• - الموافق2024/11/05م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
دينيه الفرنسي مدافعا عن الإسلام

هنا لم يجد دينيه بُدًّا من مشاركة هؤلاء صلواتهم، فكان يؤديها معهم جماعة، ويسألهم بين الحين والآخر عن أسرار الصلاة والصيام وغيرها من شعائر الإسلام، لقد أحبّ دينيه حياة العرب، وهو ذلك الفنان الكبير، فاتخذ له بينهم مكان إقامة في تلك الواحة السعيدة


يُعدُّ ناصر الدين دينيه «إتيني دينيه» في طليعة الباحثين الغربيين المتحررين الذين رأوا في تعاليم الإسلام نورًا يهدي إلى الحق المبين، فأقبل على اعتناقه واثقًا من هدايته النافعة ورسالته الهادفة، ومنافحًا عن مبادئه وتعاليمه ضد من همّوا بنقده والافتئات عليه، ولم يكن ناصر الدين دينيه -في رجاحة عقله وسلامة ضميره ووضوح منطقه- ممن يقولون: «إنا وجدنا آباءنا على أُمَّة، وإنا على آثارهم مقتدون»، بل كان ممَّن يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله.

واليوم وقد مرَّت أكثر من ثلاثة وتسعين عامًا على وفاته (وُلِدَ عام 1861م، وتُوفِّي عام 1929م)، وما يزال هذا المستشرق الفرنسي المسلم مغمورًا بين المثقفين المسلمين، ويكاد يُعْرَف بين الخاصة من المهتمين والمتتبعين. وإذا كان «دينيه» يُعد في نظر الدارسين للمنظومة الاستشراقية واحدًا من أعلام المستشرقين في أوائل هذا القرن؛ فإننا لا نحسبه كذلك مهما حُشِرَ في زمرة هؤلاء؛ لأن المنطق السليم يَفرض ألَّا يكون الغربي الذي درس الإسلام وآمَن به وعُدَّ من أبنائه عن هداية واقتناع في صفّ واحد مع مَن يدرس الإسلام من زاوية خارجية وفق منظور غربي وغريب عن الروح الإسلامية. والدارس لسيرة هذا الرجل يتبين له مدى حبّه للإسلام والمسلمين، وسرعان ما يتنبّه إلى أن الرجل قد أمسى شرقيًّا لا مستشرقًا.

النشأة

وُلِدَ إتيني دينيه عام (1861م)، في باريس لأبٍ لا يُكِنّ للأديان أدنى احترام أو تعاطف، ولأُمّ مُتنسِّكة تميل إلى سلوك طريق التصوف النصراني.

عشق الرسم منذ نعومة أظفاره، ومهر في فنّه مهارة كبيرة حتى إنه حصد جوائز عدة وهو لا يزال يافعًا. وفي عام (1885م)، قام بزيارة للجزائر التي كانت ترزح تحت نير الاستعمار الفرنسي، فأقام في بلدة «الأغواط»؛ حيث قام بتنفيذ رسومات لمناظر خلابة عدة اجتذبته واسترعت انتباهه، وكان أبرزها لوحة «سطوح الأغواط» التي اقتنتها الحكومة الفرنسية، وهي الآن تُزيِّن بها جدران متحف لوكسمبورج.

تردّد دينيه على الجزائر مرات عدة بعد زيارته الأولى التي أثَّرت في فكره ووجدانه؛ حيث تأثَّر ببساطة العيش فيها وجمال الصحراء الممتدة التي تجعل الروح تسيح في عالمها الواسع، ولم يكن في وُسْعه الاستقرار وحطّ الترحال بصفة نهائية بمدينة «بوسعادة» الجزائرية إلا في عام (1950م)، ويرجع سبب حبّه لهذه المدينة إلى الصداقة التي ربطته بأحد علمائها ومثقفيها، ويدعى سليمان بن إبراهيم، وسبب تعرفه عليه هو أنه في إحدى زيارته لـ«بوسعادة» نشبت مشادّة بينه وبين بعض اليهود الذين انهالوا عليه بالضرب والتنكيل، فرآه سليمان بن إبراهيم فأسرع لحمايته وإنقاذه من أيدي أعدائه.

