فالشعوب التي تعرضت للاستعمار قد عانت منه كثيراً وهي تعدُّه ذا مدلول سلبي لأنه أينما حل الاستعمار كان الاستغلال، والاستعباد، والتمييز العنصري، والتبعية بكافة أشكالها.
يهدف هذا المقال إلى التدقيق والتحري ومراجعة الوظيفة التي تؤديها الأنثروبولوجيا
باعتبارها علماً؛ وبالأخص فيما يتعلق بعلاقتها مع السلطة باعتبارها الأداة المعرفية
التي سهلت للدول الاستعمارية إحكام قبضتها على الشعوب الأقل تطوراً حسب مقاييس
الحضارة المركزية الأوروبية، وهو ما فرض قواعدَ جائرةً لتحديد مسار وطبيعة العلاقات
بين دول الشمال المتقدم والجنوب النامي؛ تم تجسيدها من خلال تكريس مفاهيم الهيمنة
والسيطرة الاستعمارية على البلدان النامية. ولكن قبل أن نبدأ بإيضاح العلاقة
القائمة بينهما علينا أن نتوقف قليلاً عند مفهومَي (الأنثروبولوجيا، والاستعمار).
مفهوم الأنثروبولوجيا:
بالرغم من قِدم مصطلح الأنثروبولوجيا في تاريخ المعرفة الإنسانية، إلا أن استعمالها
بدأ فعلياً مع نهاية القرن التاسعَ عشرَ وبداية القرن العشرين، إذ ازداد الاهتمام
بها وبالأخص في الأوساط الثقافية الأنكلوساكسونية[1]،
وكان هذا الاهتمام منصبّاً على الأنثروبولوجيا البيولوجية أو الفيزيائية؛ أي أن
الجسد كان محور اهتمامات الدراسات الأنثروبولوجية ومركزها. وبعد ذلك جُمِعَ
الموضوعان كلاهما في موضوع واحد سمي بـ (الأنثروبولوجيا الاجتماعية)[2].
اصطلاحياً:
يرجع مفهوم الأنثروبولوجيا إلى الكلمة اليونانية المكونة من شقين أساسيين هما:
الإنسان
Anthropo
وعلم
Logy،
وتعني علم الإنسان وهو علم من العلوم الإنسانية يهتم بدراسة مظاهر حياة الإنسان
دراسة كليَّة وشمولية، كما يهتم بدراسة الإنسان من حيث قيمُه (الجمالية، الدينية،
الأخلاقية، الاقتصادية، الثقافية، الاجتماعية) ومكتسباتُه الثقافية[3].
وهو علم يركِّز على كل ما هو بدائي وبسيط في حياة الإنسان في المجتمعات المعزولة
والصغيرة نسبياً. ولقد تعددت اهتمامات الأنثروبولوجيا في الوقت الراهن ولم تعُد
تقتصر على دراسة المجتمعات البدائية فقط، ولكن أصبحت تهتم بدراسة مشكلات المجتمع
الحديث وخاصة المناطق المتخلفة.
خلاصة القول:
«هو
علم دراسة الإنسان في ثقافته وبنائه الاجتماعي»،
وهو أيضاً:
«العلم
الشمولي الذي يدرس الإنسان وأعماله، الذي تتمحور أبحاثه حول طبيعة الإنسان كمخلوق
ينتمي إلى العالم الحيواني»[4].
ويذكر جاك لومبار أن هذا العلم يهتم بدراسة المجتمعات البعيدة والغريبة؛ أي دراسة
(الآخر) الذي يختلف عن الإنسان الغربي في ثقافته وعاداته وتقاليده، ودرجة وعيه
وتقدمه، وهذه إشارة إلى الشعوب البدائية ذات الثقافة البسيطة والتقليدية مقارنة
بثقافة الإنسان الأبيض (الغربي)[5].
أما فيما يتعلق بمفهوم الاستعمار، فنجد أن ظاهرة الاستعمار ظاهرة قديمة قِدم البشر
والدول، ولكنها في كل عصر تأخذ طابعاً مختلفاً معيَّناً، أو يمكن تعيينه، وإن بقي
الجوهر واحداً،
«وليست
أيديولوجية الاستعمار أكثر من تبشير يدَّعي الأخلاق والعلم»[6].
وفي مفهومه الحديث ارتبط الاستعمار بالحضارة الأوروبية الغربية، إذ استطاعت منجزات
العلم التجريبي أن تنقلها إلى ثورة صناعية، شكَّل الاستعمار محور هذه الثورة طمعاً
بمصادر الطاقة والخامات والمواد الأولية الموجودة في العالم الشرقي والتي لم تكن
تمتلكها القارة الأوروبية إلا بِنِسَب قليلة لا تغطي كل احتياجاتها؛ وهو ما دفعها
إلى الزحف إلى مناطق متعددة من العالم لاحتلالها واستغلال مواردها الطبيعية بهدف
تحقيق مصالحها على حساب الآخرين[7].
