وفي اليوم التَّالي تـجَدَّدت الـمعركة، وأَخَذ ابْـن الـزُّبير كتيبةً خاصَّةً من الأَبطال الصَّناديد، وانْتَظَر حَتَّـى تَعِب الـرُّوم، ثُـمّ انْطَلَق كالبرْق يَـخْترق صفوف الـرُّوم حَتَّـى وَصَل إِلـى خَيْمَة جرجيوس، وضَرَبَه بسيفِه، وقَطَع رَأْسَه، فأَصا
حـمَل الـمسلمون على عواتقِهم راية التَّوحيد لإِنقاذ العباد من عبادة العبيد لعبادة ربّ العبيد؛ فبذلوا في ذلك الأَرواح والأَموال، وفارقوا الأَهْل والأَوطان، وخاضوا حروبًا كثيرةً في مشارق الأَرض ومغاربها، وقدَّموا قوافل الشَّهداء تباعًا من أَجْل نَشْر كلمة الـحقّ، ومن أَجل اسْتعادة الأَرْض من غاصبيها، ومن تلك الحروب الَّـتي خاضوها كانت حروب إِفريقيّة، وقد بدأ ذلك مِنْذ زمن الـخليفة مُعاوية -رضِي الله عنه- الَّـذي وجَّه القائد عُقْبَة في جيشٍ عظيمٍ إِلى إِفريقيَّة غازيًا، فلمّا فتَح الله عليه، اخْتَـطَّ مدينة القيروان، وبعد أَنْ تـمَّ البناء دار حول القيروان، وراح يَدْعو لـها، ويقول[1]:
«اللهمّ امْلأْها علمًا وفقهًا، واعْمرْها بالـمطيعين والعابدين، واجعلْها عِـزًّا لدينك، وذلًّا على من كفَر، وأَعـزّ بـها الإِسْلام، وامْنعْها من جبابرة الأَرْضِ».
وتتابعَت البعوث في زمن الخليفة عثمان بْن عفّان -رضِي الله عنه- منذ السَّنة الخامسة والعشرين من الـهِجْرة، وفي السَّنة السَّابعة والعشرين جَرَت الـمعركة الفاصلة الَّـتي قُتِلَ فيه البطريق جرجير الَّذي كان أَميرًا على إِفريقيَّة، وانْتهت تلك الـمعركة بانْتصار الـمسلمين انتصارًا ساحقًا، وخلَّفوا جيش جرجير ما بين قتيلٍ وجريحٍ وأَسيرٍ، وقد جَرَت هذه الـمعركة بين الـمسلمين وجيش جرجير في منطقة تُسَمَّى: (سُبَـيْطلة)، وهي مدينة مُسوَّرة على بُعْد سبعين ميلًا من القيروان.
وفي أَخبار هذه الـمعركة الرَّهيبة أَشار الـمُسْلمون على القائد ابْن أَبي السَّرْح أَن يكون خَلْف الصُّفوف، وسبب ذلك أَنّ الرُّوم لـمَّا طال عليهم القتال، فإِنّ جرجيوس أَعْلن مكافأةً قَدْرُها مائة أَلْف دينار من الذَّهَب لمن يَأْتـي له برَأْس ابْـن أَبي السَّرْح، وفي هذه الأَثناء كان «عُثْمان بْن عَفَّان» قد بَعَث مدَدًا بقيادة: «عبدالله بْن الزُّبيرِ»، فلمّا وَصَل وَجَدَ: «ابْـن أَبـي السَّرْح» خلْف الـجيش، فلامَه على ذلك؛ لأَنّ القائد يَتَقَدَّم الصُّفوف، ولا يَتَأَخَّـر، فقال له: «ابْـن أَبـي السَّرْح»: وماذا ترى يا ابْـن الـزُّبيرِ؟ فقالَ: أَرَى أَنْ تَرِد عليه حِيْلَتَه برَصْد جائزة لـمن يـأْتـي برَأْس جرجيوس، فقال ابْـن أَبـي السَّرْح: نِعْم الـرَّأْي، يا ابْـن الـزُّبير، فهل لك بـهذه الـمهمَّة تـأْتيني برَأْس جرجيوس؟ فقال له عبد الله بْـن الـزُّبير: نعم.
