سؤال السيادة.. والإجابات المتعثِّرة
عرضنا في مقالة: (سؤال
السيادة في الفكر الإسلامي المعاصر) لاتجاهات الفكر الإسلامي المعاصر في الجواب عن سؤال السيادة،
وتبيّن من خلالها أن ثم رؤية واضحة في إجابة هذا السؤال لدى عامة الباحثين في
الفكر الإسلامي المعاصر، مضمون هذا الجواب أن (السيادة
للشرع والسلطان للأمة)، فسيادة الأمة سيادة تنفيذ لأحكام الشريعة ولها صلاحية اختيار
من يحكمها ومراقبته، ولا يجوز اغتصاب هذا الحق منها بلا رضا ومشورة منها، وهو معنى
تتفق عليه جميع الاتجاهات وإن اختلفت في اختيار الصياغة المناسبة.
هذا الوضوح لدى عامة الباحثين يقابله
حالة من التناقض والارتباك أحدثه (سؤال السيادة) مع عددٍ من الإسلاميين لم يتمكنوا
من الجزم بوضوح بأن سيادة الأمة لا يمكن أن تتجاوز سيادة الشريعة، وأن صلاحيات
الأمة مفتوحة الفضاء ما لم تخالف الشريعة، بل جعلوا لهذه السيادة مشروعية وقبولاً
ولو رفضت الشريعة وتجاوزتها.
فيقرّر أحدهم
أن الشريعة ليست قيداً على السيادة، وإنما هي محل للسيادة!
فـ (لا تمثل الشريعة الإسلامية قيداً
على سيادة الأمة، وإنما هي محل لإعمال هذه السيادة أفاء بها الله لمخلوقاته،
فسيادة الأمة مطلقة مستنيرة لا قيود عليها)[1].
وشرعية
القوانين إنما تحدّد بحسب قناعات الناس لا بحسب اعتبار الشريعة لها:
فـ (شرعية الأحكام والقوانين لا تتوقف
على اعتقاد فئة من الناس اتفاقها مع مبادئ الحق أو مخالفتها له، بل تتوقف على قدرة
هذه الفئة على إقناع الجمهور بمصداقية رأيها وفاعلية اجتهادها)[2].
فالأمر
بالمعروف بالإلزام يكون بحسب ما هو معروف ومتّبع لدى الأمة، وليس بحسب ما هو معروف
في الشريعة:
(الائتمار بين الناس ينحصر فقط فيما
أصبح معروفاً بينهم عرفاً متّبعاً عندهم، أما ما خرج عن العرف من الحق والخير
فتتحدّد مسؤولية الأمة في الدعوة إليه وتبليغه إلى الناس بالحكمة والموعظة الحسنة)[3].
ولأن
المشروعية بيد الأمة بشكل مطلق فلا تفرض الشريعة إلا عبر إرادة الأكثرية:
فـ (لا يحق لأي أقلية إسلامية في
مجتمع ما أن تطالب بتطبيق الشريعة وفرضها على الناس بقوة الحديد، بل يلزمها العمل
لجعل مبادئ الإسلام وقيمه عرفاً مقبولاً بين الناس)[4].
حتى إن كان
الحكم شرعياً مقطوعاً به:
(فإن إيمان المؤمن بوجوب أمر ديني
عليه لا يعطيه الحق بفرضه على الآخرين، فهو مكلف به ديناً، وذلك لا يكفي لجعله
قانوناً عاماً في المجتمع، بل عليه أن يحاول إقناع الآخرين به حتى يتبناه المجتمع
بالطرق الديمقراطية)[5].
فلا نقول إن
الشريعة قيد على سلطة الأمة، بل إن الأمة لها مطلق التشريع وهي لن تخالف الشريعة!
(لا حرج علينا لو قلنا إن الإسلام
ديمقراطي وإن الشعب المسلم هو مصدر السلطات جميعاً وهو يغير القوانين ويسنها حسب
ما يوحي إليه عقله، وكل ما لم يسوغه عقله يضرب به عرض الحائط ويخرجه من الدستور
إخراجاً؛ لأن العقل المسلم لا يمكن أن يحيد عن شرع الله، ومن حاد عقله عن ذلك فهو
ليس بمسلم وليس بداخل في الشعب)[6].
فالحكم
بالشريعة هو من حكم الشعب لأنها دين الشعب!
(إن الحكم الذي يكون قولاً وفعلاً
متجسد العدل هو حكم الشعب، والشرع الذي يكون قولاً وفعلاً شرع العدل هو شرع الشعب،
وتتجلى سيادة الشعب أول ما تتجلى في حقه في اختيار نظام حكمه، وحقه في التشريع
لهذا النظام، وحقه في اختيار حكامه، وحقه في المشاركة في الحكم)[7].
(فهي التي تؤمن بأن ما يصدر عن الله
هو الحق وما هو عن غير الله فبالشورى التي هي الحق أيضاً)[8].
