• - الموافق2024/11/05م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
كُــولــيــرا

كُــولــيــرا

كُوليرا العِراقِ تَعودُ موتًا يقطِفُ

أو يُقطَفُ

مَن أقلقَ الأجداثَ فالسيابُ[1] يبكي حَسرةً

وَدُموعُه كالعامِريَّةِ تعشَقُ

أو تُعشَقُ

نَخبُ الهَزيمةِ أم طُقوسُ رَحيلِنا؟!

أم شَمسُ مَقتولٍ نَأت لا تُشرِقُ؟!

إنَّ العِراقَ جِدارُ فصلٍ يذرِفُ

وَحمامةٌ مِن طُهرِها رَسَمَ الصباحُ غمامَهُ

فالحمرَّ كالشَّفَقِ المُمازِجِ للدَّمِ

هذا نَشيدي رَدِّدي لَن تَندَمي

«مَوَّتني يا مَوطِني»

والمَوتُ حَقًّا أرأفُ

****

الشامُ قلبٌ يَعبِسُ

وَجَعُ الطفولةِ أنجُمٌ محمولةٌ في نَرجِسٍ

حَملَ الهواءُ عَبيرَهُ

نَحوي دَنا

ثُمَّ استَحالَ دُموعَ طفلٍ يَهمسُ

قالَ: العُروبةُ كذبةٌ يا صاحِبي

فاسأل رُكامَ قلوبِنا

واسأل حُطامَ غَرامِنا

كَيفَ الجُيوشُ تَجمَّعت لِقتالِنا!

كَيفُ النفوسُ تَقاتلت مَع ذاتِنا!

إخوانُنا أعداؤنا!

أعداؤنا إخوانُنا!

فَدماؤنا نَهرٌ وَليسَ يُقدَّسُ

أينَ الطفولةُ والقَنابلُ تَغتدي قَبلَ الصباحِ تُقتِّلُ؟

أينَ الطفولةُ والسِّلاحُ مُقامِرٌ

يختارُ طفلًا مرَّ ثُم يقبِّلُ؟!

هَيّا بِنا نَعدُّ وسائدي..

هذي الوِسادةُ جدَّتي

والقَبرُ هذا ولدي!

هذا الصَديقُ مقرَّبٌ

حَجَرٌ وَنقشٌ ضَمني!

قَد أحضُنُ الأشجارَ إن بَقيت تُداعِبُ وَجنَتي

وأغازِلُ الأوراقَ: هُبي وانزِلي

هذا الرُّكامُ لِمنزِلي!

هذا الرُكامُ كَلعبَتي!

هذي القُبورُ عوائِلي.. وَوَسائِدي

تِلكَ النُّجومُ مِظلَّتي!

لَكنَّني..

لَن أنحَني

سَأظلُّ كالشامِ العَتيةِ شامِخًا

والشامُ حقًّا تَعرِفُ

والشامُ لا..

لا تَذرِفُ

****

القُدسُ تمضي خُطوةً نَحو الرجوعْ

بَحرانِ بينَ ذِراعِها

سُفُنُ النَّجاةِ بلا قُلوعْ

رَدت بِقلبِ مُتيَّمٍ للشامِ صَرخَتها

صَلتْ بَتولًا والغَرامُ خُشوعْ!

تتداخَلُ الأحلامُ في كَونٍ يواقِعُ غَيمةً!

تَبكي لِتبعِدَ قاتِلًا عَن جنَّةٍ في الأرضِ أو في الروحْ

وَتَهبُ ريحُ الغربِ تَنثُرُ قَمحَنا

تَعوي وَتعصِفُ في القلوبِ وفي الجُروحْ

وأنا كَقبَّتِنا أسيرُ بِحكمَةٍ

في الصُّبحِ أغدو للحياةِ مُكلِّلًا وَمُعانِدًا

وأخاصِمُ الجَيشَ العَتيَّ بِرميةٍ

إنَّ الحِجارةَ في اليَدينِ بَنادِقٌ

فالطِفلُ هَزَّ كِيانَهم.. هَزَّ الدروعْ

والطِفلُ يكتُبُ مَجدَنا بِأنامِلٍ

ويكوِّرُ القَمَرَ البَعيدَ قذيفةً

يهوي بِها حَتى يَروحْ!

في البَيتِ يجلِسُ يَحتَسي قُدسيَّةً

يَبكي لِبعدِ حَبيبةٍ خَلفَ الجِدارْ

وَيرتِّبُ الأقلامَ والأحجارَ في جَوفِ الحَقيبةِ مَع دَفاتِرِ صَفِّهِ

وَيودِّعُ الأشجارْ

طِفلانِ والقُدسُ الجميلةُ شامُنا

طِفلانِ مرَّا بِالعِراقْ!

كُوليرا العِراقِ تَعودُ موتًا يقطِفُ أو يُقطَفُ

فالشامُ حَقًّا تَعرِفُ

والقُدسُ لا..

لا تَنزِفُ

والقُدسُ لا..

لا تَنزِفي


 
:: مجلة البيان العدد  344 ربـيـع الثاني  1437هـ، يـنـايــر  2016م.

أعلى