• - الموافق2024/11/05م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
سر اختيار أردوغان 14 مايو موعدًا للانتخابات التركية 2023

تتمثل أبرز التساؤلات حول الأسباب والدوافع التي أدت لمناقشة مسألة تقديم موعد الانتخابات، ولماذا تم اختيار يوم 14 مايو تحديدا دون بقية المواعيد الأخرى التي كان من المحتمل أن تعقد الانتخابات بها؟

الوضع السياسي في تركيا حاليًا ملتهب لدرجة أننا نستطيع وصفه بأنه على صفيح ساخن، ففي ظل التجاذبات السياسية والمعارك الكلامية بين مختلف الأحزاب والتحالفات السياسية، تظهر بشكل واضح عدة علامات استفهام تبحث عن إجابة لعدة أسئلة حول الوضع الداخلي لمعالم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة، وتتمثل أبرز هذه التساؤلات حول الأسباب والدوافع التي أدت لمناقشة مسألة تقديم موعد الانتخابات، ولماذا تم اختيار يوم 14 مايو تحديدا دون بقية المواعيد الأخرى التي كان من المحتمل أن تعقد الانتخابات بها؟

من التلميح إلى التصريح

انتقلت رغبة حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا في تقديم موعد الانتخابات من التلميحات التي صدرت عن مسؤوليه وعن الرئيس أردوغان خلال شهر ديسمبر الماضي إلى التصريحات، ليصبح خيار الانتخابات المبكرة أكثر ترجيحًا من قبل عدة أحزاب وتحالفات سياسية في تركيا.

وقد كان من المقرر إجراء الانتخابات العامة الرئاسية والبرلمانية في 18 يونيو المقبل، إلا أن مسؤولي حزب العدالة والتنمية عبّروا مؤخرًا عن مخاوف من انخفاض الإقبال على التصويت في الموعد المزمع نتيجة تزامنه مع مناسبات مختلفة.

دوافع تقديم موعد الانتخابات

هناك العديد من الأسباب التي دفعت الرئيس أردوغان وحزبه العدالة والتنمية للتفكير في تقديم موعد الانتخابات المقبلة، وتنقسم هذه الدوافع إلى ثلاثة أسباب رئيسة وهي:

1. أن تاريخ 18 يونيو القادم لن يكون مواتيًا لحسابات حزب العدالة والتنمية، حيث يتزامن مع امتحانات الجامعات التركية، وبالتالي سيكون عائقًا أمام مشاركة شريحة كبيرة من فئة شباب وفتيات الجامعات، وهو الأمر الذي من شأنه أن يثير كثير من الانتقادات وتفسيره على أنه تهميش لفئة الشباب والاستهانة بحقهم الانتخابي.

 

حرص الرئيس أردوغان وحزب العدالة والتنمية على كسب الوقت لصالح الإجراءات التي تم اتخاذها مؤخرًا مع قرب موعد الانتخابات مثل زيادة الحد الأدنى للأجور بشكل يرضي معظم فئات المجتمع

2. من جهة أخرى يتزامن هذا الموعد مع بدء موسم الحج، وأصوات الشريحة المحافظة المتدينة بطبيعة الحال مهمة بالنسبة للحزب الحاكم وللرئيس أردوغان، خاصة أننا نتحدث عن انتخابات مصيرية بالنسبة لجميع الأحزاب ولا سيما للحزب الحاكم مع بداية قرن جديد لتاريخ الجمهورية التركية، وبالتالي فمن سيذهب لأداء مناسك الحج لن يستطيع المشاركة بسهولة والإدلاء بصوته في هذه الانتخابات، وكما ذكرنا سابقًا هي شريحة مهمة لحزب العدالة والتنمية الحاكم، فضلًا بالطبع عن بدء موسم العطلات في هذا الشهر.

ومن هذا المنطلق فإنه من الصعب المقارنة بين يونيو 2018 حينما عقدت الانتخابات وبين يونيو 2023، ففي النهاية موسم الحج هو النقطة التي أخذها الحزب الحاكم بعين الاعتبار على الأرجح، لا سيما إن ذهبت الانتخابات لعقد جولة ثانية والتي تتم وفقًا للقانون المنظم للانتخابات بعد 15 يومًا من الجولة الأولى، حيث سوف يتزامن ذلك مع عطلة عيد الأضحى، ولا شك أن الأحزاب جميعها تأخذ بعين الاعتبار احتمالية الذهاب إلى جولة ثانية وتتخذ جميع تدابيرها وتحسب حساباتها على هذا الأساس.

3. حرص الرئيس أردوغان وحزب العدالة والتنمية على كسب الوقت لصالح الإجراءات التي تم اتخاذها مؤخرًا مع قرب موعد الانتخابات مثل زيادة الحد الأدنى للأجور بشكل يرضي معظم فئات المجتمع ويضمن لهم معيشة كريمة وسط الأزمات العالمية وخاصة الاقتصادية منها، بجانب قانون خفض سن التقاعد الذي أصدره الرئيس أردوغان واستفاد منه 2.25 مليون مواطن، بالإضافة إلى حملات بناء البيوت التي أطلقتها الحكومة التركية للمواطنين بأسعار منخفضة مقارنة مع أسعار سوق العقارات وبأقساط مريحة لمن لا يملك بيتًا، وغير ذلك من الخطوات والقرارات التي لا يريد الحزب أن تتلاشى مع مرور الوقت بالتزامن مع استمرار أزمة التضخم في البلاد.

