• - الموافق2024/11/24م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
أمريكا تدعو للحشمة!

أمريكا تدعو للحشمة!


تبنَّى البنتاغون سياسة الفصل بين الجنسين حلاً لكثير من المشكلات التي تواجه المجندين والمجندات، وخاصه في ما يتعلق بالاغتصاب والتحرش الجنسي. ولكن كما هي العادة دون الإشارة إلى ذلك التشريع الإسلامي النبيل الذي يحفظ للمجتمع كرامته وعفته ويصون أمنه وسلامته! وعلى أية حال فقد أشاد الأمير تشارلز في خطابه بجامعه أكسفورد بمبادئ الإسلام وأخلاقه العظيمة ودورها في تقديم الحلول الأخلاقية للغرب لتخطي معضلاته الأخلاقية ومشكلاته الاجتماعيه.

وفي هذا السياق كشف وزير الدفاع الأمريكي السابق وليام كوهن اللثام عن المرحلة الأولى من خطة شاملة للحفاظ على مستوى معقول من الفضيلة بين المجندين والمجندات. وقد أكدت الخطة على أهمية تشييد عوازل ثابتة لفصل سكن المجندين الذكور عن الإناث في المبادئ الحالية المختلطة وهذا يعتبر إجراء مرحلياً حتى يتم تشييد مبانٍ جديدة منفصلة. كما أن البحرية الأمريكية قد أصدرت عدداً من التعاليم المشددة التي تمنع وجود الضباط الذكور مع الإناث خلف أبواب مغلقة (منع الخلوة)، وقد فرضت هذه التعاليم على جميع المجندين والمجندات؛ خاصة على متن السفن الحربية. وقد أكد وزير الدفاع أن الهدف من هذه الإجراءات هو توفير مستوى معقول من الخصوصية والشعور بالأمن لأفراد قِطاعات وزارة الدفاع المختلفة. هذا بالإضافة لإجراءات أخرى توجب غلق الأبواب بإحكام خلال فترات النوم، ولبس ملابس ساترة، كما منعت التعليمات مشاهدة الأفلام الإباحية في حضرة إناث المجندات، كما حوت تلك التعاليم تفاصيل حول طبيعة الملابس التي يجب على المجندين والمجندات الالتزام بها[1].

بعد هذا التمهيد فإن السؤال الذي نطرحه هنا: لماذا تُفرَض كل هذه التعليمات التي تبدو (راديكالية وغير حضارية) من قِبَل وزير في أكبر بلد (متحضر) في العالم؟ والإجابة سهلة جداً: لقد بلغت معدلات الاغتصـاب والتحـرش الجنسـي مسـتويات لا تصدَّق، حتى غدت تمثل خطراً على الأمن القومي الأمريكي؛ حيث إن آلاف الشكاوى من قِبَل الموظفات تحولت إلى صيحات نذير، وربما احتاج صانعوا القرار الأمريكيون أن يفرضوا مثل هذه القوانين داخل أروقة البيت الأبيض نفسه؛ وخاصة في أعقاب فضيحة كلينتون ومونيكا.

ومواصلة للإجابة عن السؤال أعلاه؛ فان هيئة الفرص الوظيفية المتساوية (Equal Employment Opportunity Commission) أعلنت أنه قد بلغ عدد شكاوى التحرش الجنسي من النساء العاملات 10.578 خلال عام 1992م، وقد زاد عدد تلك الشكاوى إلى 12.537 شكوى في عام 1993م[2]. وهذا في بلد تعدَّت فيه الحرية الشخصية كلَّ الحدود وسُهِّلت فيه العلاقات الجنسية إلى ما لم يعد معقولاً؛ فأين الكبت الجنسي؟ ومع ذلك فإن المشكلة لم تعد محصورة بالولايات المتحدة وحدها، بل أصبحت مشكلةً عالمية مرتبطة بكل مَواطن الاختلاط بين الجنسين؛ فقد أوردت منظمة العمل العالمية (International Labor Organization) في مذكرة بعنوان (محاربة التحرش الجنسي) في مكان العمل لشهر نوفمبر 1992م أن آلافاً من النساء قد أصبحن ضحايا للتحرش الجنسي في مكان العمل في الدول الصناعية كل عام. وكان ما نسبة 30 % من النساء العاملات المشاركات في استبيانات المنظمة قد تعرضن للتحرش الجنسي المتكرر والصارخ. وكانت نسبة النساء اللاتي تعرضن للتحرش الجنسي في الولايات المتحدة 42%. وقد تطرق التقرير لنسبة التحرش الجنسي في دول مثل أستراليا، والنمسا، والدنمرك، وفرنسا، وألمانيا، واليابان، والمملكة المتحدة التي ذكرت أن نسبة 75% من النساء العاملات قد تعرضن لنوع ما من التحرش الجنسي في مكان العمل، وقد شمل الاستبيان بعض دول العالم الأخرى؛ حيث يوجد الاختلاط بين الجنسين في مكان العمل. وكان نصيب ماليزيا أقل نسبة بــ 8 % من العاملات اللاتي يذكرن تعرضهن لتحرش الجنسي[3].

