كشفت
الإذاعة الإسرائيلية العامة في تقرير مفصل لها أن العلاقات التجارية بين تل أبيب
وطهران في العقدين الماضين لم تقتصر على ما نشر مؤخراً عن صفقات تجارية بين شركة
الأخوة عوفر مع شركات نفط إيرانية.
مشيرة
إلى أن خبراء إسرائيليين في مجال الزراعة ورجال أعمال وأكاديميين ينشطون في إيران
على مدار تلك الأعوام, وقد ازدهرت تلك العلاقة عندما كان أرئيل شارون يتولى منصب
وزير البنى التحتية في عهد حكومة نتنياهو الأولى عام 1996.
وذكرت
الإذاعة أن تقديرات المخابرات الأمريكية بعد الانقلاب على الشاه عام 1979م كانت
تشير منذ البداية إلى اختلاف جوهري بين المؤسسات الاقتصادية القائمة في إيران وبين
نظام الحكم الجديد, وحينها قرر البنتاغون تطوير بنية تحتية لعلاقات اقتصادية مع
إيران.
وقال
الدكتور سولي شهفار رئيس مركز دراسات ايران والخليج العربي في جامعة حيفا,
"إن عائلة عوفر ليست وحدها, فنحن نعرف عن أشياء معلومة مثل قضية ناحوم منبر
الذي كانت له علاقات مع إيران على مدار سنوات بعلم السلطات الإسرائيلية دون أن
تعتقله, وأعلم أن هناك شركات لها علاقات مع إيران بطريقة أو أخرى وأقدر أن السلطات
الإسرائيلية على دراية بجزء من هذا الحراك التجاري".
وأشارت
الإذاعة إلى أن البنتاغون أسس في بداية تسعينات القرن الماضي لجنة برئاسة ريتشرد
شيفتر, و رونالد نيومان, وكانت هذه اللجنة تجتمع سرا كل ثلاثة شهور في القاهرة و
لندن و لاغوس عاصمة نيجيريا, وحينها كان الرئيس الايراني محمد خاتمي يدعم تطوير
بنية تحتية لعلاقات اقتصادية مع الدول الغربية وساعدته في ذلك ابنة الرئيس السابق
هاشمي رفسنجاني التي كانت تشغل منصب المبعوثة الإيرانية لهذه اللجنة, وكذلك كانت (إسرائيل)
لها ممثل في هذه اللجنة.
وكان
ارئيل شارون المسئول عن الاتصال مع هذه اللجنة أثناء شغله لمنصب وزير الإسكان,
وعند تعين شارون في منصب وزير البنى التحتية في حكومة نتنياهو عام 1996م طرأ تغيير
كبير حيث طلب شارون حينها تعزيز العلاقات مع إيران.
وخلال
تلك الفترة ناقش الممثل الإسرائيلي في اللجنة ديون إيران المستحقة على (إسرائيل)
التي زادت عن 800 مليون دولار وذلك منذ فترة الشراكة في خط أنابيب البترول ايلات
عسقلان, وعقب قطع العلاقات لم تسد (إسرائيل) الدين المستحق عليه, وقد طلبت إيران من (إسرائيل) سد هذا الدين
بالإضافة إلى تعويضات.
وحينها
اتفق ارئيل شارون مع روسيا على أن تشتري روسيا الدين مقابل هذا تتلقى إيران أشياء
تساوي في قيمتها هذا الدين مثل الوسائل القتالية وأيضا إصلاح وسائل قتالية وبيع
السلاح لإيران وأهم الأمور التي اتفق عليه تطوير طائرات الفانتوم التي كانت
تمتلكها إيران في ذلك الوقت وهذا الأمر كان بين عامي 1996م - 1998م علماً أن عمليات تطوير الطائرات وإصلاحها تمت
في روسيا بإشراف متخصصين تقاعدوا من عملهم في الصناعات الجوية الإسرائيلية.
وأشارت
الإذاعة إلى أن اللجنة الأمريكية كانت على إطلاع على جوهر الأمور وحينها طلبت
إيران من طرف ثالث أن يناقش ارئيل شارون مع الأمريكان إمكانية بلورة صفقة لرفع
الحظر عن بعض الأملاك الإيرانية في الولايات المتحدة مقابل وقف إيران تمويل
الاستشهاديين.
