• - الموافق2024/11/24م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
هل يدفع الفرس ثمن جريمتهم في سوريا والعراق؟!

هل يدفع الفرس ثمن جريمتهم في سوريا والعراق؟!


تخطت الإحتجاجات في إيران عدة أسابيع ولا تزال صامدة رغم عدم وجود قدرة كافية لتحليل عناصر القوة والضعف لهذه الظاهرة التي تميزت بإنطلاقتها الشاملة لعموم المدن الإيرانية بالإضافة إلى دعم الأقليات العرقية لها، كون المحرك الرئيسي لها التضخم والفقر وانتشار البطالة التي بلغت نسب فاقت 25% بحسب الإحصائيات الرسمية، بخلاف ملف شركات توظيف الأموال التي سرقت أموال الملايين من الناس في مدن مختلفة وبرعاية مسؤولين في الدولة، بخلاف احتجاجات 2009 التي تمركزت في طهران وقادها التيار الإصلاحي في سياق تنافسه مع المحافظين على السلطة.

إن أبرز ظاهرة يمكن استنتاجها من خلال مقاطع الفيديو والصور التي تبث هي تحطيم حاجز الخوف لدى المواطنين الإيرانيين، ورغم أن المظاهرات تجلب المزيد من المؤيدين يوماً بعد يوم ونهر الدم يتضخم وحالة القمع تتزايد إلا أننا لا يمكن أن نسلم بوجود إحتمالين لا ثالث لهما في هذا المقام، أولهما يتعلق بقمع تلك الإحتجاجات أو تحقيق المقصد الرئيسي منها والمتعلق بإسقاط نظام علي خامنئي،فهناك قائمة عريضة من العناصر التي يجب الركون إليها لتحليل ما يمكن وقوعه في إيران خلال الأيام المقبلة وسيتم الاستطراد في بعضها تالياً.

منح الغرب إيران فرصة كبيرة خلال الاتفاق النووي الذي بموجبه تم تخفيف العقوبات عنها وتدفقت مليارات الدولارات التي كانت تحتجزها وزارة الخزينة الأمريكية على الحكومة الإيرانية، لكن ذلك لم ينعكس بأثر إيجابي على الشعب الإيراني بل زاد من تدخل إيران في المنطقة المحيطة سواء في العراق أو سوريا أو اليمن، وهذا الأمر يؤكد أن إيران تلعب دور رمانة الميزان في السياسات الغربية في المنطقة، فبعد إسقاط صدام حسين شرعت إيران بحملة للقضاء على القوى السنية في العراق والتي كانت البديل الأبرز لنظام البعث في العراق، وهذا الأمر لم يكن أبداً مناسباً لرغبة الولايات المتحدة، لذلك أي ثورة قد تطيح بالنظام الديني في إيران سيتبعها تغير في موازين القوى في المنطقة وسيكون التأثير سلباً على المشروع العسكري الأمريكي. وكذلك الأمر بالنسبة لسوريا و لبنان فإن من أولويات الولايات المتحدة والغرب أن توجد قوة تحمي أمن الدولة العبرية وتستمر بالحفاظ على استقرار الجبهة الشمالية للجيش الإسرائيلي، فسقوط حزب الله أو النظام السوري الذي دعمته إيران منذ بداية الثورة السنية عليه كان يعني وجود بديل سني سيكون في توجهاته مختلف تماماً مع أولويات واشنطن في المنطقة.

قدم نظام خامنئي في إيران خدمات جليلة للقوى الغربية التي تحارب الجماعات الإسلامية المسلحة أبرزها تقديم معلومات إستخبارية في عهد الرئيس محمد خاتمي للأمريكيين عام 2001 حول أهم مواقع حركة طالبان و تنظيم القاعدة في أفغانستان، كما فعلت الأمر نفسه مع النظام العراقي إثر إسقاط الأمريكيين لنظام صدام حسين، كما تمثل إيران بقوتها الحالية وسيلة ضغط تكبح جماح التوسع التركي في منطقة الشرق الأوسط.

سبب أخر سيجبر النظام الديني في إيران على الأندفاع لقمع الثورة الحالية بكافة الطرق وعدم التسليم لها يكمن في كونها  فرصة ذهبية للأقليات مثل عرب الأحواز والأكراد والأذريين والبلوش وغيرهم لرفع سقف مطالبهم لمهادنة النظام أو الإستمرار في الضغط عليه، وفي ظل استمرار العالم الغربي للنظر إلى مصالحه وتفضيلها على حقوق البسطاء والأقليات المضطهدة في إيران فسيستمر الموقف الغربي مقتصراً على إمساك العصا من المنتصف لحين ترجيح كفة الميزان لصالح أحد الطرفين.

ستنشغل الأجهزة الأمنية الإيرانية في البحث عن وسائل لقمع المظاهرات، بينما من المفترض أن تنشغل أجهزة الاستخبارات التابعة للدول الغريمة لإيران لإيجاد طرق تدعم الأقليات داخل إيران، بالإضافة إلى المشاركة في إعادة تركيب المعارضة الإيرانية وإحداث نفوذ لها ضمن الحالة الثورية تمكنها من توجيه الشارع و دعمه وتصعيد فعالياته.

علي خامنئي هو امتداد لنظام الخميني الهالك الذي انقلب على الشاه محمد رضا بهلوي عام 1979م وقد نفذ الإنقلاب بعد صراع مرير بين اللوبي الأمريكي في إيران والذي كان يحكم بقوة الحديد وبين المراجع الدينية التي أسست لها قواعد شعبية معتمدة على عثرات النظام الحاكم، وبساطة الفقراء والمقهورين من القمع، لذلك خارطة إيران الديمغرافية خارطة واسعة لم يبرز منها سوى الفرس الذين يتنقلون السلطة فيما بينهم، و أي ديمقراطية قادمة لإيران يمكن أن تؤثر على نفوذهم وسطوتهم ولن تكون في صالحهم ولا حتى في صالح الغرب، لذلك سيكون الخيار الوحيد أمام الفرس كقومية الخضوع و القبول بإصلاحات إجرائية تنفذها سلطات علي خامنئي قبل اللجوء للقوة، فالمليشيات الإيرانية نشرت القتل في كل مكان في العالم العربي بحثاً عن النفوذ ولن يضيرها قتل المزيد من الأكراد أو البلوش أو التركمان أو الأذريين للحفاظ على سلطتها.. بالإضافة إلى كون جزء كبير من ميزانية الدولة الفارسية يتم تخصيصة بلا رقيب لمراكز التعليم الديني التي يشرف عليها المعممين ورجال خامنئي في الميدان، وهم يعتبروا الطبقة المخملية في المجتمع الإيراني و قد استطاعوا تكوين امبراطورية اقتصادية وأمنية ضخمة يشرف عليها الحرس الثوري ولن يتنازلوا عن هذا الملك إلا بقهرهم.

 

أعلى