حين يجد المسلم عناءً ومشقة عند أداء العبادات، فإن مما يقويه على الاستمساك بها والثبات عليها أن يستحضر القاعدة الشرعية أنه كلما زادت مشقة العبادة كلما زاد أجرها كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن أجرك على قدر نصبك).
فمِن رحمة الله وسعة الشريعة ويسرها أن ما يجده المسلم من مشقة وشدة هو ممّا يضاعف اللهُ به أجره ودرجاته، فالمشقة ليست مقصودة للشريعة، لكنها حين تعترض طريق المكلَّف تكون سبباً لمضاعفة الحسنات.
وليس هذا خاصاً بالعبادات الظاهرة، كالصلاة والصيام والحج، بل هو شامل كل الواجبات الشرعية، ومنها الاستمساك بالمفاهيم والتصورات الشرعية في زمن شيوع الشبهات وكثرة المستخفين والمشككين وضغط المفاهيم الغربية المزاحمة للتصورات الشرعية التي تتدفق عبر وسائل الإعلام ذات التأثير الهائل، والتي أدت إلى تهاون ظاهر في رد الأحكام، وتأويلها، وتلفيقها؛ كي يتجاوز الإنسان الحرج الذي يجده من ضغط هذا الواقع.
يجب ألا يغيب عن ذهن المسلم أن القوة السياسية والإعلامية والاقتصادية للغرب قد خلقت مناخاً شائعاً في عالمنا الإسلامي يزهد من بعض الأحكام، ويثير السخرية والامتعاض من بعضها، ليس لشيء سوى أنها ما عادت منسجمة مع الثقافة الغربية التي غدت هي المتسيّدة.
فللمسلم معها طريقان: طريق الخضوع لها ومسايرة هذا المناخ السائد؛ فيتأول كل حكم لا يستقيم مع هذه الذائقة ويتنازل عن كل شيء لا ترتضيه، وهذا هو منهج اتباع الهوى {وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ} [ص: 26]؛ أو سلوك منهج اتباع الحق، والصبر عليه، وجعل ما يعتريه من مشقة وشدة سبباً لتقوية التجائه إلى الله وتقوية عبوديته وخضوعه.
فثبات المسلم على أصوله الشرعية، واعتزازه بقيمه الدينية، وارتقاؤه بإيمانه ومنطلقاته عن الخضوع لهذه المؤثرات؛ هو مما يحتاج إلى مجاهدة ومصابرة وثبات بما يرجى به عظيم الأجر والمثوبة {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} [العنكبوت: 69].