الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه، وبعد:
في هذا الوقت العصيب الذي تمر به سفينة الأمة من الطبيعي أن يكون الشغل الشاغل للنابهين وأهل الحجا هو كيفية النجاة والخروج من هذه الدوامة المهلكة التي يراد للأمة أن تقع في مركزها، وكما يختلف الأطباء في تشخيص وعلاج المرضى فقد اختلف هؤلاء في طريق النجاة ما بين داع إلى إغراق سفينتنا والتشبث بالسفن الأخرى والعمل لديهم خدماً وأجراء، وبين من يصر على البقاء في السفينة وإصلاحها وبذل الجهد في إنقاذها، وهذا لا يمكن بدون ربط الحبال مع الله، ومعه فقط، فهو المنجي والمنقذ، ولكن حتى يحصل التوجه الفطري الخالص للإنسان نحو الخالق يجب التحقق من الخطر كما قال تعالى: {فَإذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [العنكبوت: 65]، ولذا يجب بيان جسامة الخطر ومعه توضيح سبيل النجاة الوحيد فلا منجى من الله إلا إليه، وهذا واجب الجميع مع صعوبته وخطورته في وجود من يستكثر على الناس حتى تذكر الموت واليوم الآخر، وللأسف فقد كثر الدعاة على أبواب جهنم وتنوعت أشكالهم وهيئاتهم، ويصدق فيهم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إن أخوف ما أخاف عليكم بعدي كل منافق عليم اللسان»، قال الهيثمي رجاله رجال الصحيح، وقد رواه ابن حبان في صحيحه ولفظه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أخوف ما أخاف عليكم جدال منافق عليم اللسان».