فالمشروعية
في النهاية بيد الأكثرية، سواءً اختارت الشريعة أو غير الشريعة:
(فإن اختارت الأمة منظومة القيم
والمبادئ الإسلامية مرجعية عليا وإطاراً للتشريع والقوانين، فلا يحق لأحد أن يفتئت
عليها أو يفرض ما يناقض ويعارض مرجعيتها الدستورية، وإن اختارت تعطيل الشريعة
فسيكون الموقف إعلان الإنكار والاعتراض الواضح لهذا الاختيار، مع القبول والإقرار
السياسي به نتيجة للمسار التعاقدي الدائم)[9].
حقيقة الخلاف
مع هذا الاتجاه:
إن كان الفكر الإسلامي قد شاعت فيه
مقولات (السيادة لله، السيادة للأمة، السيادة المزدوجة)، فهذه الاتجاهات لا تختلف
في المضمون، أما الخلاف هنا فهو خلاف حقيقي، فالإشكال هنا ليس في الصياغة ولا في
تحديد مفهوم السيادة، إنما الخلاف هنا في الموقف من حاكمية الشريعة، فهي هنا تابعة
لإرادة الأكثرية حتى تكون منسجمة مع مفهومها في الفكر السياسي الغربي.
ولا يغب عن بالك أن الخلاف في كل ما
سبق ليس في موقفٍ من حزب إسلامي أو شخصية إسلامية أو قضية اجتهادية، الحديث عن أصل
الحكم بالشريعة بقطعياتها المجمع عليها.
وحين تجعل سيادة الشريعة تابعة لسيادة
الأكثرية فعدا ما فيه من إشكالات - سنتحدث عنها بعد قليل - فإن الشريعة نفسها
ستكون محكومة بما لا يخالف المفاهيم المعاصرة التي جاءت بهذه السيادة.
وهو معنى ظاهر، يقول د. رضوان السيد:
(إصرار الإسلاميين على مرجعية الشريعة وليس الشعب له دلالته، فهناك أحكام قطعية في
الشريعة في مسائل الحدود والقصاص والحقوق والواجبات لفئات المواطنين تعتبرها نخب
اجتماعية وثقافية واسعة منافية لحقوق الإنسان وضرورات المساواة بين المواطنين، وهي
كذلك بمقاييس العصر التي تسود العالم اليوم)[10].
ولهذا ذهب أحد الباحثين إلى أن:
(الإمبراطورية الإسلامية – شأنها شأن كل إمبراطورية - لم تتأسّس على عقد اجتماعي
يسوي بين مواطنيها، وما كان فيها من تسامح ديني وسياسي - يستحق الفخر والإشادة في
سياقه التاريخي - ليس قريباً مما نطمح إليه من تحقيق مفهوم المواطنة المعاصر)[11].
فالنظام السياسي الإسلامي يجب أن
(يعدل) وفق المواصفات الشائعة في الثقافة الغربية.
لأن بناء الدولة الإسلامية الذي كان
قائماً (على قانون الفتح وأخوة العقيدة كما كان حال الإمبراطورية الإسلامية، لم
يعد مناسباً أخلاقياً ولا ممكناً عملياً، فالدول المعاصرة لا تتأسّس على الاشتراك
في الدين أو العرق، بل على أساس الجغرافيا)[12].
(وليس يعني هذا أن العلمانية الغربية
هي الحل لعقدنا السياسية الحالية، الحل هو الدولة المدنية ذات المرجعية الإسلامية)[13].
فحين تنزع عن الدولة رابطتها، وتجعل
لها رابطة عقدية جديدة تتغير بسببها الأحكام الشرعية، فأي فرق بين (الدولة
العلمانية) وهذه الدولة ذات المرجعية الإسلامية!
ظاهرة
(التلفيق) بين المفهوم الإسلامي والغربي:
هذه الآراء المتعثرة تتفاوت فيما
بينها، لكنها تنطلق من إشكالية موحدة، هي ظاهرة التلفيق بين المفهوم الإسلامي
والغربي، فهي تريد تحقيق سيادة الأمة بمفهومها الغربي، وتريد في الوقت نفسه أن لا
تتعارض مع الشريعة، وهذا التلفيق لا يمكن أن يستقيم إلا عبر الوقوع في عدد من
المحاذير الشرعية.
وليس هذا جديداً على الفكر الإسلامي،
ففي ذاكرته عدد من النماذج التلفيقية وقعت في أوقات متباعدة وفي أبوابٍ مختلفة،
إلا أن دافعها المحرك لها ثابت لم يتغير.
أصول التلفيق
في مفهوم السيادة:
هنا عدد من الأصول التي تستند إليها
فكرة التلفيق لتقريب مفهوم السيادة الغربي وتخريجه في صورةٍ يتوهم أنها لا تعارض
الإسلام:
الأصل
الأول:
أن حكم الشريعة إنما يكون من خلال تصويت الأكثرية، لأن أي حكم بخلاف ذلك فهو
إكراه، والله تعالى يقول {لا إكْرَاهَ فِي الدِّينِ}.
الأصل
الثاني: أن المشروعية الدينية لا تستلزم المشروعية السياسية، فالسيادة
للشريعة ديناً لا يجعلها مشروعة سياسياً، فالمشروعية السياسية تستند إلى رأي
الأكثرية.
