• - الموافق2024/11/24م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
مسلمو

مسلمو "جامو وكشمير".. بين حلم الاستقلال وتكلفة المواجهة


بعد مرور حوالي 80 يوما على حظر التجول الذي فرضته السلطات الهندية على الشطر الخاضع لسيطرتها من إقليم كشمير، المتنازع عليه مع باكستان، والمعروف باسم "ولاية جامو وكشمير"، مازال المسلمون هناك يقفون على خط المواجهة، لتحقيق حلم الاستقلال الذي يقاتلون من أجله منذ سنوات، غير عابئين بما يتكبدون من تكلفة ذلك، بعدما قتل 89 منهم لليوم، وأصيب ٩ آلاف آخرين، غالبيتهم يعانون من جروح بأعينهم قد تبقيهم مشوهين للأبد، قبل أن يملوا أبصارهم بالاستقلال.

ويصف مراقبون ونشطاء من "كشمير"، في أحاديث متفرقة ، الحياة في الإقليم بأنها "شبه متوقفة" بعد مرور أقل من ٣ أشهر على مقتل "برهان واني" القيادي في جماعة "حزب المجاهدين"، إحدى الجماعات التي تكافح ضد السيطرة الهندية على الإقليم، وهو ما أشعل الأوضاع في الولاية

بصورة هي الأعنف منذ سنوات، وجعل أعمال العنف مرشحة للتصعيد في أنحاء كشمير.وطوال هذه الفترة، لم يعد بإمكان مسلمي "كشمير" استخدام خدمة الإنترنت والهواتف النقالة بشكل منتظم، حتى تحركاتهم أصبحت أكثر تقيدًا بعد فرض حظر تجوال جزئي وتوقيف نشطاء سياسيين واحتجازهم دون محاكمة، الأمر الذي توقع مراقبون ونشطاء أن تكون تبعاته أكثر خطورة.

ويعد الناشط الكشميري "خورام برفيز" والذي يقود تحالف "المجتمع المدني" بـ"جامو وكشمير"، أحدث حالة احتجاز في الولاية على يد القوات الهندية والتي اعتقلته قبل أيام بهدف منعه من الذهاب إلى جنيف للتحدث أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بشأن الأوضاع في الإقليم.

وأكد أحد أصدقاء "برفيز" وضمن فريق دفاعه أن الأجهزة الأمنية أبلغتهم أنه محتجز بموجب ما قالت انه "نص قانوني" يسمح بسجن الشخص لمدة عامين بدون محاكمة، وهو ما علق عليه "عكار باتل" المدير التنفيذي لفرع منظمة العفو الدولية في الهند بأنها إشارة إلى أن "شرطة

جامو وكشمير مصممة على حبس خورام بأي ثمن". وقال صديق "برفيز"، إن "خورام لم يفعل شيئا، كل ما فعله أنه أراد أن يذهب إلى جنيف، لإيصال رسالة بما حدث خلال الـ٣ أشهر، لكنهم لم يتركوه، وقاموا بتوقيفه في المطار ثم احتجزوه وسجنوه دون تهمة.. الأمر صعب للغاية عليه وعلينا

وقبل ٥ أيام قمنا بزيارته وأطلعناه بكافة الإجراءات قانونية أو حتى تلك الحملة التي نظمناها من أجل الإفراج عنه وتعريف العالم ببطش السلطات هنا".

في هذا الاتجاه تحدث ناشط كشميري آخر يدعى "حازق قدري" للأناضول، قائلا: "السلطات الهندية لا ترى أمامها، علقت شبكة الهاتف النقال في أرجاء المدينة وشبكة الانترنت، صحيح الخدمة عادت الآن لكنها غير منتظمة، وفي عيد الأضحى توقفت تماماً كما منعت الصلاة في المساجد الكبرى حينها".

وأضاف قدري الذي حاول أن يكون موجزا في حديثه خوفًا من انقطاع الاتصال: "يقتلون المتظاهرين العزل ويمنعون التجمعات السلمية، حتى أسلحتهم التي يقولون إنها غير فتاكة يدمرون بها أعين المدنيين".

