هل تأثر المستشرقون بآراء الإثني عشرية في تاريخ القرآن الكريم؟!
قامت كتابات المستشرقين حول تاريخ القرآن على بنيَة معرفية كان أصلها التراث العربي الإسلامي بشتى أطيافه ومناهجه كالصوفية والمعتزلة والإباضية والإثني عشرية وغيرهم سواء كان من ناحية النقد والتحليل أو تبني بعض الأفكار والآراء وتوجيهها توجيهاً يناسب أغراضهم ومآربهم!!
وفي هذه المقالة أحاول أن أُجيب عن عنوانها الذي جاء بصيغة: (هل تأثر المستشرقون بآراء الإثني عشرية في تاريخ القرآن؟!)؛ وذلك لكون الإثني عشرية طائفة سبقت المستشرقين من ناحية الوجود.
وقد قمت باختيار أهم شخصيتين استشراقيتين كتبتا في تاريخ القرآن، وأشارتا إلى الطائفة الإثني عشرية وهما:
ـ جُولْد تسيْهَر (ت:1340هـ) من خلال كتابه: مذاهب التفسير الإسلامي.
ـ نُولْدِكِه (ت:1349هـ) من خلال كتابه: تاريخ القرآن.
كما تتبعت ذكرهما عن الإثني عشرية وأبرز الموضوعات في تاريخ القرآن التي قاما بالحديث عنها ومناقشتها.
جُولْد تسيْهَر (ت:1340هـ) من خلال كتابه: مذاهب التفسير الإسلامي
من الواضح أن جُولْد تسيْهَر (ت:1340هـ) كان مطلعاً بدرجة كافية على تراث الإثني عشرية، بل تناولهم بالحديث في أكثر من مؤلف ككتاب «العقيدة والشريعة في الإسلام»، كما تناولهم أكثر في كتابه «مذاهب التفسير الإسلامي»، خاصة الفصل الخامس، وقد كان عالماً بآرائهم نحو تاريخ القرآن، إلاَّ أنه لم يتأثر بهذه الآراء بل كان له موقف الناقد والمحلل!!
وعدَّ هذه الآراء نوعاً من المصلحة المذهبية التي تخدم سياستهم عن طريق استخدام القرآن وتطويعهم تجاهه، ومن ذلك قوله: «وعلينا أن نبحث بوجه خاص: على أي وجه أُدخلت في القرآن مصالح الفرق التابعة لحزب الشيعة، ومبادئها الأساسية المميزة لها»[1].
ولعلَّ أبرز مسائل الإثني عشرية في كتابه والخاصة بتاريخ القرآن تكمن في التالي:
سبب نشأة القراءات:
اعتبر جُولْد تسيْهَر (ت:1340هـ) أنَّ السبب الرئيس في نشأة القراءات واختلافها هو خلو خط المصحف من الشكل والتنقيط ومن ذلك قوله: «وترجع نشأة قسم كبير من هذه الاختلافات إلى خصوصية الخط العربي، الذي يُقدم هيكلة المرسوم مقادير صوتية مختلفة، تبعاً لاختلاف النقاط الموضوعة فوق هذا الهيكل أو تحته، وعدد تلك النقاط، بل كذلك في حالة تساوي المقادير الصوتية، يدعو اختلاف الحركات الذي لا يوجد في الكتابة العربية الأصلية ما يحدده، إلى اختلاف مواقع الإعراب للكلمة، وبهذا إلى اختلاف دلالتها»[2].
وقد قام عدد من علماء المسلمين بمناقشة جُولْد تسيْهَر (ت:1340هـ) حول هذه الفكرة وردها، وبيان أنَّ القراءات القرآنية إنما قامت على سبيل التلقي والمشافهة ولم تكن المصاحف أصلاً لذلك[3].
