• - الموافق2024/11/24م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
مستقبل الشيعة في الوطن العربي... رؤية إيرانية

مستقبل الشيعة في الوطن العربي... رؤية إيرانية


تآمرت إيران على الوطن العربي ولم يتآمر عليها العرب منذ عام 1925 عندما تم احتلال الأحواز وإسقاط الدولة العربية هناك وقتل رئيسها الشرعي؛ واستغلت "العرب الشيعة" من أجل مشروعها التآمري في تفكيك أجزاء "الهوية العربية" أولاً، وفرز كل وطن عربي على حدة "مذهبياً"، ليسهل ابتلاعه.

منذ فجر ثورة "الخميني" عام 1979م، أعلن الحُكام الجدد أن ثورتهم "إسلامية" وليست "إيرانية" فقط، وجعلت من نفسها "قبلةَ" من تصفهم بـ "المستضعفين" وهو اللفظ الذي يأتي دائماً مرادفاً لـ "التشيع" في الأدبيات الشيعية. وبالرغم من كون حوزة "النجف" هي أصل "الحوزات الشيعية"، إلا أن إيران جعلت حوزة "قُم" أم الحوزات وعاصمة "الشيعة"، وروجت لها وساندتها بالرغم من أن هذه الحوزة لم تذكر في أيٍّ من التاريخ الشيعي، ولم تظهر إلا مع بدايات القرن العشرين وزادت عقب "ثورة الخميني"؛ ما يعني تحويل "المذهب" إلى "فارس" ويعني استيلاء طهران على أموال الخمس والنذورات ليتم استخدامها في دعم أجندتها السياسية والطائفية في المنطقة.

لم تكن كلمة "شيعة" بهذا "الجرس المُنذر" إلا منذ بدأت إيران استخدمها ضمن أحجارها داخل "العرب"، وساهم آخرون ممن يعادون إيران باستخدام "الشيعة العرب" بدلاً من "العرب الشيعة" في تقارب بمصطلح "الأفغان العرب"، ففارق الاستخدام يجعل من "الشيعة" دخلاء على العرب وهذا ليس بالصحيح، بل إنهم "عرب متشيعون" لمذهبهم. ويبدو أن إيران ساهمت فعلاً في تحويل العرب الشيعة إلى "رعايا إيرانيين" تتدخل بشؤونهم في كل دولة عربية على حدة، وهو ما جعلهم - بقصد الأنظمة أو بدون قصد - جزءاً من خيالات "التحريرية الإيرانية" وجزء من قراءة المشهد السياسي الإيراني الذي يتمدد على أساس طائفي.

من هذا المنطلق وضع الفكر السياسي الإيراني، أدواراً لهؤلاء الشيعة الذين يمثلون أقل من 6 بالمائة، حتى إقامة الإمبراطورية "الساسانية" الفارسية  (226 – 651م) قبل معركة القادسية، والتي تمثلت بإقلاق الأمة الإسلامية ودولها العربية من أجل بسط "الهيمنة" على القرار السياسي لتلك البلدان، والاستحواذ على خيراتها، وتحويلها مستقبلاً إلى أرضِ تحصد أموالها لـ "زعيمة المستضعفين"، ويبدو أن هذه الأدوار ظهرت واضحة في العراق عقب الغزو الأمريكي (2003م)؛ فعلاوة على الشروخ  الاجتماعية التي أنشأها الحقد "الإيراني" على أبناء "بابل" الذين أذاقوا الفُرس الويلات و "صدام حسين"، الذي أجبر الخميني على تجرع السُم، استحوذت إيران على مقدرات الدولة، وحولت مواردها إلى "بقرة حلوب" سريعة الإيراد بالعملة الصعبة، وتدجين اقتصادها بما يسمح بالهروب من العقوبات الدولية قبل أن يحل "الاتفاق النووي" العام الماضي المعضلة المشؤومة للسياسيين الإيرانيين.