وفي اليوم التَّالي تـجَدَّدت الـمعركة، وأَخَذ ابْـن الـزُّبير كتيبةً خاصَّةً من الأَبطال الصَّناديد، وانْتَظَر حَتَّـى تَعِب الـرُّوم، ثُـمّ انْطَلَق كالبرْق يَـخْترق صفوف الـرُّوم حَتَّـى وَصَل إِلـى خَيْمَة جرجيوس، وضَرَبَه بسيفِه، وقَطَع رَأْسَه، فأَصاب الـرُّوم ذهولٌ ورُعْبٌ، ثُـمّ هَجَم جيش الـمسْلمين على الـرُّوم، فشَتَّـتـوا شَـمْلَـهم، وأَثْخنوا فيهم قتْلًا وأَسْرًا، وانْتصروا عليهم انْتصارًا ساحقًا، وقد ساق هذه القِصَّة ابْـن الـجوزيّ، فقال[2]:
«حدَّثنا الزُّبير بْن بكَّار قَالَ: حَدَّثني عَمِّي مُصْعَب بْن عَبْد اللَّه؛ قَالَ: غَزَا عَبْد اللَّه بْن الزُّبَيْر إفْرِيقِيَّة مَع عَبْد اللَّه بْن سَعْد بْن أَبِي السَّرْح، فَحَدَّثَنِي الزُّبَيْر بن حبيبٍ قال: قال عَبْد الله بْـن الزُّبَيْـر: هَجَم عَلَيْنَا جُرْجِير فِي عَسْكَرِنَا فِي مِائَةٍ وَعِشْرِين أَلْفًا، فَاخْتَلَطُوا بِنَا فِي كُلّ مَكَان، وَسقط فِي أَيْدِي الـمُسْلِمِين، وَنَـحْن فِي عِشْرِين أَلْفًا مِن الْمُسْلِمِين، وَاخْتَلَفَ -جاؤوا إِليه- النَّاس عَلَى ابْن أَبِي السَّرْح، فَدَخَل فُسْطَاطًا لَه، فَخَلا فِيه، وَرَأَيْت غُرَّةً مِنْ جُرْجِير، بَصُرْت بِه خَلْف عَسَاكِرِه عَلَى بِرْذَوْن أَشْهَب، مَعَه جَارِيَتَان تُظِلَّان عَلَيْه بِرِيش الطَّوَاوِيس، بَيْنَه وَبَيْن جُنْدِه أَرْضٌ بَيْضَاء لَيْس فِيهَا أَحَدٌ، فَخَرَجْت أَطْلُب ابْن أَبِي سَرْح، فَقِيلَ: قَدْ خَلا فِي فُسْطَاطِه، فَأَتَيْت حَاجِبَه، فَأَبَـى أَنْ يَأْذَن لِي عَلَيْه، فَدُرْت مِنْ كَسْر الفُسْطَاط، فَدَخَلْت عَلَيْه فَوَجَدْتُه مُسْتَلْقِيًا عَلَى ظَهْرِه، فَلَمَّا دَخَلْتُ فَزع واسْتَوى جالسًا، فقالَ: ما أَدْخَلَك عليَّ يا ابْن الزُّبَيْرِ؟ قُلْتُ: إِنِّـي رَأَيْت عَوْرَةً مِن العَدُو فَاخْرُجْ فَانْدُبْ لِـي النَّاسَ. قَالَ: وَمَا هِيَ؟ فأَخْبَـرْتُه، فَخَرَج معي سريعًا، فقالَ: يا أَيُّها النَّاس، انْتَدِبُوا مَع ابْن الزُّبير، فَاخْتَرْتُ ثَلاثِين فَارِسًا، وَقُلْت لسائرهم: اثْبُتُوا عَلَى مَصَافِّكُمْ.
وَحَـمَلْتُ فِـي الـوَجْه الَّذِي رَأَيْت فِيه جُرْجِير، وَقُلْت لأَصْحابـي: احْـموا لـي ظَهْري، فو الله مَا نَشِبْت أَنْ خَرَقْت الصَّف إِلَيْه، فَخَرَجْت صَامِدًا لَه، وَمَا يَـحْسِب هَؤُلاء أَصْحَابُه إِلا أَنِّـي رَسُولٌ إِلَيْه حَتَّـى دَنَوْت مِنْه، فَعَرَف الشَّر، فَثَنَى بِرْذَوْنَه مُوَلِّــيًا، فَأَدْرَكْتُه فَطَعَنْتُه، فَسَقَط وَسَقَطَت الـجَارِيَتَان عَلَيْه، وَأَهْـوَيْت إِلَيْه مُبَادِرًا، فَدَفَقْت عَلَيْه بِالسَّيْف، وَأَصَبْت يَد إِحْدَى الـجَارِيَتَيْن فَقَطَعْتُهَا، ثُـمّ احْتـززْت رأْسَه، فنَصَبْتُـه فـي رُمْـحي، وَكَـبَّـرْت، وَحَـمَل الـمُسْلِمُون فِي الـوَجْه الَّذِي كُنْت فِيه، واضطرب الـعَدُوّ فِي كُل وَجْهٍ، وَمَنَح اللَّه الـمُسْلِمِين أَكْتَافَهُمْ.