المواعيد المتاحة قانونيًا

أشارت في وقت سابق المصادر المقربة من حزب العدالة والتنمية إلى محاولة الترجيح بين 3 تواريخ مختلفة، بيد أنها جميعًا لا بد أن تكون بعد 6 إبريل 2023؛ وذلك لضمان دخول قانون الانتخابات الجديد حيز التنفيذ؛ وهو قانون مرره تحالف الجمهور _الذي يشمل حزبي العدالة والتنمية والحركة القومية_ عبر البرلمان التركي في إبريل 2022، ومن أبرز بنوده تخفيض العتبة الانتخابية لدخول البرلمان من 10% إلى 7%، وإمكانية توزيع المقاعد البرلمانية بين التحالفات الانتخابية حتى ولو كان الحزب صغيرًا وحديثًا ولم يبلغ العتبة الانتخابية، مما يعني أن أي تاريخ محتمل للانتخابات يجب أن يكون بعد تاريخ 6 إبريل 2023.

ترجيح موعد انتخابي دعائي

بما أن شهر رمضان وعطلة عيد الفطر ستستغرق طوال شهر إبريل تقريبًا، فكان من الطبيعي تجنب التفكير في اختيار موعد خلال هذا الشهر لإجراء الانتخابات به، وبالتالي فإن الحديث كان يدور عن 3 تواريخ محتملة هي؛ 30 إبريل و7 مايو و14 مايو، لكن كما قلنا سابقًا فإن تاريخ 30 إبريل ليس مرجحًا للرئيس وللحزب الحاكم؛ وذلك لتزامن الحملات الانتخابية مع شهر رمضان، وما يتخلل ذلك من صعوبة ومشاق في التنقلات والتجمعات في الميادين والساحات بالتزامن مع أجواء الصيام والقيام والعبادات الجماعية.

 

في يوم 14 مايو عام 1950 جرت أول انتخابات متعددة الأحزاب في تاريخ تركيا وصعد الحزب الديمقراطي للحكم بعد فوزه في تلك الانتخابات بقيادة عدنان مندريس، لتنتهي بذلك حقبة استمرت 27 سنة من حكم حزب الشعب الجمهوري الذي تفرد بالسلطة

وبالتالي يتبقى أمامنا 7 و14 مايو، وهما إلى حد كبير متساويان لكن الاختيار الثاني (14 مايو) يبدو الأرجح لثلاثة أسباب وهي:

أولًا: ضمان مساحة زمنية كافية للحملات الانتخابية عقب انتهاء عيد الفطر في 23 إبريل، بحيث يكون هناك 3 أسابيع للقيام بأنشطة دعائية حتى قدوم موعد الانتخابات

ثانيًا: توافق ذلك الموعد مع رغبة المعارضة وعدم الاعتراض عليه، ففي تصريحات لرئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كليتشدار أوغلو وتحديدًا يوم 15 يناير، قال إنه لا يُبدي اعتراضًا إذا تم الاتفاق على موعد 14 مايو للانتخابات القادمة، كما أن هناك نقطة مهمة يجب وضعها في الاعتبار وهي أن المعارضة لا ترغب أيضًا بانتخابات تتزامن مع عطلات وتنقلات قد تؤثر في عدد الأصوات المستهدفة.

ثالثًا: رمزية التوقيت ودلالته الانتخابية، ففي يوم 14 مايو عام 1950 جرت أول انتخابات متعددة الأحزاب في تاريخ تركيا وصعد الحزب الديمقراطي للحكم بعد فوزه في تلك الانتخابات بقيادة عدنان مندريس، لتنتهي بذلك حقبة استمرت 27 سنة من حكم حزب الشعب الجمهوري الذي تفرد بالسلطة طوال تلك المدة والذي كان تأسيسه على يد أتاتورك وتولى قيادته تلاميذه من بعده وأبرزهم عصمت إينونو، وقال أردوغان في تصريحات أمام أعضاء حزبه بالبرلمان التركي: "ستوجه أمتنا ردها على تحالف الطاولة السداسية (المعارضة) في اليوم نفسه بعد 73 عامًا، وسيقول لهم الشعب كفى" وبالتالي فإن التاريخ في حد ذاته يعتبر دعاية انتخابية رمزية للرئيس أردوغان ولحزبه الحاكم.

أردوغان يستخدم صلاحياته

صرح الرئيس أردوغان خلال الأيام القليلة الماضية خلال لقاء شبابي في ولاية بورصة قائلًا: "سأستخدم صلاحياتي لتقديم موعد الانتخابات إلى 14 مايو"، وأشار خلال هذا اللقاء إلى أنها "ليست انتخابات مبكرة"، وإنما هو تعديل استهدف أخذ تاريخ امتحانات الجامعات بالاعتبار، ولفت في حديثه إلى أن الحملة الانتخابية ستبدأ قبل 60 يومًا من الموعد، أي في 10 مارس القادم، وبالنظر إلى هذه التصريحات فقد حدد الرئيس يوم 14 مايو المقبل ليصبح موعدًا رسميًا لإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية في البلاد.

أعلى