في الأجواء "العرب السنة" التي يتشكل منها غالبية الأمة الإسلامية، تولّد شحن طائفي على غير عادته ضد مفردة "الشيعة" و "التشيع" وارتبط ذهنياً بـ "إيران" التي أشعلت الفرز المذهبي في لبنان وحولت هوياته إلى متقاتلة، وفجرت هويات العراق لتحصد المجازر التي لا تنقطع، ولم يسبق هذا الشحن في الأجواء السنية في تاريخ العرب الحديث (إذا تجنبنا الحديث عن الشحن ضد إيران بصفتها القومية)، وانهارت أبراج طويلة من تاريخ "العرب السنة" الذين عرفوا طويلاً بوصفهم "أمة تستوعب كل الأقليات مهما كانت نوعيتها دينية أو قومية"؛ والسبب الرئيس وراء كل ذلك "سوريا" وكيف يُذبح الأطفال بدم بارد، وفي "اليمن" كيف تستقوي جماعة مسلحة على كل دول الخليج، والأكثر من ذلك حالة الهجمة المسعورة ضد "أي سُني" في العراق، وكيف حولت "بغداد" من مركز حضاري إنساني إلى نخبة شيعية حاكمة تقود سلوكاً طائفياً.

كما قدم "حزب الله" الولاء لـ "أمير المسلمين" الخميني في ثمانينات القرن الماضي، قدم "الحشد الشعبي" في العراق برضا كل المرجعيات أو المرجعيات "فارسية الأصل" الولاء لـ "قاسم سليماني"، وعلى غير العادة قدم الحوثيون هذا القسم، بالرغم من ادعاءات زيديتهم وقربهم من "السُنة"، أما "سوريا" فلا ذكر لهذه الدولة التي لا تديرها سوى طهران بل إن الفُرس اشتروا أحياء دمشق وتربعوا على عرش السلطة، ولإيران أدوارها في "شيعة البحرين" و "شيعة السعودية" وحتى "الكويت"، فعلاوة على إقلاق أنظمة الحكم في تلك البلدان، وزعزعة استقرارها، وتحويلها إلى صراعات مفتوحة، ساهم هؤلاء في الجناية على أبناء شعبهم، وللحقيقة، فإن بعضاً من أولئك "العرب الشيعة" تحولوا إلى "رعايا إيرانيين" بمحض إرادتهم، وبرغبة كامنة في الإضرار بكل "العرب الشيعة" ومستقبلهم.

فدور العرب الشيعة بالنسبة لإيران يُلخص في الآتي: "إقلاق الأنظمة والشعوب، تقديم الشرخ المذهبي على المصالح الوطنية، تقسيم المجتمع إلى هويات، سيطرة على مفاصل السلطة والقرار السياسي، تحكم بإرادة الشعوب، تذليل العقبات أمام وصول (إيران) إلى قوة عظمى، وتدمير بُنى الدول لتظهر إيران بدور المنقذ".

ولا يقع اللوم على إيران وحدها مع أنها تتحمل الجزء الأكبر من استخدامها للعرب الشيعة، بل يقع أيضاً على كثيرين دفعوا بأبناء جلدتنا العربية من "الشيعة" إلى "حضن إيران"، وتحويل هويتهم من كونها "عراقية" لـ "لبنانية" "يمنية" "بحرينية" "سعودية" إلى كونها "هوية شيعية" وهنا مربط الفرس أيضاً، لا يعني ذلك أيضاً تبرير ما يقوم به "العرب الشيعة" من أجندات لـ "إيران" وتنفيذها؛ من اغتيالات للمسؤولين العرب وحتى الهجوم على مباني حكومية في الخليج، فهم مدانون لكن ليتم وَفْق قوانين بلداننا العربية، لا بحملات "طائفية" مقيته، ويبدو أنه من الصعب أن يحدث ذلك، على الأقل الآن، ما لم يتدارك عقلاء "العرب الشيعة"، وأيضاً إن أمكن وجود "عقلاء" في إيران إلى محو هذا التمزيق للهويات، وإن استمر هذا الفرز المشبع بالكراهية، فسينتهي "العرب الشيعة" وستخاض الحروب ضدهم بمبررات أو بدونها.

أعلى