الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد النبي سيد ولد آدم أجمعين، أما بعد:
نظراً للتغيّر السريع الذي تتغيّر به الحياة في المجتمعات، تواجهنا في تعاملنا مع الأحداث اليومية قضايا شائكة تحتاج إلى تعامل سريع وصحيح كي ندرك الأمور قبل أن تستفحل ويصعب علاجها أو يستحيل.
كثير من الإسلاميين يواجه القضايا المتجددة بأقوال لأهل العلم قالوها في أزمنة غابرة ظاهرها يتوافق مع تلك الأقوال، ولا ينتبه لفرق مؤثر في الأمر الجديد يمنع من دخوله تحت المأثور، وهذا التصرف مما قد يضيق واسعاً أو يسبب حرجاً في التزام ما لا يلزم.
وكثير ممن يدعي فرقاً مؤثراً بين الجديد والقول المأثور ليخرج عليه ولا يلتزم به ما يؤدي لترك الصواب ومخالفة ما دل عليه الدليل، وسبب هذا ضعف التأهيل الأصولي والفقهي، أو في تقدم من ليس أهلاً للتقدم، وهذا الخلل علاجه أولاً في التربية العلمية الصحيحة لمن يعدون كي يكونوا قادة العلم والمعرفة في الأمة، وثانياً فيما يقوم به العلماء الأثبات من جهود تجديدية فيما ينوب الأمة مما يستجد مما لم يتقدم أو يحر به عمل سابق، ولعل ما يعقد من ندوات ومؤتمرات تناقش هذه القضايا الجديدة من قبل العلماء والمتخصصين؛ يمثل وسيلة فاعلة في هذا الصدد.
مع التغيّر الحادث المتسارع في أوضاع المجتمعات وما يصاحب ذلك من فكر أو ثقافة، هناك كثير من القضايا استجدت في الاقتصاد؛ كالتضخم والنقود الورقية والتأمين، وأخذت القضايا المستقرة تهتز وتضطرب بفعل ذلك التغيّر، وذلك مثل حكم قتل المرتد عن الإسلام، وتطبيق الحدود على مقترفي أسبابها، وتقسيم الدور إلى دار إسلام ودار حرب، وتولي المرأة الولايات ومنها القضاء، ومفهوم الجهاد والعلاقة بين المسلمين والكفار؛ وهذه تحتاج إلى دراسة ومعالجة جديدة لا تقتصر على المدون قديماً، بل تدرس ما استجد منها وتجيب عن الشبهات التي تساق في تلك القضايا. وبعض المؤسسات العلمية والمجامع الفقهية والباحثين من العلماء والدارسين في الأقسام الشرعية في الجامعات، يقومون بجهود مشكورة في هذا الميدان، لكن الحاجة ما زالت ملحة إلى مزيد من الاجتهاد العلمي الذي يستجيب لدراسة تلك المستجدات والنوازل المتتابعة دراسةً تحقق المطلوب.