ومن خلال هذه الفكرة يبدو لي أنَّ بعض متأخري الإثني عشرية[4] قد تأثروا بهذا الرأي من خلال المستشرقين أمثال جُولْد تسيْهَر (ت:1340هـ)، وكذلك نُولْدِكِه (ت:1349هـ)؛ لأني لم أجد هذا الرأي حاضراً عند علماء الإثني عشرية المتقدمين!!
ولذلك نجد مُحَمَّد الصغْير يقول: «وقد ادعى المستشرق المجري جولد تسهير أن نشأة القراءات كانت بسبب تجرد الخط العربي من علامات الحركات، وخلوه من نقط الإعجام»[5].
جمع عَلي رضي الله عنه القرآن:
حيث نقل رواية تفيد جمع عَلي رضي الله عنه القرآن، وأنه تم تناقله بين الأئمة إماماً عن إمام حتى انتهى إلى الإمام المنتظر أو المحتجب كما يُسميه جُولْد تسيْهَر (ت:1340هـ)، وأنه مخبوء عنده، وحينما يظهر ذات يوم للعيان سيُعطي المؤمنين هذا القرآن الذي لم يتبدل[6]!!
واعتبر جُولْد تسيْهَر (ت:1340هـ) هذه الرواية أسطورة استمدها من أخبار ثقات الشيعة من القرن السابع إلى القرن الثاني عشر الميلادي[7].
تنزيل الآيات على آل البيت ومن عاداهم:
وتعتبر هذه المسألة من أبرز المسائل التي دار عليها كتاب جُولْد تسيْهَر (ت:1340هـ)؛ لأنها مرتبطة بقضية التأويل التي يستطيع الإثنا عشرية وغيرهم أن يُحمِّلوا القرآن ما يريدون من خلالها نصرة لآرائهم وتاريخهم، ومن ذلك قوله: «وفيما عدا كتب التفسير المنهجي المنظم، يفيض كل كتاب من كتب الدين الشيعية فوق ذلك باستخدام طريقة هذه الفرقة في التفسير، وتطبيق القرآن بالقسر والإكراه على مذهبهم العقدي وعلى أساطيرهم التي نمّوها في نطاق تصوراتهم عن الأئمة ومناقبهم الخارقة»[8]،،ثم ذكر بعض الأمثلة الدالة على تنزيلهم الآيات على الأئمة ومذهبهم[9].
وقال أيضاً: «.. ذلك أنَّ علماء الدين عند هذه الطائفة أيضاً لم يضنوا بجهد في سبيل أن يجدوا مبادئهم المميزة لعقيدتهم الدينية والسياسية ثابتة في القرآن، على وجه إيجابي وجدلي كذلك، ومدار البحث في ذلك بادئ ذي بدء على رفض خلافة أهل السنة على اطراح هذه الخلافة والطعن في إقامتها تحت سيادة الأسر التاريخية للأمويين والعباسيين، ثُمَّ على تقديس علي والأئمة، أي الاعتقاد بمقامهم الإلهي، وخصائصهم الخارقة للعادة، وعلى أملهم العقدي في رجعة الإمام المهدي المحتجب الذي يعيش في الخفاء، ثُمَّ يعود إلى العلانية من جديد في آخر الزمان، على أنه المخلص للعالم»[10].
إنّه لاحظ أنَّ الدولة الأموية تلقى كراهية شديدة لدى الإثني عشرية وذلك من خلال تنزيلهم للشجرة الملعونة في القرآن بأنهم بنو أُمَيَّة فقال: «ويبدوا أنَّ التفسير التالي المعادي للأمويين بمناسبة آية من القرآن يرجع إلى العصر القديم، وقد صارت هذه الآية إلى حد معلوم أبرز نموذج لهذا التفسير المذهبي الجدلي وهي الآية (60) من سورة الإسراء: {وَإذْ قُلْنَا لَكَ إنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إلَّا فِتْنَةً لِّلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْـمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إلَّا طُغْيَانًا كَبِيرًا} [الإسراء: 60] هذه الكلمات الموحية بالغموض والإلغاز، والتي لا يرتاب الفهم الصحيح في أنها تتناول موضوع عذاب الكافرين في النار، حملتها دوائر التقوى والورع منذ عهد مبكر على معنى معاد للأمويين «الشجرة الملعونة في القرآن»، و «الفتنة» التي تندلع بين الناس، و «الطغيان الكبير»، كل ذلك ينبغي أن يرجع إلى الفرع الأموي اللعين»[11].