الأصل
الثالث:
أن سيادة الأمة هي الطريق الأمثل لحكم الشريعة في عصرنا الحاضر، وليس بيد الناس
استطاعة شرعية لتطبيقها من دون هذا الطريق.
الأصل
الرابع: أن سيادة الشريعة لا تطبق إلا عبر الناس أنفسهم، فإن لم تجعل
السيادة بيد الناس فستجعلها بيد المتغلب، وكونها بيد الناس أضمن، كما أنهم هم
المكلفون بتطبيق الشريعة.
وعامة ما يقال في هذا السياق لا يخرج
عن هذه الأصول الأربعة.
مناقشة
الأصل التلفيقي الأول:
يقول هذا الأصل أنه لا بد من رضا
الأكثرية وإلا كان إكراهاً.
وهذا التلفيق
يخالف المنهج الإسلامي في أساسين:
الأساس الأول: أن تسمية حكم الإسلام هنا (إكراهاً)
هي تسمية منطلقة بحسب الرؤية الديمقراطية، وليست بحسب الرؤية الإسلامية، فالاختيار
حسب المفهوم الديمقراطي الليبرالي يتحدد من خلال التصويت الانتخابي، وأي حرمان منه
فهو إكراه، وأما الاختيار في التصور الإسلامي فهو تابع للإسلام، فالمسلم حين يدخل
في الإسلام فقد اختار أن يحكم بالإسلام، فليس هناك درجة أخرى من الاختيار {وَمَا كَانَ لِـمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إذَا قَضَى
اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْـخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ}
[الأحزاب: 36]، {وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ
وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِّنْهُم مِّنْ بَعْدِ
ذَلِكَ وَمَا أُوْلَئِكَ بِالْـمُؤْمِنِينَ} [النور: 47]، فالرضا بحكم
الإسلام هو من لوازم إيمان المسلم، فكما أن المسلم لا يختار بعد إسلامه أن يصلي أو
يصوم أو يبر والديه، فكذلك لا يختار حكم الإسلام.
إذن، فحين تحكم المسلمين بالإسلام
فهذا من اختيارهم، وليس فيه أي إكراه، فالاختيار يعرف بدخولهم في الإسلام، وليس
بإجراء انتخابي معين، فقبل أن نستدل بآية الإكراه يجب أن نستوعب أن هذا الإكراه هو
(إكراه ديمقراطي ليبرالي)، وليس هو (الإكراه الشرعي).
الأساس الثاني: أن تحكيم الإسلام وخضوع الناس لحكمه
وقوانينه ليس من الإكراه في شيء، ولا علاقة له بقوله تعالى {لا إكْرَاهَ فِي الدِّينِ}، فجعل هذه الآية ذريعة
لتعطيل الشريعة غلط وفهم منحرف عنها، ويظهر هذا من وجوه:
1 - أن علماء التفسير قد اختلفوا في
تفسير هذه الآية إلى ما يزيد على ستة أقوال ليس فيها أي إشارة إلى أنها تشمل
المسلمين، بل كل الأقوال ترجع إلى الكفار بعدم إكراههم على ترك دينهم والدخول في
الإسلام قسراً أو التعرض لهم إن دفعوا الجزية، ولم يقل أحد بتاتاً إنها تشمل
المسلمين[14].
2 - أن تحكيم الشريعة ليس من الإكراه
في الدين، فهو خضوع لقوانينها وأحكامها، وليس فيه إكراه أحد على مخالفة دينه.
وعلى افتراض أن ذلك إكراه، فالعموم في
الآية (عموم في نفي إكراه الباطل، فأما الإكراه بالحق فإنه من الدين، وهل يقتل
الكافر إلا على الدين)[15].
3 - أن أحكام الإسلام كانت تطبق في
الدولة الإسلامية في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين، تطبق على
المسلم والكافر، وما كان يؤخذ آراء الناس لمعرفة رضاهم أو سخطهم، بل إن الفتوحات
الإسلامية أخضعت بلداناً كثيرة ولم تخيرهم في حكم الإسلام وهم غير مسلمين، فكيف
تخير المسلمين في حكمهم بالإسلام؟
4 - والقول بأن تحكيم الشريعة من
الإكراه في الدين يلزم منه نفي وجود أي إكراه في الدين، منافٍ لحقيقة الإسلام،
ففيه واجبات ومحرمات وحدود وعقوبات، فلازم هذا القول أن يجعل الإسلام رسالة روحية
محضة ليس فيها أي إلزام سياسي – كما هي الرؤية العلمانية -، وأما القول بأن
الإسلام فيه إلزامات مع القول بعموم (لا إكراه في الدين) لكل إكراه، فظاهر
التناقض!
لهذا؛ لا تجد هذا الفهم عند أحدٍ من
المتقدمين، فتفسيرهم للآية ينسجم مع فهمهم لأصول الشريعة وقطعياتها، فلا يمكن أن
يقول بأن الآية مطلقة العموم في كل إكراه، لأن هذا ينقض أحكام الإسلام بوضوح، لهذا
(لم يختلف أحد من الأمة كلها في أن هذه الآية ليست على ظاهرها، لأن الأمة مجمعة
على إكراه المرتد على دينه)[16].
