• - الموافق2024/11/05م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
الشيعة في البحرين

الشيعة في البحرين

من التناقضات الغريبة التي تواجه الدارس للواقع السياسي الشيعي في البحرين: قلة اعتناء الرأي العام الشيعي بما يحدث في ذلك البلد مقارنة بدول أخرى، مثل: العراق، ولبنان، واليمن، بل إن التفاعل الذي يبديه شيعة البحرين مع القضايا الشيعية الخارجية، يفوق بمراحل تفاعل التجمعات الشيعية الأخرى مع قضاياهم المحلية.

لذا فإنه من المألوف أن تُنظِّم التيارات الشيعية في البحرين تظاهرة أو حملة تبرعات من أجل دعم حزب الله، لكن في المقابل لم تُرصد أي فعاليات جماهيرية في مناطق التجمعات الشيعية الرئيسة تأييداً لمطالب إخوانهم في البحرين.

تقدم الرؤية التحليلية لهذه الظاهرة عدة أسباب، من أبرزها – وهو ما يتعلق بموضوع المقال - سببان:

الأول: إخفاق التيارات السياسية الشيعية في البحرين في تقديم قضيةٍ حقيقيةٍ للرأي العام الشيعي يتبلور حولها الخطاب السياسي الموجه للعالم الخارجي: ويتضح ذلك عند المقارنة مع التجمعات الشيعية الأخرى: ففي العراق - على سبيل المثال - كان الخطاب يتمحور حول الاضطهاد، وسلب حقوق «الأغلبية»، والتضييق على المرجعية، والقمع الدموي للمعارضة، وكان العالم الخارجي على استعداد لتقبُّل هذه المزاعم بالنظر إلى أداء النظام البعثي آنذاك.

وفي لبنان، تبنَّى حزب الله قضية «المقاومة» فنفث فيها ونفخ حتى تضخمت وتعاظمت، وفي اليمن نجح الحوثيون في إبراز قضيتهم من خلال الدخول في صراع مسلح مع الدولة نجم عنه ما يشبه الحكم الذاتي، أو المناطق الشيعية المغلقة.

أما في البحرين، فلم يكن هناك عدو على الحدود كي تنشأ مقاومة، ولم يقدم النظام ما يمكن أن يُدعِّم «خطاب المظلومية» المعتاد في الثقافة الشيعية، بل تمتع شيعة البحرين بدرجة من الحرية في ممارسة الشعائر الدينية وإقامة الجمعيات والمؤسسات حتى بات بعض نظرائهم في دول أخرى يحسدونهم على تلك النعمة، ومن ثَمَّ كان طبيعياً أن يُنظَر إلى دعاوى المظلومية التي يطرحها رموز وقيادات الشيعة في البحرين على أنها مجرد مناورات سياسية لنيل المزيد من المكاسب، وهكذا فإن الرأي العام الشيعي لا يصنِّف البحرين من الأساس على أنها منطقة «أزمة» بالمفهوم الشيعي.

الثاني: يمكن وصف المجتمع الشيعي في البحرين بأنه بيئة استيرادية إلى حد كبير: وذلك في مجال العلوم الدينية والفكر والحركة، فلم يُؤْثَر عن شيعة البحرين تخريج علماء كبارٍ وصولاً إلى مرتبة المرجعية العليا منذ مئات السنين، وأبرز علمائهم التاريخيين، هم: يوسـف البحراني (ت 1186هـ)، وحسين آل عصفور (ت 1216هـ) وكلاهما كان إخبارياً، ومن بعدهم لم يبرز عالِم تُشَدُّ إليه الرحال أو يُطرَح اسمُه في سياق المرجعية.

أما في مجال الفكر والحركة، فإن المجتمع البحريني ظل خاضعاً منذ خمسين عاماً وحتى الآن للموجات الثورية الشيعية الثلاث التي انبعثت من العراق وإيران، بدءاً بتيار المرجع الشيرازي المعروف باسم «التيار الرسالي» ثم تيار (حزب الدعوة - الصدر)، ثم الخمينية المنبعثة من إيران، ولم يُطرح في تلك الفترة أي بديل بحريني مستقل يمكنه كفاية الداخل أو جذب الخارج، مع أن الخمينية أفرزت عدة نماذج قابلة للتصدير في عدة دول، مثل: نموذج حزب الله اللبناني، ونموذج المجلس الشيعي الأعلى في العراق، لكن لم يحدث ذلك في البحرين وظل المجتمع الشيعي متطلعاً إلى الخارج متلقِّياً عنه؛ وهو ما انعكس سلباً عندما انتقلت الإشكالات الطائفية التي فجرتها تلك الموجات الثورية الشيعية من بلدانها الأصلية إلى البحرين.

