• - الموافق2024/11/05م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
إمساكية رمضان

وكان التوقيت المُستخدَم في الإمساكية هو التوقيت الذي يعتمد تحديد الوقت فيه على غروب الشمس؛ حيث ينتهي اليوم عند غروب الشمس، ويبدأ حساب الوقت لليوم التالي، وبما أن غروب الشمس يتغير بين يوم وآخر


يستقبل المسلمون في كل سنة شهر رمضان بكل شوق وحنين؛ نظرًا لروحانيات هذا الشهر الكريم، ولا يزال إلى اليوم الكثير يعملون على إحياء العديد من مظاهر الاستقبال الرمضانية القديمة، مثل الحرص على اقتناء إمساكية رمضان، وذلك من أجل تنظيم أوقات الصيام، ولقد كانت الإمساكية تمثل دليل الصائم والمصلّي خلال أيام شهر رمضان.

والإمساكية هي عبارة عن جداول صغيرة يتم فيها تحديد أيام رمضان، وبيان مواعيد الصوم والإفطار والإمساك، ومواقيت الصلوات الخمس، وصلاة التراويح والتهجد، وكذلك تحديد موعد صلاة العيد.

وفي الماضي كان يتم تحديد مواقيت الصلاة والإفطار والإمساك من خلال أصوات المؤذنين في المساجد وأنوار المـآذن، وكذلك عن طريق مدفع الإفطار في زمنٍ لم تكن قد ظهرت فيه إمساكية رمضان.

وفي سنـة 1910م ظهرت الرزنامة الأهلية لشهر رمضان، وكان ذلك في عهد الدولة العثمانية، ولقد جاءت بثلاث لغات مختلفة، وهي اللغة العربية والتركية والإفرنجية، وتم فيها تحديد زمن طلوع الشمس وغروبها، وكذلك توقيت الإفطار والإمساك، ولقد تم طباعتها على شكل كتاب صغير، وتضمنت العديد من القصص والنوادر الأدبية والتاريخية.

وكان التوقيت المُستخدَم في الإمساكية هو التوقيت الذي يعتمد تحديد الوقت فيه على غروب الشمس؛ حيث ينتهي اليوم عند غروب الشمس، ويبدأ حساب الوقت لليوم التالي، وبما أن غروب الشمس يتغير بين يوم وآخر، فكان يتم يوميًّا تقديم الساعة أو تأخيرها وضبطها على أذان المغرب.

ولقد عرفت مصر أول إمساكية لشهر رمضان في نهاية القرن الثامن عشر الميلادي، وتحديدًا في سنة 1798م، وذلك تزامنًا مع دخول الحملة الفرنسية إلى البلاد، والتي جلبت معها العديد من التقنيات الحديثة والمتطورة، ومن بينها آلات النسخ والطباعة، وكانت مطبعة بولاق في مدينة القاهرة -والتي أنشأها الوالي محمد علي باشا في سنة 1805م- صاحبة أول إمساكية لشهر رمضان، ولقد تم طباعتها بهدف تعريف الصائمين بمواقيت الصيام والصلاة وموعد حلول عيد الفطر، وكان ذلك في شهر رمضان من سنة 1262 هجرية/ الموافق لسنة 1846 ميلادية، وعُرفت آنذاك باسم إمساكية ولي النعم، ولقد تم طباعة هذه الإمساكية على ورقة صفراء وذات زخرفة بديعة، وكُتب في أعلاها تاريخ أول يوم من شهر رمضان، وعلى جانب منها رُسم الهلال، وكان بها عدة جداول تحتوي على مواعيد الصلاة والصيام لكل يوم من أيام شهر رمضان، وذلك بالتقويم العربي، ولقد تم إرفاق هذه الإمساكية بصورة للوالي محمد علي باشا، والذي أصدر الأمر في ذلك الوقت بتوزيع هذه الإمساكية على كل الدواوين في الدولة، ولقد كانت هذه الإمساكية تمثل لوحة فنية جميلة، وكما تم إخراج رسومها وطباعتها بعناية فائقة.

وفي القرن العشرين ظلت الإمساكية مُحافِظَة على مكانتها لدى دور النشر باعتبارها من العادات الرمضانية الثابتة، والتي تجد إقبالًا كبيرًا مِن قِبَل كثير من الصائمين، ولذلك كانت تُطبَع بكميات كبيرة، وتُوزّع على عامة الناس، كما كانت جودة طباعتها تختلف حسب الخامات الورقية المستعمَلة والألوان المتوفرة وتقنية التصميم المُستخدَمة عند طباعتها، وعلى مدار التاريخ تميَّزت إمساكية رمضان بأنها كانت لوحة فنية رائعة.

ولقد ظهرت أول إمساكية لشهر رمضان في بيروت في سنة 1320هجرية/ 1903ميلادية، ولقد طُبعت بتصديق من مفتي بيروت آنذاك الشيخ عبد الباسط الفاخـوري.

وبمرور الزمن عرفت إمساكية رمضان تطورًا كبيرًا، وأُدخل عليها العديد من التحسين والتطوير على مستوى الشكل والمضمون، كما طُبعت بألوان مختلفة، ولقد جاءت على صور متعددة وأشكال مختلفة، ومن ذلك أنه في شهر رمضان من سنة 1347هـ الموافق لشهر فبراير من سنة 1929م برزت أول إمساكية تضمّنت جانبًا من الدعاية والإعلان، ولقد تمَّت طباعتها مِن قِبَل مطبعة النهضة المصرية، ووُزِّعت على نطاق واسع.

وفي شهر رمضان من سنة 1364هـ/ سنة 1945م انتقلت الإمساكية إلى مرحلة جديدة دشّنت خلالها مرحلة الإعلان التجاري عن المنتجات والبضائع المختلفة، وكان ذلك على يد أحد كبار التجار في مصر، والذي قام بطباعة أول إمساكية ضمَّنها دعايةً وإشهارًا لمحلاته التجارية.

ولقد اختلفت هذه الإمساكية كثيرًا عن سابقاتها؛ وذلك لأنها كانت مُرفَقة بالعديد من المعلومات عن شهر الصيام وفضله وأسباب فرضه، وكان أسفل كل هذه المعلومات إعلان تجاري لمحلاته وعن مختلف البضائع والسلع المتوافرة فيها، ولقد ظلت هذه الإمساكية ملهمة ولوقت طويل لأغلب إمساكيات رمضان الورقية التي جاءت من بعدها.

كما شهدت سنة 1356هـ/ 1937م ظهور إمساكية جديدة ومتطورة في مصر، ولقد احتوت على أحكام الصيام والأدعية والآيات القرآنية، وكذلك أذكار الصباح والمساء وأحكام زكاة الفطر، بالإضافة إلى الأجندة ومواعيد الإفطار والإمساك، ولقد تم توزيعها بالمجان على المارَّة في الشوارع والمصلين في المساجد.

ومع أن التطور التقني والعلمي الكبير الذي شهده عالمنا المعاصر، وظهور تقنيات حديثة ومتنوعة في مجال تحديد الوقت؛ فإن الكثير من المسلمين ظلوا حرصين على اقتناء إمساكية رمضان الورقية، والتي لا زالت تُشكِّل جزءًا مهمًّا من تراث رمضان، والذي يحنّ إليه الصائمون، وكما تتنافس اليوم دور النشر في العالم العربي والإسلامي في طباعتها وتوزيعها بأشكال متعددة وبطبعات فاخرة؛ وذلك حرصًا منها على الحفاظ عليها وتطويرها لضمان استمرارها باعتبارها تمثل إحدى أبرز سمات رمضان.

أعلى