5 - لا إشكال لدى أصحاب هذه الدعوى من
تطبيق الشريعة إن جاءت بتصويت الأكثرية، إذن كيف تكره الأقلية على ذلك ما دام أنه
لا إكراه في الدين حسب تصوركم؟ ثم لو أراد بعض من صوت مع الأكثرية أن يتراجع فهل
يكره على الدين لمجرد أنه شارك في التصويت؟
فإذا كان تحكيم الشريعة إكراهاً، فلا
يجوز تطبيقه على الأقلية ولو أرادت الأكثرية، فعجيب أمر هذا التطبيق، يكون إكراهاً
ثم يزول الإكراه بمجرد تصويت الأكثرية! وكأن الآية تقول
{لا إكْرَاهَ فِي الدِّينِ} إلا إن اختارت الأكثرية فأكرهوا الأقلية عليه!
والظريف – والمؤسف - أن الأكثرية هذه
متعلقة بنسبة غير محددة، فيمكن أن تكون 70% أو 60% أو أقل أو أكثر، فأي جرأة على
الله فوق أن تحدد نسبة معينة تقول هي التي أعرف من خلالها أن هذا إكراه داخل في
مراد الله في قوله تعالى {لا إكْرَاهَ فِي الدِّينِ}.
فقاعدة (لا إكراه في الدين) أرادوا
بها أن تكون (عذراً) في ترك تطبيق الشريعة إن رفضت الأكثرية، وهي في الحقيقة تلغي
تطبيق الشريعة بالكلية ولو أرادت الأكثرية!
أرأيتم كيف
ظهرت إشكالية التلفيق؟
يريد يحكم بالشريعة، ويريد حكم
الأكثرية، فيأتي بمفهوم (لا إكراه في الدين) فيتورط معه لأنه يؤدي به إلى تعطيل
الشريعة وعدم الحكم بها أبداً!
ويجعل (لا إكراه في الدين) عاماً يشمل
الحكم بالشريعة فيتورط لأنه يؤدي لإلغاء كل الإلزامات في الشريعة حتى تكون رسالة
روحية علمانية!
مناقشة
الأصل التلفيقي الثاني:
يقول هذا الأصل: إن سيادة الشريعة
جانب ديني، وحتى يحمل صفة (المشروعية السياسية) لا بد له من الرجوع إلى رأي
الأكثرية!
من طبيعة أي تلفيق أنه يحتاج لحذف شيء
من أحد الطرفين حتى يستطيع أن يلفق بينهما.
والذي حصل هنا أنه حصل حذف في أحكام
الإسلام فجُعلت دينية وليست سياسية، وهذا مفهوم لا تعرفه الشريعة..
لماذا؟
لأن الشريعة نظام حياة ونظام دولة
وليست رسالة روحية منزوية عن الواقع، فالأحكام الدينية حسب تصور الإسلام، هي أحكام
سياسية.
فأي حكم في الواقع يخالف الشريعة
فالمسلم مأمور بتغييره (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده)[17]، وأحكام الإسلام يجب أن تكون هي
الحاكمة والفيصل بين الناس في حقوقهم ومنازعاتهم {وَمَن
لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}
[المائدة: ٤٤]، وأي قرار سياسي يجب ألا يخالف الشريعة وإلا فلا اعتبار له (إنما
الطاعة في المعروف)[18]، (ما لم يؤمر بمعصية، فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة)[19]، وأي نظام فمشروعيته مقيدة بالشريعة
(إلا أن تروا كفراً بواحاً)[20].
فحين تستحضر هذه الأحكام يتضح لك صورة
الأحكام في الإسلام، فالأحكام الدينية هي أحكام سياسية، والأحكام السياسية لا
مشروعية لها إن خالفت الأحكام الدينية، فتصور الحكم الديني منعزلاً عن الحكم
السياسي هي رؤية علمانية لا علاقة لها بالشريعة[21].
فحين يقول إن تطبيق الشريعة واجب
ديناً، لكنه يحتاج لمشروعية سياسية، فهو يتحدث عبر منطق مختلف عن الشريعة، فوجوب
تطبيق الشريعة هو تطبيقها سياسياً وتغيير أي مخالفة لها ورفض أي قرار ينافيها،
وهذه كلها أحكام سياسية، أما مجرد الاعتقاد بوجوب التطبيق من دون تطبيق أي شيء،
فهذا ليس هو الواجب ديانة، بل إن الخلاف مع الفكر العلماني إنما هو في تطبيق
الشريعة وليس في اعتقاد تطبيقها، والأمر القرآني جاء في تطبيق الشريعة وليس في
مجرد الاعتقاد {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ
اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: ٤٤].
مناقشة
الأصل التلفيقي الثالث:
يقول هذا الأصل: إن سيادة الأمة هي
الوسيلة الممكنة لتطبيق الشريعة في العصر الحاضر.
والخلل هنا أنه يقرر أن السيادة وسيلة
إلى تطبيق الشريعة، وهذا يعني أنه مراعاة لظرف زمني معين، بينما حقيقة الرأي تقوم
على تأصيل كلي لا يرتبط بضرورة أو حالة معينة.
