إن سياق النصوص الشرعية يدل على أن من تعيَّن في حقه العمل الطبي، يلزمه أن يسعى بمقتضى حقيقة التوكل، إلى البحث عن العلاج الوقائي، والعلاج الدوائي الاستشفائي
مقدمة
قبل البدء في قضية المقال، لا بد من القول بأن الإسلام منظومة من القيم والأحكام
المتكاملة والمتداخلة والمتفاعلة، التي منها يتشكل البناء الحضاري للأمة في الواقع،
فلا يمكن الحديث عن الاقتصاد في التصور الإسلامي بمعزل عن السياسة وعن الثقافة وعن
القيم الأخلاقية، كما لا يمكن معالجة قضية الطب والصحة بمعزل عن كل ذلك. ولقد
شاهدنا في (نازلة كورونا) في بلدان العالم كيف سرت عدوى الأزمة الصحية في بنية
الدول اقتصادياً وسياسياً وإعلامياً ونفسياً واجتماعياً، وتفاعلت هذه العناصر فيما
بينها لتفضي بصنَّاع القرار للتفكير في تدابير متعددة الأبعاد، لمعالجة الوضع.
ولقد عرف تاريخ الإنسانية عامة وتاريخ المغرب خاصة أنواعاً من الأوبئة والطواعين،
كانت لها آثار قوية على المجتمع والبحث العلمي معاً، ونذكر على سبيل المثال الطاعون
الذي ظهر عام 1517م بإيطاليا الأوروبية، ففتك في ميلانو بـ 17.329 ضحية، على مجموع
180.000 نسمة؛ أي حوالي 10%، وفي البندقية خلَّف الوباء 46.721 ضحية على مجموع
168.627؛ أي بنسبة 27%. وفي عصر السلطان مولاي إسماعيل بالمغرب، عرف طاعون أعوام
1678 - 1680م، وطاعون أعوام 1747 - 1751م، وارتفعت به الوفيات إلى 60 ضحية يومياً
بسلا، وخلَّف الوباء في كل تلك البلاد انهياراً ديموغرافياً وانحطاطاً اقتصادياً[1]،
وفي عهد مولاي سليمان (1792 - 1822م) وبداية خَلَفه مولاي عبد الرحمن (1822 -
1859م) تعرض المغرب لثلاث كوارث طبيعية جديدة، وتعرض العالم لموجات من وباء
الكوليرا، رابعها في أعوام 1867 - 1869م. وخامسها في أعوام 1895 - 1896م، تركت كل
واحدة منها بصماتها على حياة البلاد الاجتماعية والاقتصادية والسياسية[2].
تشكيل العقلية العلمية وبناء الحضارة:
لقد أحدث الإسلام تحولات عميقة في كيان الإنسان الجاهلي كله، فتنزلت مضامين الوحي
الإلهي تخاطب في الإنسان عقله وروحه وجسده، قَصْد إعداده وتأهيله لأداء مهمة
الخلافة ومهمة العبادة في هذا الوجود. ونُجْمل أهم النقلات التي تمَّت من خلال هذه
التحولات الشاملة في ما يلي:
النقلة التصورية الاعتقادية:
فقد تقرر في الأصول والإيمان، أن لا معبود بحق إلا الله الرب الخالق، وكل ما عدا
الله من المعبودات - أي (الطاغوت) بالاصطلاح القرآني - لاغٍ في حساب الشرع،
والإنسان أمامه حياة الآخرة فلا بد من الإعداد لها. إذن فهناك موجِد لهذا الكون، هو
المستحق للعبادة سبحانه، وهناك آخرة لأجلها يعمل في هذه الدنيا، وذلك من خلال شرع
تدعو أحكامه إلى الأخذ بالأسباب، واعتبار المقاصد والعلل في الحسبان،
{وَيَسْأَلُونَكَ عَن ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُم مِّنْهُ ذِكْرًا
83 إنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا}
[الكهف: 83 - 84].
