إذا لم ننتبه اليوم آباءً وأمهات في الأساس، ومتخصصين ومتخصصات في التربية، لهذا المرض الذي بدأ يتسلل إلى نفوس بعض بناتنا في سنّ المراهقة الخطر، بل قبله في كثير من الأحيان؛ فنحن نُفرِّط في غدنا
في عصرنا الحالي يتعرّض مجتمعنا العربي والإسلامي لهجمات شرسة على عاداته وتقاليده،
والأخطر على أخلاقياته، وبدعوى الحرية في التعبير والفكر والرأي والرغبة تسللت
أمراض غريبة لا تُصيب الأجساد فقط، بل تُشوّه النفس، وتُيَبِّس العقل، وتُحوِّل
الإنسان الذي خَلقه الله في أحسن صورة إلى مَسْخ فاقد للهوية والحسّ والرغبة التي
فطَره الله عليها، وعندما تستهدف هذه الأمراض بناتنا فهي تستهدف أمهات المستقبل
بناة أجيال الغد، بمعنى أنها تصيب في الصميم مستقبل الأمة بالتشوّه وتحوّل شبابه
وأبناءه إلى مسوخ لا يدركون لمشاعرهم ولا لرغباتهم هوية، وإذا ما رُزقوا بأطفال لا
يملكون شيئًا غير ملوّث ليعطوه لهم؛ لأنهم يعانون من خلل نفسي وسلوكي وتذبذب في
المشاعر، فلا تملك الأم مشاعر الأمومة؛ لأنها لم تمتلك مشاعر ولا رغبات الأنوثة؛
فعطاؤها يكون ملوثًا بعفن الفكر والرغبة المنحرفة.
وإذا لم ننتبه اليوم آباءً وأمهات في الأساس، ومتخصصين ومتخصصات في التربية، لهذا
المرض الذي بدأ يتسلل إلى نفوس بعض بناتنا في سنّ المراهقة الخطر، بل قبله في كثير
من الأحيان؛ فنحن نُفرِّط في غدنا، ونسمح لهذا المرض لأن يصبح وباءً يقضي على
أخلاقنا وفطرتنا واحترامنا لآدميتنا.
قال الله -عز وجل-: {وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأنثى} [آل عمران: 36]؛ فجعل
لكل منهما صفات خاصة تُعينه على أداء أدواره في الحياة، وعن ابن عباس -رضي الله
عنهما- قال:
«لَعَنَ
رَسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم المُتَشَبِّهِينَ مِنَ الرِّجالِ بالنِّساءِ،
والمُتَشَبِّهاتِ مِنَ النِّساءِ بالرِّجالِ»
(صحيح البخاري: ٥٨٨٥). و«لَعنَ
رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الرَّجلَ يلبسُ لُبسةَ المرأةِ، والمرأةَ تلبسُ
لُبسةَ الرَّجلِ»
(رواه أبو داود 4098 وصححه الألباني).
ومعنى اللعن -في الحديث- هو الطرد من رحمة الله -عز وجل-، وهو دليل على أن هذا
التشبه من الكبائر المُحرَّمة؛ إذ اللعن المترتب على فِعْل مُعيَّن دليلٌ على كونه
من الكبائر. والمتصفّح للواقع في المجتمعات التربوية يجد بعض الظواهر الغريبة
والدخيلة التي بدأت في التسلل إليها، ومن هذه الظواهر ما يسمى باضطراب الهوية
الأنثوية، والذي يُطلَق عليه في مؤسسات تعليم البنات
«ظاهرة
البويات».
مفهوم اضطراب الهوية الأنثوية:
إن مساعدة الطفل في تشكيل الهوية الجنسية المناسبة من المسؤوليات المهمة التي تقع
على عاتق الوالدين؛ لأن العملية التي يتعلم من خلالها الطفل السلوكيات والاتجاهات
المناسبة اجتماعيًّا لجنسه تسمى بعملية (التطبيع الجنسي)؛ حيث يتعلم الطفل
(المعايير الجنسية للدور)، ويكتسب هويته الجنسية (الشعور بأنه ولد أو بنت).