ولا يعرف تاريخ العالم في سجلِّه الطويل أسوأ من مدنيَّة الغرب في معاملة الآخرين،
وتجاهُل مصالحهم، ومصادرة حقوقهم. بل إنه لا يعرف أسوأ من هذه المدنيَّة في إراقة
الدماء بغزارة، بل إن هذه المدنية تتميز ببراعتها الفائقة في فرض إثمها على أنه
شرف، وإبراز شهواتها وكأنها قوانين نزيهة. فالمستعمر يملأ الدنيا ادعاء بأنه رسول
الحضارة والارتقاء والسلام[8].
فالاستعمار جاء من رحم الحضارة الغربية ولن تفرِّط الأم في ولدها ما عاشت[9].
يعني مفهوم الاستعمار لغوياً التعمير والإعمار، وكلمة استعمار تفترض وجود فراغ أو
تأخُّر في منطقة أو بقعة ما من العالم، فيجد المستعمر من هذه الحجج ذرائع للقدوم
إلى هذه المواقع الجغرافية واحتلالها بدعوى (إعمارها) وبحجة تحويل التأخر الذي يقبع
فيه أهل هذه المنطقة أو تلك إلى وضع أفضل من خلال مشاريع البناء والإعمار والتحديث.
«ولكن
المرء لَيَعَجب أيَّما عجب للاختلاف الشاسع بين مفهوم لفظ الاستعمار، وبين مدلوله
المألوف: فلفظ الاستعمار في أصل اشتقاقها كلمة عَمَرَ الخراب، فهو عامر، أي معمور.
ولكن الاستعمار كما عرفناه وعَرَفه الناس جميعاً، إذا ما تسلل إلى بلد ما، فقد حل
به الخراب، ونزل به الدمار»[10].
على الرغم من أن دعوى الاستعمار قائمة على (رسالة الرجل الأبيض) أو الأمانة التي
اضطلعت بها الحضارة الأوروبية لإصلاح أمم العالم[11].
ويدل هذا المفهوم في معناه السياسي على التخريب والدمار والاستنزاف واستعباد الشعوب
من قبل المستعمِرين؛ ذلك أن واقع الاستعمار يتميز بأنماط معيَّنة منها: الاستعباد،
السيطرة، الاستغلال، وإذا كان المستعمرون يعتقدون بأنهم يقومون بالإعمار والبناء من
أجل مصلحة البلاد وهنا يأخذ مفهوم الاستعمار مدلولاً إيجابياً، فإن واقع الحال ليس
كذلك. فالشعوب التي تعرضت للاستعمار قد عانت منه كثيراً وهي تعدُّه ذا مدلول سلبي
لأنه أينما حل الاستعمار كان الاستغلال، والاستعباد، والتمييز العنصري، والتبعية
بكافة أشكالها.
ويشير مفهوم الاستعمار بمعنى
Colonialism
إلى الاستعمار الاستيطاني، وهو مستمد من كلمة
Colony
المشتقة من اللاتينية
Colonia
ذات المعاني العديدة وفي مقدمتها (المزرعة، الحقل)... إلخ. والمفردة الأخيرة مشتقة
من المفردة اللاتينية
Colonus،
التي تعني: (مزارع، فلاح، حارث)، في إشارة إلى أن أصل الاستعمار هو السيطرة على
الأرض أو مصادرتها، ومن ثَمَّ حراثتها وزراعتها، أي إعمارها. ومن الجدير بالذكر أن
بريطانيا كانت تطلق على مستعمراتها مصطلح
Plantation؛
أي مزرعة. بالمقابل يضمن هذا النوع من الاستعمار (الاستيطاني) حركة انتقال
المواطنين من دولتهم الأصلية إلى إقليم ما وراء البحار (الأجنبي عنهم) والاستيطان
به استيطاناً دائماً[12].
تعدُّ القوة بمفهومها السياسي المحرك الرئيسي للعلاقات السياسية الدولية[13]،
ولأن الدول بصفة عامة تسعى دائماً إلى زيادة قوَّتها وتحسين وضعها الدولي بهدف
مواجهة غيرها من الدول. فقد تنامت ظاهرة الاستعمار بشكل واضح وجليٍّ في قاموس
العلاقات الدولية على مرِّ العصور، بسبب المحاولات المتكررة للدول القوية لبسط
سيطرتها على أراضٍ أجنبية عنها من أجل زيادة قدراتها وإمكاناتها وبالأخص
الاقتصادية، ويبدو هذا الوضع طبيعياً في ظل مجتمع دولي يتميز بعدم وجود قوة مركزية
تنظم وتضبط سلوك تلك الدول لتمنعها من الاعتداء بعضها على بعض، أو التوسع على حساب
الآخرين من الشعوب الضعيفة من أجل استغلال ثرواتها وموادها الطبيعية أبشع
الاستغلال، وتُعرَف هذه الظاهرة الشائعة في العلاقات الدولية بمفهوم (الاستعمار).
