عناصر انهيار وتفكّك الكيان الصهيوني تتزايد
يشعر الفلسطينيون في داخل نفوسهم أن الكيان الصهيوني يترنّح، ولن يُكتب له الاستمرار في الحياة.
هذا الشعور ليس عاملاً عاطفياً، وليس أمنية.. إنه استنتاج مرتبط بالواقع، من طرف الفئة التي تعايش الاحتلال، وهي الخبيرة في عناصر قوته وضعفه.
ما يشعر به الفلسطينيون يتوافق بالكامل مع ما يتردّد في أروقة مراكز الأبحاث والدراسات الصهيونية، التي صار همّها اليوم أن تقدّم الأفكار والمشاريع التي تساعد على استمرار الكيان.
هذا الانطباع الموجود لدى الفلسطينيين يقابله انطباع مماثل لدى الجمهور الإسرائيلي، الذي بات يشعر أنه يعيش في رعب داخل دولة مفككة.
هناك عدة عوامل تجعل الكيان الصهيوني ذاهباً باتجاه التفكّك والانهيار، وهي:
1- تمسّك الشعب الفلسطيني بهويته الوطنية، وصموده أمام آلة الإرهاب والقتل والتهجير، وتمسّكه بعاداته، وتقاليده، ومقدّساته، ورموزه السياسية والحضارية.
2- ارتفاع وتيرة المقاومة، وصعود مشروع المقاومة والتحرير والعودة، وتحوّل المقاومة في فلسطين وخارجها إلى ثقافة عامة، وأسلوب نضال جماعي، كالذي تقوم به القوى السياسية والأجنحة العسكرية، وأسلوب نضال فردي مثل عمليات الدهس والطعن.
3- التطور السريع النوعي الذي بلغته قوى المقاومة في فلسطين، من خلال تشكيل الكتائب العسكرية المسلحة، وامتلاكها قدرات عسكرية، وتكتيكات قتالية، وقدرة على التصنيع والاقتحام والهجوم، الذي بلغ مراحله في اقتحام مواقع "ناحل عوز" و"زيكيم"، وتسيير طائرات، والإعلان عن قصف "تل أبيب" على الهواء مباشرة، ووصول صواريخ المقاومة إلى القدس ويافا.
4- فشل خيارات التسوية السياسية، وتراجع نظرية الحل السلمي مع الاحتلال، حيث أظهرت الاتفاقيات الموقعة أن الحكومات الإسرائيلية غير قادرة على التخلي عن الأراضي والمصادر الحيوية، وأنها تستشعر الخطر لأن أي تنازل سيؤدي إلى تعاظم خسائرها مستقبلاً.
5- ضعف قدرة الاحتلال على الانتصار في الحروب، وعلى امتلاك القدرة على إحداث تغييرات إستراتيجية وسياسية وجغرافية، كما كان يفعل طوال 50 عاماً الماضية، حين احتل الأراضي، وطرد السكان، وأعاد تركيب المنطقة. فقد فشل الاحتلال في حروب 2008-2009، و2012، و2014، وانسحب قبلها من لبنان عام 2000، وفشل في عدوان تموز/يوليو 2006 على لبنان.
6- الحروب التي تجري اليوم، وبالأخص الحروب الثلاث الأخيرة على قطاع غزة، لها دلالات إستراتيجية مهمة.
فهذه الحروب صارت تجري داخل حدود فلسطين وليس على أراضي "العدو" كما اعتاد الاحتلال فعله، وصارت حروباً طويلة (51 يوماً)، وليست حروباً قصيرة خاطفة مثل حرب حزيران/يونيو 1967 التي استمرت ستة أيام فقط.
7- المتغيرات السياسية والاجتماعية التي تحصل في المنطقة، والانهيار الحاصل في الأنظمة التي تحكم المنطقة، والتي تواطأ معظمها مع الاحتلال، والانتشار الإسلامي الحاصل، وتقدّم الإسلاميين إلى الحكم، وامتلاك المجموعات الإسلامية قدرات عسكرية قتالية، كلها عوامل لا تعطي الأمل للكيان الصهيوني بالبقاء.
8- هناك عوامل ضعف كامنة داخل الكيان الصهيوني، مثل: الهجرة، والخوف على المستقبل، وتراجع التنمية، وانتشار الفقر، والفوارق الاجتماعية، والصراعات السياسية، وضعف الإقبال على الالتحاق بالجيش، وفقدان الثقة بالمؤسسة العسكرية، وفقدان ثقة جنود الاحتلال بأنفسهم، وحالة الرعب التي يعيشها المستوطنون من أي عملية للمقاومة أو أي حديث عن حرب محتملة.
9- الحرب الإعلامية والنفسية التي نجحت المقاومة في استخدامها ضدّ الاحتلال، مثل تصوير ونشر عمليات الاقتحام، وأسر الجنود، وانهيار معنوياتهم، وبثّ أناشيد باللغة العبرية، وتوزيع رسائل لإثارة الرعب داخل المجتمع الصهيوني.
10- تمسّك المجتمع الفلسطيني القوي بحقه في العودة، ودفاعه عن قضية الأسرى والمعتقلين، وتمجيده للشهداء، والتفافه حول المقاتلين، ونجاح عمليات تبادل الأسرى، كل ذلك ساهم في خلق حالة معنوية مرتفعة لدى الفلسطينيين، لا تقابلها حالة معنوية إسرائيلية مشابهة.
لذلك، فإن الاعتقاد بأن الكيان الصهيوني في طريقه نحول التفكّك والزوال هو الاعتقاد الأقوى.