الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم المرسلين، وبعد:
لقد صدر تقرير الحريات الدينية عن وزارة الخارجية الأمريكية لعام (2010م)؛ وهو تقرير سنوي يرصد الحريات الدينية في العالم من خلال وجهة النظر الأمريكية.
إن تقرير هذا العام كالتقارير السابقة، تمَّت صياغته بعقلية الاستعلاء الأمريكية التي تنظر إلى الدول والشعوب بنظرة دونية. ومن أبرز المؤثرات والمحدِّدات التي توجِّه التقرير:
أولاً: محاكمة الواقع الدولي (سياسياً ودينياً وثقافياً) من خلال المنطلقات والقيم الأمريكية؛ فإقامة الحدود الشرعية، أو منع بناء الكنائس، أو منع المنظمات التنصيرية من العمل في البلاد الإسلامية، مصادرةٌ للحريات!
ثانياً: تحقيق المصالح والمطالب الأمريكية في الدول المختلفة؛ فهو في الغالب تقرير غير محايد، ويقدم رؤية انتقائية وغير موضوعية لكثير من القضايا، ويهدف إلى الضغط على الدول، وتمرير السياسات والأهداف الأمريكية.
وقد احتوى التقرير على بعض الإيجابيات، منها: نقد دول الاتحاد الأوروبي في مصادرة حقوق المسلمين بمنع المآذن والحملة على النقاب، ونقد الصين في التضييق على المسلمين... ونحو ذلك.
ومن الملحوظات اللافتة للنظر في تقرير هذا العام: أن وزارة الخارجية الأمريكية اعترفت بأنها تتدخل في الشؤون الداخلية للدول، وخاصة شؤون بعض الدول العربية، وأنها تقدم الدعم لبعض المؤسسات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني لتوسيع ما تسميه بالثقافة العَلمانية في العالم العربي. وأنها تتدخل لإعادة صياغة المناهج التعليمية.
وأخطر ما في التقرير أنه يثبت تواصل الإدارة الأمريكية مع الأقليات الدينية والطائفية والعرقية، وهذا مؤشر لاختراق أمنيٍّ وسياسيٍّ في غاية الخطورة. وقد أثبتت الأحداث أن الولايات المتحدة الأمريكية تنفخ الروح في تلك الأقليات، وتستخدمها ورقة ضغط لاستثارة المشكلات والتوتر الداخلي.
ولا شك أن كثيراً من مناطق العالم تصادر حريات المسلمين، وتنتهك حقوقهم وحرماتهم، ومن واجبنا أن نسعى سعياً حثيثاً لمناصرتهم، وشدِّ أَزرِهم، ولكن من خلال قيمنا الإسلامية، وأهدافنا الإستراتيجية.