الكيان الصهيوني يتحضر للحرب ضد الفلسطينيين
أصدر رئيس
الحكومة الصهيونية «نتنياهو» أوامره للبدء ببناء جدار حدودي في «غور الأردن»،
مباشرة بعد الانتهاء من إقامة الجدار والسياج الحدودي على امتداد الحدود المصريّة،
وفي الوقت ذاته التعجيل بإقامة جدار مشابه في هضبة الجولان، حيث باشرت دوائر أمنية
صهيونية مختلفة إجراء فحوص أولية بهدف وضع الخطط الهندسية لبنائه.
وقد بات من
الواضح أن الجدار يعتبر رسالة للجانب الفلسطيني الذي يعارض الوجود الصهيوني على
ضفاف نهر الأردن، وأنّ «إسرائيل» تعتزم حماية حدودها الشرقية في «غور الأردن»،
لافتةً إلى أنّ «إسرائيل» ليست مستعدة لإخلاء المنطقة في أي اتفاق مستقبلي، في ظل
الخطر القائم بإمكانية التسلل للضفة الغربية من جهة «غور الأردن»، ولذلك علينا
الاستمرار بالتواجد في منطقة الأغوار وعلى طول الحدود مع الأردن.
في ذات
الوقت فإن الجيش الصهيوني يبذل جهوداً أمنيّة خشية تكرار عمليات القنص الأخيرة في
الضفة الغربية، وفي إطار الاستعدادات لمواجهة الظواهر الأمنية المقلقة، أجرى الجيش
تدريبات ومناورات عسكريّة للتعامل مع عمليات قنص وإطلاق نار يتعرّض لها المستوطنون
في مدينة الخليل، وعدم استبعاد استمرار الاستهداف الفردي الذي يقوم به مسلحون
بتخطيط ذاتي دون دعم من جماعات مسلحة.
فيما أكّد
ضابط كبير في الجيش الصهيوني أنّ القيادة العسكريّة للضفة الغربيّة متخوفة من
سهولة الإيقاع بالجنود، ثم اختطافهم، واعتبروا ذلك أمراً لا يطاق، زاعماً أنّ
الجيش و«الشاباك» تمكّنا من كشف 40 خطة لاختطاف جنود مؤخراً، لكن أكثر ما يخيفهما
هو السيناريو الذي حصل مع الجندي القتيل مؤخراً من حيث طريقة وصوله لمقتله
بإرادته.
كما تركز
قوات الجيش دائماً على التعليمات الصارمة للجنود بعدم دخول مناطق السلطة،
والمشاركة في صفقات مشبوهة هناك، موضحاً - أي الضابط - أنّ أكثر ما يخيف الجيش هذه
الأيام هو عمليات الخطف باعتبارها تهديداً استراتيجياً على «الدولة» والجيش معاً.
من
ناحيتها، حذرت محافل أمنية صهيونية من أن تتسبّب محاولات غلاة اليمين في الحكومة
والكنيست لتغيير الوضع القائم في المسجد الأقصى، ويحول دون دخول اليهود للصلاة فيه
بداعي وجود «جبل الهيكل»؛ في اندلاع انتفاضة ثالثة على جانبي الخط الأخضر في حال
لم يتدخل «نتنياهو» وقيادة الشرطة وجهاز «الشاباك» فوراً، وإلا ستحصل أعمال فوضى
يقودها المسلمون في القدس الداخل والضفة الغربية.
ما يعني
أنّ أيّ تغيير في الوضع القائم بالقدس يمكن أن يشعل الأوضاع الأمنية في الأراضي
الفلسطينية وداخل «إسرائيل»، وأنّ المؤسسة الأمنية مدركة لمحاولات اليمين
المتواصلة، لكنها لم تحرك ساكناً حتى الآن للجمها، ما يتطلب تدخل «نتنياهو».
فيما أعد
النائب العسكري الصهيوني «هارئيل فاينبرغ» وثيقة لا تعارض إجراء الجيش تدريبات
عسكرية داخل أملاك خاصة في القرى الفلسطينية بالضفة الغربية، وأن مشروعيتها تنبع
من مبدأ الحفاظ على جاهزية قواته، وفقاً لرؤية القائد العسكري في المنطقة، الآمر
الناهي في المكان، والمكلف بالحفاظ على الأمن والنظام العام في الضفة، والحفاظ على
هذه القدرة والجهوزية مطلوب، حتى لو تطلب إجراء التدريبات داخل التجمعات السكانية.
