سِرُّ العداء الغربي للإسلام ونبيِّه صلى الله عليه وسلم!
جميع الديانات السماوية كانت هدفاً لألوان كثيرة من العداء الديني والسياسي، ولم يتورع أعداؤها أن يستخدموا ضدها كل الوسائل المادية والمعنوية بهدف عزلها، وتهميشها، أو القضاء عليها تماماً. ولمَّا أشرق الإسلام واجه كذلك شتى ألوان العداء؛ مع أنه دين لا يهاجم أحداً على سبيل الظلم والاعتداء، ولكنه قادر على الدفاع عن نفسه. لكن في الآونة الأخيرة تعرض لحملة شرسة سببها أنه العدو الجديد الذي ينبغي محاربته، واستغلَّ المغرضون بعض التصرفات الشاذة في بعض بلدان المسلمين، محاولين تعميمها على أُمة كاملة؛ مع أن حقيقة الإسلام ناصعة، كالشمس في ضحاها. ومع ذلك فإن هناك من يغمض عينه عنها، أو يحاول إغماض عيون الآخرين.
والمرء يتساءل بحزن وأسى: لماذا يسيء الغربيون إلى رجلٍ جليل القَدْر مثل (مُحمَّد صلى الله عليه وسلم) تسامى شأنُه وقَدْره أبعد مما يخطر على بال أحد من الشرف والمجد والمثالية منقطعة النظير بشهادة أحبارهم وفلاسفتهم وزعمائهم؟
لماذا يكرهون مَنْ يدعوهم إلى الرشد والصلاح ومكارم الأخلاق؟ لماذا يحاربون الذي يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر، ويُحِلُّ لهم الطيبات، ويُحرِّم عليهم الخبائث؟ لماذا يرفضون (نبيَّ الرحمة) الذي جاء مصدِّقاً لمن سبقه من الأنبياء والرسل؟ ألا يعلم هؤلاء المكابرون والمعاندون أن الإساءة إلى (مُحمَّد) إنما هي إساءة إلى جميع الأنبياء، وأن تكذيبه يعني تكذيباً لأسفارهم وكتبهم التي يتعبَّدون بها؟
إننا في حيْرة من حال هؤلاء القوم! فدينهم يشهد على جهلهم وسوء أخلاقهم، ومخالفتهم لشرع نبيهم. ألمْ يقل لهم الإنجيل: «لا تكافئوا أحداً بسيئة، ولكن من لطم خدك الأيمن، فانصبْ إليه الأيسر. ومن أراد مغالبتك وانتزاع قميصك، فاخلع له الرداء كله»[1]. فهذا إنجيلهم يشهد عليهم بأنهم ليسوا على شرعه، بلْ رَدُّوا حكمه ورفضوه.
ومما يؤسَف له: أن الكارهين للإسلام، لم يكلِّفوا أنفسهم مؤونة القراءة والبحث في ما كتبه العقلاء والمنصفون من كبار فلاسفتهم وعلمائهم؛ فقد شهد المؤرخ الفرنسي أرنست رينان renan (1823-1892) - على الرغم من تعصبه الشديد ضد الإسلام - على تحامل أبناء جنسه وملَّته على النبيِّ مُحمَّد صلى الله عليه وسلم، فيقول في كتابه (دراسات في تاريخ الأديان): «لقد كتب المسيحيون تاريخاً غريباً عن مُحمَّد. إنه تاريخ مملوء بالحقد والكراهية له».
إننا ندرك أن الجهل بحقيقة الإسلام يقف وراء هذه الافتراءات؛ فمن جهِلَ شيئاً عاداه. وهذا الذي دفع المفكر الهولندي الكبير أدريان رولاند Hadrian reland الذي كان عالماً باللغات الشرقية والفارسية، وهو أول كاتب أوروبي يكون عادلاً في حديثه عن الإسلام ونبيِّه صلى الله عليه وسلم، أقول: دفعه إلى القول في كتابه (الإسلام): «إن أغلبية الأديان قد وصفها أعداؤها بشكل سيِّئ. وكل الأديان فُهِمتْ بشكل خاطئ، ومن ثَمَّ تعامل معها أعداؤها بشكل خاطئ أيضاً؛ ولذلك يجب ألا نندهش إذا حدث الشيء نفسه مع الإسلام».
