التحديات التي تواجهها تونس
الدولـة كـائن له (ولادة)
و (حياة) و (تغيُّر هيئة) و (موت).
الإجابة على عنوان
المقالة (التحديات التي تواجهها تونس)، مرتبطة بطبيعة اللحظة التاريخية التي
نعيشها: أهي من لحظات التحول الهادئة التي يتغير فيها مسار الدولة عبر تراكمات
داخلية، مع المحافظة على حدودها ولو بتغيُّر نسبي في بُنَاها؟ أم هي من اللحظات
المتفجرة المنتجة لولادة جـديدة تُشكَّـل فيهـا حدود جديدة ومسارات قاطعة مع
السابق؟
الاستشراف على المدى
البعيد للتحديات التي تواجهها تونس صعب جداً؛ لعدم القدرة على استقراء انزلاقات ما
نعيشه من أحداثٍ، أحداث أنتجت مخاضات جديدة داخل البلاد وخارجها: في مصر وليبيا
وسوريا واليمن... وجاوز تأثيرها بلاد العرب حتى وصل إلى وول ستريت.
لذلك سوف نأخذ في هذا
الطرح ما هو ممكن من ناحية التحليل النظري؛ أي أن البلاد تواجه تحولاً يحافظ على
الدولة وحدودها، ولكن يعاد تشكيل البُنَى الاجتماعية والاقتصادية فيها ويقطع مع
النظام السياسي السابق وآلياته.
التحدي السياسي:
كسبت النهضة الانتخابات
عن جدارة، وبحنكة سياسية وتنظيمية، تُدرَس. ولكنها لن تستطيع في السنة أو السنتين
الأوليتين إنجاز نجاحات سياسية جوهرية نتيجة المراقبة اللصيقة الموضوعة تحتها، وهي
التي وافقت عليها. مراقبةً من طرف أمريكا وأوروبا وبعض قوى الابتزاز العَلماني في
تونس. وكي تُخرِج نفسها من هذه الزاوية وتفتح زوايا أوسع، عليها العمل على إنجاز نجاحات
جذرية وفاعلة في الاقتصاد وفي إصلاح القضاء، تمكنها في ما بعد من الحصول على موقع
سياسي أثبت أمام المنافسين والأعداء.
للنهضة واحد وتسعون عضواً
في المجلس التأسيسي، دون حساب الأعضاء الذين مررتهم عبر الأحزاب الأخرى، أولئك
الذين سيُؤكدون قراراتها عند أي تصويت؛ وذاك تكتيك انتخابي كان من حقها استعماله
نتيجة لنظام القوائم الجائر الذي استعمل في الانتخابات، والذي وُضع أساساً لضرب
النهضة. ولولاه لجاوزت نسبتها 80%.
ستعمل النهضة بحرية على
تغيير أو تركيز الآليات، دون تغيير جذري في المضمون، مثال ذلك: سيكون رأيها حاسماً
في مسألة تنزيل الدستور من عدمه للاستفتاء الشعبي، وهذا أمر ليس بمقدور الضاغطين
عليها ردعُها فيه، ولكن مضمون نصوص الدستور نفسه لن تكون لديها فيه الكلمة الفصل.
هذا لا يعني أنها لن تكون عامل تحييد لمتطرفي العَلمانية، وأذناب فرنسا، بل هي
ضمانة شعبية أمام أعداء الإسلام والعروبة في تونس، وهم قلة قليلة ولكن مدعومون
بشكل كبير خارجياً.
فرنسا وإيطاليا (التي
يملك رئيس وزرائها برلسكوني نسبة كبيرة من أسهم قناة نسمة التلفزيونية التي استفزت
المسلمين بالفلم الإيراني الأخير المسيء للذات الإلاهية) وأذنابهما، سيُخرِجون كل
أسلحتهم وخيوطهم في تونس في معركتهم الأخيرة والحياتية أمام صحوة هذا الشعب
المسلم. قد يتعدى الأمر إلى إلصاق بعض الأعمال الإجرامية أو المنفلتة بالسلفيين
ومن ثَمَّ بالصحوة الإسلامية. ولكن يبدو أن الشعب - ولله الحمد والمنة - ملقَّح
جيداً ومستعدٌّ لمثل هذه (السيناريوهات).