البحرين والتسونامي الثوري:

الموجة الأولى: بدأت في العراق على يد «آية الله العظمى» محمد الحسيني الشيرازي منتصف الستينيات، وهو إيراني الأصل، (ت 2001م)؛ حيث تأسست «الحركة المرجعية» كتنظيم سري ثم تحولت إلى «منظمة العمل الإسلامي»، وأصبح أتباعها يُعرفُون باسم «الرساليون»، بلغت هذه الموجة شاطئ البحرين بواسطة رجل الدين هادي المدرِّسي (إيراني الأصل) الذي اضطلع بمهمة تأسيس مجموعات سرية تابعة للتنظيم الأم، وقام باختراق طبقات المجتمع الشيعي في البحرين مع التركيز على فئة الشباب، وكان التيار يتبنَّى أسلوب التثوير الجماهيري اعتماداً على ثقافة «المظلومية»، وتبنَّى تنظيمه لاحقاً أسلوب الانقلابات والعمل المسلح حتى تلقَّى ضربة قوية عام 1981م عندما اعتقل 73 من أنصاره بتهمة التخطيط لانقلاب تلقَّوا تدريباً عليه في البحرين.

الموجة الثانية: انبعثت من العراق أيضاً؛ حيث انتقل الفكر السري المرحلي لحزب الدعوة في مرحلة الستينيات إلى البحرين عن طريق الطلاب الدارسين في النجف، ومن أبرزهم الشيوخ البارزون: سليمان المدني، عبد الأمير الجمري، عيسى قاسم، وكان هؤلاء يدينون بالولاء للمرجع محمد باقر الصدر حتى إعدامه عام 1980م في العراق.

الموجة الثالثة: بدأت مع ثورة الخميني عام 1979م، وبلغت ذروتها في البحرين مطلع الثمانينيات عندما انخلع الدعويون من حزيهم القديم وتحولوا إلى خط الإمام (الخميني) ولا يزال أغلبهم كذلك حتى الآن.

خلاصة التجارب البحرينية في 45 عاماً:

طيلة خمسة عقود تقريباً جربت التيارات السياسية الشيعية في البحرين كل الوسائل ومنهجيات التغيير الممكنة؛ ففي حقبة السبعينيات غلب طابع التنظيمات السرية لكن في اتجاهين:

الأول: يهدف إلى تثوير الجماهير (الرساليون).

والثاني: يهدف إلى اختراق الجماهير وتنظيمهم، والسعي إلى السيطرة على الحكم عبر مراحل متدرجة (الدعويون).

وفي مطلع الثمانينيات تبنَّى الرساليون النهج العسكري في التغيير ثم تحول الدعويون إلى الدمج بين الأسلوب التنظيمي والجماهيري وبين معارضتي الداخل والخارج مع وجود جناح عسكري (حزب الله البحريني) في محاكاة لتجربة الخميني مع نظام الشاه.

لقد أثبت الرساليون إخفاقاً ذريعاً، بينما تصاعد النهج الآخر وصولاً إلى حقبة التسعينيات؛ حيث اندلعت الأحداث الدامية التي أطلق عليها البحرينيون «انتفاضة التسعينيات» التي كانت تقليداً للأحداث التي سبقت ثورة الخميني في إيران، لكن مع فارق أن جميع قادة المعارضة الشيعية انتهى بهم المطاف بين الاعتقال والمنفى.

وعَقِب وفاة الأمير السابق للبحرين الشيخ سلمان، وتولي ابنه مقاليد الحكم (الملك الحالي) بدأت ملامح الإصلاح السياسي، ووجد قادة التيارات الشيعية أنفسهم أمام خلاصة تجارب متعددة أنهكت مجتمعهم دون تحقيق نتائج تُذكَر، وجُلُّ ما تحقق هو إغراق البلد في أزمات متتالية منذ عام 1979م عندما دخلت إيران إلى الساحة السياسية في المنطقة، ومن ثَمَّ لم يبق أمام هؤلاء القادة إلا الخيار السياسي سبيلاً وحيداً متاحاً.