وإيماننا أن مثل هذه الافتراءات والحملات الإعلامية التي يفتعلها خصوم الإسلام بين حين وآخر، لا يمكن أن تَرُدَّ أحداً من المسلمين عن معتقده، أو تشكِّكه في دينه الذي اعتنقه بقوة، وآمن به عن قناعة تامة، ولن يستطع أحد أن يَحُول بينه وبين الإسلام القائم على الحجج الدامغة، والبراهين الناصعة. بل إنَّ الادِّعاءات الكاذبة تزيد المسلمين قوة في العقيدة إلى قوَّتهم، ودفاعاً مستميتاً عن مقدساتهم؛ لأن الناموس الكوني يؤكد دوماً أن الحق لا يُهزَم أبداً مهما ضعفت مقاومته؛ حتى لوْ تنكَّر له الجميع.
فالإسلام منذ بزوغ فجره الذي ابتدأ برجل واحد هو (مُحمَّد صلى الله عليه وسلم) لم يعتمد على قوة مادية، إنما كانت قوَّته الروحية وراء انتشاره السريع وانتصاره العجيب على قوى الشر وإمبراطوريات الفساد. حدث كل ذلك في حقبة زمنية وجيزة مع قلة الإمكانيات المادية وصعوبة الحياة؛ لأن الإسلام - كما يقول المؤرخ العالمي أرنولد توينبي في الجزء الخامس من قصة (الحضارة) -: «فاجأ العالمَ بمبادئ سامية رأى فيها الناسُ إنقاذاً للبشرية المعذبة؛ ففي الوقت الذي كان فيه الملوك والحكام سادة أو آلهة، وكانت الشعوب عبيداً لهم، في هذا الوقت ظهر (النبيُّ مُحمَّد [صلى الله عليه وسلم]) على الناس بمبدأ المساواة بين الحاكم والمحكوم، والملك والسوقة. وفي الوقت الذي كانت أقوال الملوك وأفعالهم هي القانون وهي العدالة، إذْ بالإسلام يأتي بقانونه السماوي فيخضع له العظيم والحقير.
إنَّ مثل هذه المبادئ أو المفاجآت هي التي أدهشت العالَم وجذبت الناس أفواجاً لهذا الدين العظيم، وعندما جذب الإسلام الناس إليه لم يَدَعْهم في حيرة من أمور دينهم ودنياهم، بلْ أمدَّهم بأرقى نُظُم الحُكْم، وأرقى نُظُم الاقتصاد، ووضع أسمى الأسس لحياة اجتماعية صالحة».
هذا صحيح، والدليل على ذلك أن المسلمين كانوا يضعفون ويقوون، وينهزِمون وينتصرون، ولكن الإسلام كان قوياً في الحالتين، ومنتصراً دائماً. وأساس انتصاره هو أسُسُه ومبادئه الراقية. وقد آمن بهذه الحقيقة وشهد بها كثير من المفكرين والمؤرخين الغربيين. يقول مسيو مونته Montet) 1856 – 1927) أستاذ اللغات الشرقية في جامعة جنيف في كتابه (حاضر الإسلام ومستقبله): «لقد صار من المحقَّق أنَّ الإسلام ظافر لا محالة على غيره من الأديان التي تتنازع العالم. ومن ذلك أن عدد المسلمين في نموٍّ وتزايد على الدوام».
وقد تصدَّت المستشرقة الألمانية سيغريد هونكه Sigrid hunke لهذه الإساءات، فقالت في كتابها (فضل العرب على أوروبا): «إن هذه النظرة الأوروبية للعرب والمسلمين تدلُّ على ضيق الأُفق وعدم الرغبة في الاعتراف بفضل العرب عليهم وعلى العالم الذي نعيش فيه».
