بإثراء أدب الطفولة أو الناشئة، خاصةً
أنَّ المكتبة العربية تعاني نقصًا شديدًا في هذا المجال بالذات؟
هذا حادث بالفعل، وإنْ كان هناك بعض الأدباء الذين أَوْلَوْا هذا المجال جانبًا
كبيرًا من أعمالهم الإبداعية، مثل: كامل كيلاني، وعبد التواب يوسف، وأمير الشعراء
أحمد شوقي. لذا؛ ندعو الأدباءَ جميعًا لاستلهام القصة القرآنية بالذات عند الكتابة
للأطفال؛ لأنَّ القصة بطبيعتها تسيطر بعناصرها الفنية على خيال الأطفال، ويرغبون
فيها أكثر من الأجناس الأدبية الأخرى؛ فتراهم يستغرقون فيها حتى النهاية، ربما في
جلسة واحدة مهما طالت، وذلك لبنائها الفنِّي المُشوّق والمُغري لعقولهم الشفّافة
ونفوسهم البريئة، فالقصّ يعتمد على تطوُّر الأحداث، وفاعلية الحركة، وحيوية عناصر
التشويق والإثارة، وتوقُّع الحلول، والخروج من الأزمة.
وقد ضربت القصة القرآنية المثلَ الأعلى في التربية والتعليم والتشويق، وجلال
التعبير، ومثاليَّة القِيَم الخُلُقية، فانبهرت بها عقول الأطفال، وأخذت بتلابيب
عواطفهم، خاصةً القصص التي تثير فيهم مراحل طفولتهم المبكرة، وقد وصلت أحداث
مراحلها إلى الإعجاز الذي يَفُوق طاقة البشر، مثل قصة سيدنا موسى -عليه السلام-،
وإلقائه في اليم، ونجاته على يد امرأة فرعون.
وكذلك قصة يوسف وإخوته مع أبيهم يعقوب -عليه السلام-؛ فهي تكشف خلفيّة صراع الأبناء
مع الآباء، والإخوة مع بعضهم البعض.. إنه صراع بين الخير والشر.
وكذلك قصة مريم وابنها عيسى -عليهما السلام-، وقصة زكريا ويحيى -عليهما السلام-،
وقصة إسماعيل مع أبيه إبراهيم -عليهما السلام- ورؤيا بالأمر بالذبح والفداء...
وغيرها من القصص الكثيرة اللطيفة التي جاءت في القرآن الكريم، فضلًا عمَّا جاء في
السُّنَّة النبوية، والتي تُعدّ مصدرًا ثانيًا من مصادر الأدب الإسلامي في تربية
الأطفال وتأديبهم بأدب النبوة، فقد جاءت متنوعة تعتمد على الإثارة والتشويق،
وأحيانًا تنتهي الأزمة فيها بخوارق العادات، وكانت لونًا بديعًا من ألوان الدعوة
الإسلامية.
البيان: ألاَ تعتقدينَ أنه بهذه الطريقة، يمكن أن يتحوّل أدب الطفل للإثارة
والتشويق والمتعة فقط. يعني: «الفن للفن»؟
ليس هذا مقصدي، ولا يمكن أن أنحو هذا النحو على الإطلاق؛ فأنا لا أُؤمِن بمذهب
الفن للفن، أوْ الحياة من أجل الحياة فقط. فالأدب ينبغي أن يكون لمقاصد جليلة
وغايات عليا، وإنَّ المُتتبِّع للقصص القرآني أوْ القصص النبوي، باعتبارهما النماذج
المثلى، يجد القصة فيهما تدعو إلى تثبيت العقيدة، والتنفير من الشر، والتحذير من
الباطل، والحضّ على الخير، والدعوة إلى الإيمان، والحثّ على الفضائل، والنهي عن
الرذائل... فيترك ذلك أثره في عاطفة الأطفال، فتغريهم بمحبة الخير والحق، ومجافاة
الشر والباطل، مثل قصة إبراهيم وآزر، وقصة أصحاب الأخدود، وقصة أهل الكهف، وقصة
صاحب الجنَّتين، وقصة ذي القرنين، وقصة موسى والخضر، وغير ذلك من القصص الرائعة
التي شغلتْ حيّزًا كبيرًا في الكتاب الحكيم.