لذا يحظى هذا المفهوم بأهمية خاصة في العلاقات الدولية، لأنه يلقي الضوء على كيفية
ممارسة القوة في أبشع صورها على الشعوب المستعمَرة، ويبدو هذا الاهتمام واضحاً في
الدول النامية التي وقعت غالبيتها العظمى فريسة الاستعمار، وهو ما كان له تأثيره
الواضح على العلاقات الدولية[14].
بذلك يعدُّ الاستعمار ظاهرة سياسية واقتصادية وعسكرية، تتجسد في قدوم موجات من سكان
البلدان المستعمِرة إلى المستعمرات قبل الاحتلال العسكري أو بعده بقصد استيطانها
والإقامة فيها بشكل دائم أو الهيمنة على الحياة الاقتصادية والثقافية واستغلال
ثروات البلاد. وبشكل عام ترافق هذه الظاهرةَ غيرَ الإنسانية حملاتٌ عسكرية عنيفة من
أجل حماية المستوطنين والمرتبطين بالدولة الإمبريالية (الأم)؛ بهدف تأمين استمرارية
النهب الاستعماري لهذه البلاد وربطها ربطاً كاملاً بعجلة الإمبريالية العالمية. أما
الاستعمار المباشر فهو الذي يكتفي باستغلال البلاد وحكمها بواسطة جيوشه وعملائه،
كما حدث لمعظم البلدان العربية إبَّان وقوعها تحت الاستعمار الغربي (الأوروبي). إلا
أننا نجد في النهاية أن الاستعمارَين كلاهما نهب وسلب منظم لثروات البلاد
المستعمَرة، فضلاً عن تحطيم كرامة شعوب هذه البلاد وتدمير تراثها الحضاري والثقافي،
وفرض الثقافة الغربية الاستعمارية على أنها الثقافة الوحيدة القادرة على نقل البلاد
المتخلفة إلى حضارة العصر[15].
أما عن زمن تنامي هذه الظاهرة بشكل واضح وصريح، فقد أثبتت الدراسات تاريخياً أن
الظاهرة الاستعمارية قد بدأت تطفو على السطح بصورة عالمية عند بداية ظهور الثورة
الصناعية في أوروبا، إذ تُعدٌّ تلك الظاهرة نتيجةً منطقيةً لتطور النظام الرأسمالي
وضرورة استمراره، بالأخص في أواخر القرن التاسعَ عشرَ[16]،
فلم تستهدف هذه الظاهرة
«الاستغلال
المادي فحسب، بل ركزت على أن تكون أيضاً إجهازاً على كل ما له صلة بهوية المجتمعات
المستعمَرة ومقوِّمات شخصيتها التاريخية»[17].
بناءً على ما تقدم ولتحقيق الغاية التوعوية من هذا المقال نطرح على أنفسنا السؤال
التالي:
ما هي طبيعة العلاقة الارتباطية القائمة بين الأنثروبولوجيا والاستعمار؟
في حقيقة الأمر، تباهى الغرب كثيراً بتقدُّمه العلمي الذي يعزوه إلى عبقرية علمائه،
ولكنَّ مسيرة العلم الحديث لا يمكن - بطبيعة الحال - فصلها عن تاريخ الغرب
الاستعماري، الذي كان العلم جزءاً أساسياً في تمكينه وتوطيده، مساهماً بذلك في
تعميق النظرة العنصرية ضد الشعوب المستعمَرة[18].
إن سعي الاستعمار الحديث للسيطرة على الشعوب لم يكن بالقوة العسكرية والسلاح المدمر
فقط؛ بل كان أيضاً بالهيمنة الثقافية والعمل على إعطاء التبريرات الوافية حول إبادة
هذه الشعوب واستغلال خيراتها الطبيعية والبشرية، ولقد كُرِّسَت الجهود التي توغلت
إلى الخصوصيات الثقافية للوقوف على مكان القوة والضعف عن طريق الملاحظة الدقيقة
والمتأنية للوصول إلى نتائج مهمة، ويقول أحد الباحثين في هذا السياق:
«لا
استعمار جيد بدون أثنولوجيا مُحْكَمة... ولا يمكن أن يتم الاستعمار بالتجريب حين
تساعد أضواء الملاحظة العلمية على إتمامه وبمعدل نجاح كبير»[19].
لقد نشأت الأنثروبولوجيا أداةً فكرية لتعزيز سلطة الاستعمار، فكانت مرتبطة بشدة
كبيرة بالإدارة الاستعمارية[20].
