أسباب جديدة للتفاؤل بأفغانستان
مايكل أوهانلون ـ مدير الأبحاث بمعهد بروكنجز
28 سبتمبر 2010
حتى الآن لم يتم جني ثمار الصراع الأفغاني، ولكن بعد زيارة أجريتها مؤخرًا إلى أفغانستان ولقائي بضباط من الناتو ومسئولين أفغان وآخرين من السفارة الأمريكية، شاهدت أكثر من بادرة تدعو إلى التفاؤل، فذهابي إلى أفغانستان مكنني من رؤية ما لم أستطع رؤيته من الولايات المتحدة. فقد كانت هناك أنباء جيدة بشأن الانتخابات، بعد أن صوت ما يقرب من أربعة ملايين ناخب أفغاني، وهو رقم ليس سيئًا بالنسبة لانتخابات التجديد النصفي في ذلك البلد الذي مزقته الحروب.
وبالطبع كان هناك قدرًا كبيرًا من العنف في انتخابات الثامن عشر من سبتمبر الماضي، وجاءت النتائج في مجملها متوسطة في بعض المناطق، وفقيرة في مناطق أخرى، ولكن كما رأيت هناك بصحبة المعهد الجمهوري الدولي لرقابة الانتخابات ـ والذي كان كريمًا باستضافة ديموقراطيًا مثلي ـ فإن تلك المشكلات فاقتها العزيمة الهائلة للأفغان، بما في ذلك عزيمة عاملي الانتخابات والقوات الأمنية.
فالمتمردون كان أمامهم عدة أشهر لكي يتمكنوا من الإعداد للهجمات في يوم الانتخابات، وبالرغم من أن أي حالة وفاة تدعو للأسى، إلا أن 20 أو 25 حالة وفاة في ذلك اليوم كان أقل كثيرًا من المتوقع، نعم، كانت هناك مشكلات في العملية الانتخابية كما أوردت وسائل الإعلام الأمريكية، ولكن تلك القصص عادة ما تفتقد إلى منظور التوقعات المقبولة فيما يتعلق بتلك الديموقراطية الناشئة، كما أنه تم تكليف الوكالات الأفغانية بالتحقيق في الانتخابات، وهي بادرة طيبة.
ولكن لا تزال كبرى التحديات في أفغانستان تهدد بفشل الولايات المتحدة هناك، ولا يزال من المبكر للغاية أن نستسلم ونترك الاستراتيجية الحالية للرجوع إلى الخطة ب، ولكن الوقت ليس مبكرًا جدًا أيضًا للنظر في المزيد من الجهود الدرامية الجديدة، بدءًا من تقديم مقترح جريء إلى باكستان.
وإليكم مراجعة للوضع كما بدا لي أثناء زيارتي التي استغرقت عشرة أيام: فمشكلة أفغانستان كبيرة وخطيرة، ومعروفة أيضًا، ولكن هناك بعض النقاط التي تستحق التأكيد. إن الأعداد التقديرية للمتمردين وبخاصة طالبان الأفغانية وشبكات حقاني، آخذة في الازدياد، وبالرغم من الزيادة الكبيرة في الهجمات المميتة ضد القوات الخاصة الأمريكية والأصول الأخرى لقوات التحالف، فإن المقاومة لا تزال مرنة.
فقد تصاعد العنف في أفغانستان بصورة مضطردة ربما بأسرع مما تتحمله قوات التحالف، مما يفيد بأنه ليس تسريع إيقاع عملياتنا وحده الذي يغذي القتال، وبالرغم من أن عدد هجمات المتفجرات على جانبي الطرق قد شهدت استقرارًا في أعدادها مقارنة بالعام الماضي (وشهدت نقصًا في الشرق)، إلا أننا لا نزال نفقد الكثير من قوات التحالف والقوات الأفغانية وقوات الشرطة أمام تلك الأسلحة الفتاكة، كما أن هجمات الأسلحة النارية المباشرة من الأسلحة الخفيفة في ازدياد كبير.