فهم يتحدثون أن الشريعة لا إكراه
فيها، وأن المشروعية السياسية بحاجة لمشروعية دينية، ثم يرجعون فيفسرون سيرة النبي
صلى الله عليه وسلم وخلفائه بما يتفق مع هذه الرؤية، فتقريرهم قائم على اعتبار
(سيادة الأمة) أصلاً كلياً، والاستدلال هنا قائم على اعتبار أنها ظرف زمني معين!
فليس محل الخلاف أن يشارك الإسلاميون
في النظم التي لا تتخذ الشريعة مرجعية لها في سبيل أن يصلوا من خلال هذا إلى جعل
السيادة للشريعة، إنما الخلاف في الأصل الكلي القائم على جعل المشروعية للأمة ولا
حكم للشريعة إلا من خلالها مطلقاً، وليس لأجل ظرف زمني معين.
فهو يعتذر بأنه مضطر لأجل واقع، بينما
كلامه تأصيل كلي دائم، تماماً لو أن شخصاً شارك في بنك ربوي لأجل مصلحة راجحة ثم
صار بعد ذلك يقول إن الربا حلال لأن لا فرق بينه وبين البيع والله تعالى يقول {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ} [الأعراف: 32]!
فكما أن بعض الإسلاميين يشارك في بعض
النظم العلمانية لأجل الإصلاح، فهذا لا يجيز له أن يقول بأن الشريعة جاءت بفصل
الدين عن الدولة؛ لأنه هو الممكن في تلك المرحلة! ولا يمكن أن يقال إن الخلاف بين
(الإسلامي) الذي يشارك في نظام علماني و(العلماني) الذي يرى فصل الدين عن الدولة؛
خلاف لفظي!
مناقشة
الأصل التلفيقي الرابع:
أن أحكام الشريعة لا تطبق إلا عبر
الناس، وهم أضمن للشريعة.
وهنا حديث في البدهيات، فلا شك أن كل
الأفكار والاتجاهات لا تطبق إلا من خلال الناس، هذه بدهية لا معنى للنقاش حولها،
بل حتى الاستبداد والظلم يطبق من خلال الناس، فالخلاف هنا خلاف في (المشروعية)
وليس في (التنفيذ) أو (الوجود).
فعامة الباحثين في الفكر الإسلامي
يقول إن سيادة الأمة سيادة تنفيذ، ولا إشكال، الخلل هنا أنهم جعلوها سيادة تشريع
يمكن أن تشرع ما يخالف الشريعة، ولا تكون الشريعة نافذة إلا بعد رضاهم.
وكونهم أضمن للشريعة، يعني أنهم
يتحدثون عن (تنفيذ)، بينما الخلاف في (التشريع).
حكم الفرد أم
حكم الأكثرية؟
ويأتي هنا عادة المقارنة بين حكم
الفرد وحكم الأكثرية، فيقول كما أنكم تقبلون بحكم الفرد ولو خالف الشريعة، فكذلك
نحن هنا نقبل بحكم الأكثرية إن خالفت الشريعة.
وحقيقة هذا السؤال يكشف لك الإشكال
بدقة.
فالمتغلب الفرد إن خالف الشريعة فلا
مشروعية لمخالفته ولا يجوز طاعته، وأي قرار يصدر منه مخالف للشرع فلا اعتبار له.
بينما هم هنا يقولون إن الأكثرية حين
تخالف الشريعة فهذا من حقها، ولها مشروعيتها، ولا مشروعية إلا من خلالها.
وهنا يظهر أن إرادة الأكثرية حسب هذا
المفهوم تأتي في معارضة الشريعة وليس في معارضة الفرد، لأنها تعطي الأكثرية صلاحية
مخالفة الشريعة.. نعم، لو قالوا إن الأكثرية مقيدة بالشريعة – كما هو قول عامة
الباحثين - لما كان ثم نزاع، ولأصبحت الأكثرية في مقابل الفرد، أما إن أعطيتها
صلاحية تجاوز الشريعة فالأكثرية هنا صارت مرجعية في مقابل مرجعية.
السؤال
المركزي:
من الأسئلة المركزية هنا: ماذا لو
اختار الناس غير الإسلام؟
وفائدة هذا السؤال أنه يكشف المرجعية
العليا لمن؟ هل هي للأكثرية أم للشريعة؟ تماماً كبقية الأسئلة التي تورد على
الأفكار والاتجاهات لكشف مضامينها وحقائقها.
يتحاشى كثير منهم الجواب عنه ويقول
الناس سيختارون الإسلام فلا معنى للخوف من اختيار غير الإسلام، وهذه صورة افتراضية
جدلية.
حسناً، ولماذا الخوف من التصريح بأنه
لا اعتبار لهم إن خالفوا الإسلام؟
لماذا التهرب من الإجابة عن هذا
السؤال ما دام أنه غير متصور ومجرد فرضية؟
بكل وضوح، لأن هذا السؤال يكشف حقيقة
التشريع، هل هو للشعب أم للإسلام؟
فلو قال سيحكم بالإسلام – ولو كانت
مسألة افتراضية - فهو قد أسقط مرجعية سيادة الأمة، ونموذج التلفيق يقتضي أن يحافظ
على هذه السيادة كما هي.