هذه بعض الإحصاءات حول التحرش الجنسي فقط، ولكن هناك جرائم أخرى تُرتَكَب ضد النساء في المجتمعات المختلِطة؛ فقد ذكرت بينت ولاثيون (عام 1993م) أن حوالي 4 ملايين امرأة قد تعرضن للاعتداء البدني في عام واحد فقط، ناهيك عن أولئك اللاتي لم يبلِّغن وتجرعن الغصص دون صراخ، بينما عدد حوادث السيارات في ذلك العام لم يزد عن ربع مليون حادث[4].

يأتي ذلك القرار من وزير الدفاع الأمريكي السابق في وقت بلغت فيه نسبة الولادات غير الشرعية لأمهات مراهقات غير متزوجات 76% من مجموع الولادات عام 1990م فقط، على أن حالات الإجهاض غير مضمَّنة في النسبة. وبينما ينخرط الذكور قبل سن 18 في ممارسات جنسية، فإن 56% من البنات يكن قد فقدن عذرتهن قبل ذلك السن[5].

إن الإسلام فقط هو القادر على تقديم حلول ناجحة لكل المشكلات الأخلاقية التي أدت إلى الانحطاط الخُلُقي والتمزق الأسري. فبالإسلام يقوم منهاج حياة متكاملة يضمن السعادة والكرامة لكل المجتمع؛ وذلك بأخذ حاجات الإنسان الفطرية في الاعتبار وتوفير السبل الطاهرة والنبيلة لسدها والتفاعل معها، وهذا النظام الرباني لا يخضع لاحتكار الإنسان ورغباته في تحويره وتطويعه لتحقيق مصالح آنية لأطراف على حساب أخرى. ولهذا فالإسلام يقدم منظومة واضحة من القيم والحقوق لكل أطراف المجتمع بغض النظر عن أعراقهم وجنسهم؛ وذلك وَفْق نظام عادل وحقوق متبادلة، وعلى الرغم من كل هذا فإن الإسلام قد وُضِع في قفص الاتهام من قِبَل أطراف معينة ولأسباب، منها:

السبب الأول: من مصلحة بعض وسائل الإعلام التي تتحكم بها الصهيونية تصوير الإسلام على أنه دين وحشي لا يصلح حتى للقرون الوسطى التي عاش فيها اليهود عهدهم الذهبي في كنف الإسلام، وما فيلم (الجهاد في أمريكا) Jihad in America  و (الحصار) (The Siege) إلا مثالان بسيطان لما تقوم به صناعة السينما الأمريكية لتشويه صورة الإسلام في أذهان ملايين الناس حول العالم، وهم - في غالبهم - يجهلون حقيقة الإسلام. وأما خبراء الدراسات الشرق أوسطية من أمثال المستشرق (برنارد لويس)، و (جود بث ميلر) فقد لعبوا دوراً غير مسؤول في تأجيج الاتجاهات الخاطئة في عقول كثير من الأمريكيين عن رسالة الإسلام النقية ولو أن هذا الحقد والإخلال بالموضوعية العلمية لم يمنع الراغبين في التعرف على حقيقة الإسلام رغم الدعوات والمفاهيم الخاطئة من أمثال جفري لانغ (أستاذ الرياضيات بجامعة كانساس) ومراد هوفمان (سفير ألماني سابق).