ولما رجع دينيه إلى فرنسا انتقم جماعة اليهود من سليمان، فطعنوه بخنجر في ظهره، ولما بلغ الخبر صديقه دينيه تأسَّف على ذلك، فبادر بالذهاب إلى بوسعادة للاطمئنان على صحته، ثم اصطحبه بعد ذلك معه إلى باريس، وعندئذ ابتدأت صداقة قوية بين الاثنين حتى إن كثيرًا من مؤلفات دينيه الإسلامية كانت مشتركة بينه وبين صديقه.

دينيه ورحلته إلى الهداية

عندما يُقدِّر الله تعالى الهداية لأحد من خلقه فإنه يُهيِّئ له من الأسباب والدواعي ما يكفل له تلمُّس خيوط الطريق المؤدية إلى الهداية الربانية والنور الإلهي المشرق، وبالنسبة لمترجمنا؛ فقد قدَّر الله أن يكون الرسم الذي يهواه منذ صِغَره سببًا رئيسًا في انتقاله إلى الجزائر البلد الإسلامي ذي الصحاري الشاسعة، والفيافي الواسعة التي تُلْهم للرسامين بأبهى الصور الفنية وأروع المشاهد الجمالية، والتي يجد فيها أولو النُّهَى والمتفكرون في الخَلْق والآفاق ما يفتح القلوب إلى جمال العالم، ويفسح المجال للتدبر والتفكر والتأمل في عظمة الخالق -سبحانه وتعالى-.

لقد كان دينيه عديم الثقافة الدينية في أثناء فترة دراسته في المرحلة الثانوية؛ حيث لم يكن يُعير للقضايا والمسائل الروحية في إطار النصرانية التي كان ينتمي إليها أدنى اهتمام، لكن مع مرور السنين وبلوغ سن الرشد والنضج بدأت الدوافع الفِطْرية تُلِحّ على باطنه كي يبوح عن حقيقة الكون والوجود.

وخلال فترة وجوده في الجزائر؛ وجد الرجل في عالم الصحراء اللامتناهي ما يَستهويه ويجذبه إلى التأمل في النواميس الكونية، وتلمّس أسرار الخلق والوجود والطبيعة، وبموازاة مع ذلك كان يشاهد مَن حوله مِن البدو الرُّحَّل سكان الصحراء وهم يؤدون صلواتهم تحت أشعة الشمس وهم على صفحات الكثبان الرملية الناعمة بكل تلقائية وبساطة، ومن دون اعترافات غفرانية أو وساطة كما هو الحال في الكنيسة، كل واحد من المصلين يناجي ربه مباشرة وبكل حرية.

هنا لم يجد دينيه بُدًّا من مشاركة هؤلاء صلواتهم، فكان يؤديها معهم جماعة، ويسألهم بين الحين والآخر عن أسرار الصلاة والصيام وغيرها من شعائر الإسلام، لقد أحبّ دينيه حياة العرب، وهو ذلك الفنان الكبير، فاتخذ له بينهم مكان إقامة في تلك الواحة السعيدة «بوسعادة»، واستمر على تلك الحال عدة أشهر يشارك أبناء الصحراء حياتهم الدينية والاجتماعية وكأنه واحد منهم، إلى أن أعلن إسلامه بصفة رسمية عام (1913م)، واستبدل اسمه إيتيني باسم «ناصر الدين»؛ تفاؤلًا منه بأن يكون له حظّ ونصيب في نُصرة الإسلام والدفاع عنه ضد أعدائه، لقد أعلن إسلامه عن رؤية وتيقُّن وتفكُّر عميق، بعد تجاوزه سن الأربعين، لذلك كان في عقيدته مكينًا راسخًا، وفي إسلامه كاملًا ملتزمًا.