فالقول بأن المشروعية للشريعة، ليس
مثل القول بأن المشروعية للناس وهم سيختارون الشريعة، فأنت حين تجعلها للناس تجعل
أحكام الشريعة غير ملزمة إلا بعد اختيار الأكثرية، كما أن اختيار الأكثرية لو خالف
الإسلام فله مشروعيته، وكل هذا ينافي قطعيات الشريعة.
والقول بأن هذا لا يمكن مغالطة واضحة
بعيدة تماماً عن فهم واقع النظم المعاصرة.
فالتصويت لن يجري على طريقة أن يدخل
شخص على مجلس فيقول: (هل تريدون الإسلام)؟ بل هو مواد قانونية دقيقة في دستور عام،
وتعتمد على النشاط الإعلامي والقدرات التأثيرية على الناس، فمن الممكن جداً أن يتم
تجاوز الشريعة من خلالها، فلماذا الهرب عن الجواب؟
ثم إن من يقول إن الناس لن يختاروا
إلا الإسلام، لا يتفطن إلى أنه يفكر من حيث لا يشعر في واقع نظام سياسي غير
إسلامي، لأن هذا معناه أن النظام يكفل للناس المطالبة بتغيير الشريعة، ولهم حق
التعبير عن الرأي ضد الإسلام، وتكوين الأحزاب وتأليب الرأي العام والحشد الإعلامي
الذي يشكك في الإسلام ويطالب بتغيير أحكامه، ثم بعد هذا كله يكفل لهم إمكانية
تغيره، ثم يكفل التصويت من أجله، ثم بعد هذا ينظر في النتيجة.
فصاحب هذا الكلام قفز على كل هذه
المقدمات التي تناقض الإسلام مناقضة قطعية، وظن أنه قد أنهى الإشكال لما جزم أن
الناس لا يختارون غير الإسلام.
والقصة أن هذه الصورة يوردها رافضو
الديمقراطية الليبرالية لإثبات منافاتها للنظام السياسي الإسلامي، والجواب الصحيح
أن يقول من يدافع عن الديمقراطية بأنها لن تكون بهذه الصورة ما دامت ديمقراطية
إسلامية كما يرون، لا أن يتعامل معها وكأنها من المسلمات، ويجعل الإشكالية فقط في
كفة الأصوات الأكثر.
الغفلة عن هذه المقدمات المهمة تجعل
الشخص يتوهم أن الإشكال فقط في التعامل مع نتيجة الانتخابات! بل ما عاد هذا
إشكالاً عليها، بل هو من محاسنها وفضائلها!
(لنفرض فرضاً أن شيئاً من هذه المخاوف
قد وقع وظهر بديمقراطية حقيقية أن غالبية المسلمين في قطر من الأقطار قد اختاروا
ما يتنافى مع الإسلام وما يعد خروجاً عن الإسلام، فهل العيب في الديمقراطية أم
العيب في الواقع القائم؟ فليست الديمقراطية هي التي أتتنا بهذا العيب، وإنما
الديمقراطية كشفت لنا هذا العيب، فهذا سبب لشكر الديمقراطية والتمسك بها وليس
سبباً لرفضها والقدح فيها واتهامها)[22].
سيادة
الشريعة أم سيادة الليبرالية؟
من البدهيات في النظم السياسية
المعاصرة أنه ليس هناك إرادة مطلقة للأكثرية، فلها صلاحية واسعة لكنها في النهاية
محددة بقائمة من الحقوق لا يمكن أن تتجاوزها، فلا يمكن للأكثرية أن تنتهك أي حق من
الحقوق المتفق عليها دولياً، ولا يمكنها أن تعتدي على أي حق من حقوق الأقلية أو
تضيق عليها فيه، فهذه الحقوق هي من المبادئ فوق الدستورية التي لا يمكن التعرض لها
وليست هي محلاً للتصويت.
محل الخلاف مع أصحاب هذا الاتجاه أنه
يقبل بهذه الحقوق والحدود ويرفض أن تكون (حاكمية الشريعة) ضمن هذه الحدود،
فالشريعة لا بد لها من التصويت ولا يمكن أن تحكم من دون تصويت، ولا يمكن أن تكون
مبدأ فوق دستوري، وأما الحدود التي وضعتها (الليبرالية المعاصرة) فهي حدود فوق
دستورية ولا يمكن للأكثرية أن تتعرض لها.
أرأيتم؟ فالحقيقة أن الخلاف ليس بين
(سيادة الشريعة) و(سيادة الأمة)؛ لأن الأمة في النهاية سيادتها مقيدة وتعمل في
إطار معين.. الخلاف هو بين (سيادة الليبرالية) على الأمة أو (سيادة الشريعة) على
الأمة، فلا إشكال في القبول بقيود الليبرالية، وأما قيود الإسلام فيقف دونها ألف
إشكال؟
فحين يتحدثون عن (مسار تعاقدي) للأمة
لا يمكن فرض أي شيء عليها، وإلا فهو تغلب واعتداء عليها؛ لا يتحدثون عن مسار مفتوح
تفعل الأمة ما تشاء، بل هو مسار محكوم بإطار وحقوق وأعراف شائعة لا يمكن أن
تتجاوزها، ومع هذا هو راضٍ خاضع مقر بكل ما فيها من حدود، وإنما تتحرك فقط في وجه
حكم الشريعة، ثم يظن أن الخلاف ربما يكون لفظياً أو من مساغات الاجتهاد!