جمع عُثْمَان رضي الله عنه المصحف:
حيث قال فيه: «وهناك حقيقة واقعة يجب معرفتها للوصول إلى فهم هذا المذهب فهماً تاريخياً كاملاً: تلك هي علاقة الشيعة بالنص القرآني الرسمي الموجود بأيدينا، كما حصل جمعه وكتابته على وجه التحديد بأمر من الخليفة عُثْمَان، فأي موقف يأخذه التشيع الطائفي من هذا النص القرآني، الذي تمت كتابته بوساطة ذلك المغتصب للخلافة المكروه عند الشيعة كراهية لا يخمد لها أوار؟ وهل يَعُدُّه هذا المذهب نصاً معتمداً للوحي الإلهي الذي أنزله الله على لسان مُحَمَّد...»[12]، وقال في موضع آخر: «والمؤكد عندهم هو افتراض عدم اكتمال المصحف العثماني فحسب»[13].
تحريف القرآن:
اتضح له أنَّ مسألة تحريف القرآن عند الإثني عشرية هي رأي سائد لدى أغلبية الإثني عشرية، وأنَّ مسألة التحريف تكمن في إسقاط عدد كبير من الآيات من سور القرآن المختلفة كما يزعمون ومن ذلك قوله: «إنهم قد تشككوا على وجه العموم منذ ظهورهم في صحة صياغة النص العثماني، وهو يدَّعون أنَّ هذا النص العثماني، بالنسبة إلى القرآن الصحيح الذي جاء به مُحَمَّد، يشتمل على زيادات وتغييرات هامة، كما استُؤصلت فيه أيضاً، من جانب آخر قطع هامة من القرآن الصحيح بالإبعاد والحذف.
ولكن هل لديهم هم نص قرآني صحيح سليم من المآخذ معترف به اعترافاً مطلقاً يضعونه في مواجهة النص العثماني؟
نعم هم يفترضون وجود مثل هذا النص، كما بُذلت أيضاً محاولات في تجميعه، وقد حصلت ورُويت تصحيحات مذهبية متفرقة، ويسود الميل عند الشيعة على وجه العموم إلى أنَّ القرآن الكامل الذي أنزله الله سبحانه كان أطول كثيراً من القرآن المتداول في جميع الأيدي، ومن قرآنهم أيضاً، وعلى هذا فإنَّ سورة الأحزاب التي تشتمل على (73) آية، كانت في النص السابق على المصحف العثماني لا تقل عن سورة البقرة التي تشتمل على (286) آية، وسورة النور التي هي الآن (64) آية كانت قبل ذلك أكثر من مائة آية، وسورة الحجر وآياتها (99) كانت تحتوي في الأصل على (190) آية.
وهم في الحق لا يأتون بالأجزاء الناقصة من النص، وبدلاً من ذلك جاؤوا بسور ساقطة بالكلية من القرآن العثماني، أخفتها الجماعة التي كلفها عُثْمَان بكتابته، عن سوء نية في زعمهم، إذ هي تشتمل على تمجيد لعَلي..»[14].
كما أنه لم يتطرق حول تاريخ بداية القول بالتحريف، لكنه بيَّن أنَّ القول به كان منذ ظهورهم إلى وقته الحاضر مدللاً بذلك على ما تم العثور عليه في عصره في مكتبة بانكيبور في الهند من نسخة من القرآن مشتملة على سورة النورين (41) آية، وسورة أخرى ذات سبع آيات تسمى سورة الولاية وغيرهما ثم علَّق بقوله: «وكل ذلك يدل على استمرار افتراض الشيعة حصول نقص غير قليل في نص القرآن العثماني بالنسبة إلى المصحف الأصلي الصحيح»[15].
