مسلمو سيريلانكا.. بين الاضطهاد الطائفي والقهر السياسي
تقع جزيرة سيريلانكا جنوب قارة آسيا في المحيط الهندي،
وإلى جنوب شبه جزيرة الهند، ويفصل بينها مضيق «بالك».. عرفها العرب باسم سرنديب،
وكانت إحدى الجزر التي وصلتها سفن العرب في تجارتهم مع الشرق الأقصى، فلقد قاموا
برحلات تجارية إلى الجزيرة قبل الإسلام وبعده، ثم أطلق عليها «سيلان».
وصل الإسلام سيريلانكا مبكراً في نهاية القرن الهجري الأول
وبداية القرن الثاني، وظلت تحت الاحتلال البريطاني من عام 1706م إلى عام 1948م،
حيث نالت استقلالها وتغيّر اسمها إلى سيريلانكا في عام 1972م.. يَبلغ عدد سكانها
20 مليون نسمة، ويُشكِّل المسلمون منهم 10 في المائة (وفقاً للإحصائية التي تمَّ
إجراؤها في عام 2012).. ينتمي سكان سيريلانكا إلى أجناس مختلفة، أبرزها: العناصر
السنهالية، وتشكل أكثر من ثلث السكان، وإلى جانبهم جماعات التاميل، وينقسمون إلى
جماعتين: تاميل من الهند، وتاميل سيلان، ثم أقليات من المور والماليزيين
والإندونيسيين، وهناك عناصر درافيدية قديمة. واللغة الرسمية في سيلان هي السنهالية
(لغة أغلبية السكان)، وإلى جانبها لغة التاميل، ويتحدثها ربع السكان، هذا إلى جانب
اللغة الإنجليزية.
يوجد الإسلام وسط محيط من الأديان المختلفة، فيدين
بالبوذية ثلثا السكان «64%»، وإلى جانبهم أقلية هندوسية «20%»، ثم أقلية مسيحية
«5%»، وهكذا تعيش الأقلية المسلمة وسط هذا الخليط، إلا أن المسلمين أقوى الأقليات،
فعددهم نحو 2 مليون نسمة، ويتركز المسلمون في النطاق الشرقي من سيريلانكا، وفي
المدن المهمة.
وصول الإسلام إلى هذه المنطقة ارتبط بوصوله إلى الهند وجزر
إندونيسيا، فلقد كان العرب على صلة تجارية بجزيرة سرنديب قبل ظهور الإسلام، وكان
طبيعيّاً أن يصل التجار العرب المسلمون إليها خلال القرن الهجري الأول، غير أن
الانتشار الفعلي للإسلام في جزيرة سيلان بدأ بنهاية القرن الأول الهجري وبداية
القرن الثاني، حيث انتشر الإسلام في سواحل الجزيرة، ثم وفد إلى الجزيرة مسلمون من
التاميل الهنود، ومسلمون من الملايو وإندونيسيا، ولقد اتخذ ملوك جزيرة سيلان
مستشارين لهم من العرب والمسلمين في فترات سابقة على الاستعمار الأوروبي.
لقد تُرجمت معاني القرآن الكريم إلى اللغتين: السنهالية،
ولغة التاميل، وقامت بالترجمة منظمات إسلامية بسيريلانكا. ويطبق المسلمون الشريعة
الإسلامية في معاملاتهم. ويوجد نحو 500 مدرسة ابتدائية إسلامية تخضع لإشراف حكومة
البلاد، وهناك نوع من المدارس تفتح أبوابها لأبناء المسلمين يوم الأحد حيث العطلة
الأسبوعية، وتسمى «المدارس الأحدية»، أسستها جمعية إسلامية لتعليم أبناء المسلمين
مبادئ الدين الإسلامي وحفظ القرآن الكريم، وتدرَّس بها علوم الدين باللغة العربية
في العاصمة، وهناك كلية السيدات المسلمات في مدينة كليليا، كما توجد كلية الزاهرة
في مدينة كولمبو، وتأسست سنة 1310هـ، وجامعة كيلانيا للدراسات الإسلامية؛ وتخضع
هذه المؤسسات التعليمية لإشراف الدولة، ويُعيَّن خريجوها للتدريس في المدارس
الابتدائية الإسلامية، ومدارس الأيتام، وتوجد مدارس تحفيظ القرآن الكريم، ودار
للثقافة الإسلامية، ومكتبة إسلامية، وهناك جامعة الفلاح في كاتانكودي في شرق
البلاد، ومشروع الكلية العربية في مدينة كينيا. وهناك عدد من الجمعيات الإسلامية
يبلغ عددها نحو 38، بين هيئة وجماعة ومؤسسة، منها الجماعة المسلمة، وجمعية أنصار
السنة، وجماعة التبليغ، وجمعية الشبان المسلمين، ومن الجمعيات الإسلامية جمعية
ندوة البخاري، والجماعة الإسلامية، وجمعية الأمين، هذا إلى جانب عدد من الجمعيات
الخيرية. وللمسلمين ثلاث صحف تصدر شهرياً، وهناك حزب سياسي إسلامي تشكل في سنة
1981م، وهو حزب المؤتمر الإسلامي السيريلانكي في مدينة كولمبو.
ويمكن حصر مشاكل المسلمين فيما يلي: المشاكل الطائفية،
نشاط القديانية، نشاط البهائية، طائفة إنكار الحديث النبوي الشريف، وظهرت هذه
الطائفة حديثاً، وتصدر مجلة شهرية.. وعداء تيارات أخرى كالشيوعية، والماسونية،
والحرب الأهلية الحالية وما يقوم به ثوار نمور التاميل من مذابح.
أهم النشاطات العدائية لهم في الوقت الحالي تتمركز في: 1-
محاربة علامة «حلال» الصادرة من قبل «جمعية علماء سيريلانكا». 2- محاربة تجار
المسلمين وضرب اقتصادهم. 3- تخويف الأغلبية البوذية من تكاثر المسلمين وانتشارهم
وبناء المساجد الجديدة، وبأن سيريلانكا ستكون دولة مسلمة بعد عام 2025 - 2030م. 4-
محاربة الزي المدرسي المحتشم لبنات المسلمين، وإجبارهن على الزي المدرسي العادي
القصير. 5- محاربة العباءة السوداء والنقاب، وإجبار المسلمات على اللباس التقليدي.
6- نشر المعلومات غير الصحيحة عن الإسلام والقرآن، وعن النبي الكريم صلى الله عليه
وسلم؛ لتأليب البوذية ضد الإسلام.. وغيرها.
أهم المصادر:
• موقع السي آي إيه.
• موقع الإسلام.
• موقع مجلة المجتمع.
:: مجلة البيان العدد 311 رجب 1434هـ،
مايو - يونيو 2013م.