البيان: ما هو تقييمُكِ لصورة المرأة في الأدب الحديث بصفة عامة؟
قد يطول الحديث حول هذا الموضوع، وقد اطّلعتُ على بعض الروايات، التي تكتبها
أديبات عربيات، وكانت الكارثة أنّي وجدتُ ألفاظًا يندى لها الجبين، وهذا يتنافى مع
العُرْف الاجتماعي والأخلاقيات العامة. كما أنَّ كثيرًا من الأدباء لم يُحسِنوا
الحديث عن المرأة في أعمالهم الإبداعية؛ سواءٌ في الشّعر أوْ القصة أوْ الرواية أوْ
المسرحية أوْ المقالة.. فقدّموها في صورة سيئة للغاية، باعتبارها وسيلة للتسلية
والمتعة فقط، وأنها سلعة تُباع وتُشترى كبقية الأشياء التي يُدفع ثمنها! وهؤلاء هم
دعاة التغريب الذين يتربّصون بالثوابت، ويتهجّمون على المقدسات. وقد انكشف أمر
هؤلاء الكُتَّاب، ولَفِظَهم المجتمع، وألقى بهم وبكتاباتهم في مقالب القمامة.
ولكن وسط طوفان الأعمال التغريبية والتخريبية؛ نهض فريقٌ من الأدباء ذوي التوجُّه
الإسلامي، والرؤية الناضجة، وقدّموا أدبًا راقيًا، رفيع المستوى بجميع المقاييس
الفنية والأخلاقية... ولا تزال الأعمال الإبداعية الإسلامية تَتْرَى؛ لتزيح من
طريقها الغثَّ والباطلَ الذي يَعبث بالقِيَم والأخلاق. ومنذ إنشاء رابطة الأدب
الإسلامي؛ رأينا لفيفًا من الأديبات اللائي عانقنَ الفكرة الإسلامية، وقدّمنَ
نتاجًا أدبيًّا غاية في الجمال والبيان، مثل: الدكتورة آمال لواتي، وإخلاص فخري
عمارة، وسميرة فياض الخوالدة، وسميّة عبد الله الهاشم، ورجاء محمد عودة، ولطيفة
عثماني، ونوال مهنّي... وغيرهن الكثيرات.
البيان: تكاد تكون «موريتانيا» بمعزل عن العالَم العربي... فكيف تسير الحالة
العلمية والثقافية في هذا البلد الصحراوي النائي؟
موريتانيا بلد عربي مسلم، والثقافة العربية الإسلامية تُمثِّل الجزء الأكبر من
تكوينه الوجداني، وهي منارة إشعاع ثقافي إسلامي قديم؛ فقد نشرت الإسلام في ربوع
إفريقيا السوداء؛ من خلال التجّار والشيوخ الموريتانيين. ورغم بداوة المجتمع؛
فالتعليم يتم من خلال «المدارس المتنقّلة» التي يُدرِّس فيها الشيخُ معظم المعارف
الإسلامية من قرآن وحديث وشِعر جاهلي ومنطق وبيان وعلوم اللغة، فكأنَّ هذا الشيخ هو
«أستاذ كرسي» في كل المعارف والعلوم العربية الإسلامية، وفي هذه «المدارس
المتنقّلة» يَدرس كل الفئات من كل الأعمار.