والدليل على ذلك أنه إذا كان الاستعمار موجوداً في كل زمن، فإن دراسة الشعوب
الخاضعة للاستعمار لم تجرِ إلا في الاستعمار الأوروبي وهي تجري بشكل علمي[21]؛
إذ
«استطاع
المستعمِر أن يجد مبررات لتوظيف علماء الأنثروبولوجيا لدراسة المستعمرات التي تمثلت
في غياب الدراسات التاريخية حول هذه الشعوب»[22]،
وهو ما جعل الأنثروبولوجيا حليفاً حقيقياً للاستعمار الباحث عن أراضٍ جديدة وثروات
إضافية لتلبية الحاجات الصناعية في أوروبا؛ فقد كان الاعتماد على تقنيات ووسائل
الأنثروبولوجيا واضحاً لدى الإدارة الاستعمارية من خلال الاعتماد على وصف تركيبة
الشعوب المستعمَرة ونُظُمِها الاجتماعية وثقافاتها... كما كانت هذه العمليات تتم من
قِبَل ضباط الجيوش الاستعمارية الذين كانوا في الواجهة، وهو ما مكَّنهم من إعداد
التقارير حول الخصائص التي تميِّز الشعوب وحول طبيعة البيئات التي تسكنها، وكل هذا
من أجل التمهيد الثقافي والفكري للغزو العسكري أو للمحافظة على بقاء واستمرار
النظام الاستعماري[23].
ويعني ذلك أن الدراسات الأنثروبولوجية لم تقتصر على دراسة وتحليل وتفسير المجتمعات
البشرية بهدف المعرفة الأكاديمية وفهم الطبيعة الإنسانية؛ بل تم توظيفها واستخدامها
لخدمة غايات استعمارية دنيئة. والدليل على ذلك أن الحركة الاستعمارية الأوروبية
كانت حينئذٍ في حاجة إلى البحث عما يدعم هيمنتها، وإلى معرفة الخطوط العامة للسياسة
التي يمكن أن تحافظ على هذه الهيمنة. فظهرت العلاقة الجدلية بين المعرفة
الأنثروبولوجية باعتبارها نظرية، وبين السياسة الاستعمارية باعتبارها واقعاً
تاريخياً، فالسياسة هنا تمد المعرفة بموضوعها وبالاتجاه الذي ينبغي أن تسير فيه،
والمعرفة كذلك تمد السياسة بالمعطيات التي تساعدها على تنفيذ مشروعها وعلى تبرير
مشروعيتها، كما تمدها بصيغة للتعبير عن أهدافها[24].
بذلك
«وُصِمَت
الأنثروبولوجيا - كعلم من حيث النشأة والهدف - بأنها علم استعماري بامتياز، لأنه
كان مطية الاستعمار التي مكَّنت الدول الغربية من استعمار دول وشعوب كثيرة من آسيا
وإفريقيا وأمريكا اللاتينية. حدث ذلك عن طريق سلسلة متتابعة من الباحثين الذين
ارْتَدُوا قناع التبشير وفي حقيقة الأمر هم مقدمة لذلك الزحف الاستعماري الغربي
الذي رزح فوق كاهل تلك الشعوب سنوات عديدة.
عمل الأنثروبولوجيون من خلال مهمتهم التبشيرية المزعومة على جمع العديد من
المعلومات حول المجتمعات المستعمرة أو التي يشكل استعمارها هدفاً مستقبلياً، ومن
الطبيعي أن تُسْتَغَل تلك المعلومات المجموعة إما في تثبيت الاستعمار أو تهيئة
المناخ المناسب له للانقضاض على ضحية جديدة للاستعمار وبأقل خسائر ممكنة، بالنسبة
للدول الاستعمارية طبعاً»[25].
ولا يستقيم ذلك إلا بمعرفة متعمقة للغاتهم وعاداتهم وتقاليدهم وأخلاقهم... والعلوم
الاجتماعية الاستعمارية ضرورية للحفاظ على هيمنتها ولضمان استمرار هذه الهيمنة[26].
ويعبِّر الأنثروبولوجي الإنكليزي إيفانز بريتشارد (1902- 1973م) عن العلاقة
الارتباطية بين الاستعمار والأنثروبولوجيا بقوله:
«إذا
كانت السياسة الاستعمارية لحكومة مَّا تقوم على حكم شعب من الشعوب بواسطة رؤسائه،
فمن المفيد أن يعرف من هم هؤلاء الرؤساء، ما هي وظيفتهم، وسلطتهم وامتيازاتهم،
وواجباتهم، فإذا سلَّمنا بأن حكم شعب ينبغي أن يتم وَفْقاً لشرائعه الخاصة وعاداته
الخاصة، فيجب أولاً أن نكتشف هذه الشرائع وهذه العادات»[27].
بالمقابل لم يشفع للأنثروبولوجيا أن المعلومات التي جُمعَت حول شعوب ودول العالم
الثالث والنامي، قد أذهلت العلماء والباحثين إذ اتضح لهم أن الدول المستعمَرة أو
المستهدفة للاستعمار لها من النظم والحضارة والتقاليد ما يمكِّنها من الصمود ليس
فقط في وجه الاستعمار المكشوف؛ وإنما في وجه مختلف أشكاله المستترة.