إنَّ الهوية الجنسية بصورة مختصرة هي أن يعرف الطفل أنه ذكر أو أنثى، وينتمي لجنسه
في الشكل والمضمون قلبًا وقالبًا، وأي خلل في انتماء الطفل لجنسه يُمثِّل نوعًا من
اضطراب الهوية الجنسية، ونحن هنا لا نناقش المثلية أو الشذوذ أو حتى الممارسات
الجنسية المحرمة، ولكننا نناقش بُعدًا مختلفًا من الانحرافات ظهر في السنوات
الأخيرة، وأطلق عليه في المؤسسات التعليمية للبنات مسمى (البويات)، وعلماء النفس
يسمونه (اضطراب الهوية الأنثوية)، وهو يبتعد تمامًا عن أيّ اضطراب فسيولوجي عضوي
لدى الفتيات، ولكنه عملية نفسية بالأساس تظهر في صورة اضطراب سلوكي ترفض فيه الفتاة
مظهر الأنثى، وتميل إلى تبني بعض المظاهر التي تُميّز الشباب من الذكور في الملبس
وقصّ الشعر واستخدام العطور المتعارَف على أنها للرجال، وغيرها من المظاهر
الذكورية.
كما يتطرق الأمر أيضًا إلى استعمال بعض الألفاظ ونبرات الصوت الذكورية، وتسعد
الفتاة التي تعاني هذا الاضطراب وتعتز بأن رفيقاتها يطلقن عليها اسمًا أو مسميات
ذكورية، وقد ترتاد النوادي الرياضية، وتسعى جاهدةً أن يكتسب جسدها بعض العضلات التي
تُعزّز هذا المظهر، كما رصدت بعض الدراسات تناول هؤلاء الفتيات للمكمّلات الغذائية
الخاصة بالذكور ومشروبات الطاقة.
والمؤسف حقًّا أن الأمهات والآباء قد يُعزّزن هذا التوجُّه لدى بناتهم بوعي أو دون
وعي، وبالإهمال وعدم المتابعة في الكثير من الأحيان، وفي دراسات متعمقة اعتُبِرَ
هذا الانحراف بمثابة الظاهرة كنوع من التَّمرُّد في بعض المجتمعات، التي تفرض
المعايير الاجتماعية بها الفصل الشديد بين الجنسين في الدراسة والعمل، والتمييز في
أساليب المعاملة الوالدية بين الذكور والإناث؛ فيتبع الوالدان فيها طرقًا حادة
ومتشددة في تنشئة بناتهم.
وهذا النوع من الانحراف يمر بثلاث مراحل أساسية:
المرحلة الأولى: وهي مرحلة التشبه الظاهري فقط بالرجال من باب التقليد
الأعمى لبنات جنسها المتشبهات بالرجال، من دون أي قناعة داخلية بهذا الفعل، فهي
مقتنعة كليًّا بأنها أنثى، وفعلها هذا ما هو إلا تقليد فقط من دون أيّ ممارسات شاذة
ومنحرفة، وغالبًا ما يكون هذا التشبه ظاهريًّا فقط.
المرحلة الثانية:
وهي مرحلة خطرة جدًّا؛ لأن الفتاة البوية أو المسترجلة في هذه المرحلة مقتنعة
داخليًّا بما تقوم به من التجرُّد من أنوثتها والتشبه بالرجال، وفي هذه المرحلة
تمارس البوية السلوكيات الذكورية علنًا من دون حرج.
المرحلة الثالثة:
وهي مرحلة تدافع فيها المسترجلة أو البوية عن حقها في تصرفاتها وميولها العاطفية
والجنسية الشاذة لبنات جنسها، وهذه المرحلة خطرة للغاية، وتحتاج -بعد الرجوع إلى
الله والتوبة- إلى علاج نفسي.
ونحن هنا نتحدث عن انحراف سلوكي تختاره الفتاة بإرادتها كنوع من التمرد على
طبيعتها، أو كرد فعل لمشكلات واجهتها على مستوى الأسرة أو المدرسة، ولم تستطع
التخلص من آثارها، وغالبًا ما يستمر هذا الاضطراب، ويسيطر على سلوكياتها بتغافل
الأسرة والمجتمع وربما بتشجيع رفيقاتها والمعجبات بها.