ولعلَّ الجهل المطْبِق بالإسلام ونبيِّه الكريم صلى الله عليه وسلم، هو الذي جعل المفكر القبطي (نظمي لوقا) يندهش من تلك الحماقات ويستنكرها، ويتساءل: «أيُّ الناس أَوْلى بنفي الكيد عن سيرته من (أبي القاسم [صلى الله عليه وسلم]) الذي حوَّل الملايين من عبادة الأصنام الموبقة إلى عبادة الله رب العالمين، ومن الضياع والانحلال إلى السموِّ والإيمان، ولم يُفِد من جهاده لشخصه أو آله شيئاً مما يقتتل عليه طلاب الدنيا من زخارف الحطام؟ ماذا بقي من مزعم لزاعم؟
إيمانٌ امتحنه البلاء طويلاً قبل أن يُفَاء عليه بالنصـر، وما كان النصر متوقعاً أو شبه متوقع لذلك الداعي إلى الله في عاصمة الأوثان والأزلام. ونزاهةٌ ترتفع فوق المنافع، وسموٌّ يتعفف عن بهارج الحياة، وسماحة لا يداخلها زهو أو استطالة بسلطان مطاع. لم يُفِد. ولم يورِّث، ولم يجعل لذريته وعشيرته ميزة من ميزات الدنيا ونعيمها وسلطانها. وحَرَّم على نفسه ما أحلَّ لآحـاد النـاس من أتباعه، وألغى ما كان لقبيلته من تقدم على الناس في الجاهلية حتى جعل العبدان والأحابيش سواسية وملوك قريش. لم يُمكِّن لنفسه ولا لذويه، وكانت لذويه - بحكم الجاهلية - صدارة غير مدفوعة، فسوَّى ذلك كلَّه بالأرض. أيُّ قامة بعد هذا تنهض على قدميْن لتطاول هذا المجد الشاهق أو تدافع هذا الصدق الصادق؟ لا خِيرة في الأمر، ما نطق هذا الرسول عن الهوى. وما ضلَّ وما غوى. وما صَدَق بشر إنْ لم يكن هذا الرسول بالصادق الأمين».
إن الملاحَظ أن غالبية الذين يسيئون فهم الإسلام تتفاوت بواعثهم ونيَّاتهم؛ فمنهم طُلاَّب المعرفة الجاهلون بلغاتهم وآدابهم ومعتقداتهم، فضلاً عن جهلهم بلغة القرآن وشرائع الإسلام. ومنهم أُنَاس يتعاملون مع الإسلام بالكراهية وروح الانتقام ذاتها التي ينظرون بها إلى أديانهم ومذاهبهم. ومنهم المبشِّرون الذين ينحرفون عن الصواب اضطراراً واختياراً بباعث من التعصب للصنعة والحرفة؛ لأن التبشير عندهم مصلحة ومنفعة يعيشون عليها، ويحرصون عليها حِرصَهم على القوت والجاه والمناصب؛ فيضطرون إلى التلفيق المتعمَّد، والكذب المقصود. ومنهم أُنَاس يخدمون السياسة الغالبة على دولهم ويصطنعون لها الدعاية تارة والدبلوماسية تارة أخرى.
وأخطر من هؤلاء جميعاً جنود (الصهيونية العالمية world Zionism) وربائبُها وما يمتلكونه من وسائل الدعاية، كاستيلائهم على صناعة السينما التي برعوا في تسخيرها وإخفاء مراميها، وامتلاكهم كثيراً من شركات الإعلان الكبرى، فتحسب لهم الصحف ووسائل الإعلام حسابَهم، ولا تتورع عن خدمتهم أو السكوت عنهم على الأقل وكتمان مآربهم، كما تملَّك الصهاينة دُورَ النشر العالمية، وكثيراً ما يتبرع المؤلِّف لإرضائهم ونشر دعايتهم تمهيداً لقبول كتبه ونشرها والترويج لها، وخلق جوٍّ صالح للاهتمام بها، ولا تقصِّر وسائلهم أحياناً عن ترشيحها لأكبر الجوائز العالمية.
وإلى جانب الوسائل الفنية والمالية، فلهم وسائلهم وراء الستار وأمامه بين الساسة والمرشحين لمراكز الزعامة والمتنازعين على الأصوات في مواسم الانتخابات.
إذن، فما الظن إذا اجتمعت قوة الدعاية وسلطة المال مع مآرب القوى المسخرة لسياسة الاستعمار والتبشير؟ ليس من المنتظر أن يتصدى الكبار المستعمرون لإعلان حقائق الإسلام، وروعة شريعته، والاعتراف بأنه سبيل الحق والعدل والنجاة!
