• - الموافق2024/11/24م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
تعقيب على تعقيب الدكتور عبد القادر محجوبي حول مقال المناهج النقدية الحديثة في دراسة القرآن

تعقيب على تعقيب الدكتور عبد القادر محجوبي

 

بداية أشكر الدكتور على أثارة هذ التعقيب في هذا الموضوع المهم حيث أن تكاثر النقاشات في هذا الموضوع مما يزيده ثراءً وعمقاً، إلى جانب ترسخ كثير أصول هذا الموضوع في ذهن القارئ ورفع الحاسة النقدية عنده مما يجعله يستطيع بكل سهولة فرز المناهج الشرعية من بين المناهج المحدثة .

أحب أن انبه أن المقال في الأصل إنما هو في محاولة تقسيم استعمال هذه المناهج بناء على درجة النصوص المشغلة والمتحركة في فلكها، بمعنى محاولة تمييز استعمال المناهج على النصوص القرآنية وغيرها من النصوص سواء قلنا إنها نصوص تاريخية أو آراء فقهية أو شعرية أو غيرها، وهذا التمييز مهم من حيث تقييم درجة الإعمال والاشتغال، فلا يمكن مساواة النص القرآني مثلاً بنصوص العلماء مثلاً، وهذه المناهج وغيرها بالتأكيد أنها لها مرجعية ثقافية وهذا ما جعل الأستاذ الكريم يظن أني لا أؤمن به، حيث أن أي منهج لا بد له من مجال تشكّل وتكون فيه، ولا يمكن أن يولد منهج من فراغ، حتى مناهج الاستدلال في أصول الفقه هي تشكّلت في مجال النصوص والقواعد الشرعية .

من مقاصد المقال الأصل هو التفريق بين مجال الاستدلال وبين مجال النقد وهو الذي ربما غاب إدراكه عن الدكتور عبد القادر محجوبي حفظه الله، ومنع استخدام المناهج النقدية الحديثة في دراسة القرآن أرى أن تم التصريح ليس بخطئها فحسب بل بامتناعها أيضاً وقد أكدت على ذلك بأنها ممتنعة شرعياً وفلسفياً، وهذا يعتبر الشق الأول وهو مجال الاستدلال أي استخراج الدلالة القرآنية باستخدام المناهج النقدية الحديثة، أما مجال النقد أي نقد مخرجات المناهج النقدية الحديثة في دراسة القرآن أي نقد الدلالات التي تم بناؤها باستخدام هذه المناهج فالأمر يختلف عن الأول بل يكون الطريق الوحيد لنقد هذه القراءات حيث أن الانطلاق من منطلقات مشتركة أساس في الأسلوب الحجاجي كما نستخدم نصوص الكتاب المقدس مثلاً لنقد أراء النصارى، وكما استخدم السلف مباني في علم الكلام لنقد علم الكلام نفسه وهكذا، وهذا سائغ في مجال النقد لا في مجال التقرير، وليس بالضرورة أن يكون المستخدم لها قابلاً لها بإطلاق، بل هذا يسمى من باب الإلزام .

ولأجل هذا أكدت أن هذه النظريات [الحكم فيه لا يمكن أن يكون نهائياً حيث إننا نتعامل مع ثقافة في طور التشكّل وهذا له صعوبته المعروفة .. هذا جزء من الصعوبة يجعل المسألة يصعب الحسم فيها بشكل نهائي  .. وهذه المناهج النقدية متعددة بشكل كبير جداً وفيها من التداخل الشيء الكثير أيضاً.. فبالمناهج النقدية نستطيع نقض ما أبرمه كثر من العلمانيين وهذا من السهولة بمكان إذا استطعنا توظيف نقد المناهج النقدية بعضها لبعض، واقتنصنا فرصة عدم ثبات النظريات النقدية، نستطيع بكل سهولة زعزعة كثير مما يقال عنه إنه نظريات، ويكون هذا الاستخدام من باب النقد والإلزام لا من باب التقرير] أي أننا نستفيد من عدم ثبات النظريات وعدم استقرارها بعدم مصداقيتها، وممكن نستفيد من بعض النظريات في نقد الدلالات التي انتهى إليها العلمانيون أي بنفس المنهج التي استخدموه، وهذا مقبول علمياً بل يكون هو الطريق الوحيد للمخالف لنا في المقدمات والأدوات المنهجية، وهذا هو المعمول به في الأسلوب الحجاجي عند علماء السلف وغيرهم .وقد مثلت لذلك بمثال مجمل –في المقال- وهو استخدم نظرية جماليات التلقي في إثبات صحة مذهب السلف، ولا أعني بذلك أن مذهب السلف لا يصح إلا بها، وإنما من باب الإلزام، أي يقال للذين يسلمون بنظريات جماليات التلقي في صرف بعض النصوص عن ظاهرها، إن نظريات جماليات التلقي وهي : "تتبع أثر النص لدى المخاطبين به واستخراج الدلالة منه من خلال مواقف المتلقين له" تشهد لصحة مذهب السلف أي من باب الإلزام فقط وإلا فعندنا من الألة الشرعية ما يثبت ذلك بأقصر طريق .

وفي موضوع أهمية الأحكام الشرعية أشار الدكتور الكريم بقوله :" وكأن الدلالات الشرعية أهم وآكد من النص الذي تُستخرج منه؟ بمعنى أن الأحكام الشرعية أهم من مواضع طلبها أو هي الأصل الذي يُستدل به على دليله؟ " وأحب أن أبنه أن المقالة الأصل ليست معنية بالأحكام ولا على أهمية النصوص، وإنما منصبة على المناهج التي تستخرج الدلالات، فالهدف هو المنهج لما في استخدام المناهج النقدية الحديثة من أثر في تغيير الدلالات الشرعية المتفق عليها، كما أن المقالة لا تتحدث عن تقييم النتائج من اشتغال هذه المناهج على النصوص التي نشأت على ضفاف النص مثل نصوص العلماء أو أحداث السيرة والتاريخ وغيرها فالحديث في هذه الزاوية حديث عن الإمكان وليس عن تقييم الدلالة أو إعطاء أحكاماً كلية، ولذلك لم أدخل في تقييم تلك التجارب كمحاولة الجابري أو غيره .

وشكراً مرة أخرة للدكتور عبد القادر ولمجلة البيان التي أتاحت هذه الفرصة للنقاش

رابط مقال: تعقيب على مقال عن "المناهج النقدية الحديثة في دراسة القرآن" - د. عبدالقادر محجوبي

رابط مقال: المناهج الحديثة في دراسة القرآن – مجلة البيان العدد 342

أعلى