البيان: لماذا يُطلَق على موريتانيا «بلد المليون شاعــر»؟
هذه المقولة مُستلهَمة من عِشق أهل شنقيط للتراث وحفاظهم عليه، فالإرث الثقافي جزء
من بِنية المجتمع الثقافية، وجزء من تكوينه الفكري، ومَظهر من مظاهر هويته العربية
الإسلامية... فالموريتانيون يَنْشَؤُون شعراء منذ طفولتهم. لدرجة أنَّهم يرونَ أنَّ
الشّعر الحقيقي هو الشّعر العمودي، وما خرج عن هذا الإطار لا يُسمَّى شِعرًا.
وأنا شخصيًّا بدأتْ علاقتي بالشِّعر مبكرًا، من خلال المحفوظات المدرسية، ومن خلال
قراءاتي في كتابيْ: الأغاني للأصفهاني، والعقد الفريد لابن عبد ربه، وكنتُ أسرق هذه
الكتب من مكتبة والدي، الذي كان مفتّشًا عامًّا بالتعليم، وكانت هذه القراءات من
دواعي توجّهي للأدب، فقد حفظتُ أشعار امرئ القيس وطَرفة بن العبد وزُهيْر وعنترة
وغيرهم، ما أَثْرَى ذاكرتي الشّعرية، وجعلني أُحلّق في سماء الشِّعر.
البيان: معروفٌ اهتمامُكِ بالتراث، ورعايتُكِ للموروث الشعبي... فهل هذا الموروث
قادر على الصمود والمقاومة في وجه ثورة الثقافة التكنولوجية الطاغية؟
التراث بشكلٍ عامّ أهم مصادر المقاومة، والحفاظ على هُويَّة الأُمَّة، وهو أشدّ
صلابةً حتى في وَجْه الغزاة والمستعمرين، والدليل على ذلك أننا لم نجد أُمةً عريقة
تنازلت عن مواريثها التاريخية. وأنا شخصيًّا نشأتُ في بيئةٍ ثقافية بدوية، وقد
تعايشتُ معها منذ الطفولة؛ فقد كان جدّي «الأمين بن سيدي» صاحب «كُتَّــاب» عريق،
به العديد من الكتب، وتُدرَّس فيه كلّ العلوم والمعارف العربية والإسلامية لمختلف
الأعمار.
ومنذ سنوات، اشتركتُ مع مجموعة من الأساتذة المشتغلين بأدب الطفل العربي لجمع
الحكايات الشعبية، وقمنا بتسجيل صوتي لكل الحكايات الشعبية، وتعريبها وإصدارها في
مجلدات ضخمة، وقد فُزْتُ فيها بجائزة كبيرة من خلال حكاية من حكاياتي للأطفال
بعنوان «حكايات الجدّة»؛ تدور في مجملها حول الحكايات الشعبية المندثرة، التي كانت
جدّتي تحكيها لي منذ الصغر عن الحروب، والأطفال وبنت المَلِك، فكتبتها بشكلٍ من
الحَكْي الراقي؛ لأنّي رأيتُ أنَّ هذا الشكل الأدبي في طريقه للاندثار؛ لذلك قمتُ
بجمع هذه الحكايات الطريفة بلُغَةٍ تناسب وجدان الطفل وطريقة تفكيره بشكل تربوي
متحضّر.
البيان: لماذا لم نرَ موقعًا للمرأة الموريتانية على خريطة الأدب والثقافة، ولم
نسمع لها صدًى إبداعيًّا كنظيراتها في البلدان العربية الأخرى؟
الشعب الموريتاني لديه أخلاقيات نقيَّة تُميِّزه عن غيره من المجتمعات، ولدينا
ثوابت نلتزم بها. ففي الماضي لم يكن المجتمع الموريتاني يسمح للمرأة إلَّا بدراسة
القرآن والفقه، فظلَّ الشِّعْر حِكرًا على الرجال ومحظورًا على النساء لفترة طويلة
من الوقت، والنوع الوحيد الذي سمح به المجتمع الموريتاني للمرأة هو ما يسمى
«الطبراع»، وهو فنّ جميل نشأ في البيئة الموريتانية المسلمة المحافظة؛ حيث لم يكن
مسموحًا للمرأة بالتعبير عن شجونها أو ملاقاة الرجال والحديث إليهم، فأصبح لدى
النساء قول جميل، فضاؤه مختصر، لكن النص مكتنز ومكثَّف في ثلاث كلمات فقط، تُمثِّل
قصيدة غزلية كاملة، وعادة ما تكون الشاعرة مبهمة، لا تُصرِّح باسمها، حتى لا يُشار
إليها. وهذه الأنماط الشعبية التي تمارسها المرأة الموريتانية، تُعوِّض الكثير من
هذا البَوْح؛ لأنه بَوْح جميل وراقٍ، فيه تلميح لا تصريح.