كما يؤكد جُولْد تسيْهَر (ت:1340هـ) أنَّ الإثني عشرية لم يتفقوا على نسخة صحيحة كاملة للمصحف فقال: «ويبدو أنه لم يحصل أصلاً بين الشيعة اتفاق معين على علاقة نص القرآن المأثور بقالب من النص صحيح المطابقة في زعمهم لكتاب الله، فلم يبلغ واحد من النصوص التي حاولوا هم جمعها في دائرتهم إلى اعتماد شرعي، والمؤكد عندهم هو افتراض عدم اكتمال المصحف العثماني فحسب»[16].
نُولْدِكِه (ت:1349هـ) من خلال كتابه: تاريخ القرآن:
لم أجد للإثني عشرية حضوراً في الجزء الأول من تاريخ القرآن الذي كتبه وأشرف عليه نُولْدِكِه (ت:1349هـ)، سوى أنه قد نقل الرأي المشهور عنهم في نفي الأحرف السبعة فقال: «ويستغني بعض الشيعة عن العناء فيرفضون الرواية بأسرها»[17]، ويقصد بها الرواية المشهورة «إنَّ هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف، فاقرؤا ما تيسر منه»[18]، ولم ينقد هذا الرأي، بل يبدو أنه مال إليه وإن لم يقطع بذلك.
كما زعم أنَّ القرآن محرَّف قد أنقص منه، وقد عقد عنواناً (ما لا يتضمنه القرآن مما أُوحي إلى مُحَمَّد)[19]، وقال: «نملك بعض المعلومات عن مقاطع قرآنية ضاعت، من دون أن يبقى لها أثر»، وذكر سورة الأحزاب مثالاً على ذلك فقال: «يقال: إنَّ سورة الأحزاب (33) كانت في الأصل أطول مما هي عليه الآن، ففيما هي تتألف اليوم من (76) آية، تنسب إليها بعض الروايات (200) آية، ويدعي آخرون أنها كانت بطول سورة البقرة أو حتى أطول منها، لا يمكننا التأكد من مقدار صحة هذه المعلومات»[20].
ولم يعزُ مصدراً لهذه المعلومات، ولكنه قطعاً استفاد من مصادر الإثني عشرية المتقدمة، ففكرة إسقاط آيات من سورة الأحزاب غير موجودة في المصحف العثماني هي من أبرز آراء علماء الإثني عشرية المتقدمين الذين قالوا بتحريف القرآن الكريم، وذلك من خلال مروياتهم في مصنفاتهم[21]، وهو ما يبين تأثر المدرسة الاستشراقية ببعض آراء الإثني عشرية.
وفي الجزء الثاني من الكتاب انطلق مع الإثني عشرية في التشكيك في صحة جمع الشيخين، أو يمكن القول في كمال جمع الشيخين[22].
كما نقل من كتاب الفهرست لابن النديم[23] (ت:438هـ) قصة جمع عَلي رضي الله عنه القرآن، إلاَّ أنه رد هذه الحادثة بقوله: «لا شيء من الصحة في هذا كله، فمصادر هذه الأخبار - تفاسير قرآنية شيعية وكتب تاريخية سنية ذات أثر شيعي - مشكوك بأمرها، ذلك أنَّ كل ما يرويه الشيعة عن ولي شيعتهم الأعلى، غير موضوعي ومنحاز بجملته، ومن حيث المضمون تناقض هذه الأخبار وقائع التاريخ الأكيدة كلها، فلا التقاليد المتعلقة بجمع زيد للقرآن، ولا تلك المتعلقة بمحاولات جمعه الأخرى في الفترة السابقة لعُثْمَان، تذكر شيئاً عن عمل كهذا، ولا هو يشير إلى هذا العمل، لا في فترة خلافته ولا قبلها، والأمر الأكيد أنَّ الشيعة لم تعرف أبداً نسخة كهذه»[24].
