• - الموافق2024/11/05م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
حرب لا هوادة فيها على الإسلام في بنغلاديش

حرب لا هوادة فيها على الإسلام في بنغلاديش


أطبق الصمت على العالم ودخل الضمير الإنساني في غيبوبة أفقدته السمع والبصر حينما كان العالِم الجليل "علي أحسن مجاهد" أمينُ عام الجماعة الإسلامية في بنغلاديش وأحدُ كبار العلماء في شبه القارة الهندية يُعلَّق على حبل المشنقة يوم الجمعة الماضي (20 نوفمبر 2015م)، وهو الذي خلف الشهيد البروفيسور عبد القادر ملا الأمين العام للجماعة الإسلامية السابق الذي أعدمته حكومة "عوامي" العلمانية المتطرفة قبل عامين تقريباً (مساء الخميس 12/12/2013م). كما أعدمت السلطات السيد صلاح الدين قادر تشودري البرلماني السابق في حزب بنغلاديش القومي تنفيذاً لحكم جائر بالإعدام.

هذه الإعدامات المتقاطرة على فترات لقادة الجماعة الإسلامية في بنغلاديش تأتي وسط مجموعة من المحاكمات الجائرة بدأت يوم الأربعاء 27 فبراير 2013م لجميع قادة الجماعة الإسلامية وعناصرها أمام ما تسمى "محكمة جرائم الحرب" التي حكمت من قبل بالإعدام على الزعيم الإسلامي "دلوار حسين" رئيس حزب الجماعة الإسلامية، وفي يناير عام 2013م أُدين زعيم سابق للجماعة الإسلامية (هو البروفيسور عبد الكلام آزاد) غيابياً بالإعدام، وينتظر أربعةٌ آخرون تنفيذ أحكام مشابهة.

هؤلاء جميعاً حوكموا بتُهم مر عليها أكثرُ من أربعين عاماً! وهي - في عرف السلطات - ارتكابُ جرائم خلال حرب الاستقلال عام 1971م (انفصال بنغلاديش عن باكستان)، ومحاولة إعاقة استقلال بنغلاديش عن باكستان وإجبار هندوسٍ على اعتناق الإسلام!

والحقيقة أن تلك الأحكام الجائرة جاءت لا لذنب إلا أنهم يقولون ربنا الله، ولأن شعبيتهم تنامت بصورة مخيفة للغرب الصليبي والصهاينة والنظام الهندوسي!

في تلك الأجواء المعتمة يعيش الشعب البنغالي محنة كبرى على أيدي حكومة «عوامي» المدعومة من كل القوى المعادية للإسلام، فقد فاجأت هذه الحكومة شعب بنغلاديش المسلم (87% مسلمون) بانقلاب على الدستور ليصبح علمانيّاً بعد حذف كل ما يشير فيه إلى الإسلام من قريب أو بعيد. ولإنجاز ذلك الانقلاب على هوية الأمة ودينها الإسلامي الحنيف، شن النظام العلماني الحاكم حملة شرسة ضد الجماعة الإسلامية ثاني أكبر القوى شعبية في بنغلاديش؛ وذلك لإزاحتها عن الطريق وتغييبها عن الساحة حتى ينفذوا ما خططوا له.

فقد قامت قوات الأمن باعتقال كلِّ قادة «الجماعة الإسلامية»، وفي مقدمتهم مؤسسها البروفيسور غلام أعظم الذي توفي في السجن مريضاً عن عمر (92 عاما)، وأميرها الحالي الشيخ «مطيع الرحمن نظامي»، وستة آلاف وخمسمائة من عناصرها؛ لإفساح الطريق أمام تلك الهجمة الشرسة على الإسلام والمسلمين، والتمكين للفكر العلماني والهندوسي والتغريبي، وقد سبق ذلك عملية تجفيف ممنهجة لمنابع التعليم الإسلامي، وإغلاق العديد من المؤسسات التعليمية والخيرية، وأعلنت وزيرة الخارجية البنغالية صراحة: «إن بنغلاديش دولة علمانية وليست دولة مسلمة»!

وهكذا يعيد حزب «عوامي» الحاكم تاريخه الملطخ بدماء المسلمين، والمكلّل بعار الحرب على الإسلام والهوية الإسلامية؛ فقد شنَّ حرباً شعواء على الإسلام والعاملين له داخل البلاد خلال فترتَي حكمه للبلاد من (1971-1975م، ومن 1996 - 2001م)؛ حيث أغلق مؤسسات التعليم الإسلامي، وزجَّ بعشرات الآلاف من الشباب خلف القضبان، وقتل عشرات العلماء.

واليوم يعيد الحزب حقبته الدموية السوداء ضد الإسلام والمسلمين، بدعم من الغرب والصهاينة والهندوس في الهند، الذين حرصوا وعملوا على أن تصبح بنغلاديش دولة هندوسية بعد تشجيع انفصالها من قَبْل عن باكستان.

وقد روت لي السيدة حميراء المودودي كبرى أبناء العلامة أبو الأعلى المودودي يرحمه الله، والتي كانت تعمل معلمة للغة الإنجليزية في بنغلاديش قبل انفصالها عن باكستان، روت لي كيف عايشت عملية علمنة الشعب البنغالي المسلم وتحويله إلى الثقافة والفكر الهندوسي بعيداً عن الإسلام، وذلك عبر حملة واسعة في كل المجالات التعليمية والثقافية والإعلامية، وقد صاحَبَ ذلك عمليةُ شيطنةٍ واسعةٍ لباكستان وغرس كراهيتها في قلوب الجماهير، وهو ما مثل شحناً خطيراً للشعب البنغالي ليطالب بالانفصال عن باكستان. وقالت لي السيدة حميراء خلال زيارتي لها قبل سنوات في مدينة لاهور الباكستانية: "قلت لوالدي الذي كان يستمع للرأي الآخر جيداً: لقد انشغلتم بالفكر والكتابة عن رعاية أهلنا في بنغلاديش حتى باتوا نهباً للهندوسية. وقد أقرني والدي يومها على ما قلت، لكن الانفصال كان قد تم".

إن ما يجري في بنغلاديش ليس بعيداً عما يجري في مصر بعد الانقلاب الدموي، وليس بعيداً عما يجري في سورية والعراق واليمن، وليس بعيداً عما يجري في بورما وسريلانكا، ولا ما جرى من قبل في البوسنة والهرسك قبل عقدين من الزمان، ولا ما جرى للمسلمين في الاتحاد السوفييتي خلال عهود القياصرة وخلال الثورة البلشفية والعهد الشيوعي، ولا ما جرى خلال تسعينيات القرن الماضي من إبادة للشعب الشيشاني... إلخ.

حرب على الإسلام والهوية الإسلامية والمسلمين، وهي حرب تزداد ضراوة يوماً بعد يوم، ففي الوقت الذي تتواصل فيه حملة التطهير العرقي المصحوبة بمجازر يندى لها جبين الإنسانية ضد المسلمين في بورما (15% من تعداد السكان البالغ 55 مليون نسمة)، تدور حرب إبادة طائفية لا هوادة فيها ضد الشعب السوري، وهي امتداد لتلك الحرب الطائفية المجرمة الدائرة في العراق، وليس بعيداً عما جرى في البوسنة قبل عقدين من الزمان.

إنها الحرب على الإسلام، التي تتخذ صوراً وأشكالاً، متعددة ويتم تنفيذها بآليات متباينة في كل الميادين، وترمي في النهاية لمحاولة اقتلاع الإسلام وإبادة أهله... لكن الله حافظ دينه }وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ{ [الأنفال: 30]

أعلى