وهكذا نجد أن المواقف المضادة للأنثروبولوجيا بمختلف مجالاتها لها ما يبررها في
سياقها إبستمولوجياً وتاريخياً. إذا أخذنا في الحسبان الارتباط الوثيق بين العلوم
الاجتماعية عموماً (المساوقة لحركة الاستعمار) وبين أيديولوجيا الاستعمار، وكذلك
النظرة إلى الآخر على أنه متوحش أو إنسان من درجة أقل اعتباراً في التقسيم العلمي
للسوسيولوجيا، كما دعا إليه أوغست كونت نفسه في دروسه الوضعية، بين سوسيولوجيا تدرس
المجتمعات الصناعية - الوضعية، وأخرى تدرس المجتمعات غير الغربية أو ما قبل الحالة
الوضعية، ألا وهي الأنثروبولوجيا نفسها، التي شكلت الأسس الإبستمولوجية للعلوم
الاجتماعية الاستعمارية وللأيديولوجيا الاستعمارية. بغضِّ النظر عن أسسها النظرية
المشبوهة في النظر إلى الإنسان غير الغربي أو إلى خلفياتها الأيديولوجية الممتدة
للاستشراق، فإنها لم تتجاوز منهجياً تزامنيتها القاتلة في اقتصارها على الحاضر
والتجربة الملموسة في مقابل تهميش التجارب التاريخية المتميزة للثقافات الشرقية،
كما هو الشأن لثقافتنا العربية. لكن: هل ينطبق ذلك على الأنثروبولوجيا اليوم؟ هل ما
زالت مرتبطة بالاستعمار وأيديولوجيته؟ هل ما زالت تنظر إلى الآخر على أنه ماضٍ
للثقافة الغربية؟ هل ما زالت المعرفة الأنثروبولوجية تزامنية صرفة؟ هل ما زالت تنظر
إلى الإنسان غير الغربي، على أنه آخر متوحش، أو إنسان من درجة ثانية، أو أنه ماضٍ -
حاضر[28]؟
نستنتج مما تقدم أنه تم إحداث الأنثروبولوجيا السياسية تحت تأثير الاستعمار، لأن
المجتمعات التي درسها الأنثروبولوجيون كانت قد تمَّت إعادة هيكلتها، لكي تكون تابعة
سياسياً واقتصادياً للخارج، بمعنى أن الهدف من هذا التخصص لم يتأسس أساساً انطلاقاً
من ضرورات معرفية، بل انطلاقاً من تاريخ علاقات الغرب بباقي العالم. هذا يعني أن
تاريخ توسع المجتمعات الرأسمالية الأوروبية شكَّل الإطار الذي ولدت فيه
الأنثروبولوجيا السياسية[29].
ويعني ذلك أن الحضارة الغربية المادية التي تمتلك زمام القوة والسلطة المادية على
مستوى العالم أجمع، إذ يعدُّ الاستعمار الأوروبي أحد أهم مفرزاتها، قد بدأت مرحلة
الهبوط والانحدار لا بسبب فقدانها القوة المادية أو القوة الاقتصادية، ولكن بسبب
إفلاسها في عالم القيم السامية والأخلاق الفاضلة والمبادئ الإنسانية العادلة، وبسبب
فقدانها الهدف والمنهج القويم الذي ترتكز عليه الحضارات وبسبب انحرافها عن الطريق
الصحيح، وبسبب عنصريتها وعدوانيتها التي وصلت إلى حدٍّ من البشاعة لم تصل إليه في
تاريخ الإنسانية الطويل، إذ استطاعت السلطة السياسية في العالم الغربي استغلال
وتوظيف نتائج دراسات وأبحاث العلوم الإنسانية والاجتماعية لتحقيق مصالحها وغاياتها
في كثير من المواقف، ويعود ذلك إلى أن ظاهرة تفوُّق العالم الغربي التي منحته
إمكانات القوة وفتحت له أبواب السيطرة والهيمنة وسوَّغت له ممارسة العنف دون حسيب
ولا رقيب؛ ليست حتمية إنسانية، وإنما جاءت بناءً على جهد بشري وتخطيط إنساني وعمل
اجتماعي وسياسي متواصل ودؤوب خلال أجيال متعاقبة قامت على أكتافها المدنية
الأوروبية.
