• - الموافق2024/11/05م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
قواعد في التعامل  مع المرأة الأجنبية

نهى الإسلام عن الخلوة بالمرأة الأجنبية؛ لأن الخلوة بالمرأة من أسباب الوقوع في الفاحشة، ولقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «لاَ يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ، وَلاَ تُسَافِرَنَّ امْرَأَةٌ إِلَّا وَمَعَهَا مَحْرَمٌ»[4]، وينبغي للمرء الحذر أشد الحذر من ذل


المرأة التي ليست من المحارم، وليست للمرء زوجة، تُسمَّى امرأة أجنبية، يحذر المرء من الافتتان بها أو فتنتها؛ لأن الله ركَّب في الرجل محبة النساء، وزيَّن في قلبه الرغبة فيهن، وتلك الرغبة هي الدافع الأول للزواج فالتناسل وبقاء النوع البشري، وفي هذه مصلحة كبرى للمجتمع، ويبقى في قلوب الرجال محبة النساء واشتهاء النساء، ليبقى الزواج والتناسل وتعمير الأرض مستمرًّا، لكن مع ذلك يبقى الخوف من الوقوع في فتنة النساء الأجنبيات، مما يدعونا للحذر والأخذ بأسباب الوقاية.

 وقد يضطر الرجل للعمل في مكان مختلط به رجال ونساء، ويحتاج للتعامل مع النساء، وقد يتعرض للوقوع في فتنة النساء، وكما أن الرجل قد يقع في فتنة النساء الأجنبيات، فالمرأة أيضًا معرَّضة لذلك، فما يقال في الحذر من الفتنة بالنساء للرجال، يقال أيضًا للنساء؛ للحذر من الافتتان بالرجال الأجانب، لذلك نحتاج لمن يُذكّرنا بقواعد ذهبية تنقذنا من الافتتان أو فتنة المرأة الأجنبية؛ لذلك جاء ذلك المقال.

أولاً: غلق الباب من البداية

وعدم الدخول مع المرأة الأجنبية في كلام بلا حاجة، وعدم الزيادة عن الحاجة المباحة في الكلام، فلا قصص ولا حوارات ولا مناقشات ولا استشارات ولا الدخول في صحبة، ولا غير ذلك من صور التقارب في التعامل، لذلك حذَّر النبي -صلى الله عليه وسلم- من تلك الفتنة؛ فقال: «مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النِّسَاءِ»[1].

ثانيًا: غضّ البصر

وهذا هو المفتاح الذي يغلق باب الفتنة من بدايتها، فالنظرة الأولى وتكرارها هي التي تفتح باب الشر، والنظرة سهلة قد لا يشعر البعض بخطرها ولا أثرها، ولكن كما يقال: معظم النار من مستصغر الشرر.

ولقد أمر الله الرجال والنساء بغضّ البصر؛ فقال تعالى: {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} [النور: 30]، وقال تعالى: {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ...} [النور: 31].

ولقد حرص السلف على ذلك حرصًا شديدًا؛ فقد قال بعض أصحاب سفيان الثوري: خرجت معه يوم عيد فقال: إن أول ما نبدأ به في يومنا هذا غضّ البصر. ورجع حسان بن أبي سنان من عيده، فقالت امرأته: كم من امرأة حسناء قد رأيتَ؟ فقال: ما نظرتُ إلا في إبهامي منذ خرجت إلى أن رجعت![2]

وقال العلاء بن زياد: «لا تُتْبِع بصرك رداء امرأة؛ فإن النظرة تجعل في القلب شهوة».

وقال أحد الصالحين لابنه: «يا بني! امشِ وراء الأسد والأسود -وراء الأسد والحية والثعبان-، ولا تمشِ وراء امرأة».

وقال سفيان: كان الربيع بن خثيم يغضّ بصره، فمرَّت به نسوة، فأطرق إطراقًا شديدًا، حتى ظنَّت النسوة أنه أعمى، فتعوذن بالله من العمى.

وخرج حسان بن أبي سنان إلى العيد، فقيل له لمَّا رجع: يا أبا عبد الله! ما رأينا عيدًا أكثر نساءً منه. فقال: ما تلقتني امرأة حتى رجعت[3].

ثالثًا: الحذر من الخلوة بالمرأة الأجنبية

نهى الإسلام عن الخلوة بالمرأة الأجنبية؛ لأن الخلوة بالمرأة من أسباب الوقوع في الفاحشة، ولقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «لاَ يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ، وَلاَ تُسَافِرَنَّ امْرَأَةٌ إِلَّا وَمَعَهَا مَحْرَمٌ»[4]، وينبغي للمرء الحذر أشد الحذر من ذلك الأمر وتجنُّبه أشد التجنب.

رابعًا: عدم الدخول في دعوة النساء وإرشادهن للخير إذا كان ذلك قد يؤدي للفتنة

فهذا من أبواب الشيطان في الفتنة، وهي من الأبواب المغفول عنها، فالشيطان يُزيِّن للمرء الخير بدعوة النساء الأجنبيات لشعائر الإسلام وأحكامه والالتزام بها، فيقع في التعلق بالنساء، وقد تكون المرأة متزوجة فتكون الفتنة عظيمة والفساد كبيرًا، فدعوة النساء يقوم بها النساء أو الرجال المحارم، والرجال من غير اختلاط أو اتصال عبر الدعوة العامة عبر التلفاز والإنترنت والخطب والدروس من غير لقاء مباشر يُعرِّض الطرفين للفتنة.

