البيان/وكالات: في مقال نشره الكاتب الصحفي الصهيوني يوسي مليمان وهو شخصية قريبة من مراكز الإستخبارات الصهيونية، قال :" كان الفرح سابقاً لأوانه. منذ اللحظة التي سقطت فيها الصواريخ الإيرانية الأولى السبت في "رمات غان" وفي مركز تل أبيب، للمس بوزارة الدفاع، فإن النشوة المؤقتة التي استمرت لنصف يوم تحولت إلى خوف وقلق. الإدراك بعدم وجود حروب سهلة يسود في أوساط الجمهور الإسرائيلي الذي يتحمس ويهتاج من إنجازات الضربات الافتتاحية في عمليات لامعة بقطاع غزة ولبنان والآن في إيران، ليدرك لاحقاً بأن النجاح الاستراتيجي يقاس بالنهاية".
يضيف الكاتب، سيكون هناك من يعزون أنفسهم بحقيقة أن الضربات التي يوقعها سلاح الجو بإيران أكثر قسوة. سلاح الجو وشعبة الاستخبارات والموساد يظهرون بطولة وقدرة مثيرة للانطباع عندما يفعلون أعاجيب استخبارية وتكنولوجية غير مسبوقة. الاستخبارات وسلاح الجو تثبت مرة أخرى بأن يدهم تتفوق في هذه المستويات إزاء التدني الإيراني. ولكن مثلما لا يتم حسم الحروب بإحصاء خسائر العدو بالأرواح والممتلكات، شاهدنا ذلك في فيتنام وفي أوكرانيا وأيضاً في قطاع غزة ولبنان، فلا يمكن تطبيق ذلك على الحرب ضد إيران.
ويكمل ميليمان حديثه بالقول، النظام المتعصب في الجمهورية الإيرانية والذي يرتكز إلى آلاف سنوات التاريخ الفارسي، أثبت صموداً وتصميماً على تحمل الضربات وليس الاستسلام. في نهاية العام 1979 شن رئيس العراق صدام حسين هجوماً مفاجئاً على إيران الضعيفة والمفككة، التي تم فيها إسقاط حكم الشاه على يد رجال الدين بقيادة آية الله الخميني. تصرف صدام حسين على فرض أنه سيهزم إيران في غضون أيام أو أسابيع، ولكن سرعان ما تبين خطؤه. الخميني رفض الاستسلام وحشد الشعب لمحاربة العدو السني، الأمر الذي استمر ثماني سنوات وجبى مليون ضحية في الطرفين.
ويكمل الكاتب الصهيوني قوله، رغم أن طهران كانت مكشوفة وبدون دفاعات جوية وتعرضت لعشرات آلاف القذائف والصواريخ وهجمات سلاح الجو العراقي، بما في ذلك استخدام السلاح الكيميائي، لكنها صمدت. بالمناسبة، أحد دروس هذه الحرب علمها أن عليها التزود بالصواريخ.
ويقول ميليمان، يبدو أن إسرائيل بدأت في تغيير التكتيك العملياتي خشية أن تطول الحرب وتصبح حرب استنزاف لسنوات طويلة، التي مشكوك في أن يكون هناك احتمالية للانتصار فيها. لذلك، بدأت بمهاجمة أهداف في مجال الطاقة في إيران، الذي يوفر معظم مداخيلها. في هذه العملية تكمن أخطار أيضاً، لأنها قد تؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط، الذي سجل من الآن وأحدث أزمة عالمية. الصين هي المستوردة الأكبر للنفط الإيراني، وقد تدخل إلى مرجل الشرق الأوسط وربما تضطر إلى التفاوض مع الولايات المتحدة، ما سيكون على حساب مصالح إسرائيل.
ويوضح ميلمان بأنه ثمة وسيلة أخرى، تأمل الحكومة الصهيونية في حدوث انعطافة، وهي ازدياد الهجمات على التجمعات السكانية، بالأساس في طهران، على أمل خلق تأثير الدومينو. طلب الجيش الصهيوني من سكان طهران الإخلاء، خصوصاً الذين يسكنون قرب القواعد والمخازن العسكرية. تم تجريب هذه المقاربة بدون نجاح كبير في لبنان وفي قطاع غزة، على أمل استخدام الجمهور ضغطاً على القيادة من أجل الاستسلام أو التنازل. وحتى لو كانت هناك إنجازات مؤقتة، فمشكوك فيه أن يؤثر هذا الأمر على دولة عدد سكانها 100 مليون نسمة، ومساحتها أكبر بثمانين ضعفاً من مساحة إسرائيل.
ويؤكد ميلمان، بأنه من المحظور أن تصل الدولة العبرية إلى حرب استنزاف يصعب عليها الصمود فيها. الجمهور مستعد لتحمل إطلاق الصواريخ على الجبهة الداخلية، لكن محظور على القيادة الأمنية والسياسية استغلال مناعة الجبهة الداخلية إلى ما لا نهاية. على الدولة العبرية السعي إلى انهاء الحرب والاكتفاء بالإنجازات المبهرة التي حققتها حتى الآن وأن تحرك بواسطة الرئيس الأمريكي عملية تؤدي إلى تسوية مع إيران.
وينقل الصحفي ميلمان عن مصدر رفيع في الموساد، طلب عدم ذكر اسمه، وهو لا يكثر من الظهور في الأستوديوهات، قوله: "الحرب تقاس استناداً إلى نهايتها، وليس حسب ضربة افتتاحية ناجحة. آمل حدوث اتفاق على إنهاء العملية مع الولايات المتحدة، لأنه خلافاً للدولة العبرية، هناك مفاوضات تجري في العالم بعد الحرب”. المصدر نفسه، عبر عن الخوف من أن تجد الدولة العبرية نفسها في وضع يتعين عليها فيه في المفاوضات أن "تدفع ثمناً مؤلماً وقاسياً". ربما قصد المصدر الطلبات التي ربما ستطرح ويطلب منها التنازل عن جزء من قدرتها النووية. وكبديل، إذا استمرت الحرب ربما تفحص الدولة العبرية استخدام السلاح الاستراتيجي، مثلما طرحت أصوات ذلك عشية حرب الأيام الستة في أيار 1967، أو في العقد الأخير، عندما دعا البروفيسور بني موريس إلى قصف إيران بالسلاح النووي.