السـبب الثاني لسـوء فهم الإسلام: هي أقلية في المسـلمين لا تمثل جوهر الإسلام ولكنها بممارساتها الخاطئة تعزز المفاهيم المغلوطة عن الإسلام بعون من تعميم وتضخيم الإعلام المنحاز ضد الإسلام لتلك الممارسات المحدودة.

وكذلك محدودية قدرة المسلمين المهتمين على إظهار الإسلام بطريقة جذابة للعالم جراء تلك المفاهيم الخاطئة التي علقت في أذهان الناس عن الإسلام.

وتؤكد ماكرير (عام 1993م) على حقيقة أن التعليم غير المختلـط يصـب في مصـلحة الطالبات اللاتي يواجهـن أذى لا يطاق على أيدي زملائهم الطلاب. كما أشارت إلى أن ثمان من تسع عالمات ممن حصلن على جائزة نوبل، كن قد تخرجن من مدارس ثانوية خاصة للبنات فقط وقد أثار الدهشة لدى كثير من الأمريكيين تقرير نشرته النيويورك تايمز بتاريخ مايو (1993م) بعنوان (عدم الاختلاط أفضل) Separation is Better على يد كبيرة مراسليها سوزان أسترتش  Susan Ostrich وقد كانت إحدى خريجات كليات البنات في الولايات المتحدة؛ حيث أشار التقرير إلى أن البنات اللاتي يتخرجن من كليات البنات يحققن أداءً أفضل من زميلاتهن في الكليات المختلطة، وقد أبدت أسترتش رأيها بمجموعة من الإحصاءات:

أن 80 % من الطالبات في الكليات غير المختلطة يدرسن العلوم والرياضيات لمدة أربعة سنوات مقارنة بسنتين في الكليات المختلطة.

وتحقق الفتيات الملتحقات بالمدارس الثانوية غير المختلطة نسباً تراكمية أعلى من الطالبات في المدارس المختلطة.

أوردت مجلة فورتشن (Fortune Magazine) أن ثلث النساء العضوات في مجالس إدارة أكبر ألف شركة أمريكية كن قد تخرجن من كليات غير مختلطة. ولكي نعرف مدى ضخامة وأهمية هذا الرقم فإن نسبة الطالبات اللاتي يتخرجن من الكليات غير المختلطة مقارنة بالمختلطـة في الولايات المتحدة لا تتعدى 4 % سنوياً.

وتمثل خريجات المدارس غير المختلطة من البنات 43% من الحاصلات على درجة الدكتوراه في الرياضيات، و 50% من الحاصلات على الدرجة نفسها في الهندسة.

وخلال السنوات الماضية قام مجموعة من الباحثين في جامعة ستيتسون (Stetson University) في فلوريدا عام 2008م بالولايات المتحدة الأمريكية بدراسة استمرت ثلاث سنوات هدفها مقارنة المدارس المختلطة وغير المختلطة. وقد كشفت الدراسة عن تفوق المدارس غير المختلطة على المختلطة؛ وذلك من خلال حصول طلاب وطالبات المدارس غير المختلطة على نتائج متميزة في اختبار القدرات الشامل بولاية فلوريدا (Florida Comprehensive Assessment Test)، وذلك كما يلي:

المدارس المختلطة ذكور 37 %.

المدارس المختلطة إناث 59 %.

المدارس غير المختلطة إناث 75 %.

المدارس غير المختلطة ذكور 86 %.

وقد أشاد برنامج نايتلي نيوز (Nightly News) في قناة NBC بهذه الدراسة.

وفي دراسة مشابهة قام بها باحثون في جامعة كامبردج استمرت أربع سنوات وأعلنت نتائجها عام 2005م بشأن التعليم المختلط وغير المختلط، أشار فيها الباحثون إلى نتائج مذهلة، وهي: أن الطلاب في الفصول الدراسية غير المختلطة قد تحسن أداؤهم عن زملائهم في المدارس المختلطة في مجال اللغة الإنجليزية واللغات الأجنبية بينما تفوقت الطالبات على زميلاتهن في المدارس المختلطة في مجالات الرياضيات والعلوم.