النقلة المعرفية:
فقد دعا الإسلام إلى العلم على أساس الإتيان بالدليل والبرهان: {اقْرأْ بِاسْمِ
رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} [العلق: ١]، {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ
وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ} [الزمر: ٩]،
{قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إن كُنتُمْ صَادِقِينَ} [البقرة: ١١١]، ووقف بكل صرامة
في وجه الظن والهوى والجهل، وما يتأتى منها.
النقلة المنهجية:
تحول الوحيُ بالعقلِ من واقع الفوضى والخرافة، إلى المنهج العلمي، فصاغ من العقل
الإنساني عقلاً علمياً تعليلياً مقاصدياً، لا مكان عنده للمصادفة في هذا الوجود،
ولا مجال لانتفاء الأسباب؛ فما من شيء في هذا الوجود إلا وله حكمة وعلَّة وسبب؛
فالعلة والمعلول والسبب والمسبب، والمقدمة والنتيجة سُنة ربانية.
من هذا المنطلق فإن الأمراض التي تصيب الإنسان لا بد لها من أسباب، ولمقاومة هذه
الأمراض لا بد من معرفة أسبابها، لأنه بإزالة الأسباب تزول الأمراض ويصير الإنسان
سليماً معافىً، لانتظام الترابط بين الأسباب والمسببات في الجسم. وهذا ما يدعو إليه
الهدي النبوي، و يشهد بعظمة التشريع الإسلامي؛ إذْ إنه في الوقت الذي كانت تخيم فيه
الجهالة الطبية على العالم في ذلك الوقت، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحث
الناس على الأخذ بالأسباب؛ بالتداوي والعلاج. فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
«مَا
أَنْزَلَ اللَّهُ دَاءً، إِلَّا أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً»[3].
ففيه إباحة التداوي والتشريع للعناية بالطب؛ إذ إن الله سبحانه وتعالى حين قدَّر
الداء، قدَّر له الدواء، وأن المريض إذا تناول هذا الدواء متبعاً نصائح الطبيب فإنه
يبرأ ويشفى بإذن الله. وهذا التشريع النبوي أسس لعلم الطب بإشراف أطباء مسلمين
مشهورين؛ مثل: الحارث بن كلدة، والرازي، والزهراوي، وابن سينا، وأبي العلاء بن زهر،
ذلك الطبيب المغربي ابن القرن السادس الهجري، الذي خلَّف كتباً في الطب مثل: كتاب
«الأغذية»،
وكتاب:
«التيسير
في المداواة والتدبير»
(ترجم إلى اللاتينية عام 1280م)، وكتاب
«التذكرة»
وهو مؤلَّف في الأمراض والأوبئة التي انتشرت بمراكش، وكانت له تجارب في ابتكـار
أدوية، واكتشـف عـدة علاجـات لكثير من الأمراض، ومن المؤلفـات العربية في الطب:
كتاب
«المنظـومة
الطبية فـي العـلاجات والأدوية المرضية»،
وكتـاب
«الدرر
المحمـولة فـي الأحاديث المقبـولة»
لأحمد بن علي الدرعي، و
«الكامـل»
للـرازي، و
«القانون
في الطـب»
لابن سينا، و
«الكليات»
لابن رشد، وتم بناء المسـتشفيات من أموال الأوقاف في الحضارة الإسلامية، فكان في
مدينة قرطبة وحدها خمسون مستشفى في أواسط القرن العاشر، وكانت تتوفر في
الماريستانات مكتبات طبية، بل كان الطلاب يتلقون علم الطب فيها من أطباء مقتدرين،
منهم ابن زهر، وابن رشد. وعرفت جامعة القرويين في القرن الثالث عشر الهجري تدريس
الطب، في الوقت الذي عاشت فيه أوروبا ظلمات طب كهنوتي قاتل، يورث الأسقام والآلام
أكثر مما يحقق الشفاء للأنام، ففي القرن التاسع عشر الميلادي كان المريض بالأعصاب
يعامل على أنه مجرم، فيسجن ويعذب ويهان، في حين تميز الطب العربي بالرحمة والعلمية
والتجربة[4].
