• - الموافق2025/10/16م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
دمشق وموسكو.. تحول براغماتي بعد سقوط الأسد

لم تكن زيارة الرئيس السوري الجديد، أحمد الشرع، إلى الكرملين مجرد لقاء بروتوكولي روتيني، بل حملت إشارات ودلالات سياسية عميقة تعكس تحولات استراتيجية في العلاقات بين دمشق وموسكو بعد سنوات من التوتر والانعزال.

 

البيان/متابعات: لم تكن زيارة الرئيس السوري الجديد، أحمد الشرع، إلى الكرملين مجرد لقاء بروتوكولي روتيني، بل حملت إشارات ودلالات سياسية عميقة تعكس تحولات استراتيجية في العلاقات بين دمشق وموسكو بعد سنوات من التوتر والانعزال.

في مستهل اللقاء، بدا الشرع وكأنه يتعامل مع تحدي شخصي عند صعود سلالم الكرملين الطويلة، ما أضفى جانبًا إنسانيًا على المشهد الرسمي. لكن ما خفي وراء هذه اللحظة الطريفة كان تجسيدًا لواقع سياسي جديد؛ فالعلاقة التي ظلت متأرجحة لسنوات بين الطرفين تتجه الآن نحو استقرار ودفء غير متوقع، في ظل ظروف إقليمية ودولية متغيرة.

شهد العقد ونصف الماضيين تحالفًا معقدًا بين موسكو ونظام الأسد، حيث قدمت روسيا دعمًا عسكريًا وسياسيًا في حربها على ما سمته "الإرهاب"، مع تركيز خاص على فصائل مثل "جبهة النصرة" و"جبهة تحرير الشام". لكن النهاية المخزية للنظام السابق في ديسمبر 2024 شكلت منعطفًا حاسمًا.

ومع سقوط بشار الأسد، لم تكن موسكو معزولة، بل تحركت سريعًا لاستئناف اتصالاتها مع دمشق، مستفيدة من موقف القوات الروسية المحايد في اللحظات الأخيرة لنظام الأسد، مما مهد الطريق لتعاون جديد مع القيادة السورية الحالية.

على عكس توقعات كثير من الأطراف، لم تعتمد قوات النظام السوري الجديد بشكل كامل على القوات الروسية في قاعدة حميميم أو على البعثات الروسية في الأراضي السورية. هذا الموقف المستقل أثار إعجاب بوتين، الذي أثنى خلال اتصال هاتفي مع الشرع على هذا النهج الجديد، معبراً عن أمله في إعادة إحياء روح التعاون والصداقة بين البلدين.

كان استقبال الشرع في قاعة الاستقبال الرسمية الخضراء بالكرملين بمثابة رسالة رمزية، إذ عُدّ من أبرز الاستقبالات التي لم تحظَ بها حتى عائلة الأسد السابقة. هذا التغيير في مستوى الحفاوة يشير إلى تحول في موقف موسكو تجاه دمشق، مع تأكيد على أهمية العلاقة التاريخية بين البلدين.

زيارة الشرع للكرملين تعكس تحوّلًا براغماتيًا في السياسة الروسية تجاه سوريا، حيث تنتقل من دعم نظام فردي إلى إقامة علاقة أوسع نطاقًا مع القيادة الجديدة. هذا التحول قد يفسر التغيير في التعامل مع الفصائل المسلحة، حيث تقطع قوات الشرع أوصال الجيش السوري السابق، مما يطرح تساؤلات حول مستقبل الهيمنة الروسية في المنطقة.

كما أن هذا التقارب يعكس إدراكًا روسيًا بأنه لم يعد بالإمكان الاعتماد على النظام القديم، وبالتالي، يتم إعادة ترتيب الأولويات والروابط في دمشق، بما يضمن مصالح موسكو في مرحلة ما بعد سقوط الأسد.

في النهاية، يبدو أن أحمد الشرع قد نجح في تسلق سلم السياسة الروسية الطويل، متجنبًا التأرجح على سلالمه، وممهداً الطريق لعلاقة أكثر استقرارًا بين دمشق وموسكو، قد تشكل نقطة انطلاق جديدة في المشهد السوري المعقد.

 

أعلى