التشيع..مؤامرة جديدة على اليمن
بدأت معالم التشيع المذهبي في اليمن، تتسرب عبر المناسبات
والاحتفالات الدينية التي تقيمها جماعة الحوثي بشكل سنوي، على غرار الاحتفالات
التي تقيمها الحركات الشيعية في إيران والعراق ولبنان وغيرها من الدول العربية
التي تتواجد فيها أقليات شيعية.
عبر الاحتفال بعاشوراء، ويوم الغدير، والمولد النبوي،
والشروع في إنشاء حسينيات خاصة في محافظة صعدة وصنعاء وعمران وتعز، بدأت جماعة الحوثي
بنشر المذهب الشيعي تدريجياً في المحافظات اليمنية الشمالية، في سبيل تطويع الشعب
اليمني صاحب الأغلبية الشافعية السنية، بل والخروج عن المذهب الزيدي الأقرب إلى
السنة، والذي يمثل منبع الفكر الحوثي.
وتعمل حركة الحوثي على استغلال المناسبات الدينية
والمذهبية، وتوظيفها سياسياً من جهتين، الأول، بالحديث عن المظلومية التاريخية
المزعومة لشيعة آل البيت، كما يقولون، بهدف استعطاف عامة الناس، والثانية استعراض
مظاهر القوة والحشد الجماهيري لإيصال رسائل من نوع ما إلى العديد من الأطراف.
ويرى محللون وخبراء في شأن الحركة الحوثية، أن حركة
الحوثي بعد أن بسطت سلطتها على أكبر رقعة جغرافية في الشمال اليمني، بدأت تطبق نفس
النموذج الإيراني في التبشير بالمذهب الشيعي خصوصاً في المحافظات التي تنتمي
للمذهب الشافعي السني، حيث لا يوجد للحوثيين أي حاضنة شعبية فيها.
ويرون أن الكثير من المظاهر الشيعية بدأت بالتسرب إلى
المجتمع اليمني، بعد أن مرت بمراحل كثيرة، حيث انتقلت من السرية والخفاء، إلى
الظهور المعلن عبر احتفالات حاشدة بالعاصمة وعدد من المحافظات الشمالية.
كما أن حركة الحوثي، بدأت بطمس الكثير من معالم الفكر
الزيدي المعتدل الذي كان يتركز في بعض المحافظات الشمالية المرتفعة كصنعاء وصعدة
وعمران وذمار، حيث يقول الحوثيون أن المذهب الزيدي التقليدي أصبح تليداً وبحاجة
للكثير من التعديل وإضفاء الروح العصرية الجديدة على المذهب، وهذه الروح نابعة من
الفكر الشيعي القادم من طهران.
تشيع سياسي
ويرى الكاتب الصحفي سعد المبارزي أن التشيع في اليمن
ينقسم إلى قسمين، أحدهما تقليدي قديم وهي الزيدية الأقرب إلى السنة، وهو الطرف
الذي تمكن بمذهب الأمام زيد بن علي، ولم يمنعوا الاجتهاد فخرج منهم الشيخ مقبل
والصنعاني والشوكاني وبن الوزير وغيرهم.
وأضاف المبارزي لــ"البيان": "هذا الفكر
تعايش عامته مع عموم أهل السنة والشوافع بل وهذبوا بأخلاق أهل السنة وخاصة بعد
انتشار المعاهد العلمية في مناطقهم".
وتابع حديثه "القسم الثاني، هو التشيع السياسي
الحالي، المنبثق من الزيدية الجارودية والتي هي أقرب إلى الشيعة الرافضة، حيث بدأت
في الظهور مع بروز جماعة الحوثي التي أرادت أن تحيي المذهب الجارودي بغلاف سياسي
يتعاطف معه الزيدية التقليدية مع إعلان الولاء لإيران التي دعمتهم في مراحلها
التكوينية والتمكينية".
وأشار المبارزي إلى إقامة الفعاليات الدينية على غرار
العراق وإيران، معتبراً أن ذلك إعلان الولاء لإيران وتغليف المذهب الجارودي
بالمذهب الجعفري والأخذ بمبدأ ولاية الفقيه، معلناً بذلك تحوله من المذهب الجارودي
إلى المذهب الشيعي الجعفري ولكن بغلاف سياسي.
وحول مدة نجاح الحوثي في فرض التشيع على المجتمع اليمني، يقول المبارزي، إن ذلك
غير واقعي، لأن سيطرتهم هي سيطرة سطحية مجرد استلام مواقع ليضمنوا نفوذا لهم في
الدولة على غرار حزب الله في لبنان، وقد لاقى مقاومة أولية في المناطق التي ليس له
بيئة حاضنة، فكيف لو أراد أن ينشر مذهبه في تلك المناطق، فسيواجه مقاومة شرسة.
واختتم حديثه بقوله "أن تاريخ دولة الأئمة حتى ثوة
26 سبتمبر خير شاهد حيث سيطروا كحكم ولم ينتشروا كمذهب في هذه المناطق، وهذا ما
يلعبه الحوثي حالياً في تلك المناطق التي لا يوجد له بيئة حاضنة".