 ولم تقتصر الدراسات على الولايات المتحدة فقط؛ فقد أجرت الهيئة البريطانية للبحوث التربوية (The National Foundation for Research) دراسة على 2954 مدرسة ثانوية، أعلنت نتائجها في 8 يوليو 2002م، بيَّنت فيها أن الطالبات في المدارس غير المختلطة قد تفوَّقن على زميلاتهن في المدارس المختلطة وكذلك الطلاب، وذلك بدلالات إحصائية عالية. كما أظهرت الدراسة أن أهمية وجود تعليم غير مختلط ليست فقط في المرحلة الثانوية بل حتى على مستوى طبلة التمهيدي والابتدائي.

وقد أبانت دراسة أجريت على 270 ألف طالب وطالبة في أستراليا عام 2000م لفترة امتدت ست سنوات، قام بها المجلس الأسترالي للبحوث التربوية The Australian Council for Educational Research أن الطلاب والطالبات في المدارس غير المختلطة كانوا أكثر التزاماً بالقيم والأخلاق وأكثر استمتاعاً بالدراسة وأكثر جدية من زملائهم بالمدارس المختلطة.

وفي سياتل في شمال غرب الولايات المتحدة الأمريكية، خَطَت مدرسة ثورقود مارشال خطوة جريئة بالتحول من مدرسة مختلطة إلى غير مختلطة وقد كانت النتائج مذهلة؛ فقد ذكر مدير المدرسة بنجامين رايت أن معدل 30 طالباً وطالبة كانوا يرسَلون للمدير يومياً بسبب سوء سلوكهم، أكثر من 80 % منهم من الطلاب الذكور. ولكن بعد تحول المدرسة إلى النظام غير المختلط لم يتعد عدد الطلاب المحالين لمكتب المدير1 - 2 في اليوم. وهذه نتائج مذهلة في مجتمعٍ الاختلاط سمته العامة.

وقد أوصت الدراسات التي أشرت إليها أعلاه بالرجوع إلى موقع المنظمة الوطنية الأمريكية للتعليم العام غير المختلط (NASSPE) الرسمي على شبكة الإنترنت. كما حوى الموقع[6] عشرات الدراسات في دول العالم المختلفة التي تظهر أثار الاختلاط السلبية على المستوى الأكاديمي والأخلاقي في كافة مراحل التعليم بدءاً من التمهيدي مروراً بالابتدائي والثانوي، وأشادت بالنتائج المذهلة التي حققتها المدارس غير المختلطة.

وهذا دليل آخر من العالم الغربي نفسه ينادي صارخاً بأفضلية وفعالية تطبيق تعاليم الإسلام نظاماً عالمياً يكفل للإنسان سعادته وللمرأة حقوقها. وفي هذا السياق يقول السياسي والكاتب الهندي كوفهي لالجابا (Kofhi Laljapa): (لا يوجد دين في الوجود قادر على حل مشكلات العصر الحديث غير الإسلام؛ فالإسلام يملك قدرة فريدة على ذلك)[7].

وبغض النظر عن تلك الهجمات الشرسة التي تشنها بعض وسائل الإعلام الغربية والتي تحدوها أهداف سياسية وفكرية ضد الإسلام ومكانة المرأة فيه؛ فإن عدد الداخلين في الإسلام في الدول الغربية نفسها يزيد بنسبة كبيرة وسط النساء. وقد أوردت الصحيفة اللندنية واسعة الانتشار الديلي ميل (Daily Mail) في عددها بتاريخ 2 ديسمبر 1993م: أن أكثر من 20.000 امرأة بريطانية قد اعتنقن الإسلام واخترنه طريق حياتهن من ذلك التاريخ، وكانت غالبيتهن العظمى من الطبقة الوسطى المثقفة. والسؤال الذي يطرح نفسه: إذا كان الإسلام ديناً يضطهد المرأة كما تزعم الدعاوى الإعلامية الجائرة؛ فلِمَ يعتنق هذا العدد الكبير من نساء الدول المتحضرة والمتحررة الإسلام؟ لقد كفتنا هذه الصحيفة واسعة الانتشار ذلك العناء فقد أجابت إحداهن عن هذا السؤال بقولها: (لقد غير الإسلام حياتي جذرياً وجلب لي السعادة والشعور بالأمن؛ فلا أرى اعتناقي الإسلام رجعية بل هو التحرر الحقيقي).