أسباب اضطراب الهوية الأنثوية:
على الرغم من أن الأسرة هي المسؤول الأول عن تنشئة أبنائها، وبرغم أن الوالدين
يؤثران مباشرة في تشكيل شخصيات أبنائهم إلا أنه في كثير من الأحيان تكون هذه الأسرة
هي السبب الرئيس في حدوث هذا النوع من الاضطراب من خلال بعض التصرفات التي يفعلها
الوالدان دون قصد أو وعي مثل:
- تحريض الوالدين في الصغر:
بعض الآباء والأمهات قد يزرع الترجل في الفتاة منذ نعومة أظفارها؛ حيث يتم مناداتها
باسم ذكوري، ومعاملتها على أنها صبيّ وليست فتاة، ويتم قص شعرها كالصبيان، وإلباسها
ملابسهم، وتعويدها على أفعالهم وألعابهم والزَّجّ بها في مجتمعات الأطفال الذكورية،
وهذا قد يكون لأسباب متعددة؛ منها أن تكون الفتاة هي البكر، فيسعى الأبوان لتحميلها
المسؤولية منذ الصِّغر لتساعدهما في أعباء الحياة لاحقًا، ومنها أن يكون الأبوان أو
أحدهما يكره البنات؛ فيعمد إلى ما سبق، ومنها أن يكون الأبوان لا يُرْزَقان إلا
بالبنات ولرغبتهما في الصبي ينتقيان إحدى بناتهم لتكون صبيًّا بالتعود مع تجاهل
طبيعتها، وأحيانًا يكون هذا التوجه من الوالدين رغبةً في حماية الفتاة من الانحراف،
ومنعًا لجذب أنظار الذكور إليها في بعض المجتمعات.
إن هذا التصرف وإن بدا للبعض غريبًا إلا أنه يحدث بالفعل، وقد يفعله الوالدان دون
أن يشعرا بذلك، أو يفعلانه بوعي كامل ويعتقدان أنه صحيح؛ خاصة إذا تعاملا مع الأنثى
على أنها ذَكر ويتصوران أنهما بهذا يجعلانها قوية ويحميانها من الانحراف.
إن مساعدة الطفل في تشكيل الهوية الجنسية المناسبة من المسؤوليات المهمة التي تقع
على عاتق الوالدين؛ لأن العملية التي يتعلم من خلالها الطفل السلوكيات والاتجاهات
المناسبة اجتماعيًّا لجنسه تسمى بعملية (التطبيع الجنسي)؛ حيث يتعلم الطفل
(المعايير الجنسية للدور)، ويكتسب الهوية الجنسية (الشعور بأنه ولد أو بنت)، وهذا
ما يسمى بالتربية الجنسية، حيث يبدأ الاهتمام بهذه التربية للطفل منذ ولادته وتتدرج
في توسعها مع استمرار نموه، فما أن يدخل الطفل في مرحلة البلوغ الجنسي حتى يكون قد
تم إعداده الإعداد الكافي، وتزويده بالخبرات الكافية لاجتياز هذه المرحلة بنجاح
وسلام؛ حيث يتعلم دوره الجنسي بوصفه ذكرًا كان أم أنثى من محيطه وثقافته، أي أنه
يتعلم القِيَم والمعايير والحدود المخصصة لجنسه من ذلك المجتمع والثقافة المحلية
السائدة فيه، وهي بدَوْرها تُحدّد دور الأنثى والذكر.
وتعلم هذه القِيَم قد ينتقل من الآباء إلى الأبناء الذكور، ومن الأم إلى الطفلة
الأنثى، فضلاً عن تعلُّم أنواع السلوك المتفق مع الدور الجنسي للفرد ونتائجه
المتوقعة في مرحلة الرشد؛ فالذكور يتوقع منهم أن يكونوا أشجع وأقوى وأقل عاطفية من
الإناث. وأيّ خلل في معايير الأنوثة والذكورة التي ينشأ الطفل على رؤيتها في محيطه
يؤثر بالسلب على مشاعره واتجاهاته المرتبطة بهويته الجنسية.