فكان أن تحول الرساليون إلى تأسيس جمعية العمل الإسلامي برئاسة الشيخ محمد محفوظ، واندمج الدعويون واتباع خط الإمام في جميعة الوفاق (تأسست في نوفمبر 2001م ويرأسها حالياً الشيخ علي سلمان) ليشكلوا الكتلة الرئيسة المتحكمة في غالبية المجتمع الشيعي، واختُزِلت المعارضة الخارجية إلى حدِّها الأدنى ممثلة في عدة أشخاص على شاكلة د. سعيد الشهابي وآخرين دون أن يكون لهم تأثير كبير في الداخل.

الانتخابات بين الممانعة والمسايرة:

في فبراير عام 2001م أُجري استفتاء شعبي على ميثاق العمل الوطني للمرحلة الجديدة وحظي بنسبة تأييد تجاوزت 98 %، ثم انبثق عن الميثاق دستور جديد لم يحظَ برضى كثير من قادة الوفاق الجدد، فحدث انشقاق في الصف، وكان أبرز المنشقين عبد الوهاب حسين من مؤسسي الجمعية[1]؛ وهو صاحب رؤية تنظيرية وتاريخ سياسي عريق، وأسفر الانشقاق عن امتناع الوفاق عن المشاركة في انتخابات عام 2002م النيابية بينما شاركت في البلدية، ثم في سبتمبر 2005م انشق كلٌّ من حسن مشيمع وسعيد الشهابي وعبد الجليل السنكيس عن الوفاق احتجاجاً على موافقة الجمعية على الانضواء تحت قانون الجمعيات السياسية الجديد.

وفي عام 2006م عادت الوفاق لتشارك في الانتخابات النيابية والبلدية، وأحرزت في الأولى انتصاراً كبيراً بلغ 17 مقعداً، بالإضافة إلى مقعد في دائرة محسوبة على الوفاق تنازلت فيها الجمعية عن مقعدها لحساب أحد حلفائها اليساريين، وفي عام 2008م أسس عبد الوهاب حسين تيار الوفاء الإسلامي كما أسس مشميع حركة حق، وشكل الاثنان مع ناشطين آخرين تياراً أطلقوا عليه اسم «الممانعة» في مواجهة جمعية الوفاق التي أطلقوا على أتباعها اسم «تيار المسايرة».

وفي عام 2010م حققت جمعية الوفاق نتيجة مماثلة لعام 2006م وفازت بثمانية عشر مقعداً، في مقابل تراجع حصة التيارات الإسلامية السُّنية، وهو تطور ذو دلالة.

وأصبح الشارع الشيعي منقسماً بين التيارين؛ حيث ينادي أحدهما بالمشاركة السياسية في الانتخابات، وينادي التيار الآخر بالمقاطعة، ولأن تيار الممانعة لا ينافس الوفاق في الانتخابات كان من الصعب تحديد نسبة التأييد الشعبي له؛ إذ من المسلَّم به في حالة انقسام المجتمع إلى فريقين: مشارك ومقاطع، فإن من يؤيدون المشاركة يحققون أهدافهم ولو كانت نسبتهم لا تتجاوز 10 % طالما لا يوجد لهم منافس، وفي هذا السياق يقدِّم عبد الوهاب حسين أبرز قادة الممانعة تحليلاً لنتـائج انتخابات 2010م يوكد تزايد مؤيدي الممانعة في الأوساط الشيعية - وهو تطور خطير بلا شك - فيذكر أن نسبة الذين أيدوا الوفاق في دوائرها 47.5 %، ونسبة الذين أيدوا منافسي الوفاق بلغت 13.9 %، أما نسبة المقاطعين في الدوائر نفسها فبلغت 38.6 %[2]، وبحسب حسين فإن أكثر من نصف المجتمع الشيعي لا يرحب (أو لا يتحمس) لمشاركة الوفاق في الانتخابات، وهذه دلالة مقلقة، خاصة أن كثيراً من المنتمين إلى هذا التيار يرفضون الدستور ولا يعترفون بالنظام ويصفون حكم آل خليفة بأنه «احتلال للبحرين» ويدعون صراحة إلى الانتفاضة الجماهيرية لتغيير النظام.

لقد تلقى تيار الممانعة ضربة أمنية قوية عندما اتُّهِم عدد كبير من أعضائه بالانتماء لشبكة سرية لها اتصالات خارجية ونظام تمويل وأهداف تمس الأمن القومي، وكان على رأس المتهمين: مشميع، الشهابي، السنكيس، لكن بالنظر إلى الثقافة التراكمية للمجتمع البحريني، فإن هذه الاعتقالات من شأنها أن ترفع شعبية المعتقلين لدى شرائح متعددة خاصة من الشباب. وهذا يعني أن اكتشاف الشبكة ينهي؛ ولكنه يمهد لأزمة أخرى قادمة.