ستعرف فداحة هذا الخلاف بأن تقارن
الحكم بقطعيات الشريعة مع الحكم بحالة هامشية من الحقوق التي تقرها النظم
المعاصرة، فالشريعة لا بد لها من تصويت واختيار ولا مشروعية لها إلا من خلاله
وتسقط من خلاله، وأما هذا الحق الهامشي فلا يصوت عليه ولا يتعرض له لأنه من الحقوق
الطبيعية، وجرب بنفسك فاسأل أصحاب هذا الاتجاه عن أقل حد من التضييق لأي حق هامشي
وانتظر جوابهم!
لهذا حين يقال: لا أحد يفرض شيئاً على
(سيادة الأمة) و(حرياتها) و(قرارها)... إلخ، فهو لا يتحدث عن حرية وسيادة مطلقة،
بل يتحدث عنها وهو مدرك أنها محكومة بـ (إطار ليبرالي) لا يمكن أن تتجاوزه، ولا
يريدك أن تدخل فيه المكون الأساسي والتاريخي للأمة الإسلامية (الشريعة)، فالنزاع
حينها ليس مع سيادة الأمة وحرياتها وقرارها، بل مع مفهوم هذه السيادة.
مصدر الخلل:
ماذا لو قالوا: السيادة للشريعة ولا
مشروعية لما يخالفها.
ما الذي يدفعهم لكل هذه الإشكالات؟
خاصة مع قناعتهم بوجوب تطبيق الشريعة، ومخالفتهم للتيار العلماني في لزوم أحكام
الإسلام.
التفسير الأقرب لها هو (إشكالية
التلفيق والخضوع للمفاهيم الحداثية المعاصرة).
فحين يأتي الشخص لمفهوم حداثي معين له
فلسفته وسياقاته، ويريد إعماله كما هو، فإنه سيقع في إشكالات كثيرة، وكل ما ورد في
هذه المقالة هو نموذج تطبيقي لأحد هذه المفاهيم.
سطوة هذه المفاهيم على بعض العقول هي
التي دعت أهل البصيرة من باحثي الفكر الإسلامي المعاصر إلى ضرورة الحذر في تقبل
هذه المفاهيم، يقول محمد أسد ناصحاً: (إننا عندما نتحدث عن إرادة الشعب في حدود
مفهوم الفكر السياسي في الإسلام، لا بد لنا من أن نفكر بحذر شديد كيلا نقع في
الخطأ فنكون كالمستجير من الرمضاء بالنار، أي أننا يجب أن نحرص على ألا نحل محل
الاستبداد الغريب عن الإسلام الذي حكمنا خلال القرون الماضية نظاماً لا صلة له هو
الآخر بالإسلام، لأنه يدعو لسيادة مطلقة للشعب)[23].
فخلل هذه
المفاهيم لا يزول بمجرد تغيير المصطلحات:
فـ (لا يكفي إذن لإصلاح
الديمقراطية أن نغير اسمها ونصفها بأنها شورى، بل لا بد من أن تقوم على الأسس
الشرعية للشورى الإسلامية، وأول هذه الأسس التزامها بمبادئ الشريعة الإسلامية وعدم
فصلها عنها)[24].
فالمطلوب من
الباحث أن يفهم الإسلام كما هو لا أن يسعى لتجميله وتحسين صورته:
(وما درى هؤلاء أنهم يشوهون الإسلام
لأنه لا بد لهم في محاولتهم هذه أن يميلوا إلى التصنع والتأويل حتى تتم
لهم تلك المحاولات.
ومن هنا يأتي التحريف والتزييف
والوقوع في الزلل والأخطاء في الإسلام ونظمه، وتغليف جوهره الصافي بسحابات الضباب
والأفكار الغربية.
ولما كانت النظريات ليست في غالبها
إلا مجرد انعكاسات للفلسفة التي يقوم عليها النظام السياسي الذي ظهرت في ظله أو
انعكاساً لواقع هذه النظم ذاتها، فإن محاولة الباحثين في الإسلام لتفسير النظم
السياسية الإسلامية على هدى تلك النظريات لن يجرنا إلى أخطاء في التطبيق، وإنما
إلى أخطاء فادحة في منهج البحث والدراسة.
فإن لكل نظام فلسفته وتاريخه
ونظمه، والإسلام يستقل استقلالاً تاماً عن كل النظم وإن تشابه من وجه أو آخر مع
بعضها أو في أجزاء منها، لكنه يظل متفرداً من حيث ذاتيته وأساسه الاعتقادي على وجه
الخصوص، ولا يصح أن نفسر أي نظام من نظمه إلا على ضوء أسسه الفكرية الخاصة)[25].
