• - الموافق2024/11/28م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
الاتحاد الأوروبي كان فكرة مرعبة

الاتحاد الأوروبي كان فكرة مرعبة


بقلم: جورج ويل

 

عندما قرر رئيس الوزراء اليوناني أليكس تسيبراس المطالبة باستفتاء على عرض خطة إنقاذ من قبل الدائنين اليونانيين تحدث في خطاب متلفز حول هذا الأمر. نمط الحياة الذي اختارته اليونان هو نمط يعتمد على اختيارات الآخرين. يمكننا القول أن تسيبراس هو شخصية غريبة الأطوار كونه متسول جرئ. لقد حث الناخبين على فعل ما قاموا به فعلياً بالتصويت "بلا" في الاستفتاء, كونهم يؤكدون بأن منزلة اليونان تعتبر غير متوافقة مع الديون التي تأتي بالتوازي مع الأوضاع المرافقة لها.

إن حزب تسيبراس والمعروف باسم حزب سيريزا يصر على أن منزلة اليونان تعتبر متوافقة مع التبعية الدائمة اعتماداً على ترفق وإنتاجية الآخرين.

إن كارل ماركس الذي يعتبر أحد المفكرين في القرن التاسع عشر ,والذي يعود له كل ما عايشه ذلك القرن من اهتمام بالطبقة العاملة والذي لم يكن إلا إشاعة, قد حمل مشاعر الكره لعملية تقسيم العمل لأنها تؤدي إلى نفور العمال.

ولكن بالرغم من مشاركة حزب سيريزا في الفكر اليساري العاطفي الذي لا نهاية له مع ماركس, إلا أن برنامجه يتطلب تقسيم معين للعمل حيث ستحيى اليونان حياة أفضل مما أن يكون باستطاعتها أن تحافظ على إنتاجيتها الاقتصادية. وأن أكثر الأوروبيين إنتاجية سوف يدفعون ضريبة الفرق بين الحالتين. ولحين وصول الاشتراكية ذكر ماركس بأن:" العامل  يمثل نفسه عندما لا يعمل" وهي وجهة نظر طبقها العديد من اليونانيون عن طريق التقاعد من الحكومة وحصولهم على المعاش التقاعدي في سن الخمسين. ونشهد كيف أن الأحزاب اليسارية في دول جنوب أوروبا مثل البرتغال وأسبانيا وايطاليا تراقب لترى إذا ما كان باستطاعة اليونان الانتقال من حالة الضعف والتي هي في الواقع حالة إذلال إلى حالة القوة وذلك عن طريق الاستمرار في إنقاذها وإلا سوف تتراجع لتعيش حالة من الفوضى العارمة.

وفي الواقع فإن مخاطر انتشار العدوى الاقتصادية تعتبر طفيفة فالاقتصاد اليوناني هو بنفس حجم اقتصاد لويزيانا تقريبا وهو ما يمثل 2 % من اقتصاد منطقة اليورو. وبالتالي فإن الأسواق قامت بخصم الأموال التي تأخرت اليونان عن دفعها. إن الخطر الحقيقي يتمثل في انتشار العدوى السياسية وهو ما يعني الانطلاق من نقطة إصلاحات السوق الحرة في أي مكان آخر.

لقد قيل أن إنشاء الاتحاد الأوروبي يعتبر فكرة رائعة ولكن توحيد عملته لتصبح اليورو لكل دول الاتحاد الأوروبي تعتبر فكرة سيئة. وفي الواقع يمكننا القول أن العملة الموحدة للاتحاد الأوروبي اليورو لم تكن إلا فكرة سيئة حيث أن قابلية التطبيق المنطقي لها تعتبر الفكرة الأسوأ لهذا الاتحاد. وبحلول منصف القرن العشرين وتحديداً بعد معركة السوم ومحرقة يهود أوروبا أصبح الأوروبيون يشعرون بالرعب والخوف الشديد من أنفسهم وهو الأمر الذي دفعهم للتحرك نحو إنشاء فكرة الاتحاد وهو ما يعكس أيضاً مشاعر الحماسة الأوروبية المشوهة.

