أسباب تؤكد قرب ضربة أمريكية لإيران؟!
1- التغييرات في الإدارة الأمريكية
في أكتوبر عام 2015 تم إقرار إتفاق مع إيران بموجب خطة العمل المشتركة (JCPOA) والتي وافقت بموجبها الولايات المتحدة إلى جانب قوى غربية أخرى على تخفيف العقوبات على إيران مقابل مراقبة شديدة وصارمة لبرنامجها النووي، هذا الاتفاق من وجهة نظر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والذي تقع على عاتقه مسؤولية تمديده في شهر مايو المقبل، لا يمنع إيران من تطوير برنامجها النووي بل فقط يؤخرها لبعض الوقت. مؤخراً أطلق ترامب تهديدات أكد فيها إنه إذا لم تنجح الأطراف المشاركة في الاتفاق بتعديله فإنه سيلغيه، وعقب تلك التهديدات قام بتعيين مايك بومبيو رئيس الإستخبارات المركزية الأمريكية وزيراً للخارجية بدلاً من ريكس تيلرسون بالإضافة إلى تعيين جون بولتون مستشاراً للأمن القومي بديلاً عن هربرت مكماستر الذي دعا ترامب إلى تمديد الاتفاق النووي مع إيران. في مقالة نشرت في مارس 2015 في صحيفة نيويورك تايمز، قال جون بولتون " الحل الوحيد لوقف القنبلة الإيرانية، قصف إيران". لكن هل سيلجيء ترامب إلى الإطاحة بوزير دفاعه جيمس ماتيز و دان كوتس مدير الإستخبارات الوطنية لرفضهما إلغاء الاتفاق مع إيران؟!.
لذلك يجب التأكد أنه في حال فشلت مساعي ترامب في تهيئة الأوضاع لتوجيه ضربة عسكرية لطهران فإن هناك عدة خيارات يمكن اللجوء إليها، وهي:
- خلال الأزمة النووية لجأت واشنطن إلى فرض عقوبات مختلفة على إيران أبرزها تجميد حسابات مالية لشخصيات إيرانية، ومعاقبة الشركات والبنوك التي تتعامل مع إيران، وفي حال رفضت واشنطن تمديد الإتفاق في مايو المقبل من المتوقع أن تعيد تلك العقوبات مرة أخرى.
-السيناريو الآخر وهو أن تتركز العقوبات الأمريكية على الشركات الإيرانية فقط وليس الشركات التي تتعامل مع إيران تجنباً لإغضاب شركاء واشنطن الأوروبيين الذين بدأت شركاتهم تستثمر بصورة كبيرة في إيران.
- أما الحل الثالث الذي يرجح أن يرضي ترامب وجميع المؤيدين للإتفاق في إدارته وهو إنسحاب واشنطن من الاتفاق ومواصلة التهديد بتنفيذ ضربة عسكرية.
2- مناورات درع الخليج
بالنسبة للمنطقة العربية ودول الخليج خصوصاً فإن التهديد الإيراني الذي سمع صداه من خلال الصواريخ التي أطلقتها جماعة الحوثي من اليمن بإتجاه مدن سعودية عدة لا يوجد له مخرج بإستثناء تشجيع وتحفيز ضربة أمريكية تردع التغول الإيراني في المنطقة، بالإضافة إلى الإجراءات الوقائية التي تقوم بها المملكة العربية السعودية من خلال تعزيز بنيتها الدفاعية وحماية حدودها الجنوبية من الهجمات الحوثية، بالإضافة إلى ما أقدمت عليه مؤخراً وهو مناورات درع الخليج التي انطلقت في 20/مارس الجاري في منطقة الجبيل شرق المملكة بمشاركة 23 دولة عربية وإسلامية وجميعها ضمن التحالف الإسلامي الذي أعلن عن تشكيله سابقاً. وتقول المملكة إنها تسعى من خلال هذه المناورات إلى الاستفادة من تراكم الخبرات بصورة مستمرة وتعزيز الجاهزية العسكرية والأمنية في مختلف الظروف لحفظ الأمن والاستقرار في المنطقة.