قد تستعمل أوروبا ورقة
الاقتصاد للضغط على القرار السياسي التونسي، فأغلب منتوج زيت الزيتون والنسيج
مثلاً - وهما من القطاعات المركزية في الاقتصاد التونسي - يصدَّر إلى أوروبا. هي
بالطبع لن تستطيع محاصرة تونس مثلما فعل الصهاينة مع حماس لما فازوا بالانتخابات؛
ولكنها قد تقلل من الصادرات التونسية لأوروبا، أو قد تستعمل الديون التي أسندتها
للدولة للضغط عليها. ونحن نعتقد أن للنهضة طولَ نَفَس وصبراً ومخارجَ لمواجهة مثل
هذه الضغوطات.
موازنة الحكومة القادمة
بين مصلحة الشعب والمصالح الوطنية من جانب ومصالح قوى خارج تونس (الجزائر وليبيا)
وقوى أجنبية (فرنسا، وأمريكا، والعدو الصهيوني، وإيران الصفوية...) من جانب آخر،
كلٌّ حسب تأثيره وأهدافه. هذه الموازنة ستأخذ جهداً كبيراً من حكومة ليس مـــن
خياراتها ولا شخصيتها الحسم مع الآخر.
التحدي الأمني:
التحدي الأمني فيه ما هو
مرتبط بالسياسي وفيه ما هو مرتبط بالفساد أو الإجرام أو كذلك بالوضع الاجتماعي.
قطاعاً، سيبرز الإشكال
الأمني في المواضع التالية:
وزارة الداخلية: كانت
للحبيب بورقيبة الرئيس التونسي الأسبق فوبيا الانقلابات العسكرية؛ وخصوصاً أن أوج
وهجه زعيماً كان في الستينيات وبداية السبعينيات من القرن الماضي، الفترة تلك التي
اشتهرت بكثرة حدوث الانقلابات العسكرية فيها، في مشرق بلاد العرب أساساً. لذلك ركز
جهده على تقوية وزارة الداخلية على حساب وزارة الدفاع التي أفرغها مادياً وعقدياً.
وبدأ الظل الثقيل لوزارة
الداخلية يغطي شيئاً فشيئاً كلَّ مكامن الحياة في تونس.
تغولت هذه الوزارة وكانت
عصى الإجرام التي استعملها ابن علي ضد الشعب ومنظماته المدنية والسياسية،
الإسلامية منها بالخصوص.
الآن، وبعد الثورة، توجد
صراعات قوية داخل وزارة الداخلية، ومن الصعب جداً أن يقبل عناصرها بوزير من
النهضة. فقد عُيِّن عليها بعد ثورة قاضٍ فيه نزاهة، فكادوا له إلى أن تم عزله؛ فما
بالك بوزير من النهضة يترأس من كان جلاده. لا أرى وزير الداخلية في الحكومة الأولى
من النهضة.
لوزارة الداخلية أجنحة
متعددة مستقلة بعضها عن بعض وكانت في وقت ابن علي يراقب بعضها بعضاً.
عملية اغتيال خليل الوزير
(أبو جهاد) القائد الفلسطيني في تونس كانت بمشاركة عنصر من الموساد برتبة عالية
جداً من داخل وزارة الداخلية التونسية، وهي دليل من ضمن عديد الأدلة على وجود
خلايا للموساد في هذه الوزارة من ضمن خلايا استخباراتية أخرى لدول أخرى.
إن تراخي الوزارة في
القيام بواجبها الأمني بعد الثورة وفي لحظات حرجة جداً، زاد بشكل متعمَّد من فوضى
الإجرام التي وقعت في البلاد.
وتطهير هذه الوزارة من
أخطبوطات الإجرام والخيانة والفساد، من أكبر التحديات الأمنية التي ستواجه أُولَى
الحكومات الجديدة.
إن بقايا التجمع الدستوري
الديمقراطي (الحزب الحاكم السابق) هم أصل الداء ومكمن البلاء، والحديث هنا عن
الذين تلطخوا بدماء ومعانات التونسيين أو تلطخوا بالفساد، وليس الذين دخلوه
اضطراراً أو عن مصلحة شخصية لا تضر، مثل الحصول على ترخيص لمقهى أو تاكسي.
لقد بدأ تسرُّب السلاح
إلى المجتمع التونسي ضمن التهريب غير القانوني المتعود عليه للبضائع بين ليبيا
وتونس. وهذا موضوع دقيق له تحليل خاص لا يسع مجال المقالة التعمق فيه.
