والشورى -كما يقول العلماء- «من قواعد الشريعة، وعزائم الأحكام»[3]، وفيها بركة، وهي نصف العقل[4]، وهي ركيزة أساسية في السياسة الشرعية[5]، وفيها تنوير للأفكار وتسميح للخواطر، ووصول إلى الرأي السديد
أسند الطبري إلى قتادة -رحمه الله- في قوله تعالى: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ}
[آل عمران: 159]؛ قال:
«أَمَر
الله -جلَّ ثناؤه- نبيَّه صلى الله عليه وسلم أن يُشاوِرَ أصحابَه في الأمور، وهو
يَأْتِيه وحيُ السماء؛ لأنه أطيبُ لأنْفُسِ القوم. وإنَّ القوم إذا شاوَر بعضُهم
بعضًا، وأرادوا بذلك وجهَ الله؛ عُزِم لهم على أَرْشَدِه»[1].
ويُستدل له أيضًا بقوله تعالى: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} [الشورى: 38]،
وقال أبو هريرة -رضي الله عنه-:
«ما
رأيتُ أحدًا أكثر مشورةً لأصحابه من رسول الله صلى الله عليه وسلم
»[2]،
وهذا فقه بديع لاستنباط قواعد الحياة من القرآن الكريم، وتبيين ثمرات الشورى
وآثارها، وهو يروم بذلك استصلاح الأمة والارتقاء بها، ومعلوم أن المتقرَّر في
الأصول والقواعد: أن الأمر للنبي صلى الله عليه وسلم هو أمرٌ للأمة، خاصةً إذا
وُجدت قرينة تدل على ذلك.
والشورى -كما يقول العلماء-
«من
قواعد الشريعة، وعزائم الأحكام»[3]،
وفيها بركة، وهي نصف العقل[4]،
وهي ركيزة أساسية في السياسة الشرعية[5]،
وفيها تنوير للأفكار وتسميح للخواطر، ووصول إلى الرأي السديد[6].
وقد شرع الله -تعالى- الاستشارة في مراتب المصالح كلها: في الأمم والبلدان والأُسر
والمجتمعات.
ويظهر في هذا الأثر مقصد عظيم من كبرى مقاصد القرآن: وهو سياسة الأمة؛ إذ بالشورى
تكتمل سياسة الأمة وحفظ نظامها[7]؛
خاصةً إذا كانت الشورى يُبتغَى فيها وجه الله وإرادة الخير والنية الصالحة السليمة،
هنا ستكون آثارها مباركة -بإذن الله تعالى- على الأفراد والمجتمعات. ومن يعمل بهذه
الصفة العظيمة في حياته؛ فلن يعدم رأيًا سديدًا، وأثرًا رشيدًا.
[1] تفسير الطبري (6/188، 189).
[2] أخرجه أحمد (18928) وابن حبان في صحيحه (4872)، والبيهقي في السنن الكبرى
(13303).
[3] تفسير ابن عطية (1/534).
[4] ينظر: تفسير ابن المنذر (2/468).
[5] ينظر: السياسة الشرعية، ابن تيمية (ص126).
[6] ينظر: تفسير السعدي (ص154).
[7] ينظر: تفسير ابن عاشور (1/40).