فَلَمَّا أَرَاد ابْـن أَبِي سَرْحٍ أَنْ يُوَجِّه بَشِيرًا إِلَـى عُثْمَان قَالَ: أَنْت أَوْلَـى من ها هنا بِذَلِكَ.
فَانْطَلِقْ إِلَـى أَمِير الـمُؤْمِنيِن، فَقَدِمْت عَلَى عُثْمَان فَأَخْبَرْتُه بِفَتْح اللَّه وَنَصْرِه، وَوَصَفْت لَه أَمْرَنَا كَيْف كَان، فَلَمَّا فَرَغْت مِنْ ذَلِك قَالَ: هَلْ تَسْتَطِيع أَنْ تُؤَدِّي هَذَا إِلَى النَّاسِ؟ قُلْتُ: وَمَا يَـمْنَعُنِـي مِنْ ذَلِكَ؟ قَالَ: فَاخْرُجْ إِلَـى النَّاس فَأَخْبِرْهُمْ، فَخَرَجْت حَتَّى جِئْت الـمِنْبَر، فَاسْتَقْبَلْتُ النَّاس، فَتَلَقَّـانِـي وَجْه أَبِـي الـزُّبَيْر بْن الـعَوَّام، فَدَخَلَتْنِي مِنْه هَيْبَةٌ، فَعَرَفَهَا أَبِـي فيَّ، فَقَبَض قَبْضَةً من حَصًا، وَجَـمَع وَجْهَه فِـي وَجْهِي، وَهَمَّ أَنْ يَـحْصِبَنِي، فَاعْتَزَمْتُ فَتَكَلَّمْتُ، فَزَعَمُوا أَن الـزُّبَيْر قَالَ: وَاللَّه لَكَأَنِّـي سَـمِعْت كَلام أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيق: «مَنْ أَرَاد أَنْ يَتَزَوَّج امْرَأَةً فَلْيَنْظُرْ إِلَـى أَبِيهَا وَأَخِيهَا، فَإِنَّـمَا تَأْتِيه بِأَحَدِهِمَا».
وذكر أَبو بكرٍ الـمالكيّ أَنّ ابْنة الـملَك كانت تتيه عُجبًا ودلالًا على أَبيها، وطَلَبَتْ منه قَبْل الـمَعْركة أَنْ يَنْحلَها -يُعْطيها- العَرَب لتَفْعل بـهم ما تريد، فوعدَها أَبوها أَنْ يكون لـها ما أَرادت، فلمَّا بلغ ابن الزُّبير ما كان من أَمْرِها مع أَبيها كتم ذلك في صَدْرِه، فلمَّا انْتهت الـمعركة بقَتْل أَبيها، وتفريق شَمْلِه، وقَتْل جُنْدِه، كانت ابْنة جرجيرٍ من نصيب ابْن الزُّبير، فأَخَذَها سَبيَّةً، ثُـمّ حَـملَها معَه في طريق عودتِه، وكان يَـرْتـجـز موجِّهًا رَجَزَه إِليها[3]:
«ابْـنَــة جِــرْجِــيْـرٍ تَــلَقِّي نِـحْلــتَكْ
لَـقِيْت بالـنِّــحْلة ثُــكْــلًا أَبَّــتَــكْ
لـتــاْخذنّ فــي الطَّــريـق عُـقْـبَتَكْ
لتَسْقينّ مــن قُــبـاءٍ قُرْبَــتَــكْ
شرّ عـجوزٍ بالــحجـاز رَبَّــتَــكْ».