إن غموض ما يقع داخل
الجيش هيكلياً، بمعنى حجم الإعداد والإنفاق الذي لا يخفى على المراقب أنه تطور في
الأشهر الأخيرة، دون وضوح مصدره ولا شروطه. رغم أنه تبين أن الجيش كان مطروحاً
ضمانةً أمريكية أمام التفاف النهضة على الشروط التي أُلزمت بها بعد زيارة الباجي
القايد السبسي (الوزير الأول التونسي المؤقت) إلى الولايات المتحدة الأمريكية؛ فهل
سيتدخل الجيش بشكل مباشر في القرار السياسي؟ ما هي عقيدته الجديدة؟
الإجرام: ظاهرة
استشرت في وقت ابن علي، ووجدت لها الآن واقعاً مساعداً. ولكنها لم تصل إلى حدود
مَرَضيَّة. لو تشكلت حكومة قوية، يمكن التعامل مع هذه الظاهرة.
التحدي الاجتماعي:
واقعياً: حتى مقدم زين العابدين
بن علي إلى السلطة عبر انقلاب أبيض، كان النسيج الاجتماعي للشعب التونسي يتكون من
حزام واسع من الطبقة المتوسطة تقارب 80% من الشعب، وتنقسم 20% الباقيات بين أغنياء
وفقراء، عبر طيف ليس فيه الغنى الفاحش ولا الفقر المدقع، مع وجود استثناءات فردية
بالطبع.
هذه التركيبة (الاجتماعية
- الاقتصادية) نتجت بعد ما ضرب بورقيبة النسيج القبلي والأوقاف في تونس. وهذا في
رأيي من أبشع جرائم بورقيبة التاريخية في حق الشعب التونسي، ويجب أن تخصص له دراسة
خاصة - إن شاء الله - عبرة ونذيراً لباقي أقطار الأمة التي تحاول أنظمتها
الإعلامية المسَّ من المنظومة القبلية.
فالفرد العربي محمي
بأحزمة، وهي (العائلة والقبيلة والدولة)؛ فلما سقطت الدولة في العراق والصومال -
مثلاً - حمت القبيلة الفردَ، ولولا وجودها لرأينا مآسٍ فيهما أعظم مما حصل.
فتصوروا لو سقطت الدولة في تونس إبان الثورة في ظل غياب القبيلة، فمن كان سيحمي
الفرد والعائلة؟
نعلم من بديهيات ديننا أن
أمتنا صاحبة رسالة ومبتلاة بفتن إلى قيام الساعة. والقبيلة من ضمانات الفرد المسلم
عموماً والعربي خصوصاً، في مواجهة هذه الفتن.
قد تشوب القبيلَة شوائبٌ
- ويجب معالجتها وتنقيتها - لكن من الإجرام اقتلاع المنظومة القبلية تماماً. مثل
الدين قد تشوبه بدع وشوائب وهذا من السنن التاريخية مع الدين، ويبعث الله من ينقيه
قرناً بعد قرن وليس مُتخيَلاً اقتلاع الدين من الأمة.
والكائن الاجتماعي عموماً
- وأهمه القبيلة - أكثر تجذراً وأكبر عمراً من الكائن السياسي (أي الدولة). قــال
- تعالى -: {وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ
لِتَعَارَفُوا} [الحجرات: 13] ولم يقل: (شعوباً ودولاً).
أتى ابن علي ومنظومة
الشعب قائمة على الطبقة المتوسطة، وعلى نسيج اجتماعي محافظ، فتوجه لهذه الطبقة
قهراً وتنكيلاً وأثقلها بالديون والإفساد، وإغراقها في هموم الحياة. فاستنزفت أيما
استنزاف، وأصبحت هشة، فكثرت الأمراض الاجتماعية من طلاق وعنوسة، وشوهدت جرائم لم
تكن معروفة سابقاً في تونس، بل وظهر في تونس شيء غريب جداً عنَّا وهم أطفال
الشوارع! والحمد والمنة لله أنَّ هذه الظاهرة ما زالت في بداياتها ونرجو من الله
أن يوفِّق من يمسك بزمام الأمور في البلاد لمعالجتها سريعاً.
البعض يرى أن أهم
التحديات هو التحدي الاقتصادي أو السياسي، ولا أعتقد ذلك. إن أهم التحديات في
تونس، هو التحدي الاجتماعي؛ لأن حل الإشكالات الاقتصادية والسياسية مرتبط بالإرادة
السياسية والتخطيط. أما التحدي الاجتماعي فيضاف إلى هذين العنصرين عنصر الزمن.
الإصلاح الاجتماعي يحتاج إلى إمكانيات وجهد دعوي وزمن. وحلول الإشكاليات
الاجتماعية تتطلب شجاعة ومواجهة وصبراً.