وفي الوقت الراهن، يسود الساحة الثقافية في موريتانيا نوعان من الأدب: الأول ينتمي
إلى الشّعر الفصيح، والثاني يُسمَّى بالغناء، وهو يعادل الأزجال، التي تتَّسع لكل
الأغراض الشّعرية، التي ميّزت الشّعر العربي على مرّ العصور من مدح وغزل ورثاء
وحماس... إلخ.
البيان: ما الذي يُميِّز «المرأة الموريتانية» -سيِّما المثقّفة والمُبدِعة- عن
أخواتها في العالَم العربي؟
يختلف وضع المرأة الموريتانية عن مثيلاتها في إفريقيا، وفي عالمنا العربي؛ لأنها
تحتلّ منذ القِدم الصدارة، ولها دَوْر كبير في النسيج الاجتماعي والعلاقات
الاجتماعية الموريتانية، ومن حيث الناحية الفكرية لدينا تجارب في القصة القصيرة
والرواية، فالمجتمع الموريتاني به حِراك ثقافي وإبداعي برعت فيه المرأة بامتياز؛
بسبب حرية الرأي والفكر الذي تتمتَّع بها، فلدينا عدد كبير من الكاتبات المرموقات،
لكن الشاعرات عددهنَّ قليل؛ لأنَّ المرأة الموريتانية لا تهوى سوى فنّ الزّجل
«الطبراع»، الذي يُعبِّر أحسن تعبير عن وجدانيّاتها، وكثيرًا ما تتغنَّى به المرأة
الموريتانية مع صواحبها من بنات جنسها.
وأنا شخصيًّا أميل إلى ذلك العُرف الاجتماعي النبيل، وأعتقد أنَّ تصريح المرأة
بحُبّ الرجل يُجافِي أخلاقيات المجتمع العربي والإسلامي.
البيان: تُرَى، كيف بدأت مسيرتك الأدبية في عالَم الكتابة والإبداع؟
من أسف، كثيرًا ما يُنظَر إلى كتابة المرأة العربية عامة بشيء من الشَّك والريبة
والتفتيش عمّا إذا كان ما تكتبه مطابقًا لسيرتها الذاتية أمْ لا، لكن في النهاية
أصبحت كتابة المرأة واقعًا يفرض نفسه بقوة.
أمَّا عن بداياتي في الكتابة فلم أكن راضية عنها، ولم أعلنها، لدرجة أنَّ أول قصيدة
نشرتُها بجريدة الشعب سنة 1984م، بعنوان «انتظار» ظهرت بتوقيع مستعار، وقد أثارت
منذ ظهورها العديد من القراءات والآراء النقدية، ممَّا شجَّعني على المتابعة.
أمَّا لقائي الأول بالجمهور؛ فقد حدَث عندما زار نواكشوط سنة 1987م وَفْد مغربي،
برئاسة وزير الثقافة محمد بن عيسى، وقد ضمَّ هذا الوفد أدباء بارزين من بينهم
الشاعرة مليكة العاصمي، وهو ما جعل الوزارة وقتها تدعوني للمشاركة في فعاليات
الأسبوع الثقافي المُنَظَّم بهذه المناسبة.