لا
يزال رجل الأعمال الهارب حسين سالم يشكل الحلقة المفقودة الأهم في معرفة كل تفاصيل
عمليات الفساد التي تمت في عهد النظام السابق، والتي ربما تكون المفتاح للوصول إلى
أموال مصر التي هربها الرئيس المخلوع حسني مبارك وأسرته إلى الخارج والتي يصعب تتبع
الكثير منها.
حسين
سالم (77 عاماً) الصديق المقرّب لمبارك منذ سنوات وجودهم في سلاح الجو المصري وكاتم
أسراره، يعد أول الهاربين من مصر قبل سقوط النظام حيث استشعر الخطر وهرب يوم 3 فبراير/شباط
الماضي بعد اندلاع الثورة المصرية بعشرة أيام، وأحيل بعد سقوط النظام إلى محكمة الجنايات
لارتكابه جرائم الإضرار بمصلحة البلاد وإهدار المال العام.
الوجه الخفي لمبارك
حسين
سالم لم يكن سوى واجهة في صفقات تجارة السلاح التي وراءها الشريك الخفي مبارك. هكذا
قال عنه الخبير الاقتصادي بالجهاز المركزي للمحاسبات الدكتور عبد الخالق فاروق الذي
أكد أنه الرجل الذي بدأ به الرئيس المخلوع أنشطته في مجال تجارة السلاح، وذلك منذ أن
كان مبارك نائباً للرئيس الراحل أنور السادات.
وأكد
فاروق أن حسين سالم هو المفتاح الرئيسي لفهم كل التحركات السياسية والاقتصادية والأمنية
لمبارك، موضحا أن الاثنين أسسا مطلع الثمانينيات بعدما قررت الإدارة الأميركية منح
معونة سنوية لمصر عام 1979 شركة لخدمات النقل باسم "أسكو"، وهي شركة مصرية
أميركية وكانت تضم عناصر من المخابرات الأميركية، وذلك وفق طلب الولايات المتحدة.
وأضاف
أن هذه الشركة كانت الغطاء لكل العمليات غير المشروعة التي قام بها مبارك الشريك الخفي
لحسين سالم الذي كان في الواجهة هو ومنير ثابت الأخ الشقيق لسوزان ثابت زوجة مبارك.
ويشير
فاروق إلى أن مبارك تورط في صفقة السلاح الليبية "ميراج" عام 1970/1971 عندما
كان وقتها قائد القوات المصرية، وأدار تفاوضا للسلاح وطلب عمولة كبيرة، وسجلت المخابرات
الفرنسية ذلك بالصوت والصورة، وتم رفع الموضوع إلى الرئيس الفرنسي فرانسوا ميتران قبل
أول لقاء له مع مبارك بعدما أصبح الأخير رئيسا للجمهورية.
رجل المهام القذرة
الخبير
الاقتصادي يصف حسين سالم بأنه رجل المهام السرية "القذرة" التي شارك فيها
مبارك، وأنه بعدما التحق بجهاز المخابرات كان وسيلة لاصطياد مبارك عام 1983 حيث اكتشفت
وزارة العدل الأميركية تلاعباً في فواتير شركة "أسكو"، وأعدت واشنطن قائمة
اتهام تضمنت كل المسؤولين عن هذا التلاعب بمن فيهم مبارك، وشكّل البيت الأبيض لجنة
من ممثلين لوزارتي الخارجية والعدل و16 قيادة أميركية أخرى، وبعد تشاور قررت القيادات
المجتمعة الاكتفاء بتوقيع الغرامة المالية على حسين سالم حتى لا تتأثر علاقتهم بمبارك،
ومنذ ذلك الحين جرت السيطرة على مبارك من قبل الولايات المتحدة.
ويضيف
فاروق أن حسين سالم كان همزة الوصل بين مبارك والكيان الصهيوني في عدة موضوعات، أبرزها
تصدير الغاز الطبيعي للكيان الصهيوني. ومنذ عام 1986 كان حسين سالم ومبارك ينشئان شركات
ثم يجبران القطاع العام على شرائها بأضعاف ثمنها الحقيقي، ثم يشتريان شركات أخرى ويبيعانها
للقطاع العام وهكذا.
ويشير
الباحث المصري إلى أنه في عام 1986 أنشأ حسين سالم شركة "نيدور" وكانت حصته
فيها 56%، وكان الشريك الصهيوني يمتلك أكثر من 30% من الأسهم، ثم تم إجبار البنك الأهلي
المصري الحكومي على شراء حصة حسين سالم من أسهم الشركة بقيمة مضاعفة عشرات المرات للقيمة
الحقيقية للسهم، وتم إجبار هيئة البترول المصرية على شراء حصة الشريك الصهيوني أيضا
بأضعاف قيمة السهم، حتى حقق هو والشريك الصهيوني مكاسب ضخمة جدا على حساب المال العام
المصري، وكل ذلك بإسناد من مبارك.
ويكشف
فاروق النقاب عن أن حسين سالم أحد أهم أدوات غسيل الأموال لمبارك وأسرته، حيث يؤسس
لهم الشركات ثم ينسحب منها ويبيعها للقطاع العام ويحول أموالها إلى الخارج ويخفيها
في عدة عواصم ومدن منها قبرص وأثينا ولندن ومونتي كارلو، مضيفا أن حسين سالم ابتكر
نظام "of sure"، وهو نظام مبتكر لكيفية إخفاء الأموال، وقد تعلمه علاء وجمال
مبارك على يد سالم.
وبرأي
خبراء اقتصاديين فإن حسين سالم هو مفتاح الشبكة العنكبوتية من العلاقات المشبوهة بين
نجلي مبارك وعدد من الأمراء الخليجيين، مشددين على أنه في ظل الوضع الرخو الحالي لمصر
فإن الحكومة المصرية لن تستطيع الوصول إلى حسين سالم لأن المجلس العسكري سيكتفي بإجراءات
شكلية.
ويؤكد
هؤلاء الخبراء أن عدم وجود ثوار بين صفوف الحكومة وعدم ضمها لأي وزراء ينتمون للثورة،
فإن ذلك سيؤدي إلى عجز الحكومة عن تعقب هذا الرجل الذي كان هو وعمر سليمان أحد أسباب
الاختراق الأمني من قبل أجهزة الاستخبارات الصهيونية.
المصدر: الجزيرة نت