لا يمكن أن نغلق الفقرة
الاجتماعية دون الحديث على نقابات العمال: ستحصل تغيرات كبيرة داخل (الاتحاد العام
التونسي للشغل) هذه المنظمة العتيدة، التي كانت مِن أبرز مَن سطر التاريخ التونسي
المعاصر؛ حيث لا نرى أمينَها العام (عبد السلام الجراد) يبقى على رأسها بعد
مؤتمرها الذي سيعقد قريباً.
هذه المنظمة من أبرز
اللاعبين، وراء الستار، هي وبعض رجال الأعمال، في عملية تشكيل الحكومة. كانت في
وقت بورقيبة، مع الجامعة التونسية، متنفسَي الشعب. عرف ابن علي كيف يغرق قادتها
فــي المــزايا وأصبــح كثيــر منهــم لا يبحث إلا عن مصلحته الشخصية، فبهِّت
ودُجِّن الاتحاد. الآن مع واقع الحرية الكبير سياسياً، قد تولد نقابات جديدة أو قد
يقع تحول جذري في مساراتها بعد مؤتمرها الذي سيقام قريباً.
الفساد: هو
مرض مستشرٍ، ولكن اللحظة مناسبة جداً لمداواته، مع الروح الجديدة للمواطن بعد
الثورة الذي لم يعد يقبل أن يدفع رشوة أو أن يُظلَم.
والمداواة الفعلية
والدائمة للفساد والرشوة لن تمرَّ إلا عبر إصلاح منظومة القضاء. وتحضرني هنا قصة
لتشرشل (الوزير الأول البريطاني إبان وبعد الحرب العالمية الثانية): أتاه من يشتكي
مِن تفشي الرشوة في البلاد، فسأل تشرشل: هل وصل الأمر إلى القضاء؟ أُجابوه بالنفي،
فالقضاء بقي سليماً من داء الرشوة. فطمأنهم تشرشل وقال لهم بأن لا يهتموا فسيُصلح
الأمر.
إن منظومة قضائية نزيهة
وذات صلاحيات مناسبة، قادرة وبإمكانها - بإذن الله - التصدي للفساد. أعتقد أننا
نحتاج من سنتين إلى أربع سنوات لإصلاح القضاء. وبداية الإصلاح تكون بمعهد القضاة
الوحيد بالبلاد، الكائن بمنطقة (مقرين) من ولاية بن عروس.
من المكاسب التي يمكن
بسهولة تأكيدها بعد الثورة: القضاء على المحسوبية في المناقصات، وهو ما سيمكن
شركات جديدة من البروز في أطر شفافة ومنافسة نزيهة. وهذه عوامل ضرورية لتنمية
اقتصادية سليمة. قد يكون هذا في غير صالح الشركات الأوروبية المتعودة على سوق
تونسية تعتبرها مجالها. وفي المقابل هي في صالح شركات دول أخرى مثل تركيا.
التحدي الاقتصادي:
النجاح في مجابهة هذا
التحدي يعني النجاح في محاربة البطالة وإعادة نوع من الاستقرار الاجتماعي إلى
التونسي. استقرار وطمأنينة قد تعيده إلى فطرته السليمة وأصله الطيب المحافظ
المتدين. فرميه من طرف ابن علي ومن سبقه في إعصار ماديات الحياة واللهث وراء لقمة
العيش لعقود مريرة، أَنْسَت بعض التونسيين للحظات من هم، وما هي قيمهم وأعرافهم
وشيمهم.
الحمد لله أننا نرى الآن
عودة لهذا الأصل الطيب ناتجةً عن نفحات الحرية وليس من فتحات الاقتصاد. ونرجو من
الله بناءً فاعلاً للاقتصاد يعيد للإنسان كرامته كي تتأكد هذه العودة.
قد تساهم المنافسة
الشريفة في انتخابات محلية في تنمية اقتصادية جهوية بشكل جدي. وكي يكون هذا المسار
فاعلاً أكثر، يجب إيجاد تقسيم جهوي إداري جديد من حيث المساحةُ يكون أكبر من
الولاية. وهذه تجربة ناجحة في أوروبا.
تقسيم قائم إدارياً على
الانتخاب وموازٍ لنظام الولايات، القائم على التنصيب.
حيث إن الوالي يُنصَّب من
قِبَل وزير الداخلية ولن يحمل همَّ التنمية الجهوية مثلما سيحمله ابن الجهة الذي
انتخب، والذي من البديهي أنه سيركز على برامج تنموية للجهة كي يتم انتخابه. يضاف
إلى ذلك ما سيكون - إن شاء الله - من انتخابات بلدية ستفرز بالضرورة نخَباً همُّها
التنمية البلدية.