مشاركة الوفاق... قناعة دائمة أم مرحلية؟

عادة ما يؤدي انشقاق تيار متطرف جديد عن التيار الأصلي إلى إبراز الأخير بوصفه تياراً معتدلاً متوازناً دون أن يتبنى بالضرورة مفاهيم جديدة أو يعدل في مفاهيمه القديمة، وهذا ما حدث مع تيار الوفاق الذي حقق مكاسب سياسية كبيرة بظهور تيار الممانعة؛ حيث ظل محتفظاً بخطابه الناقد للنظام متمتعاً بكافة المساحات الرحبة للعمل في أوساط المجتمع الشيعي من خلال المؤسسات والجمعيات والمآتم والمساجد، وفي الوقت نفسه متشحاً برداء الاعتدال والحكمة، ويمارس التيار سيطرته على المجتمع من خلال أجنحته الثلاثة: جمعية الوفاق التي تمثل الجناح السياسي، والمجلس العلمائي الذي يمثل الجناح الديني، وجمعية التوعية التي تمثل الجناح الاجتماعي، وينبثق عن كل جناح مؤسسات أخرى وفعاليات تخترق كافة مجالات الحياة داخل المجتمع.

إن هذه المكاسب الهائلة التي تحققت للوفاق (المعتدل) عن طريق مشاركته في النظام السياسي، كان من الممكن أن تندرج ضمن قائمة مطالب ثورية يسعى إلى نيلها من خلال اتباع طريق معقد مضطرب ممتلئ بالصراعات والخسائر، لكنَّ ما تحقق للتيار عن طريق المشاركة لم يكن يحلم به قبل ثلاثين عاماً، ومع ذلك لا تبدو ملامح القناعة واردة في سياق الخطاب السياسي للتيار، وهو ما يطرح تساؤلاً حول ما إذا كانت القناعة الوفاقية بالمشاركة في النظام السياسي هي مجرد رؤية «مرحلية» تسعى لتحقيق أكبر قدر من المكاسب ترقباً لتغير الأوضاع والظروف الإقليمية والدولية ومن ثَمَّ الانتقال إلى مرحلة جديدة يتغير فيها الخطاب ويرتفع سقف المطالب؟

توجد عدة مؤشرات تؤيد هذه «المرحلية» في الأداء الوفاقي؛ فقادة التيار ورموزه يمتلكون خبرة عريقة في العمل المرحلي مستقاة من حقبة الانتماء إلى حزب الدعوة، كما أنهم يصرُّون علـى الترويج للأغلبيـة الشــيعية التي تتجاوز 70 %، ويلوِّح بعضهم أحياناً ببعض المطالب ذات الدلالة، كما فعل علي سلمان عندما طالب مطلع عام 2010م في المؤتمر العام للجمعية بأن يُطرح منصب رئيس الوزراء للانتخاب، وهذا من شأنه أن يُحدِث تغييراً جوهرياً في بنية النظام.

إيران والمجتمعات الشيعية:

يمكن تقسيم المجتمعات الشيعية - غالباً - من المنظور الإيراني إلى أربعة مستويات:

المستوى الأول: مجتمعات الفعل السياسي: وهي التي يساهم حَراكها السياسي ونشاطها المتنوع في دعم الأجندة السياسية الإيرانية بصورة مباشرة، مثل حزب الله اللبناني والمجلس الأعلى في العراق.

المستوى الثاني: مجتمعات التمويل والدعاية: وهي التي تساهم في تقديم تمويل لبعض المشروعات والأنشطة في دول مختلفة بالإضافة إلى الخُمس، كما تدعم عدداً من الأنشطة الدعائية، ومثالها: شيعة الكويت.

المستوى الثالث: مجتمعات الشغب: ومثالها: الحوثيون في اليمن.

المستوى الرابع: المجتمعات النائمة: وهي المجتمعات التي يصعب على إيران التدخل في شؤونها بشكل مباشر نظراً للحساسية السياسية المرتبطة بها، ولكنها تمتلك في أوساطها نفوذاً لا بأس به يمكن تفعيله في مرحلة مستقبلية، ومن أمثلته: المجتمع الشيعي البحريني، وهذا التقسيم بالطبع من المنظور الإيراني ولا يلزم تطابقه مع رؤية هذه المجتمعات الشيعية نفسها؛ إذ من الطبيعي أن يوجد في أوساطها من يرفض النفوذ الإيراني وينتقده، ويبقى الفيصل بعد ذلك في موقف التيارات والقادة والأتباع من إيران سياسة ونهجاً.