كما أن ترتيب الطفل في الأسرة له أهميته من الناحية النفسية؛ فالطفل الوحيد يختلف
عن الطفل البكر في العائلة متعددة الأطفال، وكلاهما يختلف عن الطفل الأصغر والأوسط
والصغير والمدلل، كما أن جنس الإخوة له تأثير آخر، فالأنثى ذات الإخوة الذكور الذين
يكبرونها تميل إلى سلوك رجالي، وتنافسهم أكثر من التي لها أخوات بنات يكبرنها في
العمر.
- التعرُّض للتحرش أو التنمر أو الاعتداء في الصغر:
قد تلجأ الفتاة لتبني المظهر الرجولي كردّ فعل أو سلوك دفاعي لتعرُّضها لحوادث تنمر
أو تحرش أو اعتداء؛ سواء كان ذلك الاعتداء جنسيًّا أو بدنيًّا بالضرب مثلاً، وهذا
إذا ترسَّخ في نفسها أن سبب تعرُّضها للإيذاء يرجع لطبيعتها الأنثوية التي تتَّسم
بالضعف، فترفض المظهر الأنثوي لأنه يرتبط بالنسبة لها بذكرى تعرُّضها للإيذاء،
وخاصةً إذا كانت حادثة أو حوادث الإيذاء في محيطها العائلي المفترض بهم حمايتها،
هنا يكون الأثر أعمق في نفسها.
- تحميل الفتاة مسؤوليات ومهام المنزل في سنّ صغير:
وتكليفها بخدمة أشقائها الذكور، مع تعرُّضها للإيذاء منهم، ومعاقبتها عند التقاعس
عن تنفيذ أوامرهم، بدعوى أنها البنت التي يجب أن تخضع لأشقائها الذكور؛ فيترسخ في
نفسها أن مظهرها الأنثوي السبب في تلك المعاملة، وهنا تلجأ بعض الفتيات لهذه الحيلة
الدفاعية؛ برفض طبيعتها الأنثوية التي سبَّبت لها الإيذاء المتكرّر، فتُعبّر عن
نفسها بتبنّي المظهر الذكوري في مدرستها وفي تعاملاتها مع رفيقاتها.
- بعض المجتمعات التي تعتز بإنجاب الذكور وتحزن عند إنجاب الإناث:
وتُعَامل الأم معاملة سيئة عند إنجابهن، بعض هؤلاء الأمهات يُعبّرن عن شعورهن بحظهن
السيئ على مسمع بناتهن؛ مما يدفع بعض الفتيات لرفض طبيعتها الأنثوية لهذا السبب،
ومع تطور نموها يصيبها هذا الاضطراب.
مظاهر اضطراب الهوية الأنثوية:
1- قصات الشعر المعتادة للذكور.
2- تغير الفتاة تصرفاتها وحركاتها كأنثى، فتغير من مشيتها، ومن أسلوبها في الكلام
ونبرة الصوت وإيماءات الجسد وتعبيرات الوجه؛ أي أنها تجتهد في تغيير لغة جسدها
بالكامل وجعلها ذكورية.
3- ارتداء الملابس التي تبعد عنها الوصف بأنها أنثى كبعض السراويل والقمصان
الفضفاضة والأحذية والعطور الرجالية الشهيرة، وبعض السلاسل والأساور التي يلبسها
بعض الشباب المنحرفين أخلاقيًّا.
4- يصل الأمر عند بعضهن إلى أن تحلق شعر وجهها ويديها ورجليها بالشفرة؛ حتى يظهر
فيه الشعر فيما بعد بشكل كثير وكثيف، مثل الرجال.
5- من أبرز السلوكيات الشاذة عند البويات: أن وصل الحد ببعضهن إلى تعاطي بعض
العقاقير التي تزيد من نسبة الهرمون الذكري في الجسم، ويُضْعِف الهرمون الأُنثوي؛
وذلك لإخفاء معالم الأنوثة من جسمها.