مثال: لنأخذ الشمال
الغربي التونسي الذي يمثل الولايات الأربع: باجة، جندوبة، الكاف وسليانة. لكل ولاية
والٍ ينصَّب من وزارة الداخلية. قد يكون من غير الجهة أصلاً، وهذا مهم وهو ضمانة
إضافية للتماسك الوطني، ولكنه غير فاعل تنموياَ.
لو قامت الدولة بإنشاء
مجالس جهوية منتخَبة، لها صلاحيات تنموية فسيتكفل رؤوس المال بكل جهة الشمال
الغربي الغني بالموارد، والذي يعاني الفقر نتيجة لهجرة رؤوس أمواله وعدم وجود
مخططات تنموية خاصة بالجهة، ستتكفل رؤوس الأموال هذه بجانب كبير من التنمية
للمحافظة على وجودها صاحبةَ قرار في الجهة، وكي لا يفلت منها هذا القرار الجهوي.
عموماً من المفيد أن تدرسَ الحكومات الجديدة هذه النقاط:
1 - العمل على تثمين الثروات
الجهوية والمحلية بشكل دقيق مهني فاعل، وتنميتها[1].
2 - العمل على إيجاد الحلول
الاقتصادية المناسبة للقطاعات التي تعاني أزمات كقطاعات وليس كحالات فردية، وتكون
مداوات الحالات الفردية داخل القطاع ذاته[2].
3 - الكرامة تقوي الاقتصاد
على المستويين (العام والخاص)؛ ولهذا يجب أن تكون الأجور سنداً لكرامة الفرد
ورخائه ومساعداً له في الحصول على نوعية حياة مقبولة ودافعة للمبادرات. فأجور
العمال المدروسة على أسس كرامة العامل تساهم في النمو الاقتصادي بتنمية القدرة
الشرائية للعامل.
وطنياً: وعي المجموعة بمفهومَي
(الكرامة الوطنية والسيادة) يجعل كلَّ من يريد التعامل معها مهتماً بتقديم الأحسن
في النوعية والتكلفة. وفي إطار هذه النقطة، تجب مراجعة فورية لحيثيات قانون (72)
الخاص بالاستثمار الأجنبي، الذي استعبد عشرات الآلاف من التونسيين وخصوصاً النساء.
هذا القانون الذي يكاد يبيح للمستثمر كل شيء، وكان النظام يروج له خارج تونس
ويتفاخر برخص اليد العاملة التونسية؛ وكأن إهانة واستغلال المواطن مفخرة.
قطاع خدمات متطور وبرنامج
(مراقبة الجودة) عالي الفاعلية[3].
تقديم إجابة للتحدي
الغذائي، والإسراع في إصلاح البنية الأساسية المائية الزراعية.
إدارة مرنة وسلسة
وسريعة:
وأخيراً، إن أمكن - رغم
أنه من المستبعد أن تلتفت إليه الحكومة الجديدة في المرحلة الأولى - مراجعة العقود
الكبيرة التي أبرمتها الدولة في عهد بن علي، مثل عقود الطاقة، التي لو بُنيَت
عليها إستراتجية تراعي المصلحة الوطنية لتمكنت البلاد من الحصول على اكتفائها من
الطاقة، وأقصد هنا الغاز والبترول.
ختاماً: لو اعتمدنا فرضية استقرار الوضع في تونس في المسار الذي هي عليه الآن، وعدم حدوث مفاجآت حاسمة تاريخياً، في المنطقة أو داخل البلاد، يمكن - إن شاء الله - تصوُّر نموذج آخر لتجربة نجاح على الشاكلة التركية أو الماليزية.
نرجو من الله العلي القدير أن ينعم على هذا الشعب الطيب وعلى أمة الإسلام جمعاء بالخير والرخاء والتُقى.
[1] قامت جمعية الخير الإسلامية بدراسة تطبيقية - معتمدة هذا المبدأ -
على منطقة (سجنان) من ولاية بنزرت، وهي مستعدة لتقديمها لمن يهمه الأمر.
[2] من أصعب الأمثلة:
مُجازي اللغة العربية الذين يعانون من بطالة تكاد تكون شاملة. يمكن إيجاد حلول
للقطاع ككل، ولا يجب أن يكون الحل في البحث عن وضيفة لفلان ثم أخرى لفلان،
ارتجالياً.
[3] هذا من أهم الجوانب الضامنة لديمومة النمو الاقتصادي وسمعته.