على صعيد
غزة، أعلن قائد المنطقة الجنوبية «سامي ترجمان»، أنّ الهدوء سيقابل بالهدوء، وأيّ
عملية ضد «إسرائيل» ستواجه برد قاسٍ من الجيش الصهيوني، فيما قال ضابط كبير في
قيادة المنطقة الجنوبيّة، إنّ الجيش يواجه فشلاً ذريعاً في مواجهة ظاهرة الأنفاق
التي تحفرها حماس لتنفيذ عمليات مسلحة، وهو مضطر لإرسال قوات المشاة للبحث عن عيون
الأنفاق.
ولفت إلى
أنّ التقديرات تشير لقيام حماس بحفر عديد من الأنفاق لتنفيذ عمليّات كبيرة. وزعم
الضابط أنّ حماس تستغل فترات الهدوء في التدريب وتطوير قدراتها القتاليّة،
استعداداً لجولات قتال قادمة، مشيراً إلى أنّ تلك الأنفاق ستؤدي لكارثة في حال
قيام مسلحين بدخول إحدى المستوطنات، حيث لا تكفي القوة الموجودة فيها لحمايتها، في
ظل سحب قوات الجيش من حراستها.
ولذلك؛ فإن
الجيش يواصل عملياته في البحث عن أنفاق إضافية تصل لداخل الأراضي الصهيونية، وقد
بذل على مدار الشهر الماضي جهوداً مكثفة في هذا السياق على الحدود مع غزة، موضحاً
أنّ طواقم من سلاح الهندسة أجرت قبل تفجير النفق الأخير، عمليّات بحث عن أنفاق
أخرى، وأن طريقة العمل المتّبعة تقضي بتوجيه عشرات الجنود لينتشروا في منطقة
محددة، ويحاولوا البحث عن منافذ لأنفاق جديدة تحت الأرض.
وكل ذلك
يؤكد أنّ الجيش يبذل جهوداً كبيرة في البحث عن أنفاق جديدة، والكشف عنها، وسيواصل
ذلك؛ بهدف كشفها وتدميرها، لأنه من المحتمل أن تكون هناك عشرات الأنفاق التي قام
الفلسطينيون بحفرها، وتمتد داخل «إسرائيل»، وبنوعية عالية، كتلك التي تم الكشف
عنها في الشهور الأخيرة.
فيما طالبت
محافل سياسية باحتلال غزة باعتباره الأمر الوحيد الذي لا مفر منه للسيطرة على الوضع
الأمني القائم، لأنّ الفلسطينيين حريصون على تذكيرنا في كل وقت بأن لدينا «عدواً»،
ومنذ الانسحاب من غزة وحماس تعزز قوتها، والمعركة المقبلة ستكون أكثر صعوبة
وخطورة؛ لأنهم يحفرون الأنفاق باستمرار ولا يستريحون.
وفي ظل هذه
الأحداث لا يمكن التعايش مع استعداداتهم للحرب في المستقبل، ويجب معالجتها جذرياً،
خاصةً مع إطلاق الصواريخ وتفجير الأنفاق، مضيفاً أنّ الأنفاق هي فخ للموت يجب ألّا
يذهب الجنود إليها، بل تحديد مكانها وتفجيرها دونه، وبالتالي فلا مفر من السيطرة
على غزة، ففي نهاية المطاف مصر عزلت القطاع، وإن لم نسيطر فسنرى الشرارة الكبرى.
أما وزير
الحرب الصهيوني «موشيه يعلون»، فقد أعلن أنّ ظاهرة الأنفاق التي تحفرها فصائل
فلسطينية في غزة باتجاه الأراضي الصهيونية مثيرة للقلق، مبيناً أنّ الجيش الصهيوني
يعرف كيف يواجهها، محمّلاً المسؤولية عن عملية «خان يونس» وكافة العمليات التي
تنطلق من غزة لحماس، متهماً إياها بالاستعداد لاستئناف العنف ضد «إسرائيل» من خلال
حفر الأنفاق لتنفيذ عمليات ضدها.
فيما حذرت
محافل عسكرية من وجود عناصر لحماس في قلب «إسرائيل» خلال الفترة المقبلة في حال
توقف الجيش عن مكافحة الأنفاق على حدود قطاع غزة، في ضوء «حرب الأدمغة» الدائرة
بين الجيش وحماس على حدود غزة، وبدأت تستعر في الآونة الأخيرة، فيما ما زالت
الظروف الإقليمية مثل الانقلاب في مصر ونتائج عملية «عمود السحاب»، تمنعها من
المبادرة بهجمات نوعية على مواقع الجيش في محيط القطاع.
وقد استعاضت حماس عن ذلك بإعداد خطط عمليات، ووضعها
على الرف؛ تحضيراً لليوم الموعود، بما في ذلك مخططات لتنفيذ عمليات واسعة النطاق
فور إصدار الأوامر بتفعيل الأنفاق العسكرية.
::
مجلة البيان العدد 318 صفر 1435هـ، ديسمبر 2013م.