وقال في موضع آخر: «ولا ينبغي أن ننسى أنَّ كل الروايات التي تتحدث عن عَلي كجامع للقرآن ومحرر له، تخضع للشك بأنها من اختلاق الشيعة»[25].
كما عقد فقرة بعنوان: (الاتهامات التي وجهتها الفرق الإسلامية، لا سيما الشيعة ضد عُثْمَان)، وبيَّن أنهم كانوا يشككون في صحة مصحف أبي بَكْر وعُثْمَان رضي الله عنهما ومن ذلك قوله: «أمَّا الاعتراضات التي وجهها الشيعة أنصار عَلي ضد النص الرسمي للقرآن فهي أكثر من ذلك عدداً وتنوعاً، وهي لا تتناول فقط وضع سور بأسرها أو حذفها بل أيضاً آيات وكلمات مفردة...لم ير الشيعة وراء ذلك إلا الانحياز والنية السيئة، فهم إذا لم يجدوا القداسة التي ينسبونها إلى عَلي وأسرته يعبَّر عنها في أي موضع في القرآن، رموا أبا بَكْر وعُثْمَان بتهمة تعديل هذه المواضع أو حذفها مهما كان عددها كبيراً...»[26].
وقال أيضاً: «وتعتبر الطائفة الشيعية مصحف عُثْمَان كتاباً مقدساً وتستعمله حتى يومنا هذا، بصرف النظر عن كل التهم التي قُذف بها، لكن هذا بحسب اعتقادهم ليس إلا حلاً مؤقتاً إلى أن يحين زمن مملكة المهدي، فالقرآن الصحيح الخالي من التزوير هو في حيازة خلفاء عَلي السريين وهم الأئمة الاثنا عشر الذي يخفونه إلى حين يكشف عنه الإمام الأخير وهو المهدي القائم...»[27].
وفي بداية الجزء الثالث[28] تم وضع عنوان (أخطاء النص العثماني): وقال: «اعترف المسلمون منذ زمن طويل بأنَّ نص القرآن الذي أصدرته اللجنة التي عيَّنها عُثْمَان لم يكن كاملاً على وجه الإطلاق، ويوجد بين أيدينا عدد من الروايات التي أخذت على هذا النص أخطاء مباشرة، ومن أشهر ما وردنا أنَّ عُثْمَان نفسه عندما اطَّلع على النسخ التي أنجزها الكُتَّاب وجد فيها حروفاً من اللحن وأنه قال: «لا تغيِّروها فإنَّ العرب ستعربها بألسنتها لو كان الكاتب من ثَقِيف والممل من هُذَيْل لم يوجد هذه الحروف»[29].
وبما أنَّ هذه الشبهة قد خرجت في كتابات المعاصرين من الإثني عشرية أمثال مُحَمَّد هَادِي مَعْرِفَة[30] (ت:1427هـ)، فلا أستبعد أن يكونوا قد استفادوها من المستشرقين أمثال نُولْدِكِه (ت:1349هـ).
وختاماً: أستطيع أن أجيب عن صيغة عنوان المقال: (هل تأثر المستشرقون بآراء الإثني عشرية في تاريخ القرآن؟)، بأنَّ التأثر كان مشتركاً بين الطرفين:
فبعض متأخري الإثني عشرية قد تأثروا برأي المستشرقين أمثال جُولْد تسيْهَر (ت:1340هـ)، ونُولْدِكِه (ت:1349هـ)؛ كالقول بأنَّ السبب الرئيس في نشأة القراءات واختلافها هو خلو خط المصحف من الشكل والتنقيط؛ وذلك لأني لم أجد هذا الرأي حاضراً عند علماء الإثني عشرية المتقدمين!!