سلوكيات (المسترجلة) البوية مع بنات جنسها:
رصدت عدة دراسات في هذا المجال أن الفتاة المصابة بهذا الاضطراب السلوكي تمارس
عددًا من السلوكيات المنحرفة مع رفيقاتها، والتي تتطور بمرور الوقت، هذه السلوكيات
تُظهِر مدى خطر هذا الاضطراب، نذكر منها:
1- تنجذب إحداهن إلى بنات جنسها عاطفيًّا وجنسيًّا، دون خلل عضوي؛ فعلاقة البوية مع
بنات جنسها من الفتيات غير البويات تعتبر علاقة عاطفية جنسية شهوانية بدافع تعميق
الشعور بالقوة لديها.
2- المسترجلة (البوية) في مرحلة متقدمة من هذا الاضطراب: تَعْتَبِر نفسها رجلًا
بجميع ما تَعنيه هذه الكلمة من معنًى، فتقنع نفسها بأنها ذَكر، لها رغبات عاطفية
وجنسية تجاه المرأة، كما للرجل ولها قوامة على الفتاة التي ترتبط معها، كما للرجل
قوامة على المرأة.
3- تختار لنفسها اسمًا مذكرًا، ولا تقبل أن تُنادَى إلا به، ولا تعترف باسمها
الحقيقي بين مثيلاتها.
4- في مجتمع المسترجلات (البويات) يكون هناك تنافس شديد بين البويات أنفسهن على
بنات جنسهن، فتقع بينهن مشاكل تصل إلى حد العراك والضرب فيما بينهن. (مثلما يحدث
بين الشباب من الذكور).
5- في مجتمع المسترجلات (البويات) لا تسمح البوية للفتاة التي ترتبط معها بعلاقة
عاطفية بأن تصادق أو ترتبط مع غيرها إلا بإذنها، وإذا تبيَّن لها عكس ذلك تُعاقَب
الفتاة مِن قِبَل البوية؛ حتى يصل هذا العقاب إلى حد الضرب والفضيحة والتشهير بها.
6- المسترجلة (البوية) لها أساليب في الإيقاع بالفتيات اللاتي يرفضن الارتباط بها؛
منها: التضييق على الفتاة والتحرّش بها جسديًّا، أو حتى جنسيًّا، وتهديدها والترصد
لها مِن قِبَل المسترجلات الأُخريات، ومنع صديقاتها من الاقتراب منها، أو حتى
مكالمتها والتواصل معها.
7- الابتزاز من الأساليب الدنيئة عند البوية، وبالذات الابتزاز بمقاطع التسجيل
الصوتي والصور والفيديو التي تحتوي على كثير من التسجيلات الخليعة للفتاة المرتبطة
مع البوية؛ وذلك لإرغام الفتاة على تنفيذ كل طلبات البوية.
8- يصل الحد ببعض المسترجلات بسبب انحرافها وشذوذها بأن ترى أن لها الحق بالزواج
المثلي مع الفتاة المرتبطة معها، وهذا الزواج تتم مراسمه بين جمع من البويات
وفتياتهن، ويُعلَن فيه أن المسترجلة (البوية) وفتاتها زوجان.
9- في مجتمع المسترجلات (البويات) لا يحق للبوية، ولا لفتاتها المرتبطة معها،
الزواج من الرجال، وهذا من الأساسيات الشاذة في علاقة البوية مع مَن ترتبط معها،
فعلاقتهما هي علاقة زوجية لا تنفصل إلا برغبة من البوية نفسها.
إن ظاهرة تشبُّه النساء بالرجال أو العكس قديمة، يدل على ذلك الأحاديث النبوية
الواردة في النهي عن هذا الفعل؛ إلا أن هذا كان يأخذ غالبًا شكل ممارسات فردية،
فيوجد رجل هنا وامرأة هناك يقع منهما هذا الفعل، بحيث لا تصطدم عين المرء بمجموعة
كبيرة منهم في بقعة زمنية ومكانية واحدة. أما ظاهرة المسترجلات (البويات) فيمكن
القول: إنها نوع من أنواع التشبه الجماعيّ؛ بحيث إنه صار لهؤلاء المتشبهات بالرجال
مجتمع يتَّسع مع الزمن، وصارت لهن اجتماعات وتجمُّعات على أرض الواقع، أو في العالم
الافتراضي عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وغيرها.