وهذا يعني أن بداية تطور وتقدُّم العلم الغربي الحديث كان متشابكاً بشكلٍ لا فكاك
منه مع الاستعمار، وخاصة الإمبريالية الأوروبية الاستعمارية. ومن بين تلك العلوم في
المجال الاجتماعي (الأنثروبولوجيا). إلا أن الموقف لم يبقَ على حاله وبالأخص بعد
حصول معظم البلدان الواقعة تحت سيطرة الاستعمار على استقلالها، فشنت العديد من
البلدان المتحررة حرباً أخلاقية ضد علم الأنثروبولوجيا وعدَّته علماً استعمارياً
يجب إبعاده وعدم الاعتراف به بسبب تعاون الأنثروبولوجيين مع المستعمر ومدِّه
بالمعلومات والنتائج تمهيداً لاحتلالها[30].
أجبرت تلك المواقف الأنثروبولوجيا تحت تأثير الاتجاهات التحررية في ستينيات
وسبعينيات القرن الماضي إلى إعادة التفكير في علاقتها وارتباطها مع السلطة السياسية
(الاستعمار)، وتوصل الأنثروبولوجيون إلى قناعة مفادها أنه يجب إعادة الاعتبارات
الإنسانية لعلم الأنثروبولوجيا وتوظيف أبحاثها في خدمة المجتمعات الإنسانية لا
السيطرة عليها؛ والدليل على ذلك رفْض عدد كبير من الأنثروبولوجيين توظيف علمهم
لخدمة الإدارة الحكومية أيّاً كان نوعها وهدفها، على أساس أن ذلك يمثل استخداماً
غير أخلاقي لمعلوماتهم عن الشعوب أو المجتمعات التي أوْلَتهم الثقة ومنحتهم فرصة
الدراسة.
كما أصر هذا الاتجاه السائد في حقبة التحرر على استخدام نتائج الدراسات والأبحاث
الأنثروبولوجية لمساعدة المجتمعات النامية على النهوض والتقدم في إطار عمليات
التغير الاجتماعي والاقتصادي والتنمية الشاملة[31].
وهذا يعني - بطبيعة الحال - أن الأنثروبولوجيا المعاصرة قد تبدَّل موقفها من
الإنسان غير الغربي ولم تَعُد تنظر إليه على أنه آخر متوحش، أو إنسان من درجة ثانية
بسبب تغير الأوضاع السياسية على مستوى العالمي بعد الحرب العالمية الثانية، إضافة
إلى التحولات المجتمعية الجذرية التي شهدتها المجتمعات الغربية وغير الغربية
لاحقاً: من عولمة، وتعميم للحضريات الجديدة، وتطور وسائل الاتصال... كل ذلك وَضَعَ
ما سُمِّي بالعلوم الاجتماعية الاستعمارية - الأنثروبولوجيا تحديداً - في أزمة إذ
وضعها موضع سؤال. وهو ما فرض عليها أن تعيد النظر في ذاتها موضوعاً ومنهاجاً[32].
نشأت في عام 1968م الجمعية الأنثروبولوجية لبحث قضايا المسؤوليات الأخلاقية
للأنثروبولوجيين تجاه المجتمعات والجماعات التي قاموا بدراستها، وقد تمَّت مناقشة
سؤال رئيسي، هو: كيف، ولمصلحة مَن تُستخدَم البحوث الأنثروبولوجية؟ وانتهت إلى
إصدار بيان أو وثيقة الأخلاقيات عام 1973م تحددت من خلالها علاقة الأنثروبولوجيين
ومسؤولياتهم الأخلاقية والأكاديمية تجاه الأفراد الذين يدرسونهم، وعلاقتهم
بالحكومات المضيفة وأيضاً تحديد مسؤولياتهم المهنية تجاه زملائهم وطلابهم. منعاً
لانحراف الأبحاث والدراسات الأنثروبولوجية عن مساراتها في خدمة الإنسانية[33].
إن جميع البشر هم إخوة بالإنسانية ولكلٍّ منهم حضارة وثقافة يعتز بها، وتعدُّ تلك
الثقافة تراثاً مشتركاً بين جميع البشر، فالعلم يجب أن يسخَّر في خدمة الجميع وليس
لتفضيل شعب عن شعب آخر بسبب لون بشرته، أو لغته، أو انتمائه القومي، أو الديني،
والأخذ في الحسبان أن جميع البشر يمكن لهم أن يساهموا في بناء الحضارة الإنسانية
والتأثير فيها بطريقتهم الخاصة، وهذا يرتِّب على عالِم الأنثروبولوجيا أن يضع علمه
في خدمة هذه الأهداف النبيلة وليس في تفرقة الشعوب... وهذا ما تطمح إليها
الأنثروبولوجيا المعاصرة[34].