والتلفيق
حالة من الوهن تحتاج لمثل هذه العزة والثقة:
(دفعهم حماسهم للإسلام إلى أن يثبتوا
فيه بغير دراسة متعمقة كل ما يرونه قد راج في أسواق العالم المتحضر، متوهمين أن في
ذلك خدمة جليلة للإسلام، فكأنه في أعينهم طفل يتيم ذليل لا يعيش إلا إذا جعل تحت
رعاية رجل ذي جاه ونفوذ، أو هم يخافون أن لا تكون لهم عزة من حيث كونهم مسلمين ولا
ينالون من الشرف شيئاً إلا إذا أخرجوا للناس مبادئ وأصولاً من دينهم مثل مبادئ
النظم السائدة في عصرهم.
فإذا راجت الديمقراطية كان الإسلام
ديمقراطياً، وإذا راجت الاشتراكية كان الإسلام اشتراكياً، وإذا راجت نظرية سيادة
الأمة كانت هذه النظرية من نظريات الإسلام)[26].
حينها لن يقع في مرض الخوف من: (أن
يعاب على التفكير الفقهي الإسلامي أنه لا يوجد به مكان لكل نظرية سياسية أو
دستورية قديمة أو حديثة)[27].
هي جاذبية
إعلامية.. ولكن؟
حين تتحدث في الإعلام بلغة: إن الشعوب
قد تحررت ونالت سيادتها كاملة، فلا يمكن فرض أي شيء عليها، فمن حقها اختيار أي
منظومة تريدها، وإن اختارت الإسلام فهذا من حقها، وإن رفضته فهذا من حقها،
والإسلام يكفل الحريات كاملة... إلخ.
هو حديث له جاذبية، ويثير مكامن الرضا
والاستحسان في وجوه فئات مختلفة لا تزال تحمل عداءً للمشروع الإسلامي، وسيريح
المتحدث مزاجه من مسائل وإشكالات كثيرة تحاصر الإسلاميين، كما أنه هو الممكن في
عددٍ من البلاد الإسلامية.
لكنه في الحقيقة قلمٌ يجري على
أحكام الشريعة بالتعديل والتغيير، ويجترئ على الله، فيجعل مراد الله تابعاً لما هو
ممكن في الواقع، ويوجه الأحكام بحسب المتاح، ويكون السياق الإعلامي المناسب هو
المعيار الذي يحدد تفاصيل الأحكام الشرعية!
:: مجلة البيان العدد 304 ذو
الحجة 1433هـ،أكتوبر-نوفمبر 2012م.
[1]
سيادة الأمة وموقف الإسلام منها، د. عبد الكريم العواملة 489.
[2]
العقيدة والسياسة، لؤي صافي 284.
[3]
العقيدة والسياسة، لؤي صافي 278.
[4]
العقيدة والسياسة، لؤي صافي 277.
[5]
الدين والسياسة تمييز لا فضل، د. سعد الدين العثماني 40-41.
[6]
معالم الدستور الإسلامي، أحمد صفي الدين عوض 61.
[7]
إسلام الحرية لا إسلام العبودية، حسن صعب 78.
[8]
سيادة الأمة وموقف الإسلام منها، د. عبد الكريم العواملة 536.
[9]
سيادة الأمة قبل تطبيق الشريعة، عبد الله المالكي 143-144.
[10]
سياسيات الإسلام المعاصر، د. رضوان السيد 220.
[11]
الناس على دين دساتيرهم، د. محمد المختار الشنقيطي، موقع الجزيرة نت.
[12]
الناس على دين دساتيرهم، د. محمد المختار الشنقيطي، موقع الجزيرة نت.
[13]
الناس على دين دساتيرهم، د. محمد المختار الشنقيطي، موقع الجزيرة نت.
[14]
فصلتُ هذه الأقوال في كتاب (التسليم للنص الشرعي والمعارضات الفكرية المعاصرة) ص
183- 185.
[15]
أحكام القرآن، لابن العربي 1/233؛ الجامع لأحكام القرآن، للقرطبي 4/280-283.
[16]
المحلى 2104.
[17]
أخرجه مسلم برقم (186).
[18]
أخرجه البخاري برقم (7257) ومسلم (1840).
[19]
أخرجه البخاري برقم (7144) ومسلم (4763).
[20]
أخرجه البخاري برقم (7056) ومسلم (4771).
[21]
بيانٌ محكمٌ ومتين عن هذه الجزئية تجده في مقال: (المضمون العلماني في
الاتجاه التنويري، المشروعية السياسية) للشيخ الفاضل أحمد سالم، مجلة البيان، عدد
303، ذو القعدة 1433هـ.
[22]
الشورى في معركة البناء، د. أحمد الريسوني 170.
[23]
منهاج الإسلام في الحكم 79-81.
[24]
فقه الشورى والاستشارة، د. توفيق الشاوي 583.
[25]
رقابة الأمة على الحكام، د. علي محمد حسنين
184-185.
[26]
الدولة والسيادة في الفقه الإسلامي، د. فتحي عبد الكريم 18-19.
[27]
مبدأ الشورى مع المقارنة بمبادئ الديمقراطيات الغربية والنظام الماركسي، د. يعقوب
المليجي 181.