• - الموافق2024/11/28م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
اللعبة الأمريكية في اليمن

اللعبة الأمريكية في اليمن


تبدو السياسة الأمريكية غامضة في الكثير من الملفات العربية، وتبدو أكثر غموضاً فيما يخص الحرب الجارية في اليمن، والتي بدأت منذ إعلان المملكة العربية السعودية التي تقود تحالفا عربياً يضم أكثر من عشر دول في 26 من مارس 2015م، وتهدف إلى إعادة الشرعية للرئيس المنتخب عبدربه منصور هادي، وإزاحة الانقلابيين الحوثيين وحليفهم علي عبدالله صالح.

ومن خلال المتابعة البسيطة للموقف الأمريكي تجاه الحرب الجارية في اليمن، لا يبدو أن الرؤية الأمريكية مقتنعة بالحرب من أساسها، فضلاً عن أنها تحاول الإبقاء على الانقلابيين (علي صالح، والحوثي) كطرف أساس وشريك في المرحلة القادمة.

ويشك الكثير من المتابعين من مدى جدية الولايات المتحدة الأمريكية في حسم أمرها، وإفساح المجال أمام السعودية للقضاء على الحوثيين وحلفائهم، إذ تزداد ضغوط واشنطن على السعودية يوماً وراء الأخر، في محاولة للإبقاء عليهم من خلال حوار سياسي يفضي إلى شراكة في السلطة مع بقية التيارات السياسية اليمنية، مع خلاف امتلاكهم للسلاح الذي سيقوض من أي شراكة سياسية في الأساس.

وعلى ما يبدو فإن الإدارة الأمريكية تكتفي بالتصريحات الناعمة هنا وهناك، حول دعمها لأمن واستقرار ووحدة اليمن، مؤكدة أنها لن تتخلى عن حلفائها العرب في الخليج في سبيل مواجهة إيران التي تقوم بتسليح الجماعات الشيعية في اليمن والعراق ولبنان والبحرين والكويت وغيرها من الدول الخليجية، لكن واقع الأمر لا يزيد عن كونها تصريحات لتهدئة الخليج في حين أنها تقود طريقها نحو تدعيم وتعميد الاتفاق النووي مع طهران.

وتجد المملكة العربية السعودية نفسها وحيدة في حربها ضد الحوثيين وحلفائهم في اليمن، وحيدة عن الدعم الغربي الذي لطالما أكدت تلك الدول وقوفها مع السعودية في الحرب التي تخوضها، لكنها لم تجد منهم سوى التصريحات وتقديم بعض الدعم اللوجستي والاستخباراتي، الذي يقود في الكثير من حالاته إلى ما لا تشتهيه السياسية السعودية.

بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، فلم يكن يزعجها مطلقاً سيطرة مليشيات الحوثي وصالح على مقاليد الحكم في اليمن، فهي لا تزال ترى أن صالح والحوثي حليف فاعل في سبيل حربها ضد ما تسميه "الإرهاب" في اليمن، ولا تُفضل إسقاط هذا الحليف بشكل نهائي، بل تريد أن يبقى كطرف شريك في المعادلة السياسية القادمة.

ولعل ما يؤكد ذلك هو تصريح القيادي في جماعة الحوثي والناطق الرسمي باسمها محمد عبدالسلام، بعد أيام من سقوط العاصمة صنعاء بأيدي الحوثيين، حيث كشف عن اتصالات جرت مع قيادات أمنية وعسكرية و"سفارات أجنبية" قبل الدخول إلى العاصمة صنعاء، ولعل أبرز تلك السفارات التي تم التنسيق معها هي السفارة الأمريكية والتي لا يمكن تمرير أي قرار كبير بمثل هذا الأمر إلا بعد الرجوع إليها، فضلاً عن بقية سفارات الدول الغربية الأخرى.

"لغز دموي غامض" هو التعليق المناسب الذي وصفته مجلة "نيوزويك" الأمريكية حول الموقف الأمريكي من الحرب في اليمن، فهي تدعم التحالف العربي إعلامياً، وتجلس على طاولات مباشرة مع الانقلابيين في مسقط بحثاً عن حلول سياسية تضمن بقائهم في الساحة كقوة سياسية وعسكرية بارزة.

ولعل من دلالات هذا الغموض في الموقف الأمريكي من الحرب في اليمن، استمرار تحليق الطيران الأمريكي بدون طيار في سماء اليمن منذ بداية الحرب، وتنفيذها لهجمات على مواقع تدعي الولايات المتحدة الأمريكية أنها تابعة لتنظيم القاعدة، في حين يتهم قيادات في المقاومة الشعبية الطيران الأمريكي بالقصف على مواقعهم في كل من الجوف ومأرب، في الوقت الذي لم توجه تلك الطائرات حتى ضربة واحدة على مواقع الحوثيين وقوات المخلوع صالح، فضلا عن اتهام قيادات في المقاومة الشعبية للولايات الأمريكية بتقديم معلومات مضللة لقوات التحالف نتج عنها قصف أهداف تابعة للمقاومة في أكثر من مدينة، أخرها القصف على موقع للمقاومة في مدينة تعز راح ضحيته قرابة 50 شخصاً بين قتيل وجريح.

وفيما تحاول المملكة العربية السعودية أن تتجاهل الضغوطات الدولية التي تمارس ضدها، ساعة من منظمات حقوق الإنسان، وساعات أخرى من منظمة الأمم المتحدة، ومرات أخرى من جهات دولية نافذة، تبقى الولايات المتحدة ملتزمة الصمت تاركة لتلك الجهات أن تمارس دورها في الضغوط على المملكة من أجل إيقاف الحرب والتوصل إلى حلول سياسية أبرز ملامحها "بقاء الحوثيين كطرف أساسي في الساحة اليمنية"، وهو الأمر الذي تخشاه المملكة ودول الخليج، فبقاء الحوثيين يعني بقاء النفوذ الإيراني وأدواته في ظهر الخليج.

وخلاصة القول فالموقف الأمريكي الذي تدعي أنه داعم للعمليات العسكرية التي تقوم بها المملكة العربية السعودية ودول التحالف العربي المشارك معها ضد الحوثيين في اليمن، مدفوع بحسابات واشنطن لمصالحها في المنطقة في دعمها الشكلي للسعودية، مع ضمان عدم اختلال موازين القوى الاقليمية لصالح الطرف الإقليمي البارز (إيران)، مع ضمان استمرار عملياتها العسكرية عبر طائرات بدون طيار في استهداف عناصر ما يسمى بتنظيم القاعدة في اليمن.

أعلى