وقد قُلْت في ذلك شِعْرًا:
مَــن لـي بِرَأْسٍ يُساوي وَزْنه ذَهَـبًا؟
مَــن لـي بِـرَأْسٍ يُساوي وَزْنَــه ذَهَـبــا
قد أَرْعَب الجيش واجْتاح الـحِمى وسَبَـى
قد راح يُثْخِن فـيـنـا مَـقْـتَـلًا ومَضى
يَـحْتَزّ مِـنَّـا رُؤُوْسًا أَيْـنَـما ضَـرَبـا
جِرْجِـيْـر يَــرْصُــد آلافًا مُـؤَلَّفَــةً
تُــعْــطَـى لـمَن يَــقْــتُـل السَّـرْحِــي مُـرْتَـغِــبا
يَنَــال فَـوق الــعَــطـايا سِيْـرةً حَسُنَتْ
ويَـحْصُــد الأَجْــر والأَلقــاب والــرُّتَــبــا
تكون زَوْجًا لـه بِــنْــتــي وأَمْنـحُــه
خــيــر الــجواهـر والأَوراق والــذَّهـبــا
تـلْــك الـكــرامة لا يَـحْظَـى بــها بَشَرٌ
إِلَّا لِــمَن نُصْرةً يَوم الــوغَى وَثَــبـا
ومِثْــلَــهَـا رَصَـد السَّرْحِيّ تَـكْرُمَـةً
لِـرَأْس ذَاك الشَّـقِـيّ الـمُـنْـتَـشِـي عَـجَــبـا
وزاد مَـن قَـتَــل الـرُّوميّ نافــلـةً
إِهْـداءَه بِـنْت ذاك الــعِــلْــج والسَّـلَـبا
مَن لي بَــرَأْس جِــرِجْــيُـوْس إِذا احْـتَـدَمَــتْ
سَاح الوَطِــيْس وهَــاج الـهَــرْج وانْــتَـشَـبـا
فـهَـبّ مِـن بَــيْنِـهـم لَــيْــث الفِدى بَطَــلٌ
ابْــن الــزُّبيـر الَّــذي بـالــعُـرْوة اعْــتَــصَــبا
أَنــا له يا ابْن سَرْحٍ فــاعْـطِــنـي فِئةً
من الـصَّـنــادِيْـد تَسْعى للـعُــلا طَلَبا
تــرْجــو الشَّهـادة لا تَـلْـوي أَعِـنَّــتَــها
إِلَّا بــنَـصْـرٍ عــزيـزٍ يَــبْلَـغ الأَرَبـا
جيشٌ من الــصِّـيْــد فُرْسان الوَغَى نُـجُـب
قـد عــانـقُـوا الــمـوت حَـتَّـى مَـلّ واحْـتَـجَـبا
فاتْرُكْ إِليَّ قِياد الأَمْـر إِنْ حَـمِـيَتْ
نــار الــوَطِـيْس وطــاب الــمَوت والْــتَــهَــبَـا
فإِنْ رَأَيْـت جُموع الــرُّوْم قـد فَـتَرَت
وزادَهــا الــيَــأْس من طُــول الأَذَى تَـعَـبَا
فــعْــنْد ذَلـك دَعْــنِــي كـي أُباغِـتَـهُــمْ
بـفِـتْــيَــةٍ تَـبتَغــي للـجَــنَّـة السَّببــا
بـحَمْلةٍ لــم يَرَوا يومًا لَها مَــثَـلًا
تُـذْكِـي الـحِـراب وتُــغْري الـحَرْب والـحَرَبــا
سَلّ الـحُسام وأَلْقَى خَـلْــفَـه مُــتَعـًا
مـن الـحــيـاة ولَــبَّى الله واحْـتَسَبـا
شَقّ الصُّفُــوف شِهــابا يَــلْـتَــظِي غَـضَـبا
وأَغْـمَد السَّيْـف فـي الأَوْداج واجْــتَــذبـا
وانْــقَـضّ كــالــصَّقْـر يَسْتـقْصِي طَـرِيْــدَتَه
يُـجَــنْــدل الـجُــنْــد وضَّـاح الـرُّؤى غَضَبــا
فــانْــهار جِــرْجِـيْس مِـن هَـوْل الــرَّدَى وهَوى
لَـمَّــا رَأَى ابْـن الـزُّبَـيْــر الـمُـشْتري اقْـتَــرَبـا
أَتاه مُـمْتـلِئًا عَزْمًا ومَكْــرُمَـةً
مُزَمْـجِــرًا يَهَص الأَوْتـاد والــطُّنُــبـا
وانــهـال كــالـبَــرْق للأَعْداء مُـخْـتـرِقًا