وصايا الكتاب المقدَّس:
لا غرابة في أن يُسيء جهلاء الغرب إلى نبيِّ الإسلام صلى الله عليه وسلم ما دامت كتبهم (المقدسة) فتحتْ شهيتهم لاتهام الأنبياء والنَّيْل من الرسل الكرام؛ فقد رأينا منهم من ادَّعى أن السيد المسيح - عليه السلام - كان قد تزوج من مريم المجدلية، وهو الحدث الذي تستَّرتْ عليه كنيسة روما حتى الآن. كما سَخِر الشاعر الفرنسي (آرثر رامبو Arthur rimbaud) من المسيح - عليه السلام – خاصة عندما خاطبه قائلاً: «يسوع! يا لصاً أزلياً يسلب البشر نشاطهم...».
والأغرب من ذلك ما زعمه عالم النفس اليهودي (بن أشنون) الذي وصف موسى - عليه السلام - بأنه كان تحت تأثير نوع من المخدرات حين رأى النار عند الشجرة بالوادي المقدس، وحين تلقَّى الوصايا العشر.
ما هذه الإساءة المتكررة إلى الأنبياء؟ وما هو سِرُّ العداوة للرسل الكرام؟
إنَّ هذا السِّر يكمن في كتبهم (المقدسة) التي يتعبَّدون بها؛ لأنها جرَّأتهم على الاستهانة بشخوص الأنبياء والرسل بصفة عامة، كما جعلتهم يتجرؤون على الذات الإلهية.
فكثيراً ما نراهم يصوِّرون الأنبياء في أبشع صورة؛ فالعهد القديم يرسم صوراً لا تليق أبداً بمقام النبوَّة ولا بأخلاق الرسل الكرام؛ فقد جاء فيه: «سليمان في شيخوخته لم يكن قلبه كاملاً مع الربِّ إلهه كقلب داود أبيه، فذهب سليمان وراء عشتروث آلهة الصيدونيين. وعمل سليمان الشر في عيني الربِّ ولم يتبع الـربَّ تماماً كداود أبيه»[2]. وأسوأ من ذلك ما ذكروه عن لوط - عليه السلام - وابنتيه[3]، وما ذكروه عن داود، عليه السلام[4].
وقد استمرؤوا هذه الافتراءات التي دوَّنوها بأيديهم في كتبهم عبر تاريخهم الطويل، وأُشرِبُوها في قلوبهم؛ حتى تحولوا إلى مخلوقات شريرة وعدوانية.
فنقرأ – مثلاً - في العهـد القديم أن إسرائيل (النبيَّ يعقوب عليه السلام) أصرَّ على محق العرب الكنعانيين وعدم الاعتراف لكنعان بحق الحياة (حتى لو اعتنق العرب اليهودية)؛ لأنها دين إسرائيل وحدَه. وهذا - بالطبع - ليس وحياً. بلْ من تأليف (أولاد الأفاعي) و (قتلة الأنبياء)؛ لأنَّ يعقوب نبيٌّ كريم، ولا يمكن أن يصدر عنه هذا التصرف الظالم.
وفيه أيضاً، أن كل البشر غير اليهود (كلاب) وخدم اليهود في أصل الديانة.
أما التلمود talmud - وهو كتابهم المقدس الثاني - فيقول: «استيلاء اليهود على ما يملك الغوييم (أي غير اليهود) حق، ووعد تصحبه المسرَّة الدائمة».
وجاء فيه أيضاً: «يستحق القتل كل الغوييم حتى ذوو الفضل منهم».
ولم ينتهِ موقفهم عند مجرد الإساءة اللفظية ورميهم لأنبيائهم بارتكاب الفواحش، بلْ تُسجِّل كتبهم التاريخية أنهم قتلوا من الأنبياء (حزقيال، وأشعيا بن آموس، وآرميا، وزكريا، وابنه السيد الحصور يحيى... وغيرهم، عليهم السلام) كما أنهم حاولوا قتل عيسى ومُحمَّد - عليهما السلام - وتواطؤوا ضدهما وضد أتباعهما.