لقد تحدثت مارجريت تاتشر ابنة انجلترا عن أحد الأمور التي تراجعت عنها وبسرعة وذلك في عام 1988 حيث قالت:" إننا لم ننجح بالعودة إلى سابق عهد حدود الدولة البريطانية فقط من أجل أن نراها وقد أعيد فرضها من جديد على المستوى الأوروبي في ظل وجود دولة أوروبية عظمى تمارس هيمنة جديدة من بروكسل. وخلال الحملة الانتخابية العامة التي أقيمت في وقت سابق هذا العام, قدم رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون وعداً بعمل استفتاء بشأن عضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي, حيث يعتبر هذا الاستفتاء أكثر أهمية من الانتخابات البرلمانية لهذا العام وذلك لأنه سوف يحدد فيما إذا كانت الانتخابات البرلمانية المستقبلية ستكون مهمة. إن خلق الاتحاد الأوروبي يتطلب تجميع سيادات الدول على شكل بيروقراطيات غير منتخبة وغير مسئولة. كما أن نقطة التراجع للاتحاد الأوروبي تتمثل في استخراج قوى من البرلمانات الوطنية والتي وصلت بشق الأنفس على مدى قرون طويلة من الصراع. لقد أصبحت الحكومات الوطنية غير جدية كون الإتحاد الأوروبي أصبح عرضة للتراجع إلى سن المراهقة, مثلما هو الحال مع استفتاء سيريزا والذي هو بمثابة نوبة غضب متخفية بزي الحوكمة.

لقد مرت سبعين سنة بعد أن توقف صوت البارود, ومن هنا نرى أن الحملة التي هدفت إلى تحويل القارة الأوروبية من قارة مرتبطة ببعضها من الناحية الجغرافية إلى قارة موحدة سياسياً تفتقر إلى وجود حجة أو مبرر لمنع حدوث اضطرابات قارية ناتجة عن قوميات عسكرية. أما الحملة أو الدافع الذي يهدف إلى خلق " اتحاد أوثق من أي وقت مضى" والذي يعني ديمقراطية أوهن من أي وقت سابق تقوم بتغذيته الاشتراكية التقليدية( والمعروفة في الولايات المتحدة بالتقدمية) والتي تهدف إلى توسيع عملية وصول الخبراء المفترضين من طبقة الماندرين بطريقة تتصف بالعقلانية الاجتماعية.

واليوم نرى أنه لدى البرلمان الأوروبي 24 لغة رسمية وأن مصير أوروبا مرتبط بمستقبل اليونان التي أصبحت دولة آيلة للسقوط. وفي اليونان وفي إحدى ليالي يوم الأحد تدفق الناس إلى ميدان سانتاجما من أجل الاحتفال بما جرى من إبلاغ الدائنين بإرسال أموال أكثر بقيود أقل عليها. لقد وصل العديد من المحتفلين إلى الميدان عن طريق المترو لعدم وجود رسوم مفروضة على الركاب, والتي تأتي بسبب  وجود الرقابة على الأموال والتي أدت إلى شحها كنتيجة لخمس سنوات من المفاوضات مع الدائنين وما يحدث من تهربهم للقيام بذلك.

وفي الثلاثين من شهر سبتمبر لعام 1938 وعندما هبطت طائرة رئيس الوزراء الفرنسي ادوار دلادييه في باريس حيث كانت تقله عائداً من مؤتمر ميونخ, كان يخشى بأن تكون الحشود الشعبية المجتمعة في المطار غاضبة بسبب التنازلات التي تم تقديمها إلى هتلر, وعندما رأي دلادييه بأن المحتشدين كانوا مبتهجين بما حدث قال:" أيها الحمقى الملعونين" وذلك بحسب ما نقل البعض عنه في ذلك اليوم. وبعد أن تم الإعلان على نتائج التصويت التي أظهرت معارضة 61 % في استفتاء يوم الأحد, خرج العديد من اليونانيون إلى شوارع أثينا يرقصون مبتهجين بالنتائج.

 

http://www.washingtonpost.com/opinions/a-greek-tantrum-masquerading-as-.governance/2015/07/08/7d4829a4-24c5-11e5-aae2-6c4f59b050aa_story.html

 

أعلى