3- مناورات "جنيفر كوبرا"
إنطلقت في الكيان الصهيوني بتاريخ 4/مارس/2018 مناورات "جنيفر كوبرا" وشارك فيها 2500 جندي أمريكي من القوة الأمريكية المتمركزة في أوروبا، واستمرت لمدة أسبوعين وتضمنت تدريبات على استخدام أنظمة الدفاع الصاروخي "آرو" والقبة الحديدية وباتريوت ومنظومة مقلاع داوود التي بدأ الجيش الصهيوني باستعمالها العام المنصرم، وقالت الحكومة الصهيونية إن هدف المناورات الإستعداد لأي ضربات قد تأتي من إيران. وبالتزامن مع ذلك، فقد شكر وزير الجيش الصهيوني أفيغدور ليبرمان واشنطن مؤخرا على تقديم مساعدات عسكرية لتعزيز النظام الدفاعي الصاروخي بقيمة 705 مليون دولار لتعزيز البنية الصاروخية للتصدي لأي هجمات قادمة من إيران وحزب الله وسوريا. و الدعم الأمريكي الأخير لا يقع ضمن المساعدات العسكرية السنوية التي تقدمها واشنطن للدولة العبرية وتبلغ قيمتها 3.1 مليار دولار. مستشار الأمن القومي الصهيوني السابق لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو،عوزي أراد، يقول "إن هناك احتمال أن تخرج الامور عن السيطرة مما قد يؤدي إلى مواجهة عسكرية مع ايران."
4- أزمة طرد الدبلوماسيين الروس
خلال الأيام القليلة الماضية بدأت بريطانيا والولايات المتحدة وعددا كبيراً من دول الجبهة الغربية بطرد أكثر من 100 دبلوماسي روسي على خلفية محاولة اغتيال الجاسوس الروسي السابق سيرجي سكريبال في فبراير الماضي بإستخدام غاز الأعصاب على الأراضي البريطانية، التحركات الدبلوماسية اعتبرت في سياق حملة تضامن غربية مع بريطانيا وإشعال حرب باردة مجدداً بين الخصوم القدامى، بينما أشارت بعض المواقع الإخبارية ومنها " standard " البريطاني إلى أن ما حرك الغرب هو القلق من النشاط الإستخباري الروسي المتزايد في بلادهم. لكن هناك تفاصيل أخرى متعلقة بالصراع الغربي مع روسيا. في 15 فبراير الماضي صرح نائب السفير الروسى لدى الكيان الصهيوني ليونيد فرولوف معقباً على إسقاط طائرة إستطلاع إيرانية فوق الأجواء الصهيونية، قائلا" في حال تعرض إسرائيل لعدوان، ليس فقط الولايات المتحدة ستقف إلى جانبها، بل روسيا أيضاً، ستكون فى جانب إسرائيل، الكثير من مواطنينا يعيشون هنا، وإسرائيل بشكل عام هي أمة صديقة"، لكن موقف نائب السفير يتنافض كلياً مع الواقع فالكيان الصهيوني طالب روسيا منع المليشيات الإيرانية من الإقتراب من حدودها وإنشاء مواقع عسكرية ومصانع للصواريخ في الأراضي السورية، لكن روسيا ماطلت في ذلك. يقول تقرير نشرته موقع "ديبكا" القريب من الإستخبارات الصهيونية بتاريخ 25/فبراير الماضي، إن الرسائل الروسية دائماً تأتي إلى الكيان لاصهيوني متناقضة، و الدليل على ذلك الواقع على الأرض في الحديقة الخلفية للكيان الصهيوني حيث يشيد الحرس الثوري الإيراني المزيد من المواقع، وعلى مايبدوا تسعى روسيا من وراء السماح بذلك لإستفزاز واشنطن. فواشنطن نشرت 2500 جندي على طول الحدود السورية العراقية تحدد من طموح إيران في إكمال جسر تواصل يصل بين سوريا و العراق و لبنان وإيران براً. ففي 7 فبراير الماضي قتل العشرات من المرتزقة الروس وهم يحاولون إختراق قاعدة عسكرية في دير الزور تابعة لقوات سوريا الديمقراطية حليفة واشنطن، و أقر الجيش الأمريكي بتنفيذ الغارة واعتبر ذلك تصعيداً حاداً بين الروس و الأمريكيين في سوريا.