بينما أجابت أخرى - وقد كانت كاتبة وكريمة لمدير أحد المفاعلات النووية حول قضية الحجاب والفصل بين الرجال والنساء - قائلةً: (إن تعاليم الإسلام الواضحة تختلف عن مفاهيم الثقافة الغربية التي تشجع المرأة على الظهور في قمة جاذبيتها وإظهار أنوثتها، ولكنها تلومها على إغراء الرجال لاغتصابها... لقد أعطى الحجاب الإسلامي رسالة واضحة أن النساء لم يخلقن من أجل التبرج وإظهار مفاتنهن[8]).

ونختم هذه المقالة بقصة إسلام شابة أمريكية كانت تدرس في جامعة أركنساس بالولايات المتحدة عندما سنحت لها الفرصة لتتعرف على الإسلام عن قرب، ولقد سمَّت نفسها أميرة بعد إسلامها. فَلْنستمع لأميرة وهي تروي قصتها:

لقد ولدتُ لأبوين نصرانيين أمريكيين في ولاية أركنساس حيث ترعرعت وكبرت. وكانت المرة الأولى التي شاهدت فيها مسلمات عندما ذهبت للدراسة الجامعية في جامعة أركنساس. عليَّ أن أعترف في البدء أنه قد انتابني شعور غريب عندما رأيت المسلمات بالحجاب الإسلامي لأول وهلة، ولم أستطع تصديق أنهن يغطين شعورهن وبما أنني فتاة لديها حب الاستطلاع فقد تعرفت على فتاة مسلمة كانت تدرس معي في أول فرصة سنحت لي. وقد كان اللقاء الذي غير مجرى كلها. لا يمكن أن أنساها ما حييت. كان اسمها ياسمين، وكانت من فلسطين. لقد كنت أستمع كثيراً لحديثها عن بلدها وثقافتها وأسرتها التي أحبتها كثيراً، ولكن حبها كان أعظم لدينها الإسلام. لقد كان لياسمين شعور بالأمن والطمأنينة لم أره في حياتي. لقد أخبرتني عن الرسول صلى الله عليه وسلم وعن الله، وعند ذلك شعرت أنه إله واحد للناس أجمع؛ وليس خاصاً بالعرب وحدَهم. لقد كان كل أمر ذكرتْه لي قادني بعد مغادرتها الولايات المتحدة للإسلام، ولكن الغصة التي ما زلتُ أتجرعها أن ياسمين قد قُتلَت على يد الجنود الصهاينة بعد عودتها لفلسطين.

وكما ذكرنا سابقاً أن معظم حركات تحرير المرأة المشبوهة قد جنت عليها وعلى المجتمع بأكمله؛ إنهم فريق مغرض من الرجال يسعون لخداع المرأة بإخراجها من بينها وقطع أواصرها الاجتماعية والأسرية لكي تقوم بالمهام ذات الأمور المتدنية التي لا يريد كثير من الرجال القيام بها. وهذا نوع من التمييز ضد النساء يشهده العالم (شرقه وغربه). وبهذا كان على المرأة تحمُّل أعباء جديدة إضافة إلى مهامها الفطرية من الحمل والولادة ورعاية الأطفال والاعتناء بالأسرة لتُقحَم في سوق العمل الرخيص وتجبَر على إعالة نفسها وأسرتها. وهذه شاهدة من أهلها قد أفصحت عن تلك الحقيقة المرة التي عاشتها امرأة غربية ثم سعدت في كنف الإسلام بعد ذلك زوجة ثانية تحولت من مارغرت ماركوس Margaret Marcus إلى المفكرة الإسلامية مريم جميلة؛ حيث قالت: إن دعاوى تحرير المرأة تؤكد على أن أعمال المنزل ما زالت هي مهمة المرأة الرئيسية، وبمعنى آخر يجب على المرأة العصرية أن تتحمل مسؤولية مزدوجة؛ فبالإضافة إلى حصولها على كسبها المعيشي في أعمال تستغرق جُلَّ وقتها خارج المنزل، فإن عليها في الوقت نفسه أن تقوم بأعبائها كاملة تجاه زوجها وأبنائها... هل هذا من العدل[9]؟