ومن بين المآسي التي يتعرض لها سكان كشمير، مطاردة قوات الأمن لهم في حال خروجهم للتظاهر، فيكون الخيار قتلهم أو إلقاء القبض عليهم واحتجازهم دون توجيه تهم، بحسب نشطاء.

قصة الطفل الكشميري "ناصر شافي قاضي" ويشتهر باسم "مؤمن"، والبالغ من العمر 11 عاما، صار يشكل أيقونة جديدة للاحتجاجات بعد القيادي الانفصالي برهان، وذلك عقب مقتل هذا الطفل الجمعة الماضية، ببوابل من طلقات الخرطوش (كرات حديدية صغيرة) .

وقال والد الطفل القتيل لموقع "جريتر كشمير" المحلي، إن ابنه كان ذاهبا لصلاة الجمعة، وعند عودته طاردته الشرطة مع مجموعة من الشباب، الذين وصلوا بيوتهم بأمان في حين لم يستطع نجله الفرار مثلهم فأمطرته قوات الأمن نحو ٤٠٠ طلقة خرطوش على ظهره وذراعه الأيمن وكوعه، على

وأشار الأب إلى أن ابنه تعرض للضرب من قبل قوات الأمن بعدما أطلقوا عليه طلقات الخرطوش، مستدلًا على إصابات في جسد صغيره.

وعلق الناشط قدري قائلا: "الوضع سيء للغاية هنا (ولاية جامو وكشمير).. هذه هي المرة الأولى التي نعيش فيها هذه الأجواء.. الناس غاضبة ويريدون حلًا نهائيا لقضيتهم.. لا أبالغ إن قلت إن السلطات تقتل بشكل يومي مدنيا أو يصيبونه، فهل يتوقعون من الناس التوقف عن التظاهر؟".

وأضاف الناشط الكشميري غاضبا: "ما حدث مؤخرًا لن يكون نهاية الطاف، أطلقوا أيديهم على الزناد بقتل برهان والآن لا يمكن أن يقتلوا كل كشميري، عاجلًا أم أجلًا سوف يدفعون ثمن جرائمهم وسوف يرحلون عن كشمير".

ورغم حديث النشطاء عن موجة غضب تملأ الشارع الكشميري لكنهم أجمعوا على أن الفرصة التي ينتظرونها لم تأتي بعد، وفي هذا الاتجاه قال قدري: "لا يسمحوا لنا بالتظاهر، وفي المقابل لو دعينا الناس للخروج الآن سيكون مصيرهم الرصاص وفي أحسن الحالات سيتم القبض عليهم مثل خورام، كل ما يمكننا فعله الانتظار.. ولكننا في الوقت نفسه لا نسيطر على الغضب الموجود ولعل هذا ما يفسر خروج المظاهرات إلى الآن".

من جانبه، قال ناشط كشميري يدير صفحات تطالب باستقلال كشمير إلى جانب إدارته لحساب، الشيخ سيد علی شاه گیلانی، أحد علماء السنة البارزین فی الهند، على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، للأناضول: "الوضع الحالي هو امتداد لانتفاضات، بعدما قتل في هذه الأحداث ٨٩ شخصًا،

ونتوقع المزيد، خاصة أن برهان لم يكن قياديا بارزا بل أصبح أيقونة للشباب في كشمير وهذا يفسر كيف خرج الناس بالآلاف وما زلوا على استعداد للخروج ضد الاحتلال الهندي".

الناشط الذي تحدث شريطة عدم ذكر اسمه، قال إن "أدوات القمع المستخدمة ضد المدنيين غير مسبوقة، استخدموا كل أدوات القمع والوحشية، ولا يجدون حرج في إطلاق النار مباشرة، هم فعلوا ذلك على مدار ثلاث عقود ماضية والآن يكررون الأمر نفسه، لكننا ننتظر الفرصة المناسبة لكي نجبرهم على الخروج".

