الحمد لله، والصلاة والسلام على محمد النبي المرسل رحمة وهداية للناس, أما بعد:
قد يظن البعض أن خطة كيري للسلام التي تستدعي حماية عسكرية للجبهة الشرقية على طول نهر الأردن، هي وليدة الساعة. والحقيقة أنها لمسات أخيرة على مشروع حصار الفلسطينيين داخل دولة معترف بها، لكنها مقفلة على أهلها لا تملك من مقومات الدفاع عن نفسها شيئاً. فقد صرّح مستشار الرئيس أوباما «بريجنسكي» قبل أكثر من ثلاثة أعوام بضرورة إقامة «دولة فلسطينية منزوعة السلاح تضم عسكراً من الولايات المتحدة أو حلف الناتو على طول نهر الأردن لتقديم مزيدِ أمنٍ لإسرائيل» (واشنطن بوست، 11 أبريل، 2010).
وقد علّقت مجلة البيان حينها على المخطط اليهودي/ الصليبي بقولها: «لن يتمكّن الصليبيون من فرض سيطرتهم على القدس وما حولها حتى تكون لهم قاعدة عسكرية قوية تتولى صدَّ «الدخلاء» من المسلمين. ولتبـرير هذا الوجـود العسكري لا بد أن يبدي الرئيس الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، تخوفاً من احتمال وقوع اعتداءات على الدولة اليهودية، وهو ما يستدعي - بزعمه - وجود قاعدة عسكرية ثابتة تضم قواتاً دولية من أجل حمايتها» (افتتاحية العدد 292، «وداعاً أيها القدس»). وها نحن نرى إرهاصات هذا الوجود الصليبي في خطة كيري الأخيرة.
أما عن موقف محمود عباس والسلطة الفلسطينية، فإنه بطولي في ظاهره، خاذلٌ في حقيقته؛ فقد سبق أن رحّب عباس باقتراح ساركوزي عام 2007 تشكيل قوةٍ دوليةٍ للمساعدة على حفظ السلام، قائلاً: «أرحّب بفكرة الرئيس ساركوزي، وسنعمل على أن تكون موقفاً دولياً». فهو عندما يعارض وجوداً عسكرياً على الحدود الغربية إنما يعني قواتاً إسرائيلية، أما أن تكون قاعدة صليبية أمريكية أو تابعة للناتو، فهي فكرة مستحسنة ينبغي «أن تكون موقفاً دولياً».