مؤلفاته

قبل إسلامه بعامين كان ناصر الدين دينيه قد سطّر كتابه «الفيافي والقفار»، وفيه مشاهداته وذكرياته في صحراء الجزائر، وجاء الكتاب معبرًا عن تأثُّره بالحياة الصحراوية، ودور ذلك في تغيير سلوكه الديني ونمط حياته، ولقد كان لصديقه ابن إبراهيم الذي يرافقه ويلازمه دور كبير في ذلك؛ حيث كان يُقرِّب إليه صورة صحراء الحجاز، ويُصوِّر معالم الحياة المكية قبل بعثة الرسول -صلى الله عليه وسلم- وبعدها.

وكان للمقارنة العجيبة بين صحراء الجزائر وصحراء الحجاز، وكذا التصوير الفني الرائع الذي تفنّن سليمان في تقديمه لصديقه؛ ما جعل هذا الأخير يفكّر في تأليف كتاب عن حياة محمد -صلى الله عليه وسلم-، التي كان يعرف عنها الشيء الكثير، لكن من خلال بطون الكتب فحسب، شأنه في ذلك شأن جميع المستشرقين الغربيين، فلما استطاع الرجل أن يمزج في ذهنه معالم السيرة النبوية كما هي مبثوثة في الكتب ومشاهد الصحراء الحجازية التي انبعثت منها أنوار الرسالة المحمدية انساب إلى قلب الرجل أمل إعداد كتاب عن سيرة النبي الكريم، تكون مخالفة تمامًا لما سطّره المستشرقون، ونابعة من قلب مؤمن يهفو إلى تدوين حياة خاتم النبيين وفق أبهى صور البيان، وأصدق مشاعر التعبير، وقد ألّف الكتاب المأمول بمساعدة صديقه سليمان، وتُرجم إلى لغات منها اللغة العربية؛ حيث قام بها شيخ الأزهر آنذاك الدكتور عبد الحليم محمود، ونجله محمد عبد الحليم محمود.

من مؤلفات ناصر الدين دينيه أيضًا: «أشعة خاصة بنور الإسلام»، وهي عبارة عن محاضرة ألقاها في جمعية الأخوة الإسلامية في باريس، وهي عبارة عن عرض لمبادئ الدين الإسلامي بصورة عصرية وواضحة تلائم العقلية الغربية، وقد نشر الكتاب للمرة الأولى عام (1929م)، وترجمه إلى العربية الأستاذ راشد رستم، وهو أول ما تُرجم من كتبه.

ثم ألَّف كتابه «الشرق في نظر الغرب» عام (1921م)، بالاشتراك مع صديقه سليمان بن إبراهيم، والكتاب عبارة عن رد علمي على طروحات المستشرقين هنري لامنس البلجيكي المعروف بعدائه الشديد للإسلام، وكازانوفا في كتابه «محمد ونهاية العالم»، ويعتبر هذا الكتاب من أبرز كُتب ناصر الدين دينيه؛ حيث دافَع فيه بشدة عن حياض الإسلام ودعوته ونبيه ضد افتراءات وطعون المستشرقيْن سالفَي الذكر اللذَيْن كانا في أوائل هذا القرن من ألدّ أعداء الإسلام وأكثرهم تحاملًا عليه.

لقد تم تفنيد مزاعم هنري لامنس في كثير من كتبه؛ مثل «مهد الإسلام»، وكتاب «فاطمة بنت محمد»، وكتاب «محمد ونهاية العالم»؛ فقد اشتطَّ به التفكير، ورأى -وبئس الرأي- أن محمدًا -صلى الله عليه وسلم- كان شديد الترقُّب لقيام الساعة التي كان يراها وشيكة الوقوع، لذلك لم يجمع القرآن في مصحف، ولم يعيّن خليفة له.

وقد ردّ العلماء بإسهاب على مثل هذه الشبهات في كُتب علوم القرآن وكتب الأحكام السلطانية، وكتاب دينيه هذا الذي يندر العثور على نسخة منه في أصله الفرنسي يُعتَبر مرجعًا مهمًّا في إطار الرد على المستشرقين، وبخاصة أنه من تأليف فرنسي مسلم خبير بخلفيات بني جلدته من المستشرقين ومراميهم وأغراضهم.