الحَجْر الصحي تشريع طبي وقائي:
للإسلام رؤيته الإستراتيجية في حفظ الإنسان وحمايته مما يسبب له الآلام والأسقام
والأحزان، فحرَّم على المكلَّف أنواعاً من الأطعمة والأشربة نظراً لِـمَا فيها من
أضرار على الجسم البشري، ووضع التشريع الإسلامي الحَجْر الصحي، إذ قد تظهر أمراض
معدية كما هو الحال في وباء (كورونا)، فيتطلب الوضع والحالة العامة الحجرَ الصحي،
والسعيَ للبحث عن الدواء، والأخذَ بجميع أسباب السلامة، والبعدَ عن كل ما فيه
الهلكة، قال الله تعالى: {وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا
بِأَيْدِيكُمْ إلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ
الْـمُحْسِنِينَ} [البقرة: 195]. وهنا فائدة أصولية؛ فـ
«وقوع
فعل (تُلْقوا) في سياق النهي يقتضي عمومَ كلِّ إلقاءٍ باليدِ للتهلكة، أي كل تسبب
في الهلاك عن عمد فيكون منهياً عنه محرماً، ما لم يوجد مقتضٍ لإزالة ذلك التحريم»[5].
ففي الآية دلالة على النهي عن التسبب في إتلاف النفس، وتحريم إلقاء المرء نفسه إلى
التهلكة. وتتجلى مظاهر هذا التسبب المهلك في عدم احترام مقتضيات الحَجْر الصحي،
وإحداث التجمعات، وعدم ترك مسافة الأمان بين الأشخاص، وعدم استعمال اللثام[6]،
وإهمال تطوير وتحديث وتقوية الطب، بعامليه ومختبراته ومؤسساته.
وقد ورد التصريح بالحجر الصحي في حديث النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الذي قَالَ
فيه:
«إِذَا
سَمِعْتُمْ بِالطَّاعُونِ بِأَرْضٍ فَلاَ تَدْخُلُوهَا، وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ
وَأَنْتُمْ بِهَا فَلاَ تَخْرُجُوا مِنْهَا»[7].
ففي الحديث دلالة على التشريع للحجر الصحي منذ عصر النبوة، أي منذ خمسة عشر قرناً.
والتوجيه النبوي يشمل حالتين:
الحالة الأولى:
بالنسبة للجماعة الموجودة في المنطقة الموبوءة بالمرض المعدي، فتمنع من الخروج من
المنطقة الموبوءة إلى منطقة أخرى حتى لا تنتقل العدوى إلى المناطق الأخرى فينتشرَ
المرض ويعمَّ كثيراً من الناس، والشريعة تسعى لدرء المفاسد وتقليلها.
الحالة الثانية:
بالنسبة للجماعة التي هي خارج المنطقة الموبوءة بالمرض المعدي؛ فهؤلاء يُمنَعون من
الدخول إلى المنطقة الموبوءة حتى لا تنتقل العدوى إليهم.
وهكذا وضع دين الإسلام قواعد الحجر الصحي، من باب تقليل المفسدة كي لا تنتشر، وتعجز
المؤسسات الطبية عن استيعاب المشكلة، ويعم الهلاك، وهذا من السياسة الشرعية للهدي
النبوي، تعكس السبق الحضاري للإسلام، ولكن أكثر الناس لا يفقهون.
ونستدعي في هذا المقام عمل الصحابي الجليل عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما خرج
إلى الشام (أي فلسطين والأردن وحمص ودمشق، سنة 17هـ)، يتفقد فيها أحوال الرعية
وأمراءهم، وهم خالد بن الوليد ويزيد بن أبي سفيان وشرحبيل بن حسنة وعمرو بن العاص،
فأُخبر بأن بلاد الشام قد وقع بها وجع الطاعون، وبعد قيامه بمشاورات مع الصحابة،
قرر الرجوع وعدم الإقدام على الدخول إلى الشام، فقال له أبو عبيدة:
«أفراراً
من قدر الله؟ فقال عمر: لو غيرك قالها يا أبا عبيدة! نعم! نفر من قدر الله إلى قدر
الله... وجاء عبد الرحمن بن عوف، فقال: إن عندي في هذا علماً فذكر الحديث (حديث
الطاعون رقم: 5728)، فحمد اللهَ عمرُ ثم انصرف»[8].
