هل عاد كسرى إلى إيوانه؟!
في عهد الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن وبعد عقود من حصار العراق نجحت
واشنطن في إسقاط النظام العراقي السابق بزعامة صدام حسين وجلبت للعراقيين
ديمقراطيتها المبتكرة على ظهور الدبابات ونتيجة لتلك الديمقراطية قتل مئات الآلاف
من العراقيين وشرد الملايين ما بين نزوح داخلي وخارجي وأصبحت البلاد تعج بالفوضى
والفساد والفقر ولا يرى النعيم فيها سوى من يوالي المليشيات الإيرانية.
في أول زيارة وصفتها وسائل الإعلام الموالية لإيران في العراق بــ"التاريخية" يحط
الرئيس الإيراني حسن روحاني أقدامه في بغداد بهيبة المنتصر وصاحب القرار حتى تجرأ
على زيارة مدينة الكاظمية للصلاة في قبور المراجع قبل استقباله الرسمي من قبل
الرئيس العراقي برهم صالح. في تصرح له قال روحاني" إن الزيارة هدفها توقيع عدد من
الإتفاقيات الاقتصادية".
قبل أيام من زيارة روحاني دعا وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف العراق إلى
إلغاء التأشيرات المفروضة على الإيرانيين وزيادة عددها، وطرحت أصوات إيرانية
إمكانية الضغط على العراق لتغيير إتفاقية الجزائر الموقعة بين البلدين عام 1975م.
لذلك يمكن إعتبار زيارة روحاني للجزائر بالتزامن مع الضغط الأمريكي على النظام
الإيراني تشكل منعطفاً خطيراً في ميزان العلاقات بين البلدين، وهي زيارة تعزيز نفوذ
أكثر من كونها في سياق تفعيل العلاقات بين البلدين. فقد أصبحت العراق منذ سقوط
نظام صدام وبفضل من الاحتلال الأمريكي تتبع تبعية كاملة لإيران عسكرياً وإقتصادياً
بل إن موارد العراق وإقتصادها ينهب ويدمر لإنقاذ الاقتصاد الإيراني حتى أصبحت
الأسواق العراقية مرتعاً لتجار إيران وبضائعها الفاسدة. ذكرت وكالة الأنباء
الإيرانية"إيسنا" أن الرئيس برهم صالح أكد وجود مفاوضات حول تعديل "اتفاقية
الجزائر" لعام 1975 واتفاقيات أخرى ستطرح خلال الزيارة. والإتفاقية المذكورة ألغاها
الرئيس العراقي صدام حسين قبل إندلاع الحرب العراقية- الإيرانية لإعتبارها مجحفة في
حق العراق الذي وافق على شروطها في ظل ظروف صعبة وقاسية كان يمر بها العراق.
ففي السادس من مارس 1975 أعلن الرئيس الجزائري هواري بومدين في نهاية اجتماعات قمة
الدول المصدرة للنفط (الأوبك) أن العراق وإيران قد توصلا إلى اتفاق بشأن حل
الخلافات الحدودية بينهما، وقد وقع العراق الإتفاقية لتجاوز تمرد كردي مدعوم
إيرانياً مقابل التنازل عن حقوقه في شط العرب.
ويقول الباحث العراقي، أيمن الشمري، إن تفعيل الإتفاقية يضر بمصلحة العراق ويسمح
لإيران بالهيمنة على موارده المائية. في ظل الفوضى القائمة تستغل إيران الوضع
العراقي لتثبيت وجودها ومن خلال تتبع الأحداث سنجد شواهد كثيرة متعلقة بالإقتصاد و
الأمن تغيرت على العراق أبرزها ترسيخ المليشيات التابعة لإيران قوتها، فقد كشف
الحشد الشعبي عن تأسيسه لجهاز طيران يعمل ضمن تشكيلاته العسكرية، وتلك ليست تفصيلاً
صغيراً على هامش إقدام السفير الصربي في العراق، أوروش بالوف، بزيارة المرجع الشيعي
محمد سعيد الحكيم و تقبيل يده!
كذلك قام الملحق العسكري الإيراني في العراق مصطفى مراديان برعاية إتفاقية بين
المليشيات الشيعية التي تدير كربلاء لعدم الإقتتال فيما بينها.
والأخيرة أكدت على قول العميد حسين سلامي، نائب قائد الحرس الثوري الإيراني، بأن
إيران صاحبة قوة في العراق مبنية على أسس ثورية. العراق لم تكن وحدها التي باعها
رخاص القوم إلى مليشيات الفرس فقد فعل بشار الأسد نفس الفعلة حتى أصبحت تطالب إيران
بحصتها المالية من السوريين، فقد صرح رئيس لجنة الأمن القومي بمجلس الشورى
الإيراني، حشمت الله فلاحت بيشه، بأن دمشق عليها ديون مالية كبيرة لإيران ويجب
إقرارها بشكل قانوني، فمقابل قتلها لمئات الآلاف من السوريين والعراقيين ترى إيران
أن لها الحق بالحصول على مقابل سخي!