 خامسًا: غلق جميع قنوات الاتصال مع النساء من غير حاجة

 ينبغي للرجل الحذر من الدخول مع النساء الأجنبيات في اتصالات هاتفية بغير حاجة مُلِحَّة، وعدم الدخول أيضًا في دردشة عبر الماسنجر أو الواتساب، وغيرهما، فهذه الاتصالات خطيرة، وإن كانت لا تأخذ حكم الخلوة إلا أنها تشبهها، وقد تُوقع في الفتنة العظيمة بين الطرفين، والله -تعالى- يقول: {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: 195]، والتهلكة هنا لفظ معرّف بالألف واللام فيدخل فيها كل تهلكة في الدين والدنيا.

سادسًا: الحذر أشد الحذر من باب الفتنة

 وهذا للرجال والنساء، فليجعل كل واحد منهما موضع الفتنة من الأمور الخطيرة التي يحذران منها دائمًا، خاصةً في بيئة الاختلاط، وكلما خاف المرء من الخطر كان أبعد الناس عن الوقوع فيه، وكلما استهان المرء بالخطر سهل عليه الوقوع فيه، والحفرة التي يقع فيها المرء هي التي لا يهتم بها ولا يحذر منها، وكلما هوَّن الشيطان للمرء عدم الوقوع في الفتنة كان الوقوع أسهل وأيسر، فالمرأة المتزوجة من أقرب الناس للفتنة؛ لأن المرء يُحدِّث نفسه أنه بعيد عنها؛ لأنها متزوجة، فلا يحذر من الافتتان بها؛ فيفتتن بها، بل إن المتزوجين رجالاً ونساءً في بيئة العمل من أقرب الناس للوقوع في الفتنة؛ لأنهما في بيئة العمل يرون جانبًا مضيئًا لا يرونه في بيوتهم، فالرجل يرى من المرأة الأجنبية اللباقة والذوق في التعامل مما قد يفتقده في زوجته، والمرأة تشاهد في الرجل الأجنبي مثل ذلك مما قد تفتقده في زوجها، وهكذا.

سابعًا: الحذر من الحمو

وهو قريب الزوج مثل أخيه وابن عمه، هؤلاء من أقرب الناس للافتتان بالمرأة، أو فتنتها؛ فالمرء لن يفكّر في الافتتان بزوجة أخيه، لذلك لن يحذر منها، ولكنَّ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بأسلوبه البليغ يُحذّرنا من هذا الباب الخطير؛ فقال: «إِيَّاكُمْ وَالدُّخُول عَلَى النِّسَاء»؛ فَقَال رَجُلٌ مِن الأَنْصَار: يَا رَسُول اللَّه، أَفَرَأَيْتَ الحَمْوَ؟ قَالَ: «الحَمْوُ المَوْتُ»[5]؛ فالزوج لن يفكّر في أن زوجته ستَفتن أخاه، أو يُفتَن بها أخوه، بل في بعض البيئات مجرد الحديث بين المرأة وغير محارمها قد يتسبّب في حدوث مشكلات. فليحذر القريب من زوجة قريبه، ولتحذر المرأة من أقارب زوجها؛ حتى لا تُفتَن بهم.

تلك سبعة حصون تمنع المرء من الافتتان بالمرأة الأجنبية وفتنتها، وتوصّل -بإذن الله- للسلامة وبر الأمان.

 حفظ الله مجتمعاتنا من الفتن ومن السوء.

 

 


[1] صحيح البخاري (ج7، ص8، ح 5090) كتاب النكاح، باب مَا يُتَّقَى مِنْ شُؤْم المَرْأَة، ط دار طوق النجاة، ط1، عام 1422هـ، بتحقيق محمد زهير بن ناصر الناصر.

[2] نداء الريان في فقه الصوم وفضل لرمضان، ج٢، ص٣٥٩، للدكتور سيد حسين العفاني، نسخة برنامج المكتبة الشاملة.

[3] دروس مفرَّغة للشيخ محمد صالح المنجد، درس بعنوان الابتلاء بفتنة النساء ج٩٨، ص ٧، برنامج المكتبة الشاملة.

[4] صحيح البخاري (ج4، ص59، ح 3006) كتاب الجهاد والسير، بَاب مَن اكْتُتِب فِي جَيْش فَخَرَجَت امْرَأَتُهُ حَاجَّةً، أَوْ كَانَ لَهُ عُذْرٌ، هَلْ يُؤْذَنُ لَهُ. مرجع سابق، والطبعة نفسها.

[5] صحيح البخاري (ج7، ص37، ح 5232) كتاب النكاح ، بَابُ لاَ يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلَّا ذُو مَحْرَمٍ، وَالدُّخُولُ عَلَى المُغِيبَةِ، مرجع سابق والطبعة نفسها.

أعلى