حلول ووسائل مقترحة لمعالجة هذه الظاهرة:
1 - مهما تطوّر الزمن وزاد الانفتاح فهو لا يعدو أن يكون حلقة متجددة مما عاش عليه
أسلافنا، وسيظل الخير فينا إلى ما شاء الله، وهذه الانحرافات، ستظل انحرافات عن
فطرة الله تُمارَس بسرِّيَّة، وستظل مدعاة للخجل، وسيظل المجتمع المسلم رافضًا لها
وقادرًا على مُواجهتها، فلا مجال للجزع واليأس.
2 - الاستفادة من التقدم التكنولوجي الكبير الذي جعل العالم قرية واحدة ومجالاً
خصبًا لنشر الفضيلة مهما انتشرت قنوات الرزيلة.
3 - إن غَرْس معاني المراقبة الذاتية من أعظم المعاني التي على الوالدين أن يتقنوها
في أنفسهم، ويغرسوها في الآخرين؛ فهي العاصم بإذن الله.
4 - تقوية الصلة بين الوالدين وبناتهم، وإشباعهن عاطفيًّا بالاهتمام والاستماع لهن،
وحمايتهن من التنمر أو الإيذاء بكل أشكاله في محيط الأسرة.
6 - تقوية الوازع الديني والتربية الإيمانية في المنزل والمدرسة والجامعة.
7 - الاستفادة من تقنيات التواصل بتوسيع دائرة التأثير التربوي وتبادل الخبرات
والتجارب وفتح قنوات للتواصل مع القدوات الصالحة، ونشرها؛ لزيادة تأثيرها الإيجابي
في نفوس وعقول الفتيات في مراحل النمو الخطرة.
8 - تطوير أساليب وأدوات التربية لدى الوالدين والمعلمات والمشرفات في المؤسسات
التربوية للبنات؛ من خلال برامج التدريب وتنمية المهارات المخطَّط لها بدقة في ظل
هذه الظواهر الدخيلة.
9 - فتح قنوات للدعم النفسي وتقديم المساعدة للوالدين وبناتهم على السواء؛ بالطرق
والوسائل المناسبة لكل منهم.
10 - لا بد لنا أن نتذكر أن الفطرة السليمة تعود إلى أصلها ولو بعد حين، ولذا يبقى
علينا الصبر والعطاء والبحث عن كوامن الخير فيها.
12 - الوقاية خيرٌ من العلاج، ولذلك فاحتضان الفتيات وحمايتهن من الأذى وزيادة
ثقتهن بأنفسهن، وتوعيتهن بما يدور حولهن أفضل كثيرًا من البحث عن طرق معالجة مثل
هذه الظواهر الغريبة.
13- الاعتراف بوجود هذه الظواهر، والبدء مباشرةً في معالجتها، ووضع الخطط لمواجهة
تطورها وانتشارها يمثل بداية الحل الحقيقيّ.
14 - أن نواجه الواقع، وننتبه لما يطّلع عليه أطفالنا وشبابنا من خلال قنوات
الاتصال والإعلام، والتي أصبح من غير الممكن عَزْل أبنائنا عنها، وإطلاق قنوات
جاذبة للانتباه تحمل مضمونًا راقيًا من تعاليم الدين وأخلاقيات ومُثُل المجتمعات
المسلمة.
15 - مراجعة المنهج الدعوي، وإخضاعه للحذف والإضافة والتحديث بما يتوافق مع
المتطلبات الأساسية للهدف المنشود، مع مراعاة الثوابت والمتغيرات.
16 - إصدار دوريات ونشرات حول هذا الموضوع؛ كسلسلة متتابعة يتزوّد منها العاملون في
المجال التربوي، ويُطرح فيها كل ما هو جديد من طرق ووسائل المعالجة.
17 - الاستفادة من المجتمع نفسه؛ إذ إنه يدخل في دائرة التثقيف من خلال المساجد
والمحاضن التربوية والوعظ العام، حتى لا يقف في الجانب المستغرَب المستهجن.
18 - الالتفات بخصوصية تامة وبِهِمَّة عالية لوضع المرأة، والسعي الحثيث إلى زيادة
حصتها من برامج التربية والتنمية.