وراح يَـحْــتَــصِـد الأَعْـناق والـلَّـبَـبا
فشَقَّ بــالسَّيْــف دَرْبًا بَـيْــنَـهُـمْ ومَـضَـى
يَسْمُـو إِلـى الــهَدَف الـمَنْشُود مُـخْـتـضِـبــا
فما تــوانَوا ولا خارت عـزائِـمُهـمْ
حَـتَّى اسْتبـاحوا الحِمَى واسْتَـأْصَلوا الوَصَـبـا
وجِـرْجُــيـوْس لـقـد خارَت فرائِصُه
وفَرَّ يَـرْجُو نـجاة الـنَّـفْس والـهَــرَبــا
وراح يُـعْـوِل مَـخْذولًا ومــا وَجَـدَتْ
تِــلْــك الـجُـمُــوع لـه جُــحْــرًا ولا سَــرَبا
وأَيْـن يَـهْــرُب من لَــيْث الــعَريْن وقــد
أَتاه يَــزْأَر بالآســاد وانْـتَسبا
ابْن الزُّبَـيْــر الَّذي تَـعْــنُـو لــوَقْـعَـتِــه
كُـلّ الــرُّؤُوْس وتُـغْـضِـي عِــنْــدَه أَدَبـا
قد سَلّ سَيْـفًا لــوَجْه الله مُـبْــتَـغِيًا
بـضَرْبَــةٍ حَـصَـدَتْ رَأْسًا غَوَى ونبـا
جَـيْـش الـصَّـلِــيْــب تَعَــدَّى حَصْـرُه مِئَتِــي
أَلْـفٍ وسَاق عِتاد الـمَـوْت واجْـتـَلَـبـا
أَمَّـا الــثَّلاثُون أَلْــفًا يا لـهـا فِـئَةً
بــالـحَــقّ قـد غَــلَـبَـتْ أَضْـعافَـهـا عَجَـبـا
بـمِـثْـل ابْـن الزُّبَـيْــر الأُمَّـة انْـتَـصَـرَتْ
وحَـضَّـرَتْ أُمـمًا قد أُفْسِدَت حِـقَــبا
ثِــنْــتـان مِـن بَــعْــد عِشْرِين على عُـنُقِـي
يَـفْـنِـين إِرْثِــي ولا يُـبْــقِــين لـي نَـسَـبــا
هذي السَّكاكـين في أَرْض الـهُــدى شُحِذَتْ
لكـلّ مَـن عــانــق الأَمْــجـاد وانْـتَـهَـبــا
يَــقِــفْـن فـي الـحَــلْــق والأَوْداج فـاغِــرَةً
أَفْواهَهـنّ لـمـن لَــبَّــى الـهُــدَى وَحَــبــا
هـذي الــثَّـآلِيل فـي أَجْساد أُمَّــتِنــا
تُــوَرِّث الـجَــهْل والإِذلال والـلَّـغَـبا
كأَنَّـها شَجَـر الزَّقُّـوم قــد نَبَتَتْ
وطَــلْعُها مـن شَياطِين الـجحيم رَبا
وهـذه غَـزَّة الإِسلام ما وَجَـدَتْ
مـن دِيْـنها ناصرًا يَـومًا ولا عَرَبا
[1] رياض النّفوس في طبقات علماء القيروان وإِفريقية وزهّادهم ونسّاكهم وسير من أَخبارهم وفضائلهم وأَوصافهم -أَبو بكر المالكيّ -ت: بشير البكوش ومحمد العروسي المطوي -دار الغرب الإسلاميّ، -لبنان: بيروت -ط: 2/ -/١٤١٤هـ - ١٩٩٤م/ -/ج: 1/ -/ص: 10/.
[2] الـمُنْتظم فـي تاريخ الـمُلوك والأُمَم -ابن الـجوزيّ -/ت: ٥٩٧هـ/ -ت: محمّد عبد القادر عطا ومصطفى عبد القادر عطا -دار الكتب العلميّة -لبنان: بيروت -/ط: 1/ - /سنة: ١٤١٢هـ - ١٩٩٢م/ -/ج: 4/ -/ص: ٣٤٤ – 345/.
[3] رياض النّفوس في طبقات علماء القيروان وإِفريقية وزهّادهم ونسّاكهم وسير من أَخبارهم وفضائلهم وأَوصافهم -أَبو بكر المالكيّ -ت: بشير البكوش ومحمد العروسي المطوي -دار الغرب الإسلاميّ، -لبنان: بيروت -ط: 2/ -/١٤١٤هـ -١٩٩٤م/ -/ج: 1/ -/ص: ٢2/.