وغني عن القول أن الفشل في معالجة الفساد ـ الكثير منه في الدائرة الداخلية لحامد كرزاي، وبعضه نتيجة للعادات الاجتماعية الأفغانية التقليدية، والكثير منه فاقمته طريقة الولايات المتحدة في إنجاز الأعمال هناك ـ هذا الفشل خلق شعورًا بالغضب وبهضم الحقوق بين العديد من المواطنين الأفغان.
وهذا ربما لا يكون مدهشًا، فالتاريخ يظهر لنا أن الرؤساء الأقوياء في الدول الضعيفة الذين يستفيدون من المصادر السهلة للأموال السائلة (في تلك الحالة المساعدات الأجنبية والوجود العسكري الأجنبي) يميلون إلى الفساد. ولموازنة تلك التحديات الجسيمة، فإن الولايات المتحدة وشركائها في أفغانستان لديهم الكثير من الأصول الكبرى التي تعمل لصالحهم في البلاد.
أولاً صلابة الشعب الأفغاني والتفاؤل والرؤى الموالية للغرب بصورة عامة؛ فبغض النظر عن نواحي القصور في شخصية كرزاي، فهناك عدد من الإصلاحات الكبيرة داخل حكومته وهناك اتجاه لتحسين حكمه فيما يتعلق بالولاة المحليين، فقد تم تبديل 18 من أصل 34 حاكمًا في العام الماضي، وكل ذلك يبدو أنه تقدمًا.
وقد شعر الغربيون بالاستياء من طرد كرزاي لوزير داخليته ذي العقلية الإصلاحية حنيف عتمار في الربيع الماضي، ولكن خليفته بسم الله محمدي يبدو أنه جيد. فقد قيل عنه أنه يستقل العربات الأجرة لزيارة قوات الشرطة الذين يعملون في الخدمة بدون تحذير مسبق، من أجل إبقائهم دائمًا على أهبة الاستعداد ولقياس مدى التدريب والتجهيز الذي يحتاجونه. وقام مؤخرًا باستبدال 27 رئيس شرطة، وعين خلفاء لهم، وقد بدت تلك الاختيارات أنها جيدة بصورة عامة.
وبالإضافة إلى ذلك فإن كرزاي وافق أخيرًا على برنامج الشرطة المحلية الأفغانية الذي يمكن أن ينظم بعضًا من قوات الدفاع المجتمعية تحت تعليمات الناتو وإشراف وزارة الداخلية. وهذا من شأنه توفير الأمن الفوري في بعض المناطق النائية.
والهدف هو تنظيم 10 آلاف جندي أفغاني، والعدد يمكن أن يزداد بصورة كبيرة إذا وافقت الحكومة الأفغانية، وتلك الجهود يمكن أن تكملها جهود مصالحة محلية أقوى، وليس مقايضة كبرى مع طالبان، ولكن بخطط سلام للتجمعات السكانية والتي يروج لها الجنرال ديفيد بيترايوس. ويعتقد بعض المسئولين في قوة المساعدة الأمنية الدولية (إيساف) أن ذلك يمكن أن يقلل سريعًا من حجم التمرد بنسبة تتراوح ما بين 10 إلى 20%.
وأفضل الأخبار ربما تلك التي تتعلق بقوات الأمن الأفغانية؛ فما يقرب من نصف وحدات الجيش الأفغاني تقريبًا حصلوا على تقيم 3 أو أعلى من خمس درجات للكفاءة، وقد تم رفع مستوى التقييم ومعاييره وجودة القيادة بالإضافة إلى استقلالية القوات وولائهم.
فالتوتر الطائفي داخل الوحدات الآن تقريبًا غير موجود، وبالإضافة إلى ذلك هناك جهود جديدة لتوظيف المزيد من الجنود من البشتون الجنوبيين الذين لم يكونوا ممثلين بصورة كبيرة، بالرغم من أن البشتون من الوسط والشمال ممثلين بأعداد جيدة.
والأهم من ذلك هو أن كافة وحدات الجيش الأفغانيتقريبًا شاركت مع قوات الناتو وإيساف، مما يعني أنهم يتعاونون بصورة دائمة وعادة ما يشنون دوريات مشتركة، وهذا التدريب المكثف يساعد في إصلاح وتحسين ليس فقط الجيش ولكن أيضًا قوات الشرطة.