متفقة معه، قالت آثير زايا، الخبيرة السياسية في شؤون كشمير، وأستاذ مساعد في جامعة شمالي كولورادو الأمريكية، للأناضول عبر الهاتف إن "الكشميريين سبق أن خاضوا هذا النوع من الانتفاضات عام ١٩٨٩ لتقرير المصير والحرية، لذا فما حدث في يوليو/تموز الماضي لم يكن جديدًا لأنلديهم مطلبا تاريخيا بالانفصال أقدم من الصراع الدائر بين الهند وباكستان في ١٩٤٧".

وشهد إقليم كشمير، ذو الأغلبية المسلمة، صراعاً بين الهند وباكستان، منذ خروج المستعمر البريطاني من المنطقة عام 1947، وخاض فيه البلدان 3 حروب أعوام هي: 1948، و1965، و1971.

 

وأضافت زايا التي تعمل على كتاب عن حالات الاختفاء القسري في "كشمير" أن "مشاركة المدنيين في الانتفاضة الحالية في تزايد وبمستوى غير مسبوق، وربما لأن الكشميريين اكتفوا من الحكم الهندي القمعي وكذلك التجاهل المستمر لتحقيق مطلبهم الذي كفلته لهم الأمم المتحدة وحصلوا على وعد به"، في إشارة لحقهم في تقرير المصير.

وعن تعامل القوات الهندية مع الكشميرين، قالت أثير إن "أعداد القوات الهندية المتواجدة في الإقليم نحو ٧٠٠ ألف جندي، يفعلون كل ما يلزم لتطبيق قوانين الطواريء، التي فعليا تمنحهم صلاحيات عسكرية واسعة، ما تسبب في وقوع عمليات قتل واختفاء غير محدودة، شملت كل من المقاتلين وغير المقاتلين".

ووفقًا لمنظمة "هيومن رايتس ووتش" الدولية بلغ عدد القتلى الكشميريين ٧٠ ألف شخص من المقاتلين وغير المقاتلين، وأكثر من ٨ آلاف شخص اختفوا قسريًا منذ بدء النزاع في الإقليم.

ووصفت زايا مستقبل "كشمير" بأنه "ضبابي وغير معروف لأنه مع دق طبول الحرب بين كل من الهند وباكستان فإن كشمير تواجه تهديد النسيان وتجاهل مطلبها الحقيقي بالاستقلال".

ورأت الخبيرة في شؤون كشمير أن "أحد الأمور التي يمكن أن تساعد المواطن الكشميري وتعزز التضامن مع النشطاء هو زيادة الوعي عالميًا وأن تدفع قوى عظمى مثل الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي، الأمم المتحدة للاعتراف بحق كشمير في تأسيس دولتهم".

وقال فريق من المراقبين من نيودلهي إن المظاهرات في كشمير لن تتوقف إلا بعد الاستفتاء الذي يطالب به السكان.

وخلال زيارة ميدانية في ١٢ سبتمبر/أيلول الحالي، قال فريق المراقبين من نيودلهي، في بيان، إنه "يتم خلق المفاهيم الخاطئة حول الوضع الراهن في كشمير، فرغم أن الناس في نيودلهي يقفون في جانب الحكومة هناك ويلقون باللوم على باكستان في الاضطرابات الحالية، لكن بعد تقييم الوضع في كشمير وجدنا أنها حركة شعبية.. فالكشميريون يطالبون بالحرية.. ولا يروا أنهم كانوا جزءا من الهند أبدا .. يريدون الاستفتاء".

وفي 13 سبتمبر/أيلول الماضي، كررت المفوضة السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة طلبها للسلطات الهندية والباكستانية بالوصول إلى جميع أجزاء كشمير من أجل بحث ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان، لكن وزارة الخارجية الهندية رفضت طلبها.

وتتهم نيودلهي، إسلام أباد بتسليح وتدريب "انفصاليي" كشمير الذين يقاتلون من أجل الاستقلال أو الاندماج مع باكستان منذ عام 1989، إلا أن الأخيرة تنفي ذلك وتقول إن دعمها يقتصر على تقديم الدعم المعنوي والسياسي للكشميريين.

أعلى