• - الموافق2024/11/24م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
نهاية الهيكل الثالث

نهاية الهيكل الثالث


 هأرتس/نحاميا شتراسلر

 إن بنيامين نتنياهو وصف عملية القتل بأنها "إجرامية ورهيبة"، وكتب الرئيس رؤوبين ريفلين إن "أبناء شعبي فقدوا الإنسانية"، وقال موشيه يعلون وزير الجيش إن "هذه عملية ارهابية"، ودعا نفتالي بينت إلى "معاقبة القتلة بكامل الخطورة". حقا، لم يكن بالإمكان البقاء لا مبالين  أمام قتل الطفل علي دوابشة – بأشد الطرق وحشية – حرقا. وفي وقت لاحق شجب كبار المسؤولين في الليكود واليمين عملية قتل الفتاة شيرا بانكي في مسيرة المثليين. وقال نتنياهو "إن شيرا قتلت بأيدي وغد"، فيما أضاف بينت "هذا يوم تحولت فيه صورتنا إلى ظلام للأغيار بدلا من نور للأغيار".

ولكن ما العمل، إذا كانت كل تصريحاتهم ليست إلا كلمات فارغة المضمون. ليس هذا الأسبوع تحولنا من النور إلى الظلام يا سيد بينت، وليس أمس بدأت أعمال القتل وإضرام النيران وتحطيم العظام والقمع والتحريض وسلب الأراضي في الضفة. هل تذكر إحراق الطفل محمد ابو خضير من قبل معتمرين للقلنسوة، قبل سنة فقط؟.

لقد بدأت العملية البهيمية قبل 48 سنة، فور الانتصار في 67، عندما سيطرت غوش ايمونيم على الدولة بتحمس تبشيري، ومن خلال تقديس الحجارة والقبور واحتقار الإنسان – بأن الوثنية هي عكس اليهودية. أنبياء الكذب موشيه ليفنغر وحنان فورات حددا في حينه مصير "إسرائيل" كقبيلة. لقد حولونا من دولة أخلاقية ورائدة كانت محبوبة في العالم، إلى دولة منبوذة وكريهة، والى امة متوحشة، غير أخلاقية، تضطهد شعبا آخر – وفي الوقت ذاته تقضي على نفسها.

عمليتا القتل في القدس والضفة، متساويتان. كلاهما تنبعان من ذات الينبوع المتوحش للاحتلال الذي يقضي على الآثار الاخلاقية. في البداية كان التوحش إزاء عرب الضفة فقط، وبعد ذلك تم تحويله إلى الداخل: إلى الجنود والشرطة ورجال الوسط واليسار، وقتل اميل غرينتسفايغ، وقتل يتسحاق رابين، وقتل كل من يختلف. لا يمكن للخط الأخضر صد التثقيف على الكراهية والعنف ونزع الشرعية. ما يحدث في المناطق يتسلل فورا إلى داخل دولة "إسرائيل"، من التعامل القاسي مع المسنين، مرورا بالعنف في اوساط الفتية، وحتى أعمال القتل. الكل ينبع من العين ذاتها.

هذا كله هو الثمن الرهيب للاحتلال. الاحتلال يعتبر قاسيا في حد ذاته، انه يضطهد بحكم وجوده. الاحتلال هو عملية حتمية تقود إلى فقدان حدود أخلاق المحتل، ومن ثم إلى الأعمال المروعة والوحشية التي تحدث على جانبي الخط الاخضر والتي سنرى الكثير مثلها. ولذلك لا يمكن تقبل كلمات "الذعر" التي أطلقها من يؤججون النار، ويخلدون الاحتلال ويمولون الاستيطان: نتنياهو، ريفلين، يعلون وبينت، وكل بقية رؤساء الليكود واليمين. إنهم لا يستطيعون تنقية أياديهم. استخدام الكلمات المغسولة لن يفيد.

منذ عام 2008 وحتى اليوم، تم تنفيذ 15 عملية حرق شريرة لبيوت ومساجد في الضفة. ولم تنجح الشرطة والشاباك بالتوصل إلى الجناة ولو في حالة واحدة منها. وهذا ليس صدفة. هذه سياسة موجهة. في الأسبوع الماضي فقط صرح نتنياهو بأنه سيمنح تراخيص لبناء 300 وحدة جديدة في الضفة، في أعقاب هدم بنايتي دراينوف اللتان اقيمتا بشكل إجرامي على أراض خاصة. ما الذي يعنيه ذلك إن لم يكن تشجيع مرتكبي الفظائع الوحشية؟

للتاريخ طبيعة مختلفة، انه يكرر نفسه بدقة شيطانية. قبل 2000 سنة تمردت مجموعة من المتعصبين، تبشيرية ومجنونة، على روما الكبرى، وتسببت بحرب أهلية دامية، أدت إلى إحراق القدس وهدم الهيكل وشطب مدن إسرائيل، وطرد اللاجئين اليهود إلى المهجر لمدة 2000 سنة. إلى هناك تماما تقودنا الآن مجموعة متعصبة عصرية، تبشيرية ومجنونة أيضا، كانت تسمى ذات مرة "غوش ايمونيم" وتوحد الآن كل متطرفي اليمين الذين يقودوننا تماما على نفس مسار تعميق الاحتلال والتمرد على امم العالم، وخوض حرب يأجوج ومأجوج – ستأتي بنهاية الهيكل الثالث.

أعلى