ومن أهم كتب دينيه أيضًا كتابه عن «الحج إلى بيت الله الحرام» الذي لم يُطبَع إلا بعد وفاته بعام واحد (1930م)، وقد وصف فيه مناسك الحج بتفصيل دقيق وبروح علمية مؤمنة وثّابة؛ حيث كان لدى حديثه عن كل منسك أو مشعر يؤكد الحكمة الجليلة التي يهدف إليها والغاية المُثْلَى التي يرمي إليها، محبّبًا ذلك إلى قلب القارئ الذي يُخيّل إليه وهو يستعرض بشغف وشوق مراحل وأشواط الحج، وكأنه يسبح في سبحات ربانية في ظل ضيافة رب العالمين.

والكتاب طبعته دار النشر الفرنسية الشهيرة (HACHOLTA)، ويُعدّ أول كتاب ينتشر في أوروبا مُعرِّفًا الغربيين بالركن الخامس من أركان الإسلام بأسلوب علمي مشوِّق يخاطب العقلية الغربية ويقرّب إليها روح الإسلام ومقاصده، لقد ختم حديثه في آخر كتابه بقوله: «لو كان الإسلام الحقيقي معروفًا في أوروبا لكان من المحتمل أن ينال أكثر من أيّ دين آخر العطف والتأييد، وذلك من جراء روح التدين التي عمَّت أوروبا بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى (الحج إلى بيت الله الحرام: ص 324).

وفاته

أحب ناصر الدين دينيه مدينة بوسعادة الجزائرية التي قضى بها ردحًا من الزمان، وقرّر العيش بين أهلها وسكانها ما تبقى له من حياته، وقد بلغ حبّه لتلك الحياة العربية الصحراوية مبلغًا عظيمًا جعله يأمل في أن يُدْفَن في مدينة بوسعادة وليس في باريس، ولمَّا لم يكن له أهل يُنفّذون وصيته؛ لأنه لم يتزوج طوال حياته، كما أن والديه قد تُوفِّيا عامي (1914، و1920م)، فقد قرر أن يبني ضريحًا له ويهيئ قبرًا ليوم موته حتى يُدْفَن فيه، وكتب وصية في ذلك أودعها لدى صديقه سليمان بن إبراهيم، وبقي كذلك إلى أن وافته المنية عام (1929م)، وهو في باريس فتحدد نقله إلى بوسعادة يوم (6 يناير)، وتم دفنه يوم (10 يناير 1930م). ويُذْكَر أن سبب التأخير في دفنه كان توافد الوفود العربية والصحراوية لإلقاء نظرة أخيرة عليه؛ إذ كان -رحمه الله- مشهورًا وذائع الصيت بين كل الجزائريين الذين دافع عن حقوقهم أمام السلطات الفرنسية، وفي يوم دفنه اصطف الآلاف الناس الذين هرعوا إلى بوسعادة من كل أرجاء الجزائر وتونس للصلاة عليه والترحُّم على روحه.

من أفكاره وأقواله

لقد كان ناصر الدين مقتنعًا أشد الاقتناع بأن الإسلام يسمو بعقيدته ومبادئه وقِيَمه عن غيره من الأديان، فهو خالٍ من الأسرار وعبادة القدسيين، وهو ليس في حاجة إلى الهياكل والمعابد ما دامت الأرض كلها مسجدًا لله.

لقد ردَّ دينيه للإسلام اعتباره في أوساط الغربيين، مبينًا أصالته الحضارية وسموّه في التفكير وإنسانيته التي لا تُقاس بها مادية الغرب وفساده وعدوانه الذي لا يقف عند حدّ، وظلمه المؤسّس على المادية والاستغلال، لقد أظهر في كتبه نُبل العرب المسلمين، وعُمق فهمهم للأمور فهمًا يتفق مع الفضيلة، ويتلاءم مع أسمى المبادئ الإنسانية، وقد خبرهم جيدًا، وعاش بينهم، واطلع على أسرار حياتهم ومدى حبّهم لدينهم.

