طائفة
الشبيحة في سوريا
مع
انطلاق حركات التغيير العربية طفت على السطحِ مصطلحاتٌ أفرزتها
الثورات المتلاحقة؛ فبرزت دلالاتٌ جديدةٌ لمصطلحاتٍ قديمةٍ كانت معروفةً في كل بلدة
على حدة.
ومنها
مصطلح البلطجية في مصر والبلاطجة في اليمن ثم برز مؤخرا مصطلح الشبيحة في سوريا.
كلمة
الشبيحة ليست جديدة على اللغة الدارجة في سوريا ، وهي كذلك معروفة في شمال مصر بذات
المعنى السوري الذي يشير إلى وصف عناصرَ وأفرادًا يقومون بأعمال تنافي القانون دون
أيِّ حسابٍ أو رقيبٍ بسبب ارتباطهم بشخصياتٍ نافذةٍ في أجهزةِ الأمنِ أو الدولةِ،
ويذهب البعضُ إلى ربطها مباشرةً بأسماءَ تدخلُ في إطارِ الدائرةِ الضيقةِ للرئيس
بشار الأسد.
وعادةً
ما تُطلَقُ هذه الكلمةُ على أشخاصٍ يتمتعونَ ببنيةٍ بدنيةٍ قويةٍ تستخدمونها في
التسلط على الآخرين لحساب شخصيةٍ نافذةٍ تقوم بالنيابة عنه بالأعمال القذرةِ من ضرب
الخصوم والاعتداء على المنافسين في أي مجال كان.
وأصل
التسميةِ ليس معروفاً بدقةٍ، فهناك أقاويلُ تذكرُ أن التسميةَ تعودُ إلى أنَّّ
ممتهن التشبيح يظهر كالشبح لضحاياه، بينما أقاويلُ أخرَى تُعيدُ أصلهُ إلى نوعٍ من
السياراتِ كانت تلقّب بالشبح، بحيث درجت هذه العصابات على تصيد أصحاب هذه السيارات
ومصادرتها أو سرقتها منهم.
اتساع ظاهرة الشبيحة
وتشير
بعضُ المقالاتِ إلى أن هذه الظاهرةَ في سوريا اتسعت بشكلٍ تحولت معه إلى سمةٍ عامةٍ
تتخذُ أشكالاً عدةً منها التشبيح السياسي والمقصود به ممارسات السلطات بحق النشطاء
والمعارضين بزجهم في السجون، ومحاكم استثنائية خارج إطار القانون، ومنع سفرهم
واستدعاءهم وتهديدهم.
وكذلك
تفشت ظاهرة التشبيح الاقتصادي وسيطرة العصابات المدعومة سلطويًا على مختلف
الفعاليات والنشاطات الاقتصادية خارج إطار القانون والمنافسة الشريفة، وظاهرةُ
التشبيح الثقافي بفرض رموزٍ ثقافيةٍ بالقوة، وظاهرة التشبيح الإفسادي بحماية رموز
الفساد والفاسدين وترقيتهم.
ويقولُ
معارضونَ سوريون -في كتاباتهم المتعددة على مواقع إلكترونية- إن الأمرَ وبفعلِ
تغلغلِ الفسادِ في مفاصلِ الدولةِ ساهمَ في بروزِ ظاهرةِ التشبيحِ القضائيِ
باستخدامِ القضاءِ أداةَ لابتزاز المواطنين لشراء حريتهم وحقوقهم.
ويعتبر
الكثيرون إن كل هذه الظواهر جاءت من رحمِ ظاهرةِ التشبيحِ الشخصيِّ بمعنى وجود
عصابات محمية خارج إطارِ القانونِ تمارسُ ترويعَ المواطنينَ وابتزازهم مما يؤدي إلى
اختلال الموازين وزرعِ الفتنِ والاضطراب ونشوء نزاعاتٍ غير محمودةٍ.
تغير المعنى الدلالي
مع
انطلاق الاحتجاجات في سوريا واتساعِ رقعتها وما تخللها من سقوط ضحايا، اتخذت كلمة
الشبيحة معنى مباشرًا يعادل في دلالاته مصطلح البلطجية في مصر أو البلاطجة في اليمن
في إشارةٍ إلى مجموعاتٍ مسلحة تقوم بإطلاق النارِ على المحتجين.
بالمقابل
استخدمت وسائل الإعلام الرسمية تعبيرًا مضادًا أطلقت عليه اسم المندسين أو المخربين
المرتبطين بمؤامرةٍ خارجيةٍ في حين يقول المعارضون إن هذه التسمية ليست سوى محاولة
لتقديم المبرر لاستخدام الحل الأمني ضد الاحتجاجات المناوئة للنظام.
لمصلحة من ؟
اتهمت
جماعات معارضة الشبيحة بتبعيتها لشخصيات نافذةٍ مواليةٍ للنظام السوريِّ ولكنها
تدخل في دائرة الصقور واستشهدت على ذلك بما جرى في مدن اللاذقية وبانياس ودرعا وحمص
حيث سقط العديدُ من القتلى.
ويستخدم
الشبيحةُ العصيَّ والسكاكينَ وآلاتٍ حادةٍ وأحياناً السلاح الخفيف مع الإشارة إلى
أن تلك المجموعات ليس لها هيكل مؤسساتي معروف أو تنظيم تسير عليه، لذا لا يمكن
تحديد أعداد أفرادها، لكن التقديرات تشير إلى أنهم ما بين خمسة إلى عشرة آلاف شخص،
يتركزون في مناطقَ جغرافيةٍ تعرفُ بولائها للنظام.