وكان لخروج المرأة وعدم قدرتها على التوفيق بين هذه الأعباء المضنية: نتائج سلبية لا بد منها؛ أدت إلى تحطم النظام الأسري بل كل النظام الاجتماعي؛ إذ تزايدت مشكلات الأطفال والمراهقين، وانتشار الجريمة وارتفاع مستوى العنف، وتفشي العلاقات الجنسية المحرمة والأمراض النفسية والاجتماعية والصحية التي تتبعها، وبذلك اختل أمن المجتمع وتقطعت أواصره. وإن تاريخ الحضارات السابقة يقدم دليلاً قاطعاً بأنه لا يمكن أن يعيش مجتمع مَّا في سعادة ووئام مع انتشار الرذيلة والعلاقات المحرمة التي يجر إليها الاختلاط وتحميل المرأة فوق طاقتها بدعوى تحريرها المزعوم.

وبهذا فإن الإسلام يقدم نظاماً متكاملاً للبشرية يهدف لسعادتها في الدنيا والآخرة، نظاماً لم تخطه يد إنسان يسعى لتحقيق مصلحة آنية أو حلٍّ لمشكلة مرحلية قاصرة عن استشراف المستقبل لمحدودية قدرتها على ذلك، بل نظاماً قويماً اختاره الله الخالق العالم بما يقصر علمُنا عنه ليكون طريقاً ثابتاً وسطاً لتنظيم حياة الإنسان ما دام على وجه هذه الأرض؛ وذلك لعمرانها وسلامها وأمنها وطمأنينة أفرادها {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ} [الأنعام: 82]. وهذه أمثلة قليلة من مئات الأمثلة لنساء عشن الحياة (العصرية) الغربية واكتوين بنار دعاوى التحرير وحقوق المرأة غير الشرعية حتى أطمأنت قلوبهن بالإسلام، فشعرن بالأمن والسعادة. والإسلام هو الدين الأوحد والنظام المتفرد في إعطاء الخلق حقوقهم التي شرعها المولى - سبحانه - بما في ذلك الإنسان (ذكراً كان أم أنثى). فهو نظام عالمي متكامل يفرض للمرآة حقوقها الشرعية والدعوة لحفظ كرامتها وعفافها واحترام مكانتها دون أن ينتظر أحداً لأن ينتزع لها حقها. فالإسلام نظام حياة يكفل للضعيف حقه دون تكتل وتحزب لانتزاعه. ويكفي قول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: «ما أكرمهن إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم»، وللتفريق بين صفاء الإسلام ونقاء وكمال تشريعاته وممارسات بعض المسلمين البعيدة كل البعد عن أخلاق الإسلام وتعاليمه؛ فالواجب عرض تلك المنظومة من القيم وحقوق الإنسان الشرعية - ذكراً كان أو أنثى - بلغة يعرفها العالم وبروح الثقة لا الانهزامية والاستغراب لتتوضح الفكرة في أذهان أبناء الإسلام المستغربين أو الساهين تحت وطأة الغزو الفكري والقيمي والجهل بأساسات الدين.

 


[1] The Family، June 1998، Is4sue No. 59،p.3.

 [2] The Macmillan Visual Almanac، 1996 p.37.

 [3] The Macmillan Visual Almanac، 1996 p.3.

 [4] Shatha Zerekly، Muslim Womwn and Contemporary Challenges. Majdalawi Press، Amman، 1997، p.97.

 [5] Abstract of the United States 1998، 118th edition. Issue October 1998، p.86

 [6] http://www.singlesexschools.org/research-singlesexvscoed.htm

[7] عماد الدين خليل، قالوا عن الإسلام، المستقبل الإسلامي، 27، مايو 1994م، ص 12.

[8] عماد الدين خليل، قالوا عن الإسلام، المستقبل الإسلامي، 27، مايو 1994م، ص 12.

 [9] Maryam Jameelah، Islam in Theory and Practice. H. Farooq Associates Ltd.: Lahore، 1983، p.99.

 

 

أعلى