الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه، وبعد:
لقد كفل بولس الطرسوسي للنصارى خلاصاً أبدياً لمجرد إيمانهم بموت المسيح – كما زعم – على الصليب من أجل خطايا البشر. ثم جاء المجمع الفاتيكاني الثاني ليتملق طوائف النصارى من غير الكاثوليك، بل توسع ليمد يد السلام - بزعمه - إلى غير النصارى من اليهود والمسلمين وأتباع ديانات المشرق. لكن أحداً من هؤلاء لم يبلغ ما بلغه فرنسيس من «عروض التسهيل» التي لا تستثني حتى الملحدين. يقول البابا فرنسيس في جواب سؤال وُجه إليه: «لقد افتدانا الرب كلنا بدم المسيح؛ كلنا، ليس الكاثوليك فحسب، بل الكل... حتى الملحدين».
لقد كان سلفه بندكت السادس عشر يعد النصارى من غير الكاثوليك مؤمنين من الدرجة الثانية، لكن فرنسيس يسعى جاهداً لكسر كل معوقات عولمة الدين؛ لعل ذلك يُعيد أتباع الكنيسة إلى كنائسهم، ويستعيد شيئاً من أمجاد روما الوثنية التي كانت تستوعب كل مؤمن ومنافق وملحد ما دام خاضعاً لسلطانها. وفي هذا السياق لن يكون الشواذ أقل هؤلاء حظاً؛ أليس قد عقد زعيم النصارى اجتماعاً استثنائياً لمجلس القساوسة في شهر أكتوبر من العام الحالي نُصّ فيه على «تقبُّل الشاذين والشاذات باحترام وحساسية»؟!
إن تمييع الدين لدى الكنيسة الرومية إلى جانب كونه خُلقاً لها يعكس تأثر زعيمها الحالي بتنظيمه اليسوعي الذي أكد عبر تاريخه المتقلب أن الغاية تبرر الوسيلة، وأن كل شيء جائز شرعاً ما كان «في سبيل مجد أعظم للرب».