خلاصة القول:
صحيح أن الأنثروبولوجيا قدمت خدمة بالغة الأهمية للاستعمار، وقد كانت على علاقة
وطيدة به مدة الحقبة الاستعمارية، التي استطاع من خلالها الأنثروبولوجيون أن يجمعوا
رصيداً كبيرة من المعارف الثمينة عن المجتمعات الإنسانية، التي ما زالت لم تحظ
بالنقد العلمي وإزالة كل الشبهات الأيديولوجية عنها. لكن يبقى الدور الملقى على
عاتق الحكـومات، حتى يكتمل تحررها من براثن الأيديولوجيا الاستغلالية أن تعيد النظر
والقراءة المتعمقة لهذا الموروث المعرفي، واستغلاله في خدمة الإنسانية والتعايش
السلمي والاجتماعي، بالإضافة إلى تفعيل دوره في عملية تنمية المجتمعات المدروسة من
قبل الأنثروبولوجيا والفكر السوسيولوجي الذي ارتبط أيضاً بالنظريات الغربية بعد
الاستقلال وفرض نفسه على هذه الشعوب عقوداً طويلة من الزمن، إذ نشأ الرعيل الأول
على هذا الفكر المهمين على الدراسات والأبحاث الإنسانية والاجتماعية. في حين أن
الحقيقة التي ينبغي أن تبرز في ميدان العلوم الاجتماعية هي أن يتحرر كلٌّ من علماء
الأنثروبولوجيا والسوسيولوجيا من الأفكار والمناهج الغربية[35]،
إذا أرادوا تأسيس علوم اجتماعية حقة تسعى إلى حل المشاكل والقضايا التي تعترض
استقرار وتوازن أفراد المجتمع مع واقعهم، بالإضافة إلى تحرر الإنسانية من كل عوامل
استغلال واضطهاد الإنسان لأخيه الإنسان. وبناء جسور التعايش السلمي والإنساني بين
شعوب العالم التي تشترك جميعها في مفهوم الإنسانية الذي لا يتجزأ.
كما لم يعد اليوم مقبولاً لدى مثقفينا العرب النظر إلى الأنثروبولوجيا نظرة
كلاسيكية عتيقة ومتقادمة، أي أنها علم يدرس المجتمعات التقليدية والمستعمرة، لأن
أنثروبولوجيا اليوم، تجاوزت ذاتها إلى أنثروبولوجيا مغايرة، أنثروبولوجيا العالم
المعاصر. إننا إذاً أمام أنثروبولوجيا جديدة لعالم جديد: عالم المدينة، عالم
التفردات والكونية، الوحدة والتعدد، الأمكنة واللا أمكنة، الحداثة وما فوق الحداثة،
الهوية والاختلاف، المحلي والكوني، عالم المعنى والحرية. إنه عالم المفارقات. وعلى
هذا النحو، فإننا في حاجة ملحَّة للأنثروبولوجيا (أنثروبولوجيا للعوالم المعاصرة)[36].
[1] الدول الأنجلو ساكسونية: هي تلك الدول الناطقة باللغة الإنكليزية؛ أي لغتها
الرسمية هي اللغة الإنكليزية، أشهرها بريطانيا وأمريكا، كما نجد دولاً ناطقة باللغة
الفرنسية نسميها الدول الفرنكوفونية.
[2] تيلوين، مصطفى: (2011)، مدخل عام في الأنثروبولوجيا، ط1، دار الفارابي ومنشورات
الاختلاف، بيروت والجزائر، ص(17).
[3] المرجع السابق نفسه، ص(19 - 20).
[4] الحسني، السيد نبيل: (2009)، الأنثروبولوجيا الاجتماعية الثقافية، ط1، قسم
الشؤون الفكرية والثقافية في العتبة الحسينية المقدسة، العراق، ص(15).
[5] العربي، بوحسون: (ديسمبر 2011)، الاستشراق والأنثروبولوجيا والاستعمار (دراسة
تحليلية لطبيعة العلاقة)، العدد الثاني، مجلة الإنسان والمجتمع، الجزائر، ص(44).
[6] لكلرك، جيرار: (1990)، الأنثروبولوجيا والاستعمار، ط1، (ترجمة جورج كتورة).
المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت، ص(35).
[7] الجندي، أنور: (بلا تاريخ)، الاستعمار والإسلام، دار الأنصار، القاهرة، ص(3).
[8] الغزالي، محمد: (يناير 2005م)، الاستعمار أحقاد وأطماع، ط 4، نهضة مصر،
القاهرة، ص(68).
[9] الدين، عمار محيي: (الجمعة 7 ديسمبر 2018م)، الاستعمار الثقافي والفكري وخطره
على الشعوب، العدد 19741، مجلة الثورة، ص(7).
[10] العقاد، عباس محمود: (2019م)، لا شيوعية ولا استعمار، مؤسسة هنداوي، المملكة
المتحدة، ص(52).
[11] الجندي، أنور: الاستعمار والإسلام، مرجع سبق ذكره، ص(3).
[12] منى، زياد: (19/4/ 2012م) مثقفون... وما شبه لنا، موقع الجزيرة نت، قسم
المقالات/ تحليلات/ العالم العربي. قطر.
https://cutt.us/GyYQk
[13] مجاهد، حورية توفيق: (1975م)، الاستعمار كظاهرة عالمية (حول الاستعمار
والإمبريالية والتبعية)، عالم الكتاب، القاهرة، ص(9).
