ميدالية تقدير للسلوك الديمقراطي
يوسي بيلين/ "يسرائيل هيوم"
إن تقلص المسافة بين النقاشات الحكومية في القضايا الحساسة وبين النشر عنها في وسائل الإعلام، يثير الرعب بين مسني العصر، ولكن بعد العاصفة التي اندلعت إثر ما قاله ايهود براك عن النقاشات المتعلقة بالهجوم المحتمل على إيران، تستحق الديمقراطية الصهيونية التقدير.
لقد قرر براك كشف الخلافات التي سادت في الحكومة حول هجوم كهذا، عندما اعتقدت الحكومة الصهيونية أن هناك فرصة للعمل الجوي ضد إيران، قبل أن تتمكن من إخفاء منشآتها تحت الأرض. ما نشر في حينه كتسريبات عفوية، حصل الآن على تصديق من الحصان: فعلا لقد قاد رئيس الحكومة نتنياهو ووزير الأمن السابق، براك، الخط الذي قال انه لا يمكن الاعتماد على أي عامل آخر في العالم، وأن المعسكر المضاد داخل الحكومة عرض موقفا يقول إن مثل هذا القصف هو بمثابة فتح صندوق بندورا أمام إيران، لا يعرف أحد إلى أين سيقود، وأن فائدته قصيرة الأجل جدا – تأجيل تطوير القدرات النووية الإيرانية لسنتين.
لكن أنصار الهجوم، نتنياهو وبراك وليبرمان، لم يتمتعوا بالغالبية داخل مجموعة الوزراء الكبار (الثمانية)، ولذلك فان الحكومة الصهيونية لم تنفذ الخطة. إن حقيقة عدم تمكن رئيس الحكومة ووزرائه الكبار من الحصول على غالبية مؤيدة لموقفهم في موضوع دراماتيكي جدا، يمكنها أن تشير إلى ضعف القيادة، ولكن في الوقت نفسه يمكنها أن تصف قوة الإجراءات في الدولة الديمقراطية التي لا يمكن فيها فرض رأي الأقلية على غالبية صناع القرار، حتى وإن كانت الأقلية تضم أهم الوزراء. وبالنسبة للموضوع نفسه، أجد صعوبة في فهم طريقة عرض الأمور من قبل براك، كما لو أننا فوتنا خطوة حيوية للكيان الصهيوني بسبب ضعف بعض الوزراء. اعتقد أن الغالبية الوزارية في تلك السنوات (2010 -2012) مثلت الموقف الموزون والمسؤول، الذي منع الحكومة الصهيونية من دخول دوامة من العنف أمام إيران، والتي حتى وإن انتصرت فيها فان ذلك كان سيكلفها الكثير من الدماء.
إن موقف موشيه يعلون ويوفال شطاينتس المعارض، أمام محاولات الإقناع التي بذلها رئيس الحكومة، يستحق التقدير الخاص. في المستقبل فقط سنعرف من هو المحق. إذا نجح الاتفاق الذي وقعته القوى العظمى مع إيران، ولم تقم إيران بتطوير سلاح نووي، ليس خلال العشرة أعوام أو الخمسة عشر عاما المقبلة، أو بعدها، سيتضح أن من أراد مهاجمة المنشآت الإيرانية إنما اخذ على عاتقه مخاطرة زائدة. وإذا اتضح، معاذ الله، أن إيران نجحت بتطوير سلاح نووي، من خلال خداع القوى العظمى، سيؤسفنا أن مؤيدي الهجوم لم يحظوا بتأييد الغالبية، عندما كان من الممكن – تقنيا – العمل من اجل تأخير انتاج السلاح النووي.
على كل حال كان يمكن لعملية جوية دراماتيكية كهذه، وغير المنسقة مع الولايات المتحدة، أن تكلف الكيان الصهيوني ثمنا باهظا. الصورة التي تظهر من إفادة براك تشير إلى واقع صحيح تم خلاله إجراء نقاش شرعي في الحكومة حول إمكانية شن هجوم، وإن النقاش كان موضوعيا، وإن الغالبية فهمت المخاطر ومنعتها.