وذكرت
الإذاعة أنه بعد تولي ارئيل شارون منصب رئاسة الوزراء طلب من مسئولين روس أن
يكونوا وسطاء بين (إسرائيل) وإيران, وحينها انتعشت العلاقات الاقتصادية بين (إسرائيل)
وإيران, مشيرة إلى أن تعاون الأمريكان ساهم في تعزيز التبادل التجاري مع إيران,
علما أن ذلك كان خلال فترة تولي احمدي نجاد للحكم في إيران.
ولفتت
الإذاعة العامة إلى أن أبرز الدلالات على هذا التعاون كان عندما سمحت وزارة
الزراعة الإيرانية لـ16 مستشار زراعي إسرائيلي بدخول إيران من اجل العمل في اقليم
بوشير على نشاء حقول زراعية في الإقليم.
وحينها
وصل الإسرائيليون لإيران من أمستردام "عاصمة هولندا" وهناك تلقوا
تأشيرات خاصة من أجل دخول إيران, وحينها كانت الجهات الرسمية على اطلاع بهذا
الأمر, وقد مكث المستشارين في إيران أسبوعين وعند عودتهم لم يتم تقديم لائحة اتهام
ضدهم أو محاكمتهم وتم غض الطرف بشكل رسمي عن هذه المهمة.
وبعد
ذلك ضرب طهران زلزال مدمر و تضررت كثير من البنى التحتية وقد تكرر توجه الإيرانيين
لارئيل شارون عبر طرف ثالث وطلبوا من شركة "تاهل" الإسرائيلية التي
بحوزتها نسخ من خرائط البنية التحتية للصرف الصحي في طهران وذلك منذ الفترة التي
كانت تعمل فيه الشركة في إيران في ظل حكم الشاه.
وقد
قام خبير إسرائيلي يدعى "ن,و" وكان يبلغ حينها من العمر 65عام بالسفر من
(تل أبيب) إلى أوروبا و بحوزته الخرائط و ساعد الإيرانيين بشكل كبير وعند عودته
لإسرائيل, نشر في وسائل إعلام إيرانية أنه تم الإفراج عن 8 يهود إيرانيين كانوا
معتقلين بتهمة التجسس لصالح (إسرائيل) .
وسبق
أن نشرت الإذاعة العامة أن كبرى الشركات الإسرائيلية في مجال الأدوات الزراعية
تنشط في أكثر من 120 دولة, تملك علاقات تجارية مع إيران, حيث تشتري الأخيرة قطع
غيار لأنظمة تنقية المياه وإعادة تكرير المياه العادمة وتشتري أيضا بذور جميع
مزروعات الخضار.
ومؤخرا
توجهت إيران (لإسرائيل) عبر شركة وهمية في الصين من اجل شراء منظومة صنعتها شركة
إسرائيلية من المنطقة الصناعية رمات هاشرون, وهذه المنظومة توفر جدار وهمي من اجل
حماية العربات الحكومية للمسئولين الإيرانيين.
وذكرت
الإذاعة أن التجار الإسرائيليين يشترون المكسرات من إيران, وهي تصل إلى (إسرائيل) عبر
تركيا, وما يثير الاهتمام انه هناك تجار إسرائيليين يقومون بتسويق المكسرات
الإيرانية في اسبانيا والبرتغال وهولندا, كما ينفرد الإسرائيليين بتسويق السجاد
الإيراني عن طريق الأردن و تركيا و قبرص.
وقبل
نحو خمس سنوات التقى في أثينا أكاديميين إيرانيين وإسرائيليين وقاموا بمحاكاة
سيناريو مفاوضات بين الدولتين وتم توثيق اللقاء وهو محفوظ حاليا في الأرشيف
الإسرائيلي في (تل أبيب).
يذكر
أن جورج بوش أعطى منذ توليه الرئاسة الأمريكية الضوء الأخضر للعلاقات بين (إسرائيل)
وإيران, بينما شهدت تلك العلاقات حالة من الركود أثناء تولي بيل كلينتون الرئاسة
في واشنطن, وفي حين تولى جورج بوش الابن كان هناك اتفاق بينه وبين أرئيل شارون على
الفصل بين نظام الحكم في إيران والمؤسسة الاقتصادية, ولكن في نهاية فترة بوش
الرئاسية تم حل اللجنة التي تأسست عام 1991م ونقلت صلاحيات الأمور إلى المستشار
الاقتصادي للبيت الأبيض, ومنذ تولي باراك أوباما الرئاسة لم يتم بحث أمر اللجنة
ونحي الموضوع جانبا.