مخاطر على المذهب السني
من جهته يقول المحلل السياسي والخبير العسكري علي الذهب
"أن الحوثيون بدأوا يكشفون خفايا معتقداتهم التي كانت مثار تضارب في صحتها
بين اليمنيين لسنوات عديدة، وقد ظهرت بشكل كبير خلال العامين الماضيين، لكنها بلغت
ذروتها منذ نهاية العام 2013م، عن طريق الاحتفال العلني بالمناسبات التي تعزز ذلك
الاعتقاد".
وأعتبر الذهب، أن تلك الاحتفالات، تمثل "تطبيعاً
بالقوة"، بما يقوي انتشارهم وشيوع أفكارهم الدينية في المدن والأرياف، ومن
ذلك: الاحتفال الجماهيري بالمولد النبوي، وإحياء يوم الغدير (غدير خم)، وذكرى
عاشوراء (مقتل الحين بن علي) رضي الله عنهما".
وأوضح الذهب في حديثه لــ"البيان": "أن
تلك الفعاليات، تمثل خطراً على أتباع المذهب السني الذين قد يجرون بعاطفتهم
الساذجة إلى أبعد من تلك الممارسات مع مرور الزمن، لا سيما أن خبايا كثيرة للفرقة
الجاردوية التي ينتمي إليها الحوثيون لم يفصح عنها بعد".
وتابع حديثه "ما يجري، حتى الساعة، لا يبلغ درجة ما
يمارسه شيعة العراق وإيران وغيرهما، من خزعبلات لا تتفق مع العقل والفطرة
السليمة".
وفي رده على فرضية تحول الحوثيون من الزيدية إلى
الشيعية، قال الذهب "أن الزيدية في اليمن هي إحدى فرق الشيعة، لكنها أقرب إلى
مذهب أهل السنة، وأعني بذلك زيدية "زيد بن علي بن الحسين" رضي الله
عنهم، وليس زيدية الهادي يحيى بن الحسين بن القاسم الرسي، الذي جاء إلى اليمن عام
284ه، وأحدث فيها، هو ومن تبعه، ما أحدث- كما يقول المؤرخون- فلم يبق منها إلى
اسمه، وخالفوه في الفروع".
وأضاف الذهب "يجري الحديث أن بعض الفرق الإمامية
(الإسماعيلية والاثني عشرية) بدأت بجذب بعض الشباب إلى صفوفها، خاصة من ذوي الأسر
الفقيرة والمتدنية في الوعي والتعليم، ولا يستبعد أن ينساق الكثير وراء جماعة
الحوثيين (جاروديين) مع مرور الزمن، تحت غطاء حزبي يبدأ بالتأثير وينتهي بالانتماء
والواء، في ظل ما وصلت إليه هذه الجماعة من قوة، وما تتمتع به من فرض لإرادتها على
غيرها من القوى السياسية والاجتماعية، التي تعاني الكثير من الخذلان داخلياوخارجيا.
طقوس متشابهة
أما الباحث أحمد الجحيفي فقد ذهب إلى أن هناك تشابه إلى
حد كبير بين الطقوس والفعاليات الدينية التي تمارسها جماعة الحوثي، بالطقوس
والفعاليات الشيعية.
وأوضح الجيحفي في حديثه لــ"البيان": "أن
الحوثي يستغل هذه الفعاليات لجرجرة أتباعه من الزيدية الجارودية والهادوية وغيرهم
إلى المذهب الشيعي الاثني عشري الذي تموله دولة إيران، فهو يتخذ من هذه الفعاليات
جسور عبور إلى المذهب الإثني عشري".
وحول تحول الزيدية إلى الشيعية، أوضح الجحيفي، أن الأمر
غير مستبعد في ظل هيمنة الجماعة على المذهب الزيدي تحت شعار المسيرة القرآنية
والتي تهدف إلى تصدير الثورة الخمينية إلى اليمن سياسياً وعقائدياً كما أن ابتعاث
الشباب الزيدي إلى إيران بأعداد مخيفة من قبل جماعة الحوثي سيكون له دوراً كبيراً
في تحول الزيدية إلى الاثني عشرية.
وأشار الجيحفي إلى أن الحوثي قد ينجح في نشر التشيع في
المناطق الزيدية ويكون الأمر نسبياً في المناطق الشافعية، أما بالنسبة لفرض التشيع
بالقوة فهذا أمر مستبعد خصوصا وأن الحوثيين يحرصون على عدم الظهور بالصورة
الطائفية وخصوصاً في المناطق السنية، كما أن استخدام القوة قد تخلق حالة من
العداوة الطائفية بينه وبين المجتمع السني ينتج عنه صراعاً طائفياً ومناطقياً في
نفس الوقت وهذا ما يحاول الحوثيون تجنبه في الوقت الحالي.
وبشكل عام فإن الكثير من الشواهد تؤكد أن جماعة الحوثي
قد خرجت عن مذهبها الأول، ومنها إحياء ذكرى مقتل الحسين، واتخاذهم جبلاً في مدينة
صعدة، أطلقوا عليه اسم (معاوية) يخرجون إليه يوم كربلاء (عاشوراء) بالأسلحة
المتوسطة والخفيفة، ويطلقون ما لا يحصى من القذائف.
وفي تسعينات القرن الماضي، هرب الزعيم الروحي للحوثيين
بدر الدين الحوثي إلى إيران، وتم استقباله بشكل رسمي، وأصدر كتاباً بعنوان
"الزيدية في اليمن"، يشرح فيها أوجه التقارب بين الزيدية والاثني عشرية.