دموع الفراق
ترفّقْ أيها الحادي ترفّقْ
فروحي بالبقا فيه تَعلّق
ترفق أيها الحادي فقلبي
يحنّ إلى معاهده ويعشق
ترفق أيها الحادي فإني
أَكاد لَبينِه بالدمع أَشرق
تمهّلْ في الأفول به قليلاً
حنانيك التمهلُ منك أَرفق
أتذهبُ يا ربيعَ العام عنا
وكنت هوى إلى الظامي ترقرق؟!
أنشتوْ يا ربيعُ وكنت ظلاً
ومرتعَ حُبنا الزاكي المُنمّق؟!
أترحل فالجمال بكم سيُنعى
وتُخلع حليةُ الساعي وتَخلق
أتأفل يا ضياء الروح حتى
نرى أفق النعيم وراك أغسق؟!
فقد كنتَ الحبيبَ هوى وقرباً
ونوراً في دروب الخير أشرق
ففيك تفتّحت جناتُ عدْنٍ
وفيك مداخل النيران تُغلق
وجنةُ طاعةٍ جمعت وراقت
وباغي الخير حِليتَها مطوّق
ويؤسر كلّ شيطان مريدٍ
ويُرسل في الهداية من يوفّق
وقامت همةٌ للعبد فُضلى
وأبعدَ في سماْ التقوى وحلّق
وتزكو النفس والأخلاق تعلو
ويصفو الفكر والأذهان تُفتق
رحيق الآي في الأسماع يحلو
ودمعُ العين في الخدين مُهرق
ويُرجى الخيرُ والحاجات تُكفى
ويُطلَق من غدا بالذنب موثَق
نهاري فيك لذاتٌ ورَوْحٌ
وليليْ فيك أنوار تَدّفق
سموتُ إلى العلا الروحيِّ حراً
ومن قيد الهوى أصبحتُ معتق
أرى طاعاته أُنساً وأغلى
من الدنيا وما جمعتْ وأشوق
يفيض فضائلاً حسنى عِذاباً
ويبلغ درْكَها من كان أسبق
سلام الله يا رمضان منا
عليك نزفه عطِراً مُنورق
فلا ندري نُودِّع أم نُودَّع
ونبقى بعده أم أنْ سنلحق
فلا تعذل فؤاد الصبِّ لمّا
بكى أحبابَه حتى تَشقّق
ولا تلمِ المشوْقَ على جواه
فمن ذاق الصفاءَ إليه يشتق
تقبّل أيها الباكي وودّع
فما كل المُنى دوماً تحَقق
وسلِّ النفس من ألمٍ وصبّر
فؤاداً بالأسى قد صار مُحرق
وسلْ ربَّ الصيام قبولَ خير
ويجبرُ فضلُه عملاً تخرّق
فإنْ قبِلَ التقربَ منك فيه
فأبشرْ بالفلاح فأنت مُتّق
وأمِّل أن يعود إليك حتى
تصيب فضائلاً أعلى وأسمق
::
مجلة البيان العدد 326 شوّال 1435هـ،
أغسطس 2014م.