لقد انبهر كثيرًا أمام سموّ شعائر العبادات الإسلامية فيشير إلى مزاياها وفضائلها، ويتحدّث عن الحكمة منها ومقاصدها، فالصلاة مثلًا التي أداها قبل أن يدخل الإسلام يرى أنها «ذات بساطة ولطافة لم يسبق لها مثيل من نوعها في صلاة غيرها، كما أنها لا تدعو الوجوه بالتظاهر والتكلف، ولا العيون بالشخوص إلى السماء واستنزال الدموع حقًّا».

وأضاف: «إن الصلاة في الإسلام خالية من تلك الأمور الشائنة التي خصّها المسيحيون بالصور المسيحية؛ مما جعلها في غير جمال ولا جلال ولا وقار. حقًّا، إن الأقوال والحركات التي في الصلاة الإسلامية هي ذات دلالة على الرزانة والهدوء والاطمئنان، وهي خالية من مبالغات الورع وتكلُّفات الخضوع والتظاهر بذلك، مما هو غريب في العبادات؛ لأن الله -سبحانه وتعالى- عليم بما في الصدور وهو الغني العزيز» (أشعة خاصة بنور الإسلام: ترجمة راشد رستم، المكتب الفني للنشر، بيروت).

ويقول أيضًا: «لقد كتب الله الصلاة على عباده، واقتضت حكمته أن تكون أنفع وأصحّ ما منَحهم من خير، نعم خمس صلوات في اليوم تُمكّن بني البشر من الراحة التامة، خمس مرات يوميًّا فتحول بينهم وبين الانفعالات والعواطف المثيرة التي تُؤدّي تارة إلى المغالاة في الفرح، وذلك عن طريق يؤدي إلى الرذائل تارة، وتارة إلى المغالاة في الحزن، وذلك عن طريق قد يؤدي إلى جنون اليأس، خمس صلوات يوميًّا بما لهن من مقدمات الطهارة يلزمن الإنسان بالتفكير في نظافة بدنه وصفاء روحه. (محمد رسول الله: ترجمة د/ عبد الحليم محمود، مطبعة دار المعارف: القاهرة 1965م).

وهكذا وقف الرجل المؤمن الغيور يبرز أسرار العبادات الدينية في الإسلام، ويكشف اللثام عن مقاصدها وحِكَمها الروحية، فضلًا عن تأثيراتها الإيجابية في نفوس المسلمين، فعندما تعرَّض للحديث عن فريضة الحج، أبْرَزَ المعاني والقِيَم الروحية التي يفجرها فيقول: «إن احتشاد الناس في عرفات موقف من مواقف الحشر حقًّا، إن جميع أجناس الإنس على تباينها تحتشد في ذلك المكان الذي اعتاد الإقفار، ولن نرى في غير هذا المكان من العالم جمعًا اجتمع فعرض في آنٍ واحدٍ كل تلك الوجوه الآدمية مختلفة الشَّبه، وكل تلك اللغات والجهات المتباينة، لقد تآخى هؤلاء جميعًا في تلك الساعة العظيمة، تآخوا لغةً وقلبًا، ونسوا فروق الأجناس والدرجات والطبقات، نسوا أحقادهم، مذهبيةً كانت أو سياسية، ففي عرفات يرجع الإسلام إلى اتحاده الشامل وحماسته القوية كما كان في أيامه الأولى» (محمد رسول الله: مرجع سابق).

لقد راح ناصر الدين دينيه في كل كتبه يُشيد بخصائص الإسلام ومزاياه، ويُنقّب عن مزيد من فضائله وقِيَمه ومُثُله، هذا فضلًا عن دفاعه عن الإسلام وتشريعاته ضد مطاعن المستشرقين؛ حيث استأصل شأفتها، وأبان عن تهافتها وبطلانها بالحجة والبرهان.

 

أعلى