في شهر ديسمبر 2017 كتب ألكسندر جيلينين، في صحيفة "روسبالت"،مقالة حول الضربة الأمريكية لإيران و إلغاء الاتفاق النووي قائلا:" فإيران سد شيعي يعيق تدفق التطرف الذي يمكن أن يطغى ويدمر الشرق الأوسط. واذا ما تمت هزيمة الايرانيين والمجموعات الشيعية في العراق أو سوريا، فسوف يتم إحياء تنظيم داعش"، ويضيف أن الكيان الصهيوني يسعى بوضوح إلى حرب مع إيران، لكن في نهاية الأمر ستلجئ واشنطن لتشديد العقوبات. وفي يناير الماضي حذر نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف الولايات المتحدة من التدخل في الشأن الإيراني عقب محاولة واشنطن طرح ملف الإحتجاجات الإيرانية في مجلس الأمن. لذلك من المواقف الروسية المتواصلة إزاء الملف الإيراني يمكن التأكيد أن روسيا لن تتساهل مع ضربة أمريكية لإيران، لا سيما وأن الطرفان لديهما شراكة إقتصادية قوية جداً خصوصاً فيما يتعلق بتصدير الغاز، وهذا الأمر يؤكد محاولات واشنطن إشغال و تحييد روسيا في منطقة الشرق الأوسط بعد أن أثرت على تدخلها في الملف السوري.
5- فساد نتنياهو وترامب و الهروب إلى الأمام
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يعاني من عدة ملفات تضعضع استقرار إدارته، أبرزه ملف التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية عام 2016 و الذي يشتبه بأنه كان لصالح تعزيز شعبية ترامب، بالإضافة إلى ملف الانتخابات فإن مجلة نيويوركر نشرت تقرير في 22 مارس قالت فيه إن ترامب الذي يخوض صراعاً حاداً مع المحامي الخاص المكلف من وزارة العدل بالتحقيق في ملف التدخل الروسي، يواجه الآن ثلاث دعاوى قضائية تتعلق بعلاقات غير مشروعة مع ممثلة أفلام إباحية تدعى ستيفاني دانيالز، بالإضافة إلى كارين ماكدوغالين وسيمر زرفوس.
أما بخصوص رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو فتلاحقه 4 ملفات فساد آخرها، "ملف 4000" وجميعها يتعلق بتلقي نتنياهو وعائلته أموال مقابل تسهيل صفقات لشركات خاصة مع قطاعات حكومية، وذكرت القناة العبرية الثانية أن ملف القضية المشار إليها، قد أحيلت إلى الشرطة بعد الأنباء التي تشير إلى ارتباط نتنياهو بشاؤول أولوفيتش صاحب موقع "واللا" الإلكتروني وشركة "بيزك" للاتصالات وغيرها من الشركات، والذي منح تسهيلات من نتنياهو لتسيير أعماله.وأشارت القناة إلى أنه تحوم حول نتنياهو شبهة تسهيل نشاط "بيزك" مقابل تغطية مؤيدة له على موقع "واللا" الأكثر شهرة في الكيان الصهيوني. وقد أجبر نتنياهو على الرضوخ لأحزاب اليمين الصهيوني التي تشكل أغلبية في حكومته بشأن ملفات مثل مشروع تجنيد طلبة المعاهد التوراتية وملف الإستيطان لذلك يبحث نتنياهو وترامب في هذه الفترة عن مشروع سياسي ينقذهما من الأزمات المحلية، ولا يوجد بالنسبة لكليهما أفضل من مشروع التصعيد مع إيران لا سيما وأن هذا التوجه لديه من يدعمه على الصعيد المحلي و الدولي.