وهذه الواقعة تذكرنا بما وقع زمن النبوة؛ فعَنْ ابْنِ أَبِي خُزَامَةَ، عَنْ
أَبِيهِ، أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ
اللَّهِ! أَرَأَيْتَ رُقًى نَسْتَرْقِيهَا، وَدَوَاءً نَتَدَاوَى بِهِ وَتُقَاةً
نَتَّقِيهَا، هَلْ تَرُدُّ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ شَيْئاً؟ فَقَالَ:
«هِيَ
مِنْ قَدَرِ اللَّهِ»[9]،
فالأسباب من قدر الله.
ففي هذا العمل الاجتهادي استعمل عمر الحذر وأثبت القدر معاً، فعمل بالدليلين:
التسليم للقضاء، والاحتراز من الهلاك واجتناب أسبابه، فوافق في اجتهاده وتدبيره
القرآن والسنة، لذلك حمد الله تعالى، قال العيني تعليقاً على هذه الواقعة:
«وفي
هذا الحديث من الفوائد: خروج الإمام بنفسه لمشاهدة أحوال رعيته، وإزالة ظلم المظلوم
وكشف الكرب، وتخويف أهل الفساد وإظهار شعائر الإسلام، وتلقي الأمراء والمشاورة
معهم، والاجتماع بالعلماء، وتنزيل الناس منازلهم، والاجتهاد في الحروب، وقبول خبر
الواحد، وصحة القياس، واجتناب أسباب الهلاك»[10].
وقد قعَّد علماء الإسلام قواعد فقهية نفيسة، لهذا التدبير الاحترازي، مثل قاعدة:
«لا
ضرر ولا ضرار»،
وقاعدة:
«تصرُّف
الإمام في الرعية منوط بالمصلحة»،
قال القرافي:
«لا
يتصرَّف مَن ولي ولاية الخلافة فما دونها إلى الوصية؛ إلا لجلب مصلحة أو درء مفسدة؛
فكل مَن ولي ولاية فهو معزول عن المفسدة».
قال الشيخ مصطفى الزرقا في شرح هذه القاعدة:
«أي
إن نفاذ تصرف الراعي على الرعية ولزومه عليهم، شاؤوا أو أبوا، معلَّق ومتوقف على
وجود الثمرة والمنفعة في ضمن تصرفه، دينية كانت أو دنيوية. فإن تضمن منفعة مَّا وجب
عليهم تنفيذه، وإلا رد، لأن الراعي ناظر، وتصرفه حينئذٍ متردِّد بين الضرر والعبث
وكلاهما ليس من النظر في شيء. والمراد بالراعي: كلَّ مَن ولي أمراً من أمور العامة،
عاماً كان كالسلطان الأعظم، أو خاصاً كمن دونه من العمال»[11].
وإن من كرم الخالق سبحانه أن منح للهالك بسبب الوباء عطية الشهادة، فالمؤمن أمره
كله خير، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :
«الطَّاعُونُ
شَهَادَةٌ لِكُلِّ مُسْلِمٍ»[12]،
وعَنْ عَائِشَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ... أَنَّهَا سَأَلَتْ
رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : عَنِ الطَّاعُونِ، فَأَخْبَرَهَا نَبِيُّ
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «أَنَّهُ
كَانَ عَذَاباً يَبْعَثُهُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ، فَجَعَلَهُ اللَّهُ
رَحْمَةً لِلْمُؤْمِنِينَ، فَلَيْسَ مِنْ عَبْدٍ يَقَعُ الطَّاعُونُ، فَيَمْكُثُ
فِي بَلَدِهِ صَابِراً، يَعْلَمُ أَنَّهُ لَنْ يُصِيبَهُ إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ
لَهُ، إِلَّا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ الشَّهِيدِ»[13].
