الحمد لله والصلاة والسلام على خير خلق الله رسوله محمد سيد الأولين والآخرين إلى يوم الدين، أما بعد:
فإن للدين شعائر كثيرة، والشعائر جمع مفرده شعيرة وهي العلامة الواضحة البينة كالمنارة، ومن علامات تقوى القلوب تعظيم شعائر الله: {ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج: 32]، وشعائر الله هي ما شرعه من العبادات، ومن أعظم شعائر الله بعد توحيده شعيرتا الصلاة والحج، ومن تعظيم الصلاة المحافظة على أوقاتها وأداء أركانها وواجباتها على حسب السنة الواردة، ومن تعظيمها كذلك احترام أماكن إقامتها (المساجد) من تشييد، وتنظيف وتطهير، وإتاحتها للمصلين وتسهيل الوصول إليها، وألا يصد عنها من قصدها ولا يكونوا كالمشركين الذين صدوا عن المسجد الحرام: {إنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَالْـمَسْجِدِ الْـحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإلْـحَادٍ بِظُلْمٍ نُّذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الحج: 25]، فالشعائر تُعظَّم، ومن كمال تعظيمها ألا تنتهك حرمتها: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلا الشَّهْرَ الْـحَرَامَ وَلا الْهَدْيَ وَلا الْقَلائِدَ وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْـحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّن رَّبِّهِمْ وَرِضْوَانًا} [المائدة: ٢]؛ لا تحلوا شعائر الله أي لا تخلوا بشيء من شعائر الله وفرائضه التي حدها لعباده وأوجبها عليهم، وعلى هذا القول فشعائر الله عامة في جميع تكاليفه غير مخصوصة بشيء معين، ويتبين من هذا أن أولى الشعائر بالتعظيم المساجد؛ فلا تنتهك ولا يعتدى على المصلين فيها ولا يصدون عنها، وأولى المساجد بذلك المسجد الحرام، ومن هذا يظهر أن العدوان على المساجد وما يتعلق بالنسك من أعمال الحج من أكبر الذنوب.
جعلنا الله وإياكم ممن يعظم شعائره.