لذلك وجـدنا التـوراة نفسها - والإنجيل والقـرآن أيضاً - تصفهم في مواضع عديدة بأنهم (قتلة الأنبياء) و (أولاد الأفاعي) و (الضالون العميان) و (الملعونون بكفرهم): «قال الربُّ: ها أنذا جالبٌ شراً على أورشليم ويهوذا، وأدفعهم إلى أيدي أعدائهم غنيمة ونهباًً لجميع أعدائهم؛ لأنهم عملوا الشر في عيني»[5]، وجاء في توراتهم: «ها أنذا جالبٌ الشرَّ على هذا الموضع وسكانه من أجل أنهم تركوني، وأوقدوا لآلهة أخرى، لكي يغيظوني بكل عمل أيديهم فيشتعل غضبي على هذا الموضع ولا ينطفئ»[6].
ويكشف طبيعتهم (سِفْر إشعيا)؛ إذ ورد فيه: «إن الله قال: اذهب، وقل لهذا الشـعب: اسـمعوا سـمعاً ولا تفقهـوا، وأبصروا إبصاراً ولا تعرفوا، غلظ قلب هذا الشعب، وثقل أذنيه، واطمس عينيه؛ لئلا يبصر بعينيه ويسمع بأذنيه ويفهم بقلبه».
ويقول (سِفْر المكابيين الثاني): «وصار مرشدو هذا الشعب مضلِّين، لأجل ذلك لا يفرح الربُّ بفتيانه ولا يرحم يتاماه وأرامله، لأنَّ كل واحد منهم منافق وفاعل شر».
وتعالوا نتساءل بعد عرض هذا الجانب مما حوته أسفارهم وكتبهم (المقدسة) وبعد معرفة موقفهم من الأنبياء، لعله يكون قد بطَلَ العجب، وظهرت الحقيقة كلها، نتساءل: هل مثل هذه الكتب المملوءة بالسخرية والاستهزاء بالرسل والأنبياء، والاستهانة بالبشر، والتحريض على ارتكاب الجرائم، هل يمكن أن تكون وحياً سماوياً؟ وهل هي جديرة بالاحترام؟ وهل يمكن أن يصدِّقها أحد أوْ يؤمن بما فيها؟
وهل يمكن لأُناس هذه طبيعة كتبهم، وهذا هو موقفهم من الأنبياء، هل ذلك يؤهلهم لأنْ يصدِّقهم الناس في مزاعمهم؟ أو يطمئِن أحدٌ إلى الكتب التي بأيديهم؟ وهل يُؤتمَن مثل هؤلاء على التراث الديني أوْ على الحضارة البشرية؟ وهل يجوز أن يمنحهم العالم أيَّ لون من ألوان الهيمنة على أي مقدسات دينية، أو الحماية لتراث الأنبياء؟
مَنْ يا تُرى أَوْلَى بالتصديق والاحترام: الذين يسخرون من الأنبياء ويقتلونهم، أمْ الذين يوقِّـرونهم ويؤمنون بهم جميعاً، ولا يفرِّقون بين أحدٍ منهم؟
ومَنْ أَوْلى بحفظ التراث وحماية المقدسات ورعايتها: الذين حولوها إلى بؤرة للرذائل، ومغارة لصوص، أمْ الركَّع السجود الذين يُقدِّسون خالقهم بالليل والنهار؟
أخيراً: على العالم كله أن يفهم أن الإسلام لا يُكرِه أحداً على اعتناقه، لكننـا نطـالِب الآخرين أن يبحثـوا عن الحـق، ولا شيء سواه. ولا يزال رِهاننا الأكبر على الوعد والإباء الإلهي الصارم الذي نصَّ عليه القرآن الكريم: {وَيَأْبَى اللَّهُ إلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} [التوبة:32].
[1] متَّى: الإصحاح الخامس.
[2] سِفْر الملوك: 11/ 1 - 3.
[3] سِفْر التكوين: 19/30 - 38.
[4] صموئيل الثاني: 11/ 1 - 27.
[5] سِفْر الملوك الثاني: 21/12 - 15.
[6] سِفْر الملوك الثاني: 21/16, 17.