إيران والبحرين:

تبعاً لِـمَا أُثبِت في فاتحة المقال من كون المجتمع الشيعي البحريني يتبنَّى نهج الاستيراد الديني والفكري، فإن كافة التيارات والحركات الشيعية لا يستقيم عودها إلا بأن تُبرِز للجماهير عمق صِلاتِها الخارجية وروابطها المنهجية والفكرية مع الخارج وتحديداً مع إيران، وهذا أمر لا مواربة فيه ويتم التصريح به دون تحفظ.

ومن المعروف أن تيـار الوفاق يتََّبـعُ أغلبُ قـادته ما يُعـرف باسم «خط الإمام» ويرفع أتباعه صور قادة إيران الحاليين والسابقين في المجالس والمحافل والمآتم، كما تنتشر في أوساطهم شعارات التأييد للخميني والخامنئي وولاية الفقيه، ومن ذلك الشعار المعروف: ولائي ولائي للخامنئي[3]، وقد دفعت هذه الظاهرة كاتباً شيعياً مثل منصور الجمري (المتحدث السابق باسم حركة أحرار البحرين) إلى أن يكتب في صحيفة الوسط قائلاً: «السؤال الذي طرحه عليَّ شخصياً كثير من المراقبين: لماذا يرفع البحرينيون - تحديداً - صور قادة إيران؟ ما الرسالة التي يودُّون إرسالها إلى حكومتهم وإلى الفئات الأخرى التي تعيش معهم في البحرين وإلى العالم الخارجي أجمع؟ لماذا يرفعون صور الخامنئي في كل مكان، ويكتبون في المنتديات الإلكترونية شعارات مثل: ولائي ولائي لعلي خامنئي؟»[4].

وقد استقر في قم مئات العلماء من شيعة البحرين إبان الاضطرابات والانتفاضات، وقد عاد هؤلاء لاحقاً ومارسوا تأثيراً كبيراً على الخطاب الديني، ولعبوا دوراً كبيراً في الترويج للقادة الإيرانيين في المحافل الدينية والسياسية[5]، وأغلبهم ينتمي إلى تيار الوفاق.

أما على مستوى تيـار الممانعـة، فلا يُبقـي مؤسِّـسـه عبد الوهاب حسين أي مجال للشك، فهو يقول: «تيار الوفاء الإسلامي يؤمن بولاية الفقيه حتى النخاع، ويلتزم بها عملياً»[6]، ويقول سعيد النوري أحد رموز تيار الوفاء: «ونحن في تيار الوفاء قررنا منذ البداية الالتزام فكرياً وسياسياً بالنظرية والمنهج الفكري والسياسي للإمام الخميني (قده) والسـيد القائد (يقصد علي خامنئي)؛ فنحن كتيار إسـلامي لا بد أن نرجع لمرجعية شرعية لتحديد قضية المنهج والنظرية الفكرية والسياسية»[7].

إنه من اللغو حقاً بعد هذا التأييد الواضح أن يُسأل عن مدى النفوذ الإيراني في الأوساط السياسية البحرينية، فرموز التيارات يُقرُّون بأنفسهم الارتكان إلى المرجعية الشرعية المتمثلة في الخميني وخامنئي، ويعلن الأتباع صراحة أن ولاءهم للخامنئي.

لا جدال في أن هذه الشعبية الجارفة لإيران تستتبع نفوذاً وتأثيراً يجعل من البحرين بنداً ثابتاً على أجندة طهران، أما متى يُفعَّل هذا البند بصورة مباشرة، فهذا أمر يعلمه الله


 


[1] من أعضاء لجنة المبادرة، ورئيس سابق لجمعية التوعية، ورئيس اللجنة التحضيرية لجمعية الوفاق.

[2] انظر: لقاء الثلاثاء: 29/10/2010م، موقع الأستاذ. 

[3] انظر مقال فريد أحمد حسن: ولائي ولائي، صحيفة الوقت: 7/1/2010م.

[4] صحيفة الوسط: 25/9/2007م.

[5] انظر ندى الوادي، مقال: الوفاق من التأسيس إلى الانشقاق، الوسط: 22/8/2007م.

[6] لقاء الثلاثاء، موقع الأستاذ: 28/10/2009م.

[7] سعيد النوري، حوارات مع موقع العزة أون لاين.

أعلى