[14] شايب، قدادرة: (2007م)، الحزب الدستوري التونسي الجديد وحزب الشعب الجزائري
1934- 1954م (دراسة مقارنة)، رسالة دكتوراه، كلية العلوم الإنسانية والعلوم
الاجتماعية، قسم التاريخ وعلم الآثار، جامعة منتوري - قسنطينة، الجزائر، ص(2).
[15] كيالي، عبد الوهاب: (1985م)، موسوعة السياسة، ط2، الجزء 1، المؤسسة العربية
للدراسات والنشر، بيروت، ص(172).
[16]
Borras,
Eduardo Ysern:(1984م).
The
Colonized
Personality:
Frantz
Fanon’s
Concept
of
the
Psychology
of
People
Living
Under
Socio
-
Political
Conditions
Colonialism.
PH.D.
the Wright Institute
Berkeley.
University Microfilms
International.
p
(59).
[17] مالكي، محمد: (1994)، الحركات الوطنية والاستعمار في المغرب العربي، ط2، سلسلة
أطروحات الدكتوراه (20)، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، ص(332).
[18] طرابلسي، كريم: (23/4/2018م)، العلماء والاستعمار... حينما استخدم الغرب العلم
لتبرير التحكم بالشعوب، ميدان موقع الجزيرة.
[19] منصور، مرقومة: (2016)، الأنثروبولوجيا والنزعة الاستعمارية الحديثة، المجلد
4، العدد 8، مجلة التدوين، الجزائر، ص(83 - 84).
[20] ماكفيت جيه دي، مونتجمري: (2019)، الأنثروبولوجيا ومكافحة التمرد، مركز تنمية
الفكر الإستراتيجي، دون مكان نشر، ص(11).
[21] لكلرك، جيرار: (1990)، الأنثروبولوجيا والاستعمار، ط1، (ترجمة جورج كتورة).
المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت، ص(37).
[22] العربي، بوحسون: الاستشراق والأنثروبولوجيا والاستعمار (دراسة تحليلية لطبيعة
العلاقة)، مرجع سبق ذكره، ص(48).
[23] ميمون، سفيان: (تاريخ 16/3/2018م)، الجزائر وأنثروبولوجيا الاستعمار، العدد
5817، الحوار المتمدن.
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=592455
[24] فهيم، حسين: (فبراير 1986م)، قصة الأنثروبولوجيا - فصول في تاريخ علم الإنسان،
العدد 98، سلسلة عالم المعرفة، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت،
ص(102).
[25] الفوال، صلاح مصطفى: (1982م)، علم الاجتماع والعلوم الاجتماعية - علاقات
ومجالات وميادين، عالم الكتب، القاهرة، ص (177- 178).
[26] فهيم، حسين: قصة الأنثروبولوجيا - فصول في تاريخ علم الإنسان. مرجع سبق ذكره،
ص (102).
[27] العربي، بوحسون: الاستشراق والأنثروبولوجيا والاستعمار (دراسة تحليلية لطبيعة
العلاقة)، مرجع سبق ذكره، ص (49).
[28] لكعشمي، عثمان: (مارس 2019م)، من أجل أنثروبولوجيا جديدة لعالم جديد، قسم
المقالات، مجلة الفيصل، الرياض.
https://www.alfaisalmag.com/?p=15189
[29] بيلون، ليز: (2018م)، السياسي في الأنثروبولوجيا - نحو أنثروبولوجيا سياسية
(ترجمة مولود أمغار)، مؤمنون بلا حدود، المغرب، ص(5).
[30] الوزاني، الطيب بن المختار: (19/7/2016م)، مرتكزات الهيمنة الغربية على
العالم، موقع إسلام ويب.
https://www.islamweb.net/ar/article/211084/
[31] العربي، بوحسون: ( نوفمبر 2019م)، الأنثروبولوجيا من علم الاستعمار إلى علم
التنمية. العدد 10، مجلة الدراسات الثقافية واللغوية والفنية، المركز الديمقراطي
العربي، برلين، (72).
[32] لكعشمي، عثمان: من أجل أنثروبولوجيا جديدة لعالم جديد، مرجع سبق ذكره.
[33] العربي، بوحسون: الأنثروبولوجيا من علم الاستعمار إلى علم التنمية، مرجع سبق
ذكره، ص (72).
[34] منصور، مرقومة: (2016م)، الأنثروبولوجيا والنزعة الاستعمارية الحديثة، المجلد
4. العدد 8، مجلة التدوين، الجزائر، ص(16).
[35] العربي، بوحسون: الأنثروبولوجيا من علم الاستعمار إلى علم التنمية، مرجع سبق
ذكره، ص (82).
[36] لكعشمي، عثمان: من أجل أنثروبولوجيا جديدة لعالم جديد، مرجع سبق ذكره.