كما استفاد نُولْدِكِه (ت:1349هـ) من مصادر الإثني عشرية المتقدمة، ففكرة إسقاط آيات من سورة الأحزاب غير موجودة في المصحف العثماني هي من أبرز آراء علماء الإثني عشرية المتقدمين الذين قالوا بتحريف القرآن الكريم، وذلك من خلال مروياتهم في مصنفاتهم، وهو ما يبين تأثر المدرسة الاستشراقية ببعض آراء الإثني عشرية.
:: مجلة البيان العدد 339 ذو القعدة 1436هـ، أغسطس - سبتمبر 2015م.
[1] مذاهب التفسير الإسلامي (ص:286).
[2] المصدر السابق (ص:8).
[3] ينظر على سبيل المثال: تاريخ القرآن للكردي (ص:122)، رسم المصحف العثماني وأوهام المستشرقين (ص:29)، القراءات في نظر المستشرقين، لعبد الفتاح القاضي، دراسات في مناهج المفسرين لإبراهيم خليفة (ص:99)، الجمع الصوتي للبيب السعيد (ص:159)، الرد على المستشرق اليهودي جولد تسيهر في مطاعنه على القراءات القرآنية لمحمد حسن، القراءات وأثرها في التفسير والأحكام لبازمول (1/328) وغيرها.
[4] ينظر: التمهيد في علوم القرآن لمحمد هادي معرفة (2/13)، والمناهج التفسيرية في علوم القرآن لجعفر السبحاني (ص:188)، تاريخ القرآن للصغير (ص:93)، علوم القرآن لرياض الحكيم (ص:227).
[5] تاريخ القرآن (ص:93).
[6] مذاهب التفسير الإسلامي (ص:300-301).
[7] المصدر السابق (ص:300).
[8] المصدر السابق (ص:304).
[9] ينظر: المصدر السابق (ص:306-310).
[10] المصدر السابق (ص:286).
[11] المصدر السابق (ص:290).
[12] المصدر السابق (ص:293).
[13] المصدر السابق (ص:296).
[14] المصدر السابق (ص:293-294).
[15] المصدر السابق (ص:295).
[16] المصدر السابق (ص:296).
[17] تاريخ القرآن (ص:46).
[18] أخرجه البخاري في كتاب فضائل القرآن، باب أُنزل القرآن على سبعة أحرف (16/475)، ومسلم باب بيان أنَّ القرآن على سبعة أحرف (5/273).
[19] تاريخ القرآن (ص:210).
[20] المصدر السابق (ص:228).
[21] ينظر: القراءات أو التنزيل والتحريف للسياري (ص:109)، ثواب الأعمال للصدوق (ص:137)، الإيضاح للفضل بن شاذان (ص:212)، بحار الأنوار (35/235).
[22] تاريخ القرآن (ص:240).
[23] الفهرست (ص:30).
[24] تاريخ القرآن (ص:244).
[25] المصدر السابق (ص:278).
[26] المصدر السابق (ص:322).
[27] المصدر السابق (ص:323).
[28] كون هذه الآراء موجودة في الجزء الثاني والثالث من كتاب تاريخ القرآن لنولدكه فهي منسوبة إليه سواء كتبها بنفسه، أو أنها إضافات من تلاميذه، فهي تعد له، وإن أوعز لتلاميذه الإشراف عليه فهو إقرار منه بكل ما جاء فيه.
[29] تاريخ القرآن (ص:443)، والحديث أخرجه ابن عبيد في فضائل القرآن (2/103)، وابن أبي داود في المصاحف (1/235)، والداني في المقنع (ص:608)، وعزاه السيوطي في الإتقان (4/1238) إلى ابن الأنباري في كتاب الرد على من خالف مصحف عثمان، وابن اشته في كتاب المصاحف، وأعلَّه الداني بالانقطاع فإنِّ عكرمة لم يسمع من عثمان رضي الله عنه.
[30] ينظر: التمهيد في علوم القرآن (1/345).