ولا تزال الأقسام المدنية في الحكومة الأفغانية ضعيفة، ولكن هناك جهودًا مثل برنامج التضامن القومي، والذي يدفع مبالغ مالية محدودة كمنح للمجتمعات التي تشكل مجالس تنمية غير رسمية تحت إشراف الحكومة وإيساف، تعد جهودًا تعويضية.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن إتش آر ماكماستر والمعروف كواحد من كبار جنرالات الجيش الأمريكي، يدير الآن وحدة مهام جديدة لإصلاح الممارسات التعاقدية لإيساف، والتي أدت إلى إثراء بعض الأفغان بينما أغضبت الآخرين. وربما لا يستطيع ماكماستر أن يحل تلك المشكلة، ولكنه إذا استطاع تخفيفها وسمح بأن تصل المزايا المالية إلى قطاع أعرض من القبائل والتجمعات، فإن التمرد من المحتمل أن يجد عددًا أقل من المجندين الأفغان.
ولكن إلى أين يقودنا ذلك؟ نستطع أن نأمل أن الإيجابيات تفوق السلبيات، ولكنه لا يزال من المبكر للغاية أن نشعر بالتفاؤل، فنحن بحاجة إلى مزيد من التحسينات في استراتيجيتنا، ما وراء قوة المهام الخاصة بماكماستر والجهود الأخرى.
إن الفرصة الأكبر ربما تكون في باكستان، ففي أوائل ذلك العام، تحركت القوات الباكستانية إلى المناطق القبلية لملاحقة طالبان الباكستانية وقبضت على بعض من طالبان الأفغانية أيضًا، ولكن التقدم شهد بطئًا أو ربما انعكس اتجاهه تمامًا، فالفيضانات الكارثية حرفت اتجاه الجيش وبدت باكستان الآن أنها في حالة تسامح، إن لم يكن دعم نشط، للنشاطات الكبرى للمتمردين الأفغان على أراضيها.
لقد حان الوقت لدبلوماسية نشطة عالية المستوى مع باكستان، وربما مقايضة جديدة مع إسلام آباد. وحتى إذا لم يكن الوقت مناسبًا لإقناع باكستان بأن تقضي على الملاذات الإرهابية الموجودة على أراضيها، فإن تصويرها كعقبة أمام الرحيل الأمريكي السريع، فربما يشعر قادة باكستان حينئذ أن شبكات التمرد تلك سوف تؤدي إلى تجميد نشاطاتهم.
وهذا يمكن أن يعطينا فرصة لبناء أفغانستان مستقلة، ما من شأنه أن يخدم المصالح طويلة الأمد لباكستان، أكثر من مجرد تهدئة الحدود الغربية غير المسيطر عليها. وبالإضافة إلى زيادة المساعدة، فيمكن لواشنطن أيضًا أن تقترح تحالفًا ثنائيًا جديدًا، وأن يتم تشكيله فور انتهاء الحرب على أفغانستان.
وهذا يجب أن يكون عرضًا مشروطًا، يعتمد على المساعدات المحسنة من باكستان. ويجب أن يرتبط العرض بصفقة حول الطاقة النووية مشابهة لتلك التي تم الموافقة عليها مؤخرًا مع الهند. وبعد ذلك يمكن لباكستان أن يكون لديها علاقات قوية مع كل من الصين والولايات المتحدة، وربما تقلل رغبات زعمائها في الحصول على نطاق للنفوذ أو "عمق استراتيجي" داخل أفغانستان.
فأفغانستان تظل معركة صعبة، ولكن على الأقل ثلاثة أرباع البلاد ـ بدءًا من كابول، مرورًا بالشمال والغرب بما في ذلك أجزاء من الشرق ـ تعد في حالة واعدة أو تتحسن.
لذا يجب أن نظل متفائلين الآن، فالاستراتيجية الحالية يمكن أن تنتج تقدمًا هامًا ومقنعًا في غضون أشهر من الآن.
http://www.brookings.edu/opinions/2010/0928_afghanistan_ohanlon.aspx?p=1