ففي الحديثين دليل على ثبوت أجر الصابر على الطاعون، وما شابهه من الأوبئة. بشرط أن
يكون المسلم غير منزعج ولا قلق، بل خاضعاً لأمر الله راضياً بقضائه.
خاتمة
إن سياق النصوص الشرعية يدل على أن من تعيَّن في حقه العمل الطبي، يلزمه أن يسعى
بمقتضى حقيقة التوكل، إلى البحث عن العلاج الوقائي، والعلاج الدوائي الاستشفائي،
فقد تقرر بمنطوق الحديث النبوي أن لكل داء دواء، والأمة مطالَبة بمقتضى منطوق
ومفهوم النصوص الشرعية، باستئناف دورها الحضاري - كما كانت من قبل - في كل ميادين
الحياة، ومنها الطب، بإعداد العدة وبناء ما يكفي المجتمع من مؤسسات طبية تعليمية
واستشفائية، ومختبرات وبحث علمي حقيقي، وتشجيع رجال ونساء الصحة وتحفيزهم؛ خاصة
الأطباء، للإجابة عن المشكلات التي تعترض المجتمع، ومن باب الإعداد القَبْلي
والنذارة والحذر، حتى لا يتفاجأ المجتمع بالكارثة. كما أن مَن تعيَّن في حقه الشأن
الاجتماعي، لزمه القيام بمهامه لحفظ النفوس من الهلاك، وتقليل مفاسد الأوجاع
والآلام؛ وهنا تأتي وظيفة مؤسستين عظيمتي الشأن، وهما مؤسسة الزكاة ومؤسسة الوقف،
لمعالجة المعضلات الاجتماعية والاقتصادية والأمنية، ولا بد لأجل ذلك من تفعيل البحث
العلمي المتعلق بالصيغ التمويلية الشرعية، للنهوض بقطاعات تنموية كبرى في المجتمع،
كقطاع الصحة، وإبراز التجارب التاريخية في الحضارة الإسلامية، والتجارب المعاصرة.
ولتطبيق مخرجات البحث العلمي على أرض الواقع، لا بد من الدفع بارتباط رأس المال
بالعقل العلمي والفكر المجتمعي، لإنتاج المؤسسات الخادمة لمصالح الأفراد والمجتمع،
بالمؤهلات والقدرات والثروات المتوفرة لدى الأمة، وعدم صرفها فقط في الموارد
الاستهلاكية.
[1] تاريخ الأوبئة والمجاعات بالمغرب في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، لمحمد
الأمين البزاز، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، طبعة ثانية 2020م،
ص52.
[2] المرجع السابق، ص85.
[3] أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الطب، باب ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء،
حديث رقم: 5678.
[4] ينظر كتاب: شمس العرب تسطع على الغرب، لزيغريد هونكة، دار الجيل، بيروت، طبعة
ثامنة 1413هـ - 1993م.
[5] التحرير والتنوير لمحمد الطاهر بن عاشور: 1/214 - 215.
[6] الكمامات: استعمال غير صحيح، لأن الكِمامَة تستعمل للحيوان.
[7] أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الطب، باب ما يذكر في الطاعون، حديث رقم 5728.
[8] عمدة القاري شرح صحيح البخاري للشيخ الإمام العلامة بدر الدين أبي محمد محمود
بن أحمد العيني، دار الفكر، بيروت، طبعة أولى: 14/707 - 708.
[9] أخرجه الترمذي في سننه، كتاب الطب، باب ما جاء في الرقى والأدوية، رقم 2065.
قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وضعفه الألباني.
[10] عمدة القاري شرح صحيح البخاري للشيخ الإمام العلامة بدر الدين أبي محمد محمود
بن أحمد العيني، دار الفكر، بيروت، طبعة أولى 1418هـ - 1998م: 14/710.
[11] شرح القواعد الفقهية، لمصطفى أحمد الزرقا، ص311. طبع دار القلم، دمشق، طبعة
ثانية 1409هـ - 1989م.
[12] أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الطب، باب ما يذكر في الطاعون، حديث رقم 5732.
[